الدرس‌ الرابع‌ والاربعون‌

الدرس‌ الرابع‌ والاربعون‌:

 حقّ الرعيّة‌ علی الو إلی: معالجة‌ أُمورهم‌ بنفسه‌ و...

 

 

 أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

 بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

 وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

 ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ ا لآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

 ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی العَظِيمِ

من‌ عوامل‌ الفساد: نفوذ أقرباء الو إلی وخواصّه‌ في‌ ولايته‌

 من‌ جملة‌ الامور التي‌ ذكرها أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ رسالته‌ لمالك‌ الاشتر حول‌ الاُمور الولايتيّة‌، لزوم‌ النظارة‌ علی أعمال‌ العمّال‌، ومعالجة‌ الاعمال‌ وأُمور القضاة‌ بنفسه‌.

 وهذا التوجيه‌ إنَّما هو لكيلا يغضّ الو إلی النظر عن‌ انحراف‌ الافراد والمسؤولين‌ المنصوبين‌ من‌ قبله‌ بسبب‌ ثقته‌ بهم‌ واطمئنانه‌ بهم‌، وخوفاً من أن‌ يتعامل‌ مع‌ تصرّفاتهم‌ بحسن‌ الظنّ فينجرّ إلی عدم‌ اعتبار مخالفاتهم‌ بسبب‌ اطمئنانه‌ بصحّة‌ أعمالهم‌ استصحاباً، فينظر إليهم‌ نظرة‌ أهل‌ الامانة‌ والعدالة‌ والتخصّص‌ في‌ مجالهم‌؛ مع‌ أ نَّه‌ من‌ الممكن‌ أن‌ تصدر منهم‌ مخالفات‌، لابنحو الاشتباه‌ فحسب‌، بل‌ تعمّداً أيضاً بنحو لا تكون‌ قابلة‌ للعفو والتستّر بأي‌ّ وجه‌ من‌ الوجوه‌. ومن‌ جهة‌ أُخري‌، لايكون‌ للناس‌ طريق‌ مباشر للاتّصال‌ بالو إلی ليذكروا حاجاتهم‌ عنده‌، فنيحصر الطريق‌ بالقاضي‌ أو العامل‌ المعيّن‌ عليهم‌. وبما أنَّ الو إلی له‌ اطمئنان‌ تجاه‌ المتصدّين‌ للاُمور، فهو لا يحتمل‌ والحال‌ هذه‌ صدور المخالفة‌ منهم‌.

 ويرجع‌ سبب‌ اطمئنان‌ الو إلی الكامل‌ بهم‌ لعدم‌ سماعه‌ منهم‌ عن‌ أخطائهم‌ وما يأخذونه‌ من‌ الرشاوي‌ وما يرتكبونه‌ من‌ ظلم‌، أو ما يصدرونه‌ من‌ فتاوي‌ مخالفة‌ للحقّ، أو المبالغ‌ الإضافيّة‌ التي‌ يدفعونها من‌ بيت‌ المال‌ لمن‌ يهمّهم‌ أمره‌؛ لا نَّهم‌ عندما يلتقون‌ بالو إلی يكونون‌ بغاية‌ الادب‌ والاحترام‌ ورعاية‌ الاُصول‌ المتعارفة‌ التي‌ تستدرّ تصديق‌ وتأييد الو إلی غيرالعالم‌ بالغيب‌ وممّن‌ يحكم‌ من‌ خلال‌ من‌ يراه‌ ظاهراً؛ والظواهر معجبة‌ جدّاً وخادعة‌ وتُسبّب‌ اغترار المرء وانخداعه‌. وكثيراً ما يكون‌ بعض‌ الاشخاص‌ المتّصلين‌ بالو إلی هم‌ من‌ أبنائه‌ والمنتسبين‌ إليه‌، ممّن‌ لايحتمل‌ صدور المخالفة‌ منهم‌ أصلاً، ويخال‌ أعمالهم‌ كأعماله‌ في‌ الصحّة‌ والإتقان‌، أو هم‌ من‌ كتّابه‌، أو من‌ المكلّفين‌ بجمع‌ الزكوات‌ والوجوه‌ من‌ الناس‌، أو من‌ المسؤولين‌ عن‌ صندوق‌ ماله‌ ممّن‌ يطمئنّ إليهم‌ تماماً. لذا، تراه‌ لايقتنع‌ بكلام‌ ا لآخرين‌ فيما لو ذكروا له‌ عيوبهم‌، ولايتقبّل‌ عدم‌ استقامة‌ ذلك‌ الشخص‌ الفلاني‌ الذي‌ يعرفه‌ منذ أكثر من‌ ثلاثين‌ سنة‌ مثلاً.

 أي‌ أنَّ هؤلاء أُناساً جيّدين‌ في‌ بادي‌ الامر، لكنّهم‌ يبتلون‌ أثناء العمل‌ بحبّ جمع‌ المال‌ وخصلة‌ الظلم‌ بالتدريج‌ دون‌ اطّلاع‌ من‌ الو إلی الذي‌ يستمرّ في‌ التعامل‌ معهم‌ من‌ خلال‌ نظرته‌ الاُولي‌.

 ويُشاهد نظير هؤلاء بين‌ العلماء وأهل‌ الحوزات‌ أيضاً، حيث‌ يوجد من‌ الذين‌ هم‌ في‌ مسلك‌ المرجعيّة‌ الدينيّة‌ ممّن‌ قد فسدوا شيئاً فشيئاً( من‌ أبناء المرجع‌ أو أقربائه‌ أو أهله‌ والمنتسبين‌ إليه‌) فحجبوا الناس‌ عن‌ العالِم‌، وجعلوه‌ في‌ جوٍّ مكهرب‌ بالموانع‌ والقيود بحيث‌ أخضعوه‌ لنفوذهم‌ وسيطرتهم‌، ولم‌يعد متصوّراً له‌ إمكان‌ التخطّي‌ عن‌ هذه‌ الحلقة‌ المحاصرة‌ بأي‌ّ وجه‌ من‌ الوجوه‌، فينقطع‌ اتّصاله‌ مع‌ عامّة‌ الناس‌، وينحصر ما يعرفه‌ عن‌ الناس‌ بما يقوله‌ الخواصّ فقط‌، فيتحوّل‌ ذلك‌ الو إلی والحاكم‌ إلی ما يشبه‌ الخاتم‌ بيد أُولئك‌ الخواصّ، يحرّكونه‌ كيفما يشاؤون‌ وفقاً لميولهم‌ وأفكارهم‌. وينحصر ـفي‌ النتيجة‌ـ طريق‌ تطبيق‌ فقاهة‌ ورأي‌ ذلك‌ الفقيه‌ وسرايتهما إلی الخارج‌ عَبْرَ بوَّابة‌ أفكار الجماعة‌ المحيطة‌ به‌؛ وبما أنَّ النتيجة‌ تتبع‌ أخسّ المقدّمتين‌ باستمرار، فلا يكون‌ الحاكم‌ علی الاُمّة‌ الإسلاميّة‌ الفقيه‌ الفلاني‌، بل‌ رأي‌ الشخص‌ الفلاني‌ من‌ المحيطين‌ به‌، الذي‌ تسري‌ آراء وأفكار ذلك‌ الفقيه‌ إلی الخارج‌ من‌ خلال‌ نظره‌ وجرحه‌ وتعديله‌. وهذه‌ من‌ أكبر ا لآفات‌ وأخطرها [22]!

 ولذلك‌ كان‌ أتقياء الاجلاّء والاعلام‌ من‌ العلماء؛ أوّلاً: يهتمّون‌ بمتابعة‌ تربية‌ أولادهم‌ وأقربائهم‌ بشكل‌ جيّد باستمرار، وقد يطردونهم‌ إذا صدر منهم‌ خطأ في‌ بعض‌ الاحيان‌، ولا يفسحون‌ لهم‌ المجال‌ في‌ مجالسهم‌، ولايعيرونهم‌ اهتماماً. وثانياً: يختارون‌ لمجلس‌ استفتائهم‌ أشخاصاً من‌ الناس‌ المعروفين‌ بالعبادة‌ والتهجّد والصدق‌ ممّن‌ عُرِفوا بطهارة‌ الذيل‌، ومع‌ هذا فهم‌ لايتركون‌ المشاورة‌ في‌ متابعة‌ الاعمال‌، وفضلاً عن‌ هذا كلّه‌ تراهم‌ لايقطعون‌ اتّصالهم‌ بالعامّة‌ أبداً، ولا يكون‌ طريق‌ وصولهم‌ إلی العامّة‌ من‌ خلال‌ الخاصّة‌، ويحرصون‌ علی أن‌ يكون‌ طريقهم‌ للعامّة‌ مفتوحاً وقادرين‌ علی الاتّصال‌ بهم‌. وإذا صدر أحياناً خطأ من‌ بعض‌ الخواصّ فيقومون‌ بتحذيرهم‌ ويحاولون‌ إصلاح‌ الخطأ، وإن‌ لم‌ يكن‌ الخطأ قابلاً للمعالجة‌، فإنَّهم‌ يطردون‌ ذلك‌ الشخص‌ من‌ مجلس‌ استفتائهم‌ أو من‌ غرفة‌ استقبالهم‌، وأمثال‌ ذلك‌، ولايسمحون‌ لانفسهم‌ بأن‌ يصبحوا أُلعوبة‌ لآراء أُولئك‌ وأهوائهم‌.

 والسبب‌ الوحيد في‌ هذا الخلل‌ هو حسن‌ الظنّ بالبعض‌ من‌ دون‌ مبرّر، فبعض‌ الخواصّ والطلاّب‌ والمحبّين‌ والاقرباء يفسدون‌ الإنسان‌ أحياناً من‌ خلال‌ علاقتهم‌ به‌، ويغتالون‌ فكره‌ بالتدريج‌، فهم‌ يقصدون‌ القيام‌ بأعمال‌ حسنة‌ حسب‌ اعتقادهم‌ ويهدفون‌ خدمة‌ المجتمع‌ والمسلمين‌، ولكنَّ الامر قد يكون‌ بخلاف‌ ذلك‌. ويكون‌ هذا ظلماً في‌ حقّ الناس‌ دون‌ أن‌ ينتبه‌ الفقيه‌ شخصيّاً لذلك‌. وهذا خطر عظيم‌ جدّاً؛ ويشير إليه‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ رسالته‌ تلك‌ لمالك‌ الاشتر ويكشف‌ سرّه‌.

 الرجوع الي الفهرس

قصّة‌ الرجل‌ الكوفي‌ّ وشكواه‌ ظلم‌ و إلی الكوفة‌ عند المأمون‌

 أورد ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ « شرح‌ نهج‌ البلاغة‌ » قصّة‌ في‌ شرح‌ الخطبة‌( 214) حول‌ حقّ الو إلی علی الرعيّة‌ وحقّ الرعيّة‌ علی الو إلی؛ ويقول‌: جاء أهل‌ الكوفة‌ إلی المأمون‌ وتظلّموا من‌ واليهم‌، فقال‌ لهم‌ المأمون‌:

 ما عَلِمْتُ في‌ عُمَّ إلی أعْدَلَ وَلاَ أقْوَمَ بِأَمْرِ الرَّعيَّةِ، وَلاَ أعْوَدَ عَلَيْهِمْ بِالرِّفْقِ مِنْهُ. فَقالَ لَهُ مِنْهُمْ واحِدٌ: فَلا أحَدَ أوْلَي‌ مِنْكَ يا أَميرَالمُؤْمِنينَ بِالعَدْلِ وَالإنْصافِ! وَإذا كانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَمِنْ عَدْلِ أميرِالمُؤْمِنينَ أنْ يُوَلِّيَهُ بَلَداً بَلَداً حَتَّي‌ يَلْحَقَ أهْلَ كُلِّ بَلَدٍ مِنْ عَدْلِهِ مِثْلُ ما لَحِقْنا مِنْهُ، وَيَأْخُذوا بِقِسْطِهِمْ مِنْهُ كَما أخَذَ مِنْهُ سِواهُمْ؛ وَإذا فَعَلَ أميرُ المُوْمِنينَ ذَلِكَ لَمْيُصِبِ الكوفَةَ مِنْهُ أكْثَرَ مِنْ ثَلاثِ سِنينَ! فَضَحِكَ وَعَزَلَهُ.[23]

 والقصّة‌ ليست‌ فكاهيّة‌، بقدر ما هي‌ حادثة‌ وقعيّة‌. فعندما نصب‌ المأمون‌ ذلك‌ الو إلی ربّما لم‌ يكن‌ يعلم‌ واقعاً بأ نَّه‌ سوف‌ يكون‌ ظالماً، وإنَّما كان‌ يتوهّم‌ أ نَّه‌ إنسان‌ جيّد وعادل‌ وصاحب‌ حميّة‌ إلی درجة‌ كبيرة‌، ولم‌يكن‌ له‌ من‌ جهة‌ أُخري‌ اتّصال‌ بأهل‌ الكوفة‌ لكي‌ يطّلع‌ علی ممارساته‌ وأعماله‌. وربّما كان‌ هذا الو إلی في‌ بداية‌ أمره‌ شخصاً متديّناً وعادلاً أيضاً، لكنَّ أصل‌ الولاية‌ ممّا يؤثّر في‌ انحراف‌ الإنسان‌، وذلك‌ الإحساس‌ بحبّ الذات‌ وحبّ النفس‌ الذي‌ يظهر في‌ الو إلی يجرّه‌ إلی أوامر باطلة‌ وتصرّفات‌ في‌ غيرمحلّها؛ ولذا، تصدر منه‌ أعمال‌ مخالفة‌ للحقّ ويرتكب‌ الظلم‌، دون‌ أن‌ يحتمل‌ المأمون‌ صدور مخالفة‌ منه‌ بسبب‌ اطمئنانه‌ به‌. لذا، فنفس‌ المأمون‌ مسؤول‌ عن‌ الظلم‌ الذي‌ حلّ بأهل‌ الكوفة‌. وتمضي‌ ثلاث‌ سنوات‌ أيضاً، يتلظّي‌ الناس‌ المساكين‌ خلالها في‌ نار الظلم‌، دون‌ أن‌ يهتدي‌ أيّاً منهم‌ إلی السبيل‌ الذي‌ يوصلهم‌ إلی شخص‌ الحاكم‌ لشرح‌ ما حلّ بهم‌.[24]

 لقد كان‌ جواب‌ الرجل‌ للمأمون‌ بهذه‌ الصورة‌ منطقيّاً وصحيحاً جدّاً، لا نّه‌ قد أوضح‌ له‌ في‌ ستارٍ من‌ الكناية‌ أ نَّه‌ إذا كان‌ هذا الشخص‌ عادلاً إلی هذه‌ الدرجة‌ وأكثر عدالة‌ من‌ الجميع‌ فإنَّ مقتضي‌ عدلك‌ هو أن‌ تقسّم‌ عدالته‌ علی جميع‌ الرعيّةَّ، وعليها فأرسله‌ إلی جميع‌ الاماكن‌ لكي‌ نستريح‌ نحن‌ من‌ شرّه‌، حيث‌ إنَّ حصّتنا منه‌ لا تكون‌ أكثر من‌ ثلاث‌ سنوات‌.

 فهذه‌ المطلب‌ ينبّهنا إلی مسؤوليّتنا، و إلی أنَّ علينا أن‌ نزيل‌ الاخطاء التي‌ ارتكبناها لحدّ ا لآن‌، وأن‌ نعمل‌ بتوجيهات‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ التي‌ ذُكرت‌، وأن‌ نمارس‌ ذلك‌ كما مارسه‌ الاجلاّء من‌ علمائنا المتّقين‌ عندما عملوا بها، وأن‌ نبدّل‌ نهجنا المنحرف‌ عن‌ الصراط‌، وإلاّ فلايكون‌ هناك‌ أي‌ّ فرق‌ بين‌ أفعالنا وأفعال‌ المأمون‌ ـالذي‌ كان‌ حاكماً علی المسلمين‌ـ من‌ ناحية‌ المحتوي‌ والعمل‌ الخارجي‌ّ، لما سوف‌ يستتبع‌ من‌ نتائج‌ سيّئة‌ جدّاً.[25]

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

      

ارجاعات

[1] ـ يقول‌ الغزّالي‌ّ في‌ «إحياء علوم‌الدين‌» ج‌ 2، ص‌ 273: قالَ رَسولُ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: أَفْضَلُ شُهَدَاءِ أُمَّتِي‌ رَجُلٌ قَامَ إلَي‌ إمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَاهُ عَنِ المُنْكَرِ فَقَتَلَهُ عَلَي‌ ذَلِكَ، فَذَلِكَ الشَّهِيدُ مَنْزِلَتُهُ فِي‌ الجَنَّةِ بَيْنَ حَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ.

 ويقول‌ في‌ ج‌ 2، ص‌ 277: أفْضَلُ الدَّرَجاتِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إمامٍ جائِرٍ؛ كَما وَرَدَ في‌ الحَديثِ. ويقول‌ المعلّق‌ في‌ التعليق‌ علي‌ ذلك‌: حَديْثُ: أَفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إمَامٍ جَائِرٍ، أخْرَجَهُ أبو داود وَالتِّرمِذي‌ُّ وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ ماجَةُ مِنْ حَديْثِ أبي‌ سَعيْدِ الخُدْري‌ِّ.

[2] ـ «نهج‌ البلاغة‌» بتعليقة‌ الدكتور صبحي‌ الصالح‌، ص‌ 332، الخطبة‌ 216؛ ومن‌ الطبعة‌ المصريّة‌ بتعليقة‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌، ج‌ 1، ص‌ 433، الخطبة‌ 214.

[3] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 93، في‌ شرح‌ الخطبة‌ 214(وبترقيم‌ ابن‌ أبي‌ الحديد 209) وهي‌ خطبة‌ حقّ الوالي‌ علي‌ الرعيّة‌ وحقّ الرعيّة‌ علي‌ الوالي‌.

[4] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 94.

[5] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 94.

[6] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 103.

[7] «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 103.

[8] «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 103.

[9] «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 103.

[10] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 103.

[11] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 104.

[12] ـ قسم‌ من‌ ا لآية‌ 13، من‌ السورة‌ 49: الحجرات‌.

[13] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 94. وأورد ابن‌ أبي‌ الحديد في‌ ج‌ 20، ص‌ 328، تحت‌ الرقم‌ 759 ضمن‌ الكلمات‌ القصار لامير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، مضافاً علي‌ ما ذكره‌ السيّد الرضي‌ّ عليه‌ الرحمة‌: أنَّ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ قال‌: المُلْكُ بِالدِّينِ يَبْقَي‌، وَالدِّينُ بِالمُلْكِ يَقْوَي‌. ونقل‌ الشيخ‌ هادي‌ كاشف‌ الغطاء في‌ «مستدرك‌ نهج‌ البلاغة‌» ص‌ 161 من‌ طبعة‌ بيروت‌، عنه‌ عليه‌ السلام‌ أنَّه‌ قال‌: عَدْلُ السُّلْطَانِ خَيْرٌ مِنْ خِصْبِ الزَّمَانِ.

[14] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 95.

[15] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 95.

[16] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 95.

[17] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 95.

[18] ـ ذكر في‌ «مستدرك‌ الوسائل‌» ج‌ 2، ص‌ 310، كتاب‌ الجهاد، باب‌ 37، باب‌ وجوب‌ العدل‌، الطبعة‌ الحجريّة‌، روايات‌ في‌ مدح‌ العدل‌، ولاهمّيّتها نذكر أغلبها:

 سبط‌ الطبرسي‌ّ في‌ «المشكاة‌» عن‌ مجموع‌ السيّد ناصح‌ الدين‌ أبي‌ البركات‌، عن‌ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌، أنـّه‌ قال‌: عَدْلُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ سَنَةً قِيَامِ لَيْلِهَا وَصِيَامِ نَهَارِهَا.

 المفيد في‌ «الاختصاص‌» عن‌ محمّد بن‌ الحسين‌، عن‌ عُبَيس‌ بن‌ هِشام‌، عن‌ عبدالكريم‌، عن‌ الحلبي‌ّ، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌، قال‌: العَدْلُ أَحْلَي‌ مِنَ المَاءِ يُصِيبُهُ الظَّمْآنُ. مَا أَوْسَعَ العَدْلَ إذَا عَدَلَ فِيهِ وَإنْ قَلَّ!

 وعن‌ ابن‌ محبوب‌، عن‌ معاوية‌ بن‌ وهب‌، عن‌ أبي‌ عبد الله‌ عليه‌ السلام‌، قال‌: العَدْلُ أَحْلَي‌ مِنَ الشَّهْدِ وَأَلْيَنُ مِنَ الزَّبَدِ وَأَطْيَبُ رِيحاً مِنَ المِسْكِ.

 القطب‌ الراوندي‌ّ في‌ «لبّ اللباب‌» عن‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌، أنـّه‌ قال‌: العَدْلُ مِيزَانُاللَهِ فِي‌ الاَرْضِ فَمَنْ أَخَذَهُ قَادَهُ إلَي‌ الجَنَّةِ وَمَنْ تَرَكَهُ سَاقَهُ إلَي‌ النَّارِ.

 ا لآمُدي‌ّ في‌ «الغُرر» عن‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌، أنـّه‌ قالَ: فِي‌ العَدْلِ صَلاَحُ البَرِيَّةِ؛ فِي‌ العَدْلِ الاِقْتِدَاءُ بِسُنَّةِ اللَهِ؛ فِي‌ العَدْلِ الإحْسَانُ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: غَايَةُ العَدْلِ أَنْ يَعْدِلَ المَرْءُ فِي‌ نَفْسِهِ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: العَدْلُ حَيَاةٌ، الجَوْرُ مِمْحَاةٌ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: العَدْلُ خَيْرُ الحُكْم‌. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: العَدْلُ حَيَاةُ الاَحْكَامِ؛ الصِّدْقُ رَوْحُ الكَلاَمِ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: العَدْلُ يُصْلِحُ البَرِيَّةَ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: العَدْلُ فَضِيلَةُ السُّلْطَانِ. وَقَالَ: العَدْلُ قِوَامُ الرَّعِيَّةِ؛ الشَّرِيعَةُ صَلاَحُ البَرِيَّةِ. وَقَالَ: العَدْلُ أَقْوَي‌ أَسَاسٍ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: العَدْلُ أَفْضَلُ سَجِيَّةٍ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: الرَّعِيَّةُ لاَ يُصْلِحُهَا إلاَّ العَدْلُ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: العَدْلُ يُرِيحُ العَامِلُ بِهِ مِنْ تَقَلُّدِ المَظَالِمِ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: العَدْلُ رَأْسُ الإيمَانِ وَجِمَاعُ الإحْسَانِ. وَقَال َعَلَيْهِ السَّلاَمُ: اعْدِلْ تَحْكُمْ! وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اعْدِلْ تَمْلِكْ! وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اعْدِلْ تَدُمْ لَكَ القُدْرَةُ! وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اعْدِلْ فِيمَا وُلِّيتَ! وَقَالَ: اسْتَعِنْ عَلَي‌ العَدْلِ بِحُسْنِ النِّيَّةِ فِي‌ الرَّعِيَّةِ وَقِلَّةِ الطَّمَعِ وَكَثْرَةِ الوَرَعِ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: اجْعَلِ الدِّينَ كَهْفَكَ وَالعَدْلَ سَيْفَكَ؛ تَنْجُ مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَتَظْفَرْ عَلَي‌ كُلِّ عَدُوٍّ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: أَسْنَي‌ المَوَاهِبِ العَدْلُ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: أَفْضَلُ النَّاسِ سَجِيَّةً مَنْ عَمَّ النَّاسُ بِعَدْلِهِ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: بِالعَدْلِ تَتَضَاعَفُ البَرَكَاتُ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: جَعَلَ اللَهُ العَدْلَ قِوَاماً لِلاَنَامِ وَتَنْزِيهاً مِنَ المَظَالِمِ وَا لآثَامِ وَتَسْنِيَةً لِلإسْلاَمِ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: شَيْئَانِ لاَيُوزَنُ ثَوَابُهُمَا: العَفْوُ وَالعَدْلُ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: عَلَيْكَ بِالعَدْلِ فِي‌ الصَّدِيقِ وَالعَدُوِّ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: فِي‌ العَدْلِ الاقْتِدَاءُ بِسُنَّةِاللَهِ وَثَبَاتِ الدل‌  *. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: لِيَكُنْ مَرْكَبُكَ العَدْلَ، فَمَنْ رَكِبَهُ مَلِكَ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: مَنْ عَدَلَ عَظُمَ قَدْرُهُ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: مَنْ عَدَل‌ فِي‌ البِلاَدِ نَشَرَ اللَهُ عَلَيْهِ الرَّحْمَةَ. وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: مَا عُمِّرَتِ البِلاَدُ بِمِثْلِ العَدْلِ.

  * هكذا ورد في‌ الطبعة‌ الحجريّة‌، أمّا في‌ طبعة‌ مؤسّسة‌ آل‌ البيت‌ عليهم‌ السلام‌ المحقّقة‌ ج‌ 11، ص‌ 320 فقد ورد: وَثَبَاتِ الدُّوَلِ.

[19] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 95.

[20] ـ «شرح‌ نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 98.

[21] ـ يقول‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ «نهج‌ البلاغة‌» رسالة‌ 31، من‌ وصيّته‌ لولده‌ الإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ عليه‌ السلام‌ في‌ صفّين‌،فقد قال‌ في‌ القسم‌ الخامس‌ من‌ أقسامه‌ الخمسة‌:

 وَأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ وَإنْ سَاقَتْكَ إلَي‌ الرَّغَائِبِ، فَإنَّكَ لَنْتَعْتَاضَ مَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً. وَلاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اللَهُ حُرَّاً.(من‌ شرح‌ الشيخ‌ محمّدعبده‌،ج‌2،ص‌51).

[22] ـ يقول‌ المستشار عبد الحليم‌ الجندي‌ّ، عضو المجلس‌ الاعلي‌ للشؤون‌ الإسلاميّة‌ في‌ مصر، في‌ كتابه‌ النفيس‌ والقيّم‌ «الإمام‌ جعفر الصادق‌» ص‌ 90، طبعة‌ القاهرة‌، سنة‌ 1397 هجريّة‌: يقول‌ الإمام‌ الصادق‌:

 «أَيُّمَا مُؤْمِنٍ قَدَّمَ مُؤْمِنَاً إلَي‌ قَاضٍ أَو سُلْطَانٍ جَائِرٍ فَقَضَي‌ عَلَيهِ بِغَيرِ حُكْمِ اللَهِ فَقَدْ شَرَكَهُ فِي‌ الإثْمِ». وَعَلِي‌ٌّ يَقُولُ: «كَفَاكَ خِيَانَةً أَن‌ تَكُونَ أَمِينَاً لِلْخَوَنَةِ».

 ودخل‌ زياد الفندي‌ّ يوماً علي‌ الإمام‌ الصادق‌، فقال‌ له‌: وُلِّيتَ لِهَؤُلاَءِ؟ ـويقصد الجهاز الحاكم‌ـ قَالَ: نَعَمْ! لِي‌ مُرُوَّةٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ظَهْرِي‌ مَالٌ وَإنَّمَا أُوَاسِي‌ إخْوَانِي‌ مِنْ عَمَلِ السُّلْطَانِ.

 فَقَالَ: يَا زِيَادُ! أَمَا إذْ كُنتَ فَاعِلاً فَإذَا دَعَتْكَ نَفْسُكَ إلَي‌ ظُلْمِ النَّاسِ عِنْدَ القُدْرَةِ عَلَي‌ ذَلِكَ فَاذْكُرْ قُدْرَةَ اللَهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَي‌ عُقُوبَتِكَ وَذِهَابَ مَا أَتَيْتَ إلَيْهِمْ عَنْهُمْ، وَبَقَاءَ مَا أَتَيْتَ إلَي‌ نَفْسِكَ عَلَيْكَ.

 [23] ـ شرح‌ «نهج‌ البلاغة‌» لابن‌ أبي‌ الحديد، ج‌ 11، ص‌ 99.

[24] ـ أورد السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ في‌ كتابه‌ «النصّ والاجتهاد» ص‌ 342، الطبعة‌ الثانية‌، سنة‌ 1380،ثلاث‌ روايات‌ كلّها جديرة‌ بالاهتمام‌:

 الاُولي‌: عن‌ «صحيح‌ البخاري‌ّ» الورقة‌ الاُولي‌ من‌ كتاب‌ الاحكام‌، ج‌ 4، ص‌ 155: روي‌ عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أنـّه‌ قال‌: مَا مِنْ وَالٍ يَلِي‌ رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِمِينَ فَيَمُوتَ وَهُوَ غَاشٍّ لَهُمْ إلاَّ حَرَّمَ اللَهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ.(وقد روي‌ مسلم‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ باب‌ استحقاق‌ الوالي‌ الغاشّ لرعيّته‌، ص‌ 67 من‌ الجزء الاوّل‌ من‌ صحيحه‌).

 الثانية‌: عن‌ الإمام‌ أحمد في‌ الجزء الاوّل‌ من‌ مُسنده‌، ص‌ 6 من‌ حديث‌ أبي‌ بكر: روي‌أنَّ رسول‌الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ قال‌: مَنْ وَلِيَ مِنْ أُمُورِ المُسْلِمِينَ شَيْئاً فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَداً مُحَايَاةً فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَهِ! لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفاً وَلاَ عَدْلاً حَتَّي‌ يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ.

 الثالثة‌: عن‌ «صحيح‌ البخاري‌ّ» في‌ نفس‌ الورقة‌ المذكورة‌، عن‌ رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ أنـّه‌ قال‌: مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَهُ رَعِيَّتَهُ فَلَمْيُحِطْهَا بِنَصِيحَةٍ إلاَّ لَمْيَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ.

 وقد ذكر السيّد عبد الحسين‌ شرف‌ الدين‌ هذه‌ الروايات‌ الثلاث‌ أيضاً عن‌ مصادرهاïفي‌كتاب‌ «الفصول‌ المهمّة‌» ص‌ 118 و 119، الطبعة‌ الخامسة‌.

[25] ـ يقول‌ الشيخ‌ هادي‌ كاشف‌ الغطاء في‌ «مستدرك‌ نهج‌ البلاغة‌»، ص‌ 173 و 174، طبعة‌ بيروت‌: وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: العَامِلُ بِالظُّلْمِ وَالرَّاضِي‌ بِهِ وَالمُعِينُ لَهُ عَلَيْهِ شُرَكَاءُ ثَلاَثَةٌ. ويقول‌ في‌ ص‌ 186: وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: بِالرَّاعِي‌ تَصْلَحُ الرَّعِيَّةُ، وَبِالدُّعَاءِ تُصْرَفُ البَلِيَّةُ. ويقول‌ في‌ ص‌ 187: وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:يَوْمُ العَدْلِ عَلَي‌ الظَّالِمِ أَشَدُّ مِنْ يَوْمِ الجَوْرِ عَلَي‌ المَظْلُومِ.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب ولاية الفقيه فی حکومة الاسلام / المجلد الرابع/ القسم الخامس :المکتوب علي قبر أرسطو، خطبة‌ الامير حول‌ ما للوالی و الر...

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

      

الصفحة السابقة

يقول‌ عمر: بما أنـّي‌ قد فررتُ يوم‌ أُحد، فلا حقّ لولدي‌ بالجائزة‌

 ويروي‌ ابن‌ أبي‌ الحديد أيضاً عن‌ فُضيل‌ بن‌ عيّاض‌ أ نَّه‌ قال‌ حول‌ عمربن‌ الخطّاب‌: أعْطَيَ رَجُلاً عَطاءَهُ أرْبَعَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ زادَهُ ألْفاً؛ فَقيلَ لَهُ: ألاَ تَزيدُ ابْنَكَ عَبْدَاللَهِ كَما تَزيدُ هَذا؟! فَقالَ: إنَّ هَذا ثَبَتَ أبوهُ يَوْمَ أُحُدٍ وَإنَّ عَبْدَاللَهِ فَرَّ أبوهُ وَلَمْ يَثْبُتْ.[1]

 وعليه‌، فقد ثبتت‌ عدالة‌ عمر من‌ خلال‌ إعطائه‌ لهذا الشخص‌ وعدم‌ إعطائه‌ لابنه‌. ولايخفي‌ أ نَّه‌ مع‌ هذا الكلام‌، لابدّ من‌ نظر، حيث‌:

 أوّلاً: إنَّ هذه‌ القضيّة‌ توضِّح‌ أنَّ عمر قد فرَّ يوم‌ أُحد(وَإنَّ عَبْدَاللَهِ فَرَّ أَبُوهُ وَلَمْيَثْبُتْ) وترك‌ النبي‌ّ وحيداً بين‌ المشركين‌ ليخرج‌ سالماً بنفسه‌. فبأي‌ّ دليل‌ جاء ليجلس‌ مكان‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ ويسمّي‌ نفسه‌ خليفة‌ المؤمنين‌ ويمدّ يده‌ إلی أموال‌ وأعراض‌ وأرواح‌ الناس‌؟!

 ثانياً: بأي‌ّ مجوِّز يقوم‌ بتقسيم‌ بيت‌ المال‌ علی أساس‌ نظره‌، مع‌ أنَّ النبي‌ّ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ قد قال‌ بأ نَّه‌ يجب‌ أن‌ يوزَّع‌ بين‌ الجميع‌ بالسويّة‌؟ فهل‌ بيت‌ المال‌ هو من‌ الاموال‌ الشخصيّة‌ لكي‌ يتصرّف‌ فيه‌ بأي‌ّ نحوٍ شاء، فيعطي‌ القليل‌ منه‌ لشخص‌ بينما يزيد لآخر؟ فإنَّ الالف‌ درهم‌ التي‌ زادها لذلك‌ الشخص‌ هي‌ حقّ لشخص‌ آخر، وتصرّف‌ منه‌ في‌ حقّ ا لآخرين‌، وهذا ظلم‌.

 وهذا الامر محلّ للتأمّل‌ والدقّة‌ ولا يجب‌ أن‌ نستصغره‌، إذ لاتزال‌ الدنيا إلی هذه‌ الايّام‌ تكتوي‌ بنار التمييز والتفرقة‌. وقد كانت‌ غيبة‌ الإمام‌ صاحب‌ الزمان‌ عليه‌ السلام‌ بسبب‌ هذه‌ النظرات‌ الشخصيّة‌، والتبريرات‌ التي‌ لامحلّ لها. عندما يقول‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ إنَّ الشخص‌ الذي‌ أسلم‌ حديثاً فقد صار مسلماً، ويتمتّع‌ بحقوق‌ متساوية‌ مع‌ ا لآخرين‌، فلافرق‌ بين‌ العرب‌ والعجم‌، وذوي‌ السابقة‌ وغيرهم‌، والكبير والصغير، ويكون‌ دمه‌ كسائر الدماء، فمن‌ يَقتل‌ مسلماً يجب‌ أن‌ يُقتل‌، ودماء الجميع‌ متساوية‌ سواء كان‌ القاتل‌ صاحب‌ سابقة‌ في‌ الإسلام‌ أو لم‌ يكن‌. حيث‌ ترتبط‌ هذه‌ الاُمور بالدرجات‌ الاُخرويّة‌؛ ولا يسوّغ‌ كون‌ الإنسان‌ مسلماً أو مجاهداً أو مشاركاً في‌ بدر أو أُحد.. لا يسوّغ‌ لان‌ يجعل‌ ذلك‌ وسيلة‌ للوصول‌ إلی الدنيا، ويصير باعثاً علی إعطائه‌ حقّاً أكبر من‌ بيت‌ المال‌.

 فيجب‌ تقسيم‌ بيت‌ المال‌ بالتساوي‌ بين‌ المسلمين‌، أمّا الاعمال‌ والجهود المبذولة‌ في‌ سبيل‌ الله‌، فلها أجرها عند الله‌ في‌ ا لآخرة‌، ولايستدعي‌ ذلك‌ أن‌ يصبح‌ طعامه‌ ألذّ، بينما يعيش‌ الذين‌ لاسابقة‌ لهم‌ في‌ الفقر والمسكنة‌ والجوع‌. فأيّة‌ مناسبة‌ للإسلام‌ والعزّة‌ والتضحية‌ في‌ سبيل‌الله‌ مع‌ ازدياد المال‌؟!

 من‌ الواضح‌ جدّاً أنَّ أُولئك‌ الذين‌ قسّموا بيت‌ مال‌ الإسلام‌ قد قسّموه‌ علی أساس‌ هذه‌ الاُمور المادّيّة‌ والاعتباريّة‌، كالسابقة‌ في‌ الإسلام‌ والمشاركة‌ في‌ بدر وأُحد، أو الصحبة‌ للرسول‌ وغير ذلك‌. وهذا أكبر ظلم‌ ألحقوه‌ بالإسلام‌. ومع‌ ذلك‌، تراهم‌ يعتبرون‌ هذه‌ القضيّة‌ رمزاً لعدالة‌ عمر، ومحبّته‌ للإسلام‌ وما شابه‌! ولعلّ جميع‌ هذه‌ الوقائع‌ تزوير ومغالطات‌ وانحراف‌ بالحكم‌ الإلهي‌ّ الاساسي‌ّ عن‌ مجراه‌ الواقعي‌ّ. إنَّ العدالة‌ هي‌ أكبر وأغلي‌ شي‌ء تقوم‌ عليه‌ الشريعة‌ في‌ الدنيا، وهي‌ قوام‌ العالم‌. والعدالة‌ لاتعني‌ لزوم‌ التعامل‌ مع‌ الجميع‌ بنحو واحد، وإنَّما العدالة‌ هي‌ أن‌ يُعطي‌ كلّ شخص‌ حقّه‌، فالعدالة‌: وَضْعُ كُلِّ شَي‌ءٍ في‌ مَوْضِعِه‌. والعدالة‌ عين‌ الحقّ، الحقّ والعدالة‌ لهما معنيان‌ مختلفان‌. أي‌ أ نَّهما بالحمل‌ الاوّلي‌ّ الذاتي‌ّ متفاوتان‌، لكنّهما متساويان‌ بالحمل‌ الشائع‌، فحيثما يكون‌ هناك‌ حقّ تجد العدالة‌، وكلّ شي‌ء يحمل‌ عليه‌ ويصدق‌ عليه‌ عنوان‌ العدالة‌ في‌ الخارج‌ يصدق‌ عليه‌ الحقّ أيضاً.

 عندما قال‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌: إنَّ العالم‌ يقوم‌ علی أساس‌ الحقّ، هذا يعني‌ أنَّ العالم‌ يقوم‌ علی أساس‌ العدالة‌، ويجب‌ أن‌ يُعطي‌ كلّ شخص‌ بمقدار حقّه‌ وميزانه‌. فحقوق‌ كلٌّ من‌ المرأة‌ والطفل‌ مختلفة‌، ويجب‌ أن‌ تُعطي‌ لهم‌ علی أساس‌ ذلك‌ الاختلاف‌؛ فليس‌ معني‌ العدالة‌ أن‌ يتعامل‌ مع‌ جميع‌ هؤلاء بنحو واحد، إذ عند ذلك‌ ينحقّق‌ خلاف‌ العدالة‌ باستمرار.

 لو أردنا إعطاء الطفل‌ الرضيع‌ الطعام‌ الذي‌ يأكله‌ الشابّ مدّعياً اقتضاء العدالة‌ بهذا المعني‌ من‌ خلاف‌ مفهوم‌ المساواة‌ بين‌ جميع‌ أفراد الاُمّة‌، فهكذا عدالة‌، سوف‌ تقضي‌ علی ذلك‌ الطفل‌. فإذا كان‌ للشابّ قدرة‌ رفع‌ مائة‌ كيلوغرام‌، فإنّنا لا نستطيع‌ إجبار المرأة‌ أو الطفل‌ علی رفع‌ هذا المقدار، لانَّ ذلك‌ يقضي‌ عليهم‌. فالعدالة‌ إذَن‌، بالحمل‌ الشائع‌ تساوق‌ الحقّ، ولاتفيد(إعْطاءُ كُلِّ ذي‌ حَقٍّ حَقَّه‌) التساوي‌ من‌ جهة‌ المقدار، لانَّ المساواة‌ في‌ المقدار عين‌ الظلم‌، وإذا أردنا أن‌ نراعي‌ المساواة‌ في‌ جميع‌ الشؤون‌ ـكما يُفتخر بذلك‌ في‌ كثير من‌ البلدان‌ـ فإنَّ النتيجة‌ المترتّبة‌ علی ذلك‌ هي‌ الظلم‌. ومن‌ الثابت‌ عدم‌صحّة‌ هذا المعني‌ وكونه‌ عين‌ الظلم‌.

 فالمساواة‌ هنا هي‌ عين‌ الإرفاق‌ ومراعاة‌ عدم‌ التساوي‌. إنَّ أساس‌ العالم‌ قائم‌ علی العدالة‌. وتقتضي‌ العدالة‌ القائمة‌ علی نظام‌ التكوين‌ أن‌ يكون‌ ثمّة‌ تباين‌ بين‌ استفادة‌ الموجودات‌ من‌ مواهب‌ عالم‌ المادّة‌. فانتفاع‌ الشجرة‌ الباسقة‌ من‌ الهواء والنور والماء والارض‌ يختلف‌ عن‌ انتفاع‌ النبتة‌ الخضراء اليانعة‌. كما أنَّ الاختلاف‌ بينهما من‌ ناحية‌ القوّة‌ والمتانة‌ كبير أيضاً.

 الرجوع الي الفهرس

الكتابة‌ المذكورة‌ علی الاضلع‌ الثمانية‌ لقبر أرسطو

 طلبَ منّي‌ المرحوم‌ والدي‌ رحمة‌ الله‌ عليه‌ في‌ أحد الايّام‌ في‌ بداية‌ دراستي‌ أن‌ أُسجِّل‌ هذه‌ الجمل‌ وأحفضها؛ فقمت‌ بكتابتها وحفظها. وهذه‌ الجمل‌ هي‌: العَالَمُ حَديقَةٌ سِياجُها الشَّريعَةُ؛ وَالشَّريعَةُ سُلْطانٌ تَجِبُ لَهُ الطَّاعَةُ؛ وَالطَّاعَةُ سِياسَةٌ يَقومُ بِها المُلْكُ؛ وَالمُلْكُ نِظامٌ يَعْضُدُهُ الجَيْشُ؛ وَالجَيْشُ أعْوانٌ يَكْفُلُهُمُ المَالُ؛ وَالمَالُ رِزْقٌ تَجْمَعُهُ الرَّعِيَّةُ؛ وَالرَّعِيَّةُ سَوادٌ يَسْتَعْبِدُهُمُ العَدْلُ؛ وَالعَدْلُ أساسٌ بِهِ قِوامُ العالَمِ. فَبِالعَدْلِ قِوامُ العالَمِ، فَبِالعَدْلِ قِوامُ العالَمِ، فَبِالعَدْلِ قِوامُ العالَم‌! ومنذ ذلك‌ الحين‌ إلی اليوم‌، وقد مضي‌ حو إلی خمسين‌ سنة‌، لم‌أعثر علی هذه‌ الجمل‌ ومصدرها، لكن‌ قبل‌ سبع‌ سنوات‌، بينما كنتُ أُطالع‌ تفسير الطنطاوي‌ّ [2] في‌ إحدي‌ اللي إلی، وجدت‌ أ نَّه‌ قد كتب‌ فيه‌: يُقالُ: إنَّ أرَسْطاطاليسَ أوْصَي‌ أنْ يُدْفَنَ وَيُبْنَي‌ عَلَيْهِ بَيْتٌ مُثَمَّنٌ، يُكْتَبُ في‌ جِهاتِهِ ثَمانُ كَلِماتٍ جامِعاتٍ لِجَميعِ الاُمورِ الَّتي‌ بِها مَصْلَحَةُ النَّاسِ؛ وَتِلْكَ الكَلِماتُ الثَّمانِ هي‌َ عَلَیهَذَا المِثالِ.

 

 

 وتفيد هذه‌ العبارة‌ نفس‌ معني‌ العبارة‌ التي‌ ذكرها لي‌ المرحوم‌ الوالد تقريباً. ولابدّ أ نَّه‌ كان‌ قد نقلها من‌ سندٍ آخر، نطّلع‌ علی عبارته‌ فيما بعد إنَّ شاءالله‌ أيضاً.[3]

 فالمساواة‌ هي‌ أنَّ العالم‌ حقيقة‌ هو في‌ حكم‌ البستان‌، وحفظ‌ مجموع‌ البستان‌ والاشجار والنباتات‌ وكلّ من‌ يعيش‌ فيه‌ بالعدل‌. فإن‌ لم‌يكن‌ ثمّة‌ عدل‌، فلايستطيع‌ أي‌ُّ فرد أن‌ يستفيد من‌ استعداداته‌ الكامنة‌ والتمتّع‌ بالمواهب‌ الإلهيّة‌.

 يروي‌ الغزّ إلی عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ أ نَّه‌ قال‌: يَوْمٌ مِنْ وَالٍ عَادِلٍ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ سَنَةً؛ ثُمَّ قَالَ: أَلاَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.[4]

 ويجمل‌ القول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ نفس‌ هذه‌ الخطبة‌ التي‌ تدور حول‌ حقّ الو إلی علی الرعيّة‌ والرعيّة‌ علی الو إلی: يجب‌ أن‌ يُقام‌ العدل‌ بين‌ الو إلی والرعيّة‌، إذ إنَّ أوّل‌ حقّ للو إلی علی الرعيّة‌ وما للرعيّة‌ علی الو إلی هو العدل‌، وبقيّة‌ الحقوق‌ تتفرّع‌ منه‌؛ ولذلك‌ ذكر العدالة‌ من‌ بين‌ حقوق‌ الو إلی وبقيّة‌ المسائل‌ من‌ ضمن‌ الحقوق‌.

 والعدالة‌ أمر مفروغ‌ منه‌، ولا ينبغي‌ ذكره‌ في‌ زمرة‌ الحقوق‌ في‌ الحقيقة‌، فإنَّما تطبّق‌ الاُمور بواسطة‌ العدالة‌ في‌ الو إلی والرعيّة‌، أي‌ أ نَّه‌ من‌ دون‌ العدالة‌ لايثبت‌ أي‌ّ حقّ أصلاً. والعدالة‌ ما بِهِ يُنْظَر، لا ما فيهِ يُنْظَر. وبما أ نَّها حقّ مشترك‌ بين‌ الو إلی والرعيّة‌، فلانعدّها من‌ حقوق‌ الرعيّة‌ ولامن‌ حقوق‌ الو إلی.

 يقول‌ الإمام‌ السجّاد: فَإذَا أَدَّتِ الرَّعِيَّهُ إلَی الوَ إلی حَقَّهُ، وَأَدَّي‌ الوَ إلی إلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ الحَقُّ بَيْنَهُمْ... وَإذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا، وَأَجْحَفَ الوَ إلی بِرَعِيَّتِهِ اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ الكَلِمَةُ....[5]

 أي‌ عندما يُقام‌ الحقّ وتُقام‌ العدالة‌ فجميع‌ الجهات‌ الاُخري‌ ستتحقّق‌ في‌ ظلّهما، وإذا ما حصل‌ اختلاف‌ وزال‌ الحقّ من‌ البين‌، فإنَّ جميع‌ المفاسد تنبع‌ من‌ ذلك‌.

 الرجوع الي الفهرس

خطبة‌ الامير حول‌ ما للو الی والرعيّة‌ كلٌّ علی ا لآخر من‌ حقوق‌

أوّل‌ حقّ للو الی علی الرعيّة‌ هو حقّ الطاعة‌

 ويقول‌ أميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ في‌ آخر الخطبة‌ التي‌ يأمر الناس‌ فيها بالسير إلی الشام‌ لمحاربة‌ القاسطين‌:

 أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّ لِي‌ عَلَيْكُمْ حَقَّاً وَلَكُمْ عَلَیحَقٌّ! فَأمَّا حَقُّكُمْ علی: فَالنَّصِيحَةُ لَكُمْ، وَتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ، وَتَعْلِيمُكُمْ كَيْلاَ تَجْهَلُوا وَتَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا تَعْلَمُوا. وَأَمَّا حَقِّي‌ عَلَيْكُمْ: فَالوَفَاءُ بِالبَيْعَةِ، وَالنَّصِيحَةُ فِي‌ المَشْهَدِ وَالمَغِيبِ، وَالإجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ وَالطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ. [6]

 قوله‌ عليه‌ السلام‌: « النصيحة‌ لكم‌ » النصيحة‌ من‌ مادّة‌ النصح‌، أي‌ طلب‌ الخير في‌ جميع‌ الاُمور والإرشاد والدلالة‌ والمساعدة‌ والعون‌ وكلّ ما ينضوي‌ تحت‌ عنوان‌ النصيحة‌.

 وعندما يكون‌ شخص‌ ما مريداً لخير شخص‌ آخر حقيقة‌، فإنَّه‌ يلاحظ‌ له‌ جميع‌ جهات‌ الحُسن‌، وينفي‌ عنه‌ جميع‌ جهات‌ الضعف‌ والذلّة‌ والتردّي‌ والنكبة‌.

 قوله‌ عليه‌ السلام‌: « وتوفير فيئكم‌ عليكم‌ » أي‌ فلا أقوم‌ بأي‌ّ حيف‌ أو ميل‌، وأُقسّمه‌ بينكم‌ بنحوٍ كافٍ ووافٍ وبشكلٍ صحيح‌ وسليم‌.

 قوله‌ عليه‌ السلام‌: « وتعليمكم‌ كيلا تجهلوا، وتأديبكم‌ كيما تعلموا » أي‌ ليس‌حقّكم‌ عَلَیفقط‌ هو أزيد من‌ مالكم‌ أو أبني‌ لكم‌ البيوت‌ أو أُعمّر زراعتكم‌ أو آتيكم‌ بالماء والكهرباء، بل‌ عَلَی تَعْلِيمُكُمْ، أي‌ أ نَّكم‌ جاهلون‌ وأُمَّه‌ ورعيّة‌ وأنا واليكم‌، وحقّكم‌ عَلَیهو أن‌ أُوَزِّع‌ عليكم‌ من‌ جميع‌ تلك‌ الثمرات‌ الفكريّة‌ التي‌ أمتلكها، وأن‌ أدعوكم‌ إلی الإسلام‌ والإيمان‌ والإيقان‌، لكي‌ تخرجوا من‌ حالة‌ الجهل‌، وأن‌ أُأدِّبكم‌ كما يشذّبون‌ الشجرة‌ ويقلّمون‌ الاغصان‌ الزائدة‌ منها لكي‌ تُصبح‌ جاهزة‌ لإعطاء الثمر.

 وأنتم‌ أيضاً نفوسٌ هيولانيّة‌، تمتلكون‌ القابليّة‌ لكلّ شي‌ء، فإن‌ لم‌تُشَذّبوا وتُؤدَّبوا بالرياضات‌، أي‌ إن‌ لم‌ تؤدّبوا با لآداب‌ الشرعيّة‌، فستصبحون‌ كالشجرة‌ غير المشذّبة‌، ولن‌ يمكن‌ الاستفادة‌ منكم‌ أبداً، فيجب‌ أن‌ تقلّم‌ أغصان‌ الشجرة‌ وتُحرق‌. أمّا إذا أدّبتكم‌ فإنَّكم‌ تنتجون‌ إنساناً كاملاً؛ وهذا حقّ لكم‌ علی.

 وأمّا حقّي‌ عليكم‌ فهو: أن‌ تفوا ببيعتكم‌ لي‌ عندما بايعتموني‌ بالإمامة‌ والإمارة‌. والحقّ ا لآخر هو: النصيحة‌ في‌ الحضور والغيبة‌، فعليكم‌ أن‌ تنصحوني‌ سواء في‌ حضوري‌ أم‌ في‌ غيبتي‌، لا أ نَّكم‌ تنصحون‌ وتطلبون‌ لي‌ الخير في‌ حضوري‌ بينما تقومون‌ بأعمالكم‌ في‌ غيابي‌. فيجب‌ أن‌ تكونوا ناصحين‌ من‌ أعماق‌ قلوبكم‌. والثالث‌ هو: الإجابة‌ حين‌ أدعوكم‌، والطاعة‌ حين‌ آمركم‌.

 وعبارة‌ الإمام‌ عليه‌ السلام‌ في‌ الواقع‌ هي‌ نفس‌ المفاد الذي‌ ذكرناه‌ في‌ الخطبة‌( 214) حول‌ حقّ الو إلی علی الرعيّة‌. وقد ذكرنا هناك‌ أ نَّه‌ يُستفاد منها ثلاثة‌ أُمور:

 الاوّل‌: السمع‌ والطاعة‌. والثاني‌: النصح‌. والثالث‌: التعاون‌. وهنا يرجع‌ المطلب‌ أيضاً إلی الاُمور الثلاثة‌. فالنصيحة‌ في‌ المشهد والمغيب‌ أي‌ في‌ الحضور والخفاء هو عنوان‌ النصح‌. وَالإجَابَةُ حِينَ أَدْعُوكُمْ وَالطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ، يرجع‌ إلی الطاعة‌. وأمّا الوفاء بالبيعة‌ فيقع‌ تحت‌ عنوان‌ التعاون‌. فالتعاون‌ عنوان‌ عامّ يشمل‌ الوفاء بالبيعة‌ وأمثال‌ ذلك‌. فهذه‌ من‌ الحقوق‌ التي‌ للرعيّة‌ علی الو إلی وللو إلی علی الرعيّة‌.

 فلنرَ ا لآن‌ تفسير تلك‌ الحقوق‌ التي‌ للو إلی علی الرعيّة‌ وللرعيّة‌ علی الو إلی؛ إنَّ أوّل‌ حقّ للو إلی، أي‌ للدولة‌ الإسلاميّة‌( ولاية‌ الفقيه‌) علی الناس‌ هو حقّ الطاعة‌، ويسمّي‌ هذا في‌ تأريخ‌ الإسلام‌: حَقٌّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة‌( وهو بحرف‌ الجرِّ مصطلح‌).

 فيقولون‌: حقّ بالسمع‌ والطاعة‌، وهذا مأخوذ أيضاً من‌ روايات‌ النبي‌ّ الاكرم‌ صلّي‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، حيث‌ يقول‌( ما معناه‌): علی الاُمَّة‌ أن‌ تُطيع‌ الو إلی والحاكم‌ بالسمع‌ والطاعة‌. ولعُبادة‌بن‌ الوليد في‌ كتاب‌ « الموطَّأ » لمالك‌ رواية‌ تفيد بأنَّ النبي‌ّ قد عبَّر عن‌ ذلك‌ بعنوان‌ الحقّ بالسمع‌ والطاعة‌ في‌ الشدّة‌ والرخاء، وفي‌ النشاط‌ والكسل‌، أي‌ أنَّ علی الاُمّة‌ أن‌ تُطيع‌ الو إلی؛ وهذا مأخوذ من‌ ا لآية‌ القرآنيّة‌:

 إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن‌ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـ'´ءِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. [7]

 وعلی هذا، فأصل‌ إطاعة‌ الاُمّة‌ للو إلی موافق‌ لهذه‌ ا لآية‌ القرآنيّة‌ الشريفة‌.

 الرجوع الي الفهرس

إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ تفيد السمع‌ والطاعة‌ مطلقاً

 وأمّا مفاد ا لآية‌: إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ، فلايختصّ بالحكم‌ في‌ المنازعات‌ والمرافعات‌ والمناقشات‌، فعلی الاُمّة‌ أن‌ ترجع‌ إلی الله‌ ورسوله‌ بشكل‌ عامّ لكي‌ يُطبَّق‌ عليها حكم‌ الله‌ ورسوله‌؛ وعليهم‌ أن‌ يقبلوا ذلك‌ بالسمع‌ والطاعة‌.

 وتقع‌ هذه‌ ا لآية‌ الشريفة‌ في‌ مجموعة‌ آيات‌ متوالية‌ ترتبط‌ ببعضها وتُبيِّن‌ مطالب‌ مهمّة‌.

 أمّا ا لآيات‌ التي‌ سبقتها، فهي‌: وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّي‌' فَرِيقٌ مِّنْهُم‌ مِّن‌ م‌ بَعْدِ ذَ ' لِكَ وَمَآ أُولَـ'´ءِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ.[8]

 وَإِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُم‌ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم‌ مُّعْرِضُونَ.[9]

 وَإِن‌ يَكُن‌ لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُو´ا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ.[10]

 فهم‌ حيث‌ يكون‌ الحقّ لهم‌ يقبلون‌، وأمّا إذا كان‌ عليهم‌ فهم‌ يعرضون‌. أي‌ أنَّ هؤلاء ـباختصارـ لايتّبعون‌ الحقّ والصدق‌، وإنَّما يتتبّعون‌ أهواءهم‌ ورغباتهم‌، سواء انسجمت‌ مع‌ الحقّ أم‌ لم‌تنسجم‌.

 الرجوع الي الفهرس

مفاد: أَفِي‌ قُلُوبِهِم‌ مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُو´ا أَمْ يَخَافُونَ...

 أَفِي‌ قُلُوبِهِم‌ مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُو´ا أَمْ يَخَافُونَ أَن‌ يَحِيفَ اللَهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُو بَلْ أُولَـ'´ءِكَ هُمُ الظَّـ'لِمُونَ.[11]

 فلماذا يكون‌ هؤلاء بهذا الشكل‌، فهل‌ في‌ قلوبهم‌ مرض‌ يمنعهم‌ من‌ قبول‌ الحقّ ويجعلهم‌ يرتضون‌ مدركاتهم‌ وأهوائهم‌؟!( القلب‌ مريض‌) أي‌ أ نَّهم‌ يشكّون‌ ويرتابون‌ في‌ صدق‌ رسول‌ الله‌، ويخشون‌ ألاَّ يكون‌ النبي‌ّ صادقاً في‌ كلامه‌ وأن‌ يكون‌ ثمّة‌ ظلم‌ وجور في‌ حكمه‌! أم‌ أنَّهم‌ يخافون‌ أن‌ يحيف‌ عليهم‌ الله‌ ورسوله‌؟ أي‌ أن‌ يظلماهم‌ ويأخذوا منهم‌ شيئاً لانفسهما. أَن‌ يَحِيفَ اللَهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ معناه‌ أ نَّهم‌ يخافون‌ أن‌ يغتال‌ الله‌ ونبيّه‌ منهم‌ خيراً أو عزّة‌ أو فلاحاً بواسطة‌ أحكامهما، ويأخذان‌ ذلك‌ لانفسهما. بَلْ أُولَـ'´ءِكَ هُمُ الظَّـ'لِمُونَ.

 ثمّ يقول‌ بعد ذلك‌: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُو´ا إلَی اللَهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن‌ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـ'´ءِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[12].

 ثمّ يقول‌ بعدها: وَمَن‌ يُطِعِ اللَهَ وَرَسُولَهُ و وَيَخْشَ اللَهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَـ'´ءِكَ هُمُ الْفَا´ئِزُونَ.[13]

 وَأَقْسَمُوا بِاللَهِ جَهْدَ أَيْمَـ'نِهِمْ لَنءِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل‌ لاَّتُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَهَ خَبِيرُ بِمَا تَعْمَلُونَ.[14]

 فالله‌ تع إلی يقول‌ للنبي‌ّ: قل‌ لهم‌ لا تقسموا، وعندما آمركم‌ بالحرب‌ أطيعوا( فاذعنوا بالمعروف‌ من‌ دون‌ ضجيج‌ وجدال‌، وانهضوا إلی الحرب‌؛ فما فائدة‌ القسم‌ إذا أعقبه‌ الإنكار؟!).

 قُلْ أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن‌ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم‌ مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن‌ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَیالرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلَـ'غُ الْمُبِينُ.[15]

 أي‌ أنَّ النبي‌ّ ليس‌ مسؤولاً عن‌ عملكم‌، فقد حمّلناه‌ مسؤوليّة‌ دعوتكم‌ فقط‌، فإن‌ أطعتموه‌ فأنتم‌ الذين‌ تسعدون‌ بذلك‌ [16]، ثمّ يأتي‌ بعد هذه‌ ا لآيات‌ بآية‌ تكون‌ بمنزلة‌ النتيجة‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

تحمیل نظر خویش بر آگاهان
قرآن : ... ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ کُونُوا عِباداً لي‏ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... (سوره نحل، آیه 52)ترجمه: هیچ کس (حتی پیامبر) حق ندارد به مردم بگوید به جای خدا مرا عبادت کنید.حدیث: روی الحلبی قلتُ لاَبی عبدالله علیه السلام ما أدنى ما یکون به العبد کافراً ؟ قال: « أن یبتدع به شیئاً فیتولى علیه ویتبرأ ممّن خالفه (معانی الاخبار ، ص 393)ترجمه: ... حلبی روایت می کند که از امام صادق (ع) پرسیدم : کمترین سبب کافر شدن انسان چیست؟ فرمودند : این‌که بدعتی بگذارد و از آن بدعت جانبداری کند و از هر کس با او مخالفت کند روی برگرداند و آنان را متهم و منزوی سازد.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید