چاپ کردن این صفحه

الدرس الثامن: ولاية الفقيه والمرجعية

ا

لدرس الثامن: ولاية الفقيه والمرجعية

لم تكن الفرصة متاحة لأتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ليمارسوا قناعاتهم فيما يختص بإدارة النظام، وقيادة المجتمع، وكان ما يمكن أن يؤدوه - إجمالاً - له علاقة بالجانب الفردي والشخصي. من هنا نجد آليات واضحة وكاملة فيما يتعلق بالجانب الشخصي، وتكليف الفرد وما يجب عليه أو يحرم، تمثلت بالمرجعية التي وضعت لها آلية واضحة لجهة التقليد وكيفيته، وآلية اختيار مرجع التقليد ومعرفته... فيما لا نجد آليات واضحة بنفس المستوی فيما يتعلق بالمجتمع عامة والنظام.

فاختيار المرجع يكون بأسلوب فردي، حيث يختار الفرد المكلف أي شخصين يثق بهما من أهل الخبرة لمعرفة المرجع الذي يجب تقليده، فيما يختار غيره أشخاصاً آخرين... وهكذا،

يبقی اختيار المرجع في إطار تشخيص فردي يكفي فيه وجود شخصين يوجهانه باتجاه مرجع ما.

وكذلك التقليد بمضمونه، لا يبعد عن كونه أمراً فردياً، حيث يترك التشخيص في الأحكام الشرعية علی عهدة شخص المكلف، فتبقی الفتاوی بهذا الشكل يلعب فيها تشخيص الفرد دوراً أساسياً، يقول السيد اليزدي في العروة الوثقی مسألة 67: "محل التقليد ومورده هو الأحكام الفرعية العملية، فلا يجري في أصول الدين، وفي مسائل أصول الفقه، ولا في مبادئ الاستنباط من النحو والصرف ونحوهما، ولا في الموضوعات المستنبطة العرفية أو اللغوية ولا في الموضوعات الصرفة. فلو شك المقلد في مايع أنه خمر أو خل مثلاً، وقال المجتهد: إنه خمر، لا يجوز له تقليده، نعم من حيث إنه مخبر عادل يقبل قوله، كما في إخبار العامي العادل، وهكذا، وأما الموضوعات المستنبطة الشرعية كالصلاة والصوم ونحوهما فيجري التقليد فيها كالأحكام العملية".

ومن الواضح من خلال ذلك أن التقليد يأخذ طابعاً شخصياً ولا ينظم حركة المجتمع أو يدير النظام، مادام ليس من شأنه التشخيص ولا حجية له في ذلك، لأن إدارة النظام والمجتمع قائمة علی التشخيص الذي يعتبر إلزامياً ينظم حركة المجتمع كلها.

أما ولاية الفقيه فلا تأخذ الطابع الفردي في الاختيار، بل الذي يختار هو الأمة من خلال مجلس الخبراء، وهي القادرة علی سد ذلك الفراغ وقيادة المجتمع وإدارة النظام. والتشخيص يقع في صلب مهام الولي، فهو يشخص المصالح والمفاسد والأخطار والتهديدات والفرص... وتشخيصه إلزامي وحجة بالنسبة للمكلفين جميعاً، كما تؤكد الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: "فإذا حكم بحكمٍ فلم يُقبل منه فإنما بحكم الله استُخف وعلينا ردّ"1.

وتختلف كذلك طبيعة المهمة بين المرجع والولي، فالمرجع مهمته الأساس علميّة تتلخص باستنباط الحكم الشرعي، ونقله للمكلف ليلتزم به بدوره، وأما مهمة الولي فهي مهمة تنفيذيّة. فالولي الفقيه مسؤول عن وضع البرامج والخطط وتنفيذها في المجتمع. وهذا الفرق الجوهري هو الذي فرض صفات إضافية في الولي تتمحور حول صفات شخصية كالشجاعة والسخاء، والقدرات الإدارية، فيما لم يشترط شيء من ذلك في مرجع التقليد.

________________________________________
1- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة -ج 101، ص 262.
 

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)