الدرس الثاني: ولاية الفقيه زمن الغيبة

الدرس الثاني: ولاية الفقيه زمن الغيبة

يا مهدينا... أدركنا

دورنا في زمن الغيبة

لقد كتب الله عزَّ وجلَّ لصاحب العصر والزمان عجل الله فرجه الشريف أن يغيب عن الناس، حتی يأذن الله تعالی له بالظهور فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويحقق الوعد الإلهي ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾1.

وما دامت الحكمة الإلهية قد اقتضت غياب الإمام عجل الله فرجه الشريف فهل يعني ذلك التزام البيت والتخلي عن التكاليف الشرعية المتعلقة بالمجتمع، وعدم القيام بأي عمل باستثناء الأعمال الفردية - من عبادات وما شاكل - بانتظار ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف؟

هذا السؤال يعيدنا إلی فهم رسالة الإسلام، وطبيعة هذه الرسالة، حيث تتميز بكونها ثابتة منذ نزولها علی النبي صلی الله عليه وآله وسلم إلی يوم القيامة لا تتغير أحكامها ولا تتبدل ولا تسقط، فحلال محمد حلال إلی يوم القيامة وحرامه حرام إلی يوم القيامة.

وهذا يعني أن زمن الغيبة لا يمكن أن نستثنيه من الأحكام الشرعية، ولا يمكن أن نسقط الواجبات فيه ولا أن نبيح المحرمات. فهل يمكن لأحد أن يسقط فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – المعتبر من ضروريات الدين - في زمن الغيبة الممتد لأكثر من ألف سنة حتی الآن؟ وهل يمكن إبطال الآية الكريمة ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ﴾2؟ وقد قال تعالی ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُون﴾3، مما يعني أن ترك النهي عن المنكر هو ظلم وفسق!

ولا يمكن للإنسان المؤمن أن يتخلی عن دوره الذي أشارت إليه الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: "لا يحل لعين مؤمنة تری الله يعصی فتطرف حتی تغيره"4.

يقول الإمام الخميني قدس سره: "بديهي أن ضرورة تنفيذ الأحكام لم تكن خاصة بعصر النبي صلی الله عليه وآله وسلم، بل الضرورة مستمرة، لأن الإسلام لا يحدّ بزمان أو مكان، لأنه خالد فيلزم تطبيقه وتنفيذه والتقيد به إلی الأبد..."5.

ثم إن لزوم الدفاع عن الإسلام
________________________________________
1- الأنبياء:105.
2- آل عمران:110.
3- الأعراف:165.
4- الحر العاملي - محمد بن الحسن - وسائل الشيعة - مؤسسة أهل البيت - الطبعة الثانية 1414 ه.ق.- ج 16، ص 126
5- الإمام الخميني، روح الله، الحكومة الإسلامية، نشر مركز الإمام الخميني الثقافي، بيروت، الطبعة الأولی، ص 28.
 
والمسلمين ومصالحهم ودفع المخاطر والتهديدات الاستعمارية، هو أمر بديهي يحكم به كل عقل سوي، فضلاً عن الأدلة الشرعية التي لا مبرر لإبطالها وإيقاف مفعولها في زمن الغيبة. فإن الجهاد والدفاع عن بلاد المسلمين ودمائهم وأعراضهم واجب باتفاق كافة الفقهاء.

الحركة قبل الظهور

هناك العديد من الروايات التي تؤكد وجود حركة قوية لجهات وأشخاص يخرجون قبيل ظهور الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف. وقد مدحت الروايات التحركات ومن يقوم بها، ومن هذه الروايات:

- عن الرسول صلی الله عليه وآله وسلم: "إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة علی الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريداً وتطريداً، حتی يجيء قوم من ها هنا (وأشار بيده إلی المشرق) أصحاب رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه - حتی أعادها ثلاثاً - فيقاتلون فينصرون، ولا يزالون كذلك حتی يدفعونها إلی رجل من أهل بيتي، فيملؤها قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، فمن أدركه منكم فليأته ولو حبواً علی الثلج"6.

- عن الإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام: "كأني بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحق فلا يعطونه، ثم يطلبونه فلا يعطونه. فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم علی عواتقهم فيعطون ما سألوا، فلا يقبلونه حتی يقوموا ولا يدفعونها إلا إلی صاحبكم، قتلاهم شهداء"7.

- وعن أمير المؤمنين يقول لأحد أصحابه: "إذا سمعت الرايات السود مقبلة من خراسان فكنت في صندوق مقفل عليك، فاكسر ذلك القفل وذلك الصندوق حتی تقتل تحتها"8.

- عن الإمام موسی الكاظم عليه السلام: "رجل من أهل قم يدعو الناس إلی الحق، يجتمع معه قوم قلوبهم كزبر الحديد، لا تزلهم الرياح العواصف، ولا يملّون من الحرب، ولا يجبنون، وعلی الله يتوكلون، والعاقبة للمتقين"9.

- عن الإمام الباقر عليه السلام: "وإذا خرج اليماني فانهض إليه فإن رايته راية هدی، ولا يحل لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النار، لأنه يدعو إلی الحق وإلی طريق مستقيم"10.

وغيرها من الروايات.
________________________________________
6- دلائل الإمامة، ص 442.
7- الطوسيّ (ت: 460 هـ): الغيبة- تحقيق: عباد الله الطهرانيّ، وعلي أحمد ناصح- منشورات مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم ـ إيران، ط. الأولی 1411 هـ ص 282.
8- المتقي الهندي - الوفاة: 975 – كنز العمال- الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت – لبنان- ج 11، ص 278.
9- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة -ج 57، ص 216.
10- المجلسي-محمد باقر -بحار الأنوار- مؤسسة الوفاء،الطبعة الثانية المصححة -ج 52، ص 232.

 
 

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

مصرف کردن بدون تولید
آیه شریفه : وَ لَنُذيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى‏ دُونَ الْعَذابِ الْأَکْبَرِ ... (سوره مبارکه سجده ، آیه 21)ترجمه : و ما به جز عذاب بزرگتر (در قیامت) از عذاب این دنیا نیز به آنان می چشانیم ...روایت : قال أبي جعفر ( ع ): ... و لله عز و جل عباد ملاعين مناكير ، لا يعيشون و لا يعيش الناس في أكنافهم و هم في عباده بمنزله الجراد لا يقعون على شيء إلا أتوا عليه .  (اصول کافی ، ج 8 ، ص 248 )ترجمه : امام باقر(ع) مي‌فرمايد: ... و خداوند بدگانی نفرین شده و ناهنجار دارد که مردم از تلاش آنان بهره مند نمی شوند و ایشان در میان مردم مانند ملخ هستند که به هر جیز برسند آن را می خورند و نابود می کنند.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید