الدرس‌ السابع‌ والاربعون‌

الدرس‌ السابع‌ والاربعون‌:

 للرعيّة‌ علی الوالی حقّ الحريّة‌ والمراقبة‌ و...

 

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ ا لآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی العَظِيمِ

 

 للرعيّة‌ علی الو إلی ثلاثة‌ حقوق‌:

 الاوّل‌: حفظ‌ أرواحهم‌ وأموالهم‌ وأعراضهم‌.

 الثاني‌: حقّ الحرّيّة‌ في‌ الوسيلة‌ والهدف‌ للمسلمين‌، وكذا الحال‌ بالنسبة‌ لليهود والنصاري‌ الذين‌ هم‌ في‌ ذمّة‌ الحاكم‌ الإسلامي‌ّ ما لم‌يتآمروا علی الحكومة‌.

 الثالث‌: حقّ الرعاية‌ والحماية‌ لاجسامهم‌ وأرواحهم‌.

 أمّا الحقّ الاوّل‌، الذي‌ هو حفظ‌ أرواحهم‌ وأموالهم‌ وأعراضهم‌ فيدلّ عليه‌ الخطب‌ الواردة‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ عرفات‌ ومِني‌.

 الرجوع الي الفهرس

خطبة‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ عرفات‌ في‌ حجّة‌ الوداع‌

 نصب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ خيمته‌ في‌ حِجّة‌ الوداع‌ في‌ اليوم‌ التاسع‌( عرفة‌) في‌ نَمِرَة‌ [15] وعند زوال‌ الشمس‌ حيث‌ لابدّ للحجّاج‌ أن‌ يكونوا في‌ عرفات‌، طلب‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ناقته‌ القَصْواءِ[16] فامتطاها وسار بها إلی أن‌ وصل‌ إلی وسط‌ وادي‌ عرفات‌، ثمّ وجّه‌ خطابه‌ إلی الناس‌ قائلاً:

 إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي‌ شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي‌ بَلَدِكُمْ هَذَا. أَلاَ كُلُّ شَي‌ءٍ مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمِي‌؛ وَدِمَاءُ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ؛ وَإنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةِبْنِ الحَارِثِ؛ وَكَانَ مُسْتَرْضِعاً فِي‌ بَنِي‌ سَعْدٍ فَقَتَلَهُ هُذَيْلٌ. وَرِبَا الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ؛ وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُ رِبَانَا رِبَا العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَإنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ. [17]

 وتدل‌ هذه‌ الرواية‌ الشريفة‌ بنحو النصّ علی حرمة‌ دم‌ المسلم‌ وماله‌، إلی الحدّ الذي‌ يقول‌ فيه‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: إنَّ حرمته‌ كحرمة‌ شهر ذي‌الحجّة‌ وكحرمة‌ الحرم‌ ـوالذي‌ هو مكان‌ محترم‌ ولايجوز القيام‌ فيه‌ بأعمال‌ وتصرّفات‌ كثيرة‌ يجوز ارتكابها في‌ مكان‌ آخرـ وكحرمة‌ يوم‌ عرفة‌ الذي‌ لايحقّ لاحد فيه‌ أن‌ يعتدي‌ علی أموال‌ ونفوس‌ ا لآخرين‌؛ أيَّاً مَا كَانَ.

 ولذلك‌ نجد فقهاءنا رضوان‌ الله‌ عليهم‌، بل‌ فقهاء أهل‌ السنّة‌ الذين‌ ينقلون‌ ويقبلون‌ هذه‌ الروايات‌ أيضاً، يعتبرون‌ حفظ‌ أموال‌ المسلمين‌ وأرواحهم‌ من‌ الاُصول‌ المسلّمة‌. فعلی الو إلی والحاكم‌ أن‌ يحافظ‌ علی أموال‌ ودماء المسلمين‌. أي‌ من‌ مسؤوليّات‌ الحكومة‌ أن‌ لا تسمح‌ بهدر دماء المسلمين‌ وتلف‌ أموالهم‌؛ فإذا سُفِك‌ دم‌ ما فالدولة‌ هي‌ المسؤولة‌ عن‌ ذلك‌، إذ عليها ألاّتسمح‌ بسفك‌ دماء أبناء الشعب‌. فحراسة‌ الشعب‌ والمحافظة‌ عليه‌ من‌ مسؤوليّات‌ الدولة‌، ولهذه‌ المهام‌ تمّ تأسيس‌ القوّات‌ المسلّحة‌ وجهاز الشرطة‌ في‌ حكومة‌ الإسلام‌، وعلی أساس‌ توجيه‌ رسول‌الله‌ القاضي‌ بلزوم‌ حفظ‌ دماء الناس‌.

 وكذا يجب‌ المحافظة‌ علی أموالهم‌ وعدم‌ السماح‌ بسرقتها؛ فالحاكم‌ الإسلامي‌ّ مكلّف‌ بأن‌ يُبادر إلی الاقتصاص‌ بشكل‌ فوري‌ّ فيما إذا سفك‌ دم‌ أحد ما، و إلی إقامة‌ الحدّ علی السارق‌ وقطع‌ يده‌ ـفيما لو تحقّقت‌ شرائط‌ الحدّـ حين‌ ارتكابه‌ للسرقة‌، ليشعر الناس‌ بأمان‌ كامل‌ علی أرواحهم‌ وأموالهم‌، ويعيشوا في‌ طمأنينة‌ في‌ أي‌ّ مكان‌ وظرف‌ كانوا، في‌ الصحاري‌ والبحار، وفي‌ منازلهم‌ وأوطانهم‌، وفي‌ سفرهم‌ وحضرهم‌؛ فهذا من‌ وظائف‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌.

 أمّا الربا فإنَّه‌ ليس‌ من‌ الاموال‌، لما قام‌ به‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ من‌ إسقاط‌ جميع‌ الاموال‌ التي‌ كانت‌ في‌ ذمم‌ الناس‌ بصفة‌ ربح‌ وفائدة‌ من‌ جرّاء القروض‌ الممنوحة‌ في‌ الجاهليّة‌. ولتطبيقه‌ هذا الحكم‌ علی العبّاس‌ أوّلاً الذي‌ كان‌ يرابي‌ ويأخذ الفوائد من‌ الناس‌ علی قروضه‌. فالواجب‌ أداء أصل‌ المال‌ فقط‌؛ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَ ' لِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَتُظْلَمُونَ. [18]

 فعلی حكومة‌ الإسلام‌ أن‌ تُقيم‌ معاملاتها واقتصادها علی أساس‌ لاَتَظْلِمُونَ وَلاَتُظْلَمُونَ. والربا حرام‌ حتّي‌ لو كان‌ درهماً واحداً. وجميع‌ الانظمة‌ المصرفيّة‌ التي‌ تعتمد الربا والفوائد علی المال‌ مرفوضة‌ ومخالفة‌ للاُصول‌ الإسلاميّة‌ المسلّمة‌، حتّي‌ لو كانت‌ بنسبة‌ واحد في‌ المائة‌ أو أقلّ من‌ ذلك‌.

 ودماء المواطنين‌ في‌ الحكومة‌ الإسلاميّة‌ وأرواحهم‌ محترمة‌، سواء كان‌ انتماؤهم‌ بعنوان‌ الإسلام‌ أو بعنوان‌ ذمّة‌ الإسلام‌. وبالطبع‌، وكما بيّنا سابقاً، فدية‌ المسلم‌ تختلف‌ عن‌ دية‌ الذمّي‌ّ، ولا يمكننا القول‌ بأنَّ اليهود والنصاري‌ متساوون‌ مع‌ المسلمين‌ في‌ جميع‌ الحقوق‌ وحتّي‌ في‌ قيمة‌ أرواحهم‌ بمجرّد كونهم‌ في‌ ذمّة‌ الإسلام‌ ويعيشون‌ في‌ بلد الإسلام‌، وبمجرّد انتماء أُولئك‌ للبلد الإسلامي‌ّ.

 فقيمة‌ نفس‌ المسلم‌ في‌ دية‌ الخطأ ـأو قتل‌ العمد إذا تمّ التنازل‌ إلی الدية‌ـ تساوي‌ ألف‌ دينار مسكوك‌ من‌ الذهب‌؛ بينما دية‌ الذمّي‌ّ تساوي‌ ثمانمائة‌ درهم‌، أي‌ أقلّ من‌ عشر دية‌ المسلم‌. فمن‌ مسؤوليّات‌ الحكومة‌ حفط‌ أرواح‌ المسلمين‌ وأهل‌ الذمّة‌ الذين‌ هم‌ في‌ ذمّة‌ الإسلام‌، ويجب‌ علی الحاكم‌ ألاّيسمح‌ بقتل‌ مسلم‌ أو ذمّي‌ّ. وأمّا من‌ لايعيش‌ في‌ ذمّة‌ الإسلام‌ فليس‌له‌ قيمة‌، ودمه‌ أيضاً غير محترم‌.

 نجد أنَّ فقهاءنا رضوان‌ الله‌ عليهم‌ قد تمسّكوا في‌ كتبهم‌ الفقهيّة‌ بحديث‌: النَّاسُ مُسَلَّطُونَ عَلَیأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ.

 أي‌ ليس‌ لاحد أن‌ يُجبر آخراً علی عمل‌، أو أن‌ يسفك‌ دمه‌، أو يأكل‌ ماله‌، أو يأمره‌( قهراً أو كرهاً) بصرف‌ ماله‌ في‌ مجال‌ خاصّ.

 ويقول‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: إنَّ دماءكم‌ وأموالكم‌ محترمة‌ مثل‌ هذا اليوم‌( عرفة‌). أي‌ هي‌ محترمة‌ بأعلی درجات‌ الاحترام‌. وكما ليس‌ لاحد أن‌ يأخذ مال‌ شخص‌ آخر ويصادره‌ ويتصرّف‌ فيه‌، فكذلك‌ ليس‌ له‌ أن‌ يجبر صاحب‌ ذلك‌ المال‌ علی صرف‌ ماله‌ في‌ طريق‌ خاصّ كإيجار بيته‌ مثلاً لشخص‌ معيّن‌، أو بيعها بقيمة‌ أقلّ من‌ قيمة‌ السوق‌، أو تسليمها إلی فلان‌ من‌ الناس‌. وبشكل‌ عامّ، فكلّ شي‌ء يخالف‌ إطلاق‌ الرواية‌ مرفوع‌ بحديث‌ النَّاسُ مُسَلَّطُونَ عَلَیأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ.

 وهنا لابدّ من‌ وقفة‌، إذ: هل‌ هذه‌ الرواية‌ هي‌ عين‌ الرواية‌ الواردة‌ عن‌ المعصوم‌ عليه‌ السلام‌؟ أو هي‌ مفاد ومضمون‌ نفس‌ خطبة‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ حيث‌ يقول‌: أَمْوَالُكُمْ وَأَنْفُسُكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا؟

 والنتيجة‌ واحدة‌ علی كلا التقديرين‌، لكنّ نفس‌ هذه‌ الرواية‌ قد رويت‌ في‌ بعض‌ كتب‌ العامّة‌ بهذا اللفظ‌ عن‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ وقد تلقّاها أصحابنا أيضاً بالقبول‌، ولذا ذكروها في‌ كتبهم‌ الفقهيّة‌، وعلی الرغم‌ من‌ عدم‌ وجود سند لهذه‌ العبارة‌ عن‌ المعصوم‌ عند الخاصّة‌، ولكنّ فقهاءنا قبلوها وعملوا بها؛ وذلك‌ لا نَّا لا نردّ جميع‌ الروايات‌ المنقولة‌ عن‌ العامّة‌، بل‌ نقبل‌ الروايات‌ التي‌ تكون‌ مقبولة‌ ومطمئنّة‌. وهذه‌ الرواية‌ من‌ تلك‌ الروايات‌ القابلة‌ للقبول‌. هذا مع‌ ما للخطب‌ الواردة‌ عن‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ في‌ عرفات‌ التي‌ تؤيّد هذا المطلب‌.

 الرجوع الي الفهرس

خطبة‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ مني‌ بعد تركه‌ عرفات‌

 وأمّا خطبة‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ في‌ مني‌، فهي‌ شاهد علی كلامنا أيضاً. فحين‌ توجّه‌ النبي‌ّ من‌ عرفات‌ إلی مني‌ أردف‌ الفضل‌بن‌ العبّاس‌ خلفه‌، وعندما وصلوا إلی وادي‌ مُحَسِّر حرّك‌ ناقته‌ قليلاً وسار من‌ الطريق‌ المنتهية‌ إلی جمرة‌ العقبة‌ إلی أن‌ وصل‌ إلی هناك‌، وبعد رمي‌ جمرة‌ العقبة‌، وحينما كان‌ النبي‌ّ بين‌ الجمرات‌ ركب‌ ناقته‌ أو بغلته‌ الشهباء وأنشأ هناك‌ خطبة‌ مطوّلة‌، وهي‌ الخطبة‌ المعروفة‌ والمشهورة‌ لرسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ التي‌ تبدأ بـ:

 نَضَّرَ اللَهُ وَجْهَ عَبْدٍ سَمِعَ مَقَالَتِي‌ فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا ثُمَّ بَلَّغَهَا مَنْ لَمْيَسْمَعْهَا؛ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيْهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَی مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ. ثَلاَثٌ لاَيَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِي‌ٍ مُسْلِمٍ: إخْلاَصُ العَمَلِ لِلَّهِ، وَالنَّصِيحَةُ لاِئِمَّةِ الحَقِّ، واللُزُومُ لِجَمَاعَةِ المُؤْمِنِينَ؛ فَإنَّ دَعْوَتَهُمْ مُحِيطَةٌ مِنْ وَرَائِهِمْ.

 ثمّ قال‌: لَعَلَّكُمْ لاَ تَلْقَوْنَنِي‌ عَلَیمِثْلِ حَ إلی هَذِهِ وَعَلَيْكُمْ هَذَا! هَلْ تَدْرُونَ أَي‌ُّ بَلَدٍ هَذَا؟ وَهَلْ تَدْرُونَ أَي‌ُّ شَهْرٍ هَذَا؟ وَهَلْ تَدْرُونَ أَي‌ُّ يَوْمٍ هَذَا؟!

 فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ! هَذَا البَلَدُ الحَرَامُ، وَالشَّهْرُ الحَرَامُ، وَاليَوْمُ الحَرَامُ.

 قَالَ: فَإنَّ اللَهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ كَحُرْمَةِ بَلَدِكُمْ هَذَا، وَكَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا، وَكَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا! أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟! قَالُوا: نَعَمْ!

 قَالَ: اللَهُمَّ اشْهَدْ!

 ثُمَّ قَالَ: وَاتَّقُوا اللَهَ «وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ وَلاَتَعْثَوْا فِي‌ الاْرْضِ مُفْسِدِينَ»[19]. فَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدِّهَا!

 فيدعو هنا أيضاً إلی حفظ‌ المال‌ وحدوده‌، و إلی تقوي‌ الله‌ وإعطاء الناس‌ حقوقها وأملاكها وعدم‌ البخس‌ والنقصان‌ في‌ ردّ أموال‌ الناس‌ وإعطائها في‌ المعاملات‌ وفي‌ دفعها بنحو كامل‌ لهم‌، وعدم‌الفساد في‌ الارض‌، و إلی لزوم‌ ردّ الامانات‌ لاصحابها.

 الرجوع الي الفهرس

هدر دماء الجاهليّة‌ والربا المأخوذ في‌ ذلك‌ الزمان‌

 ثُمَّ قَالَ: النَّاسُ فِي‌ الإسْلاَمِ سَوَاءٌ. النَّاسُ طَفُّ الصَّاعِ لآدَمَ وَحَوَّاءَ. لاَفُضِّلَ عَرَبِي‌ٌّ عَلَیعَجَمِي‌ٍّ وَلاَ عَجَمِي‌ٌّ عَلَیعَرَبِي‌ٍّ إلاَّ بِتَقْوَي‌ اللَهِ! أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟!

 قَالُوا: نَعَمْ! قَالَ: اللَهُمَّ اشْهَد!

 ثُمَّ قَالَ: كُلُّ دَمٍ كَانَ فِي‌ الجَاهِلِيَّةِ، مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمِي‌. وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ، دَمُ آدَمَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؛ وَكَانَ آدَمُبْنُ رَبِيعَةَ مُسْتَرْضِعاً فِي‌ هُذَيْلٍ، فَقَتَلَهُ بَنُو سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ؛ وَقِيلَ: فِي‌ بَنِي‌ لَيْثٍ فَقَتَلَهُ هُذَيْلٌ. أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟! قَالُوا: نَعَمْ! قَالَ: اللَهُمَّ اشْهَدْ!

 وعلی كلّ تقدير، فبما أنَّ ابن‌ عمّي‌ هذا عندما قُتل‌ كان‌ مُشركاً ولم‌يؤخذ بثأره‌ إلی ا لآن‌ فلا حقّ لاوليائه‌ الذين‌ هم‌ أولياء الدم‌ من‌ ا لآن‌ فصاعداً بالاقتصاص‌ من‌ الذين‌ قتلوه‌ بعد أن‌ دخلوا في‌ الإسلام‌، فقد سفك‌ دمه‌ في‌ الشرك‌، وقتلته‌ ا لآن‌ مسلمون‌، ودم‌ المشرك‌ مهدور؛ فلايمكن‌ أخذ الدية‌ من‌ المسلم‌ مقابل‌ دم‌ المشرك‌. ولذا، تسقط‌ الدية‌.

 ثُمَّ قَالَ: وَكُلَّ رِباً كَانَ فِي‌ الجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمِي‌؛ وَأَوَّلُ رِباً أَضَعُهُ رِبَا العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ. أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟! قَالُوا: نَعَمْ! قَالَ: اللَهُمَّ اشْهَدْ![20]

 كما نلاحظ‌ هنا أنَّ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قد اعتبر دم‌ المسلم‌ وماله‌ محترماً بالنحو الذي‌ بيّنه‌ في‌ خطبة‌ عرفات‌ وبنفس‌ الشكل‌ الذي‌ استشهد به‌؛ فدم‌ غير المسلم‌ وماله‌ غير محترمين‌ مادام‌ لم‌يدخل‌ في‌ عهدة‌ الإسلام‌. بينما دماء وأموال‌ المشركين‌ الذين‌ يدخلون‌ في‌ عهدة‌ الإسلام‌ ـبواسطة‌ المعاهدة‌ـ لها قيمة‌ ومحفوظة‌، إذ إنَّ عنوان‌ المعاهدة‌ يجعل‌ المسلمين‌ متعهّدين‌ بحفظ‌ دم‌ الكفّار، فكلّ مشرك‌ يدخل‌ في‌ ذمّة‌ الإسلام‌ فدمه‌ وماله‌ محترمان‌ علی أساس‌ تلك‌ المعاهدة‌. أمّا في‌ غير هذه‌ الصورة‌ فغيرالمسلم‌ وإن‌ لم‌ يُعاهد، فليس‌ له‌ أي‌ّ احترام‌ أو قيمة‌.

 إنَّ قيمة‌ الاشخاص‌ عند الله‌ بإيمانهم‌ وإسلامهم‌، فمن‌ لايؤمن‌ بالله‌ والإسلام‌ مثله‌ كمثل‌ البهائم‌، حتّي‌ أ نَّه‌ لا يجب‌ دفن‌ جسده‌ أيضاً فيما لو سقط‌ ميّتاً في‌ الصحراء، ويبقي‌ هناك‌ إلی أن‌ يذوب‌ بحرّ الشمس‌ أو تفترسه‌ الحيوانات‌، مثله‌ في‌ ذلك‌ كمثل‌ الحيوان‌ الميّت‌.

 فالإسلام‌ هو الشي‌ء الوحيد الذي‌ يمنح‌ الإنسان‌ قيمة‌ ويجعله‌ صاحب‌ شرف‌، وجميع‌ المسلمين‌، عالمهم‌ وجاهلهم‌، كبيرهم‌ وصغيرهم‌، أسودهم‌ وأبيضهم‌، طفلهم‌ الرضيع‌ وعجوزهم‌ متساوون‌ من‌ حيث‌ قيمة‌ الدم‌. فلو قتل‌ شيخ‌ عجوز طفلاً رضيعاً حديث‌ الولادة‌ وهو عالم‌ ومتعمّد، فإنَّ أولياء الدم‌ يستطيعون‌ قتل‌ ذلك‌ الشيخ‌ العجوز، وإن‌ امتلك‌ الاموال‌ الطائلة‌ والعلم‌ الوفير والجاه‌ العظيم‌. فدماء الجميع‌ متساوية‌، وشرف‌ الإسلام‌ يعطي‌ القيمة‌ للمنتمي‌ إليه‌.

 يقول‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: إنَّ جميع‌ الناس‌ من‌ آدم‌، وهم‌ كطفّ الصاع‌. فعندما يُملا الوعاء لا يبقي‌ فيه‌ موضع‌ أو مجال‌، والناس‌ أيضاً من‌ جهة‌ انتسابهم‌ لآدم‌ وحوّاء متساوون‌، وهم‌ عند الله‌ في‌ ذلك‌ كطفّ الصاع‌. فالذي‌ يُميّزهم‌ ويفضّل‌ بعضهم‌ علی بعض‌ هو الإسلام‌ والإيمان‌ والتقوي‌. ولذا، يفقد الكفّار والمشركون‌ القيمة‌ لعدم‌إيمانهم‌ بالمبدأ.

 فالسيّد والخادم‌ متساويان‌ في‌ القيمة‌ والدم‌. كما أنَّ أموالهم‌ متساوية‌ القيمة‌. فإذا ارتبط‌ السيّد مع‌ خادمه‌ في‌ معاملة‌، فلا يمكنه‌ أن‌ يعطيه‌ مقداراً معيّناً ويأخذ منه‌ ضعف‌ ذلك‌، فهذا لا يجوز وإن‌ كانت‌ المعاملة‌ مع‌ خادمه‌، لانَّ الربا في‌ المكيل‌ والموزون‌ حرام‌، ويجب‌ أن‌ يُراعي‌ الكيل‌ والوزن‌، وتتمّ المعاملة‌ بكيل‌ ووزن‌ متساويين‌. والدماء أيضاً متساوية‌؛ فلو قامت‌ السيّدة‌ بقتل‌ خادمتها مثلاً، فبإمكان‌ أولياء الدم‌ الاقتصاص‌ من‌ نفس‌ السيّدة‌ ويقتلونها في‌ مقابل‌ قتلها للخادمة‌. وهذا حكم‌ عامّ، وعلی الولي‌ّ الفقيه‌ وعلی الدولة‌ الإسلاميّة‌ أن‌ يحافظا علی جميع‌ المسلمين‌ ويحموهم‌ علی ضوء ما ذكرناه‌.

 الرجوع الي الفهرس

لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِي‌ٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِإحْدَي‌ ثَلاَثٍ

 لكنَّ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قد استثني‌ حرمة‌ دم‌ المسلمين‌ في‌ ثلاثة‌ موارد، إذ يجوز قتل‌ المسلم‌ فيها، وهي‌: الاوّل‌: الارتداد، والثاني‌: زنا المُحْصِنَة‌، والثالث‌: القصاص‌.[21]

 يروي‌ الفرّاء في‌( الاحكام‌ السلطانيّة‌) عن‌ عبد الله‌ بن‌ مسعود، عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌ أ نَّه‌ قال‌:

 لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِي‌ٍ مُسْلِمٍ إلاَّ بِإحْدَي‌ ثَلاَثٍ: كُفْرٍ بَعْدَ إيْمَانٍ، وَزِناً بَعْدَ إحْصَانٍ، وَقَتْلِ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ. [22]

 فيحرم‌ سفك‌ دم‌ الرجل‌ المسلم‌ أو المرأة‌ المسلمة‌ إلاّ بإحدي‌ ثلاثة‌ أُمور:

 الاوّل‌: الكفر بعد الإيمان‌، بأن‌ يرتدّ الإنسان‌ بعد إسلامه‌، وذلك‌ بالشروط‌ والخصوصيّات‌ المذكورة‌ في‌ الكتب‌ الفقهيّة‌؛ لانَّ الارتداد يوجب‌ الكفر، والكفر بهذا الشكل‌ موجب‌ للقتل‌. وبالطبع‌، لابدّ من‌ ثبوت‌ الارتداد عن‌ طريق‌ المحكمة‌، وليس‌ لكلّ شخص‌ التصرّف‌ في‌ القتل‌. فلو تلفّظ‌ شخص‌ ـمثلاًـ أمام‌ شخص‌ آخر بكلام‌ يدلّ علی الارتداد، فليس‌من‌ حقّ المستمع‌ أن‌ يقتل‌ القائل‌، لانَّ هذه‌ الوظيفة‌ من‌ مسؤوليّات‌ الحاكم‌.

 كما لا يخفي‌ أنَّ هذا الحكم‌ مختصّ بالرجال‌، وأمّا لو ارتدّت‌ المرأة‌؛ فلاتقتل‌، بل‌ تحبس‌ إلی أن‌ تتوب‌ وترجع‌ للإسلام‌.

 الثاني‌: زنا المُحْصِنَة‌. الإحصان‌ يعني‌ الصيانة‌؛ فتارة‌ يزني‌ الرجل‌ دون‌ أن‌ يكون‌ محصناً أو المرأة‌ دون‌ أن‌ تكون‌ محصنة‌، أي‌ لايكون‌ هناك‌ قدرة‌ لدي‌ الرجل‌ للوصول‌ إلی زوجته‌ أو لا يكون‌ للمرأة‌ زوج‌، ففي‌ هذه‌ الصورة‌ لايكون‌ حكم‌ الزاني‌ الرجم‌.

 أمّا إذا كانت‌ الزانية‌ ذات‌ زوج‌ وكانت‌ تحت‌ إحصانه‌، أو كان‌ الرجل‌ متمكّناً من‌ الوصول‌ إلی زوجته‌، فيكون‌ ارتكاب‌ الزنا في‌ هذه‌ الصورة‌ موجب‌ للرجم‌؛ فلايجلدان‌، لانَّ الجَلْد ليس‌ حدّهما، ولابدّ لهما من‌ الرَجْم‌. أمّا إذا كان‌ الرجل‌ لا يمتلك‌ زوجة‌ أساساً، أو كان‌ لديه‌ زوجة‌ لكنّها كانت‌ مسافرة‌ ولايتمكّن‌ من‌ الوصول‌ إليها، فعلی كلا التقديرين‌ كان‌ الزنا زنا غيرالمحصن‌ وحكمه‌ الجلد؛ وهنا يجب‌ أن‌ يُضرب‌ مائة‌ جلدة‌ فقط‌.

 الثالث‌: قتل‌ النفس‌، أي‌ قتل‌ المسلم‌ دون‌ ارتكاب‌ المقتول‌ قتل‌ أحد. فلو قتل‌ المسلم‌ مسلماً آخر فيستطيع‌ أولياء الدم‌ أن‌ يقتلوا القاتل‌. فلم‌يجعل‌ الإسلام‌ حرمة‌ للدم‌ في‌ هذه‌ الموارد الثلاثة‌، وقد استثناها عن‌ ذلك‌ الحكم‌. فإذا قام‌ أحد المسلين‌ بواحد من‌ هذه‌ الاُمور الثلاثة‌ فعلی حاكم‌ الشرع‌ أن‌ يقتله‌ بعد ثبوت‌ الامر. وأمّا حرمة‌ الناموس‌، فهي‌ في‌ عهدة‌ حاكم‌ الشرع‌ أيضاً كحرمة‌ النفوس‌؛ فحاكم‌ الشرع‌ مسؤول‌ عن‌ حفظ‌ نواميس‌ المسلمين‌. وناموس‌ المسلم‌ يعني‌ ابنته‌ وابنه‌ وعياله‌ ومَن‌ يرتبط‌ به‌. فلو قام‌ الإنسان‌ بسفر ما وبقيت‌ عائلته‌ بمفردهم‌، فعلی الحاكم‌ أن‌ يحميهم‌ من‌ تعدّي‌ اللصوص‌ وأصحاب‌ النوايا السيّئة‌ وأن‌ يعدّ جهازاً أمنيّاً لهذا الامر، ويهتمّ به‌ كاهتمامه‌ بحراسة‌ نفسه‌ وأمواله‌. فعلی الحاكم‌ المسلم‌ أن‌ لايمسح‌ بانتهاك‌ أعراض‌ المسلمين‌ كمنعهم‌ من‌ الذهاب‌ إلی الاماكن‌ التي‌ يقعون‌ فيها محلاّ للتعدّي‌، أو التي‌ تكون‌ مظنّة‌ للاعتداء عليها، كدور السينما والمسابح‌ ـفي‌ المجتمعات‌ الوضعيّة‌ـ، والتي‌ هي‌ من‌ أماكن‌ الفحشاء والمنكر. كما أنَّ علی الحاكم‌ المسلم‌ إغلاق‌ هذه‌ الاماكن‌ وتغييرها.

 وإضافة‌ إلی ذلك‌، فإنَّ تنفيذ الحدود علی المعتدين‌ والزناة‌ من‌ الجلد والرجم‌ يوجب‌ حفظ‌ النواميس‌. فلو أقام‌ الحاكم‌ الحدّ علی المعتدي‌، فإنَّ هذا يوجب‌ حذر الباقين‌ وامتناعهم‌ عن‌ هذه‌ الاعمال‌.

 ومن‌ موارد الحكم‌ بالقتل‌ في‌ الزنا هو الزنا الإكراهي‌ّ. فلو دخل‌ رجل‌ إلی بيتٍ ما وأكره‌ امرأة‌ علی الزنا فلا تُقتل‌ تلك‌ المرأة‌ وإن‌ كانت‌ محصنة‌، لا نَّها كانت‌ مكرهة‌ ولو ثبت‌ الإكراه‌ عند الحاكم‌، فإنَّها لاتُجلد أيضاً، بينما يجب‌ قتل‌ الزاني‌.

 وعقوبة‌ الزنا الرجم‌ في‌ عدّة‌ موارد؛ أحدها: زنا المحصنة‌. والثاني‌: الزنا بالمحارم‌( البنت‌ والاُخت‌ والاُمّ). والثالث‌: زنا الذمّي‌ّ بالمرأة‌ المسلمة‌، حيث‌ يجب‌ قتل‌ الذمّي‌ّ. ومنها أيضاً: مورد الإكراه‌، حيث‌ يجب‌ أن‌ يُرجَم‌ المُكرِه‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

      

ارجاعات

[1] ـ «الغدير» ج‌ 7، ص‌ 138؛ عن‌ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 2، ص‌ 122، و«سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 8، ص‌ 159.

[2] ـ «الغدير» ج‌ 7، ص‌ 138؛ عن‌ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 2، ص‌ 119، و«سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 8، ص‌ 158. وأورد هذا الحديث‌ السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ في‌ رسالة‌ «فلسفة‌ الميثاق‌ والولاية‌» ص‌ 27، طبعة‌ مكتبة‌ نينوي‌.

[3] ـ يقول‌ العلاّمة‌ الاميني‌ّ رحمة‌ الله‌ عليه‌ في‌ تعليقته‌: هَذا افْتِراءٌ عَلَي‌ اللَهِ! إنَّ اللَهَ قَطُّ لَمْيَسْتَخْلِفْ وَلَمْ يَأْمُرْ عَلَي‌ الاُمَّةِ أُولَئِكَ الخُلَفاءُ وَالاُمَراءُ. وَإنَّما هُمْ خِيَرَةُ أُمَّتِهِمْ؛ وَالشُّكْرُ وَالعَتْبُ عَلَيْها مَهْما صَلَحوا أَو جاروا.

[4] ـ «الغدير» ج‌ 7، ص‌ 138؛ عن‌ «سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 8، ص‌ 159.

[5] ـ «الغدير» ج‌ 7، ص‌ 138؛ عن‌ «سنن‌ البيهقي‌ّ» ج‌ 8، ص‌ 159.

[6] ـ يقول‌ الغزّالي‌ّ في‌ «إحياء العلوم‌» ج‌ 2، ص‌ 124: قَدْ وَرَدَ الاَمْرُ بِطَاعَةِ الاُمَراءِ وَالمَنْعِ مِنْ سَلِّ اليَدِ عَنْ مُساعَدَتِهِمْ. وقد أورد في‌ تعليقته‌:

 حَديْثُ الاَمْرِ بِطاعَةِ الاُمَراءِ ] أخْرَجَهُ [ البُخاري‌ُّ مِنْ حَديثِ أنَسٍ: اسْمَعوا وَأَطِيعُوا وَإنِ اسْتَعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشي‌ٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبيبَةٌ؛ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَديثِ أبي‌ هُرَيْرَةَ: عَلَيْكَ بِالطَّاعَةِ في‌ مُنْشِطِكَ وَمُكْرِهِكَ؛ الحَديْثَ. وَلَهُ مِنْ حَديثِ أبي‌ ذَرٍّ: أَوْصانِي‌َ النَّبي‌ُّ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ: أنْ أسْمَعَ وَأُطِيعَ وَلَوْ لِعَبْدٍ مُجَدَّعِ الاَطْرافِ.

 حَديْثُ المَنْعِ مِنْ سَلِّ اليَدِ عَنْ مُساعَدَتِهِمْ، ] أخْرَجَهُ [ الشَّيْخانُ مِنْ حَديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَلاِحَدٍ يُفارِقُ الجَماعَةَ شِبْرَاً فَيَمُوتَ إلاَّ ماتَ ميتَةً جاهِليَّةً: وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَديْثِ أبي‌ هُرَيْرَةَ: مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ ميتَةً جاهِليَّةً. وَلَهُ مِنْ حَديثِ ابْنِعُمَرَ: مَنْ خَلَعَ يَدَاً مِنْ طَاعَةٍ لَقيَ اللَهَ يَوْمَ القيَامَةِ وَلاَ حُجَّةَ لَهُ.

[7] ـ أورد الدكتور السيّد محمّد التيجاني‌ّ في‌ كتاب‌ «لاكون‌ مع‌ الصادقين‌» ص‌ 30، عن‌ «صحيح‌ مسلم‌» ج‌ 6، ص‌ 24، باب‌ خيار الائمّةِ وشِرارهم‌، عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أنـّه‌ قال‌: خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ؛ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ! قَالُوا: يَارَسُولَاللَهِ! أَفَلاَنُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ؟! فَقَالَ لاَ! مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ!

[8] ـ نقل‌ هذا المطلب‌ من‌ «البيان‌ والتبيين‌» للجاحظ‌، ج‌ 2، ص‌ 85.

[9] ـ نقلاً عن‌ «الاستيعاب‌» ج‌ 2، ص‌ 635؛ و«أُسد الغابة‌» ج‌ 5، ص‌ 126.

[10] ـ نقلاً عن‌ «تاريخ‌ ابن‌ عساكر» ج‌ 6، ص‌ 338؛ و«ميزان‌ الاعتدال‌» للذهبي‌ّ، ج‌ 1، ص‌ 449.

[11] ـ «الغدير» ج‌ 7، ص‌ 137 إلي‌ 148.

[12] ـ Loyalism

[13] ـ Alligiance

[14] ـ ا لآية‌ 29 وصدر ا لآية‌ 30، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[15] ـ نَمِرَة‌ بفتح‌ النون‌ وكسر الميم‌، ناحية‌ متّصلة‌ بعرفات‌ وهي‌ ليست‌ جزءاً من‌ عرفات‌. والمسافة‌ بينها وبين‌ مكّة‌ ـحسب‌ نقل‌ «معجم‌ البلدان‌»ـ إحدي‌ عشر ميلاً.

[16] ـ القَصواء بفتح‌ القاف‌ والمدّ؛ وقراءة‌ بعضهم‌ بضمّ القاف‌ والقصر: قُصوَي‌، خطأ. وهذه‌ الناقة‌ هي‌ غير ناقته‌ العَضْباء و الجَدْعاء. وادّعاء بعضهم‌ أنَّ جميع‌ هذه‌ الاسماء هي‌ لناقة‌ واحدة‌ خطأ أيضاً.

[17] ـ شرح‌ هذه‌ الخطبة‌ مع‌ ذكر مصادرها في‌ الجزء السادس‌ من‌ كتاب‌ «معرفة‌ الإمام‌».

[18] ـ ذيل‌ ا لآية‌ 279، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.

[19] ـ ا لآية‌ 183، من‌ السورة‌ 26: الشعراء.

[20] ـ «معرفة‌ الإمام‌ » ج‌ 6؛ نقلاً عن‌ «تاريخ‌ اليعقوبي‌ّ» ج‌ 2، ص‌ 209، طبعة‌ بيروت‌.

[21] ـ أوّل‌ من‌ نقض‌ وانتهك‌ هذا القانون‌ هو أبو بكر بعد وفاة‌ النبي‌ّ الاكرم‌ حينما عمل‌ برأيه‌ وحارب‌ مانعي‌ الزكاة‌، علي‌ الرغم‌ من‌ كونهم‌ مسلمين‌.

 جاء في‌ كتاب‌ «لاكونَ مع‌ الصادقين‌» للدكتور السيّد محمّد التيجاني‌ّ، ص‌ 113: من‌ المعروف‌ أنَّ أوّل‌ حادثة‌ اعترضت‌ أبا بكر في‌ أوائل‌ خلافته‌ هي‌ قراره‌ محاربة‌ مانعي‌ الزكاة‌ رغم‌ معارضة‌ عمربن‌ الخطّاب‌ له‌ واستشهاده‌ بحديث‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: مَنْ قَالَ: لاَإلَهَ اِلاَّ اللَهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَهِ، عَصَمَ مِنِّي‌ مَالَهُ وَدَمَهُ إلاَّ بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُ عَلَي‌ اللَهِ.

 وروي‌ في‌ كتاب‌ «النصّ والاجتهاد» ص‌ 352، الطبعة‌ الثانية‌، عن‌ الشيخين‌، عن‌ صحيحيهما، عن‌ رسول‌الله‌ أ نَّه‌ قال‌: سِبَابُ المُسْلِمِ فِسْقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب ولاية الفقيه فی حکومة الاسلام / المجلد الرابع/ القسم السابع: المحافظة‌ علی أرواح‌ وأموال‌ وأعراض‌ المسلمين‌ في‌ عهدة‌...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

      

الصفحة السابقة

المحافظة‌ علی أرواح‌ وأموال‌ وأعراض‌ المسلمين‌ في‌ عهدة‌ الو إلی

 علی حاكم‌ الشرع‌ الذي‌ هو حامي‌ وحافظ‌ نواميس‌ المسلمين‌ أن‌ يطبّق‌ الحدود، ويحفظ‌ جميع‌ نواميس‌ الناس‌ من‌ خلال‌ تطبيقه‌ للحدود. وعليه‌، فإنَّ لحفظ‌ نواميس‌ الناس‌ دائرة‌ واسعة‌ من‌ تصحيح‌ وتحسين‌ عمليّة‌ التثقيف‌ الإسلاميّة‌ في‌ المدارس‌ والمراكز، والتوجيه‌ العامّ الذي‌ يرفع‌ مستوي‌ العفّة‌، ويُخفّف‌ من‌ مستوي‌ الفحشاء، ويجعل‌ الرجال‌ والنساء في‌ درجة‌ من‌ المصونيّة‌ والعفّة‌ الباطنيّة‌، كما يجب‌ أن‌ تتمّ الحراسة‌ الخارجيّة‌ بواسطة‌ رجال‌ جهاز الامن‌( الشرطة‌) بشكل‌ جيّد، ومن‌ الضروري‌ّ أيضاً تنفيذ الاحكام‌ السياسيّة‌ والجنائيّة‌ بكلّ قوّة‌ لكي‌ تحفظ‌ نواميس‌ الناس‌، وإلاّ فليس‌ تحقيق‌ ذلك‌ بالامر الهيّن‌.

 وأمّا حفظ‌ الاعراض‌ فهو أيضاً في‌ عهدة‌ الحاكم‌. فلا ينبغي‌ للحاكم‌ أن‌ يسمح‌ بهتك‌ عرض‌ مسلم‌، وهذه‌ مسألة‌ مهمّة‌ جدّاً. فنحن‌ لا نجد في‌ أي‌ٍّ من‌ قوانين‌ الدنيا أنَّ حفظ‌ أعراض‌ الناس‌ من‌ مسؤوليّات‌ الحاكم‌ والمحكمة‌ والدولة‌، كما أنَّ صيانة‌ الاخلاق‌ والعقيدة‌ والإيمان‌ أيضاً ليس‌ في‌ عهدتهم‌، فأُولئك‌ يهتمّون‌ بحفظ‌ المسائل‌ الجسميّة‌ فقط‌، بينما المهمّ في‌ الإسلام‌ هو حفظ‌ الاُمور المعنويّة‌ والروحيّة‌، وهذا ما سنتعرّض‌ له‌ إن‌ شاء الله‌ فيما بعد.

 وسيقتصر كلامنا حول‌ مسألة‌ العِرض‌ فقط‌؛ فحفظ‌ العرض‌ من‌ مسؤوليّات‌ الحاكم‌، ولاينبغي‌ له‌ أن‌ يسمح‌ بهتك‌ عرض‌ مسلم‌. كما أنَّ عليه‌ مساعدة‌ الفقراء من‌ بيت‌ مال‌ المسلمين‌، وتوزيع‌ حصصهم‌ من‌ الزكاة‌ والصدقات‌، بالإضافة‌ إلی تدبير أُمور المحتاجين‌ والمساكين‌ بأي‌ّ طريق‌ ممكن‌ وفقاً للقواعد والتوجيهات‌ الواردة‌ في‌ الشرع‌ وسنّة‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، ومن‌ دون‌ أن‌ ينتبه‌ ا لآخرون‌ إلی ذلك‌. والمراد بذوي‌ الحاجات‌ أمثال‌ أصحاب‌ الامراض‌ والعاهات‌، كمن‌ كُسرت‌ رجله‌ مثلاً، أو المبتلين‌ بالقروض‌، أو المحتاجين‌ إلی بيت‌ للسكن‌، أو كمن‌ يحتاج‌ لمبلغ‌ من‌ المال‌ لكي‌ يزوّج‌ بعض‌ أبنائه‌ أو يجهّز بعض‌ بناته‌، وما شابه‌ ذلك‌.

 ولا يعني‌ هذا أنَّ يسمح‌ لهم‌ الحاكم‌ بالجلوس‌ في‌ منازلهم‌ ويتركون‌ العمل‌ والكسب‌ فيتحوّلوا إلی عب‌ء علی المجتمع‌، بل‌ يقوم‌ بتأمين‌ حاجاتهم‌ وجبران‌ نقائصهم‌ بشكل‌ متوازن‌ مع‌ طبيعة‌ عملهم‌ وكسبهم‌.

 ليس‌ الإسلام‌ دين‌ الإسراف‌، وعلی الحاكم‌ أن‌ يراقب‌ الجميع‌ من‌ خلال‌ دقّة‌ نظر فاحصة‌؛ إذ لا ينبغي‌ له‌ أن‌ يعطي‌ شيئاً لمن‌ له‌ القدرة‌ علی العمل‌ لكنّه‌ يلجأ إلی التقاعس‌ والاستجداء كحال‌ كثير من‌ أهل‌ الجداء ممّن‌ يعيشون‌ بين‌ الناس‌، بل‌ لابدّ من‌ اعتقال‌ هؤلاء وتعزيرهم‌ وضربهم‌ حتّي‌ يتركوا الاستجداء؛ وذلك‌ لحرمة‌ الاستجداء في‌ الإسلام‌ بأي‌ّ لباس‌ كان‌.

 والحاكم‌ مكّلف‌ بتأسيس‌ جهاز ودائرة‌ خاصّة‌ لمعالجة‌ حاجات‌ الناس‌، فكم‌ من‌ محتاج‌ يعيش‌ أشدّ حالات‌ العسر والضيق‌ وقد منعته‌ عفّته‌ من‌ أن‌ يعلم‌ بحاله‌ حتّي‌ أقرب‌ الناس‌ إليه‌ كالاهل‌ والاقرباء والجيران‌! فعلی الحاكم‌ أن‌ يهتمّ بهكذا أُناس‌ ويسدّ احتياجاتهم‌ إلی درجة‌ الاكتفاء لاأكثر؛ كما عليه‌ تأديب‌ غير المحتاجين‌ ممّن‌ يعيشون‌ كلاّ علی المجتمع‌، ويضع‌ عليهم‌ الجواسيس‌ بشكل‌ سرّي‌ّ ليتمكّن‌ من‌ منعهم‌ من‌ الاستجداء ثانية‌، فإذا تكرّر ذلك‌ منهم‌، فلابدّ والحال‌ هذه‌ من‌ اعتقالهم‌ وتعزيرهم‌، وكلّما تكرّر منهم‌ الاستجداء تكرّر التعزير أيضاً. وينبغي‌ له‌ أن‌ يوفّر لهؤلاء فرص‌ عمل‌ مناسبة‌ ليتركوا هذه‌ التصرّفات‌. فهذا من‌ مسؤوليّات‌ الحاكم‌، أي‌ يجب‌ أن‌ تكون‌ أعراض‌ الناس‌ ـرجالاً ونساءًـ محفوظة‌.

 وهذه‌ مسألة‌ مهمّة‌ جدّاً، فكثيراً ما يُشاهَد أُناس‌ يقومون‌ بالاستجداء ويريقون‌ ماء وجوههم‌ دون‌ أي‌ّ إباء عن‌ ذلك‌. كما يري‌ أُناس‌ آخرون‌ ـ في‌ منتهي‌ العفّة‌ والحياءـ يموتون‌ بسبب‌ افتقارهم‌ للمال‌ الذي‌ يخوّلهم‌ مراجعة‌ الطبيب‌! فالاهتمام‌ بأعراض‌ الناس‌ ومعالجتها من‌ وظائف‌ الحاكم‌ المهمّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

رواية‌ أمير المؤمنين‌ حول‌ لزوم‌ معالجة‌ الو إلی أمر الرعيّة‌

 يذكر المرحوم‌ الشيخ‌ الحرّ العاملي‌ّ رواية‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ حول‌ إرسال‌ خمسة‌ أوساق‌ [1] من‌ التمر لشخص‌ لم‌ يكن‌ قد طلبها منه‌ عليه‌ السلام‌. وأصل‌ الرواية‌ عن‌ الإمام‌ الصادق‌، إذ قال‌:

 إنَّ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعَثَ إلَی رَجُلٍ بِخَمْسَةِ أَوْسَاقٍ مِنْ تَمْرِ البُغَيْبِغَةِ ـوَفِي‌ نُسْخَةٍ أُخْرَي‌: البَقِيعَةِـ وَكَانَ الرَّجُلُ مِمَّنْ يَرْجُو نَوَافِلَهُ وَيُؤَمِّلُ نَائِلَهُ وَرَفْدَهُ؛ وَكَانَ لاَ يَسْأَلُ عَلِيَّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلاَ غَيْرَهُ شَيْئَاً.

 فَقَالَ رَجُلٌ لاِمِيرِالمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: وَاللَهِ مَا سَأَلَكَ فُلاَنٌ؛ وَكَانَ يُجْزِيهِ مِنَ الخَمْسَةِ أَوْسَاقٍ وَسْقٌ وَاحِدٌ!

 فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: لاَ كَثَّرَ اللَهُ فِي‌ المُؤْمِنِينَ ضَرْبَكَ! أُعْطِي‌ أَنَا وَتَبْخَلُ أَنْتَ؟!

 لِلَّهِ أَنْتَ! إذَا أَنَا لَمْ أُعْطِ الَّذِي‌ يَرْجُونِي‌ إلاَّ مِنْ بَعْدِ المَسْأَلَةِ، ثُمَّ أَعْطَيْتُهُ بَعْدَ المَسْأَلَةِ، فَلَمْ أُعْطِهِ إلاَّ ثَمَنَ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ؛ وَذَلِكَ لاِنِّي‌ عَرَّضْتُهُ أَنْ يَبْذُلَ لِي‌ وَجْهَهُ الَّذِي‌ يَعْفِرُهُ فِي‌ التُّرَابِ لِرَبِّي‌ وَرَبِّهِ عِنْدَ تَعَبُّدِهِ لَهُ.[2]

 لاحظوا رقي‌ّ بيانه‌ إذ يقول‌ عليه‌ السلام‌: إنَّ ماء وجه‌ المسلم‌ ما له‌ من‌ الاهمّيّة‌ والقيمة‌ بحيث‌ إنَّه‌ لابدّ له‌ من‌ أن‌ يُبادل‌ بشي‌ء، وإنَّ علی المسلم‌ أن‌ يحفظ‌ وجهه‌ لاجل‌ السجود فقط‌، وأن‌ ينحصر خضوعه‌ في‌ عبادته‌ لربّه‌ وحسب‌؛ فلاينبغي‌ له‌ أن‌ يبذل‌ وجهه‌ لاحد في‌ مقام‌ السؤال‌؛ فإنَّ وجه‌ الإنسان‌ وعرضه‌ غالٍ إلی الدرجة‌ التي‌ يساوي‌ فيها حقيقة‌ الإنسان‌؛ فإذا زال‌ ماء وجه‌ المرء زالت‌ شخصيّته‌.

 وإذا سأل‌ فقد سأل‌ نفسه‌، أي‌ قد جعل‌ نفسه‌ في‌ المستوي‌ الداني‌ للسؤال‌. وقد جعل‌ الله‌ هذا الوضع‌ خاصّاً به‌ وحده‌، فلا حقّ لاي‌ّ مسلم‌ أن‌ يعفّر وجهه‌ بالتراب‌ ولا حقّ له‌ بالسجود إلاّ لربّه‌، ولاحقّ لاي‌ّ مسلم‌ أن‌ يسأل‌ أحداً غير إلهه‌.

 إنَّك‌ تطلب‌ منّي‌ أن‌ لا أعطيه‌ حتّي‌ يعجز ويأتي‌ فيسألني‌! فعندها يكون‌ ذلك‌ الشي‌ء الذي‌ أُعطيه‌ إيّاه‌ ثَمَنَ مَا أَخَذْتُ مِنْهُ؛ وما سآخذه‌ ليس‌ بالشي‌ء القليل‌. لقد أعطيته‌ ا لآن‌ خمسة‌ أوساق‌ من‌ التمر، لكنّي‌ لو كنت‌ قد أعطيته‌ بعد أن‌ سألني‌ فإنِّي‌ أكون‌ قد أخذت‌ منه‌ شيئاً لا يمكن‌ أن‌ يحلّ محلّه‌ أي‌ّ شي‌ء آخر، وهو شخصيّته‌ وماء وجهه‌ الإسلاميّين‌ والإنسانيّين‌.

 الرجوع الي الفهرس

وصيّة‌ الامير: وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَإنْ سَاقَتْكَ إلَی الرَّغَائِبِ

 ومن‌ جملة‌ الاُمور التي‌ يكتبها أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ للإمام‌ الحسن‌ أثناء رجوعه‌ من‌ صفّين‌ ما يلي‌:

 وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَإنْ سَاقَتْكَ إلَی الرَّغَائِبِ؛ فَإنَّكَ لَنْتَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضَاً. وَلاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اللَهُ حُرَّاً.[3]

 ومن‌ جملة‌ كلماته‌: وَاحْتَجْ إلَی مَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَسِيرَهُ، وَاسْتَغْنِ عَمَّنْ شِئْتَ تَكُنْ نَظِيرَهُ، وَامْنُنْ عَلَیمَنْ شِئْتَ تَكُنْ أَمِيرَهُ. [4]

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

 

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

مصرف گرایی بلای جامعه برانداز
قرآن : وَ لَنُذِیقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الأَکْبَرِ لَعَلَّهُمْ یَرْجِعُونَ  (سوره سجده، آیه 21)ترجمه: به آنان از عذاب نزدیک (عذاب این دنیا) پیش از عذاب بزرگ (آخرت) مى چشانیم، شاید باز گردند.توضیح : مصرف گرایی بدون تولید مناسب سبب می شود تا قیمت ها در جامعه افزایش پیدا کند و گرانی (که در احادیث به عنوان یکی از عذابهای دنیوی عنوان شده) در جامعه شایع شود.حدیث: وَ لِلّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عِبَادٌ مَلاعِينُ مَنَاكِيرُ لا يَعِيشُونَ وَ لا يَعِيشُ النَّاسُ فِي أكْنَافِهِمْ وَ هُمْ فِي عِبَادِهِ بِمَنْزِلَة الْجَرَادِ لا يَقَعُونَ عَلَي شَيْ‏ءٍ إلاّ أتَوْا عَلَيْهِ. (اصول کافی،...

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید