الدرس‌ الثاني‌ والثلاثون‌

الدرس‌ الثاني‌ والثلاثون‌:

 من‌ شؤون‌ ولاية‌ الفقيه‌: عدم‌ جواز عضويّة‌ النساء في‌ مجلس‌ الشوري‌

 

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّی اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی‌ قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العلی‌ِّ العَظِيمِ

 

 الرواية‌ الثانية‌ التي‌ تدلّ علی‌ اشتراط‌ الذكورة‌ في‌ ولاية‌ الفقيه‌ هي‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ خطبة‌ تلاها بعد حرب‌ الجمل‌.

 يقول‌ علیه‌ السلام‌ في‌ هذه‌ الخطبة‌: مَعَاشِرَ النَّاسِ! إنَّ النِّسَاءَ نَوَاقِصُ الإيمَانِ، نَوَاقِصُ الحُظُوظِ، نَوَاقِصُ العُقُولِ؛ فَأَمَّا نُقْصَانُ إيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ فِي‌ أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ؛ وَأَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوَارِيثُهُنَّ عَلَیالاَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ؛ وَأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الوَاحِدِ. فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ، وَكُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَیحَذَرٍ؛ وَلاَ تُطِيعُوهُنَّ فِي‌ المَعْرُوفِ حَتَّي‌ لاَيَطْمَعْنَ فِي‌ المُنْكَرِ. [10]

 هنا يعلن‌ الإمام‌ علیه‌ السلام‌ وينبّه‌ علی‌ أنَّ النساء الخيّرات‌ والمرضيّات‌ وإن‌ كنّا خلاف‌ الاُخريات‌، لكنّ نفوسهنّ قريبة‌ جدّاً من‌ الاُمور الاعتباريّة‌ والتخيليّة‌ والاوهام‌، وقابليّة‌ الانجذاب‌ والتغيّر فيهنّ شديدة‌، ولو أمرن‌ ونهين‌ لكان‌ خراب‌ الدنيا بأيديهنّ. فبناء علی‌ هذا، علیكم‌ التعامل‌ مع‌ خيارهنّ ممّن‌ لكم‌ صلة‌ وشغل‌ معهنّ وأيديكم‌ علی‌ عصا باستمرار، دون‌ أن‌ تفسحوا لهنّ المجال‌.

 وَلاَ تُطِيعُوهُنَّ فِي‌ المَعْرُوفِ حَتَّي‌ لاَ يَطْمَعْنَ فِي‌ المُنْكَرِ. فإذا أطعتموهنّ في‌ المعروف‌ يطمعن‌ في‌ المنكر بالتدريج‌. أي‌ أنَّ إرادتهنّ تتعلّق‌ بالاعمال‌ المنكرة‌ فيأمرنّكم‌ بالاعمال‌ المنكرة‌ فتطيعوهنّ.

 يقول‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌ في‌ شرح‌ هذه‌ الجملة‌ من‌ قول‌ الإمام‌:

 لا يُريدُ أنْ يُتْرَكَ المَعْروفُ لِمُجَرَّدِ أمْرِهِنَّ بِهِ؛ فَإنَّ في‌ تَرْكِ المَعْروفِ مُخالَفَةَ السُّنَّةِ الصَّالِحَةِ، خُصوصاً إذا كانَ المَعْروفُ مِنَ الواجِباتِ. [11]

 كأن‌ تأمر المرأة‌ زوجها بالصلاة‌ أو بالحجّ الواجب‌ أو أمثال‌ ذلك‌، فهل‌ يستطيع‌ المرء الامتناع‌ عن‌ الإتيان‌ بهذا العمل‌ المعروف‌ لانَّ المرأة‌ قد أمرته‌ به‌، مع‌ أنَّ في‌ ترك‌ المعروف‌ تركاً للواجب‌ وللسنّة‌ الصالحة‌؟

 بَلْ يُريدُ أنْ لا يَكونَ المَعْروفُ صادِراً عَنْ مُجَرَّدِ طاعَتِهِنَّ. فَإذا فَعَلْتَ مَعْروفاً فَافْعَلْهُ لاِ نَّهُ مَعْروفٌ؛ وَلاَ تَفْعَلْهُ امْتِثالاً لاِمْرِ المَرْأَةِ.

 أي‌ أنَّ أمر المرأة‌ هنا ساقط‌ بكلّ ما للكلمة‌ من‌ معني‌، وإنَّما يُؤتي‌ بالمعروف‌ لكونه‌ معروفاً، إذ علی‌ الإنسان‌ أن‌ يأتي‌ بكلّ معروف‌ ويترك‌ كلّ منكر.

 ثمّ يقول‌ بعد ذلك‌: وَلَقَدْ قالَ الإمام قَوْلاً صَدَّقَتْهُ التَّجارِبُ في‌ الاَحْقابِ المُتَطاوِلَة‌. ( التجارِب‌ بكسر الراء، والتجارُب‌ غلط‌، لانَّ صيغة‌ الجمع‌ التي‌ تكون‌ أكثر من‌ أربعة‌ أحرف‌ لا تكون‌ علی‌ وزن‌ تفاعُل‌، وورد في‌ هذا الباب‌ أربع‌ صيغ‌ جميعها علی‌ وزن‌ تفاعِل‌ مثل‌ تجارب‌ )، فقول‌ الإمام‌ هذا قد صدّقته‌ التجارب‌ وشهدت‌ علی‌ صحّته‌ ( فكلّ من‌ أطاع‌ امرأة‌ فقد آل‌ أمره‌ إلی‌ الفشل‌، وكلّ مجتمع‌ يطيع‌ امرأة‌ سوف‌ ينجرّ إلی‌ الفساد والهلاك‌ ).

 وَلا اسْتِثْناءَ مِمَّا قالَ إلاَّ بَعْضَاً مِنْهُنَّ وُهِبْنَ فِطْرَةً تَفوقُ في‌ سُمُوِّها مَا اسْتَوَتْ بِهِ الفِطَنُ أوْ تَقارَبَتْ؛ أوْ أخَذَ سُلْطانٌ مِنَ التَّرْبيَةِ طِباعَهُنَّ عَلَیخِلافِ مَا غُرِزَ فيْها وَحَوَّلَها إلَی‌ غَيْرِ ما وَجَّهَتْها الجِبِلَّةُ إلَیهِ.

 الرجوع الي الفهرس

وَاكْفُفْ علیهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إيَّاهُنَّ؛ فَإنَّ شِدَّةَ...

 ويقول‌ الإمام‌ علیه‌ السلام‌ في‌ موضع‌ آخر: وَاكْفُفْ علیهِنَّ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ بِحِجَابِكَ إيَّاهُنَّ؛ فَإنَّ شِدَّةَ الحِجَابِ أَبْقَي‌ علیهِنَّ. وَلَيْسَ خُرُوجُهُنَّ بِأَشَدَّ مِنْ إدْخَالِكَ مَنْ لاَ يُوثَقُ بِهِ علیهِنَّ؛ وَإنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَيَعْرِفْنَ غَيْرَكَ فَافْعَلْ. [12]

 هذه‌ الجمل‌ من‌ وصيّة‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ للإمام‌ الحسن‌ المجتبي‌ علیه‌ السلام‌ المذكورة‌ في‌ « نهج‌ البلاغة‌ ».

 فكيف‌ يجوز ـ مع‌ وجود هذه‌ الاخبار والآيات‌ـ السماح‌ للنساء بالدخول‌ في‌ أوساط‌ الرجال‌، وبالمبادرة‌ في‌ القبض‌ والاخذ والبطش‌ والامر والنهي‌ ورفع‌ الصوت‌ والمحاججة‌ والمخاصمة‌ وسائر الاُمور التي‌ يحتاجها القضاء والحكومة‌. وقد تطرّقنا للموضوع‌ هنا بصورة‌ إجمإلیة‌، وذكرناه‌ مفصّلاً في‌ « رسالة‌ بديعة‌ ».

 هذه‌ هي‌ روح‌ القوانين‌ التي‌ جعلها الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ للمرأة‌ وفي‌ حقّها. وهي‌ في‌ التحقّق‌ والثبوت‌ بمثابة‌ ضروريّات‌ الإسلام‌.

 الرجوع الي الفهرس

الدخول‌ في‌ مجلس‌ الشوري‌ من‌ شؤون‌ الولاية‌، لا مصداقاً للوكالة‌

 ويظهر ممّا بيّناه‌ عدم‌ جواز عضوية‌ المرأة‌ في‌ مجلس‌ الشوري‌، حتّي‌ لو كنّ فقيهات‌ وواصلات‌ إلی‌ درجة‌ الاجتهاد وقادرات‌ علی‌ استنباط‌ الاحكام‌ حتّي‌ يقال‌ إنَّ النساء كنّ يبحثنّ في‌ زمن‌ الصحابة‌ في‌ العقائد والاحكام‌، فلماذا نمنعهنّ نحن‌ عن‌ عضوية‌ مجلس‌ الشوري‌؟!

 فترجع‌ علّة‌ منعهنّ لامتلاك‌ مجلس‌ الشوري‌ في‌ زماننا هذا له‌ الرياسة‌ العامّة‌ علی‌ جميع‌ الاُمور الولايتيّة‌؛ فالهداية‌ والإرشاد في‌ التحرّكات‌ السياسيّة‌ بيد مجلس‌ الشوري‌، وتعيين‌ نهج‌ الحكومة‌ في‌ الاُمور الاجتماعيّة‌ والحضاريّة‌ من‌ صلاحيّات‌ مجلس‌ الشوري‌ أيضاً، بالإضافة‌ لشؤون‌ الحياة‌ الاقتصاديّة‌ والاخلاقيّة‌ والتعلیميّة‌ والإداريّة‌ والثقافيّة‌، بل‌ وتقرير الصلح‌ والحرب‌ في‌ كلّ زمان‌ خاضع‌ لإدارة‌ مجلس‌ الشوري‌ أيضاً. مجلس‌ الشوري‌ هو الذي‌ يسيّر أُمور الدولة‌، إذ بيده‌ تنصيب‌ الوزراء وعزلهم‌.

 وبناء علی‌ هذا، فتسمية‌ مجلس‌ الشوري‌ بمجلس‌ الرئاسة‌ العامّة‌ أولي‌، لانَّ دوره‌ في‌ المجتمع‌ دور القيّم‌ المتكفّل‌ بالاُمور. فليس‌ من‌ شأنه‌ الوكالة‌ من‌ قبل‌ عموم‌ الناس‌ لكي‌ يقال‌: لا فرق‌ حينئذٍ سواء كان‌ أعضاؤه‌ رجالاً أم‌ نساء، فكما نستطيع‌ توكيل‌ رجل‌ فيمكننا توكيل‌ امرأة‌ أيضاً؛ فالقضيّة‌ ليست‌ بهذا الشكل‌، والمسألة‌ ليست‌ مسألة‌ وكالة‌.

 وما توهّمه‌ البعض‌ من‌ تحقّق‌ هذه‌ الرئاسة‌ بواسطة‌ انتخاب‌ وتوكيل‌ أبناء الشعب‌ لاعضاء مجلس‌ الشوري‌ توهّم‌ باطل‌؛ وذلك‌:

 أوّلاً: لانَّ هذا النوع‌ من‌ النيابة‌ والاختيار وإن‌ كان‌ يتحقّق‌ من‌ قبل‌ الشعب‌، لكنّه‌ في‌ الحقيقة‌ ليس‌ وكالة‌، بل‌ هو إعطاء للولاية‌ بشروطها الخاصّة‌، بنحو لايستطيع‌ أبناء الشعب‌ نقضها بعد تحقّق‌ التوكيل‌.

 فهذا إذَن‌، إعطاء لولاية‌ ثابتة‌، لا وكالة‌، والتي‌ هي‌ من‌ العقود الجائزة‌ والقابلة‌ للنقض‌ في‌ كلّ حين‌.

 و ثانياً: أنَّ هذه‌ الولاية‌ والقيمومة‌ ليست‌ ثابتة‌ لابناء الشعب‌ حتّي‌ يتمكّنوا من‌ نقلها لاعضاء الشوري‌ بواسطة‌ الوكالة‌.

 ومحصّل‌ الكلام‌: بناء علی‌ الفلسفة‌ الإسلاميّة‌، لا يمتلك‌ كلّ فرد من‌ أبناء الشعب‌ ولاية‌ علی‌ نفسه‌ لكي‌ يتمكّن‌ من‌ نقلها إلی‌ عضو مجلس‌ الشوري‌ بواسطة‌ التوكيل‌. فالوكالة‌ تنقل‌ الحقّ الثابت‌ من‌ الموكّل‌ إلی‌ الوكيل‌، لاأ نَّها توجِد له‌ حقاً من‌ رأس‌.

 وبناء علی‌ الاُصول‌ الإسلاميّة‌ المسلّمة‌، فليس‌ للمؤمنين‌ حقّ الاختيار لانفسهم‌، وجميعهم‌ تحت‌ ولاية‌ الإمام‌ الولي‌ّ، فكيف‌ يستطيعون‌ إذَن‌ أن‌ يوكلوا حقّهم‌ إلی‌ شخص‌ آخر وينتخبون‌ وكيلاً لكي‌ يتصرّف‌ في‌ أُمورهم‌ وشؤونهم‌ ويقوم‌ بالاخذ والقتل‌ والبطش‌ والبسط‌! فالولاية‌ مختصّة‌بالله‌ وبالاشخاص‌ الذين‌ يعيّنهم‌ الله‌ فقط‌.

 وعلی‌ أساس‌ هذا الكلام‌، لو كان‌ جميع‌ أعضاء مجلس‌ الشوري‌ فقهاء جامعين‌ للشرائط‌ وصائنين‌ للنفس‌، وحافظين‌ للدين‌ والإيمان‌، فعندئذٍ يكونون‌ واجدين‌ للولاية‌ الشرعيّة‌ في‌ الاُمور، لا للوكالة‌، وإن‌ لم‌يكونوا فقهاء فدخولهم‌ في‌ هذا المنصب‌ ليس‌ له‌ مُجوِّز شرعي‌ّ أصلاً، لا نَّه‌ يكون‌ دخولاً في‌ أمر الولي‌ّ من‌ دون‌ استحقاق‌، وتصرّف‌ في‌ شؤون‌ الولاية‌ بدون‌ إذْن‌ وإجازة‌.

 نعم‌؛ بناء علی‌ مفاهيم‌ الفلسفة‌ الغربيّة‌ التي‌ تؤمن‌ بوجود ولاية‌ لكلّ فرد من‌ أفراد الشعب‌ يستطيع‌ أن‌ يعطيها لشخص‌ آخر، فمسألة‌ الوكالة‌ تامّة‌. وما يقولونه‌ من‌ أنَّ عضو الشوري‌ وكيل‌ إنَّما هو مأخوذ عن‌ تلك‌ المذاهب‌ الغربيّة‌، لا أ نَّه‌ مصطلح‌ واقعي‌ّ وأصيل‌ ومستنبط‌ من‌ الإسلام‌.

 وكلّ ما قلناه‌ هو مع‌ التسامح‌ وغضّ النظر عمّا هو مسلّم‌ ومحقّق‌ في‌ محلّه‌ من‌ انحصار الحكم‌ والولاية‌ بالإمام‌ صلوات‌ الله‌ علیه‌، وفي‌ الفقيه‌ الاعلم‌ الاورع‌ الخبير البصير، ذلك‌ الفقيه‌ الذي‌ تتجلّي‌ أنوار الملكوت‌ في‌ قلبه‌، والذي‌ قد أُعطي‌ الفرقان‌ والنور الإلهي‌ّ بواسطة‌ تفويض‌ الإمام‌ هذه‌ الجهة‌ له‌ ونيابته‌ عن‌ الإمام‌ فيها.

 فإذا كان‌ الامر كذلك‌، فالمجلس‌ ليس‌ ولايتيّاً، بل‌ هو مجلس‌ للشوري‌، وليس‌ من‌ عهدته‌ أن‌ يضع‌ القوانين‌ لكي‌ يكون‌ له‌ جانب‌ ولائي‌ّ.

 وبناء علی‌ افتراض‌ كون‌ مجلس‌ الشوري‌ تحت‌ إشراف‌ الولي‌ّ الفقيه‌، وينعقد للتشاور في‌ الاُمور فقط‌ دون‌ أن‌ يكون‌ له‌ جانب‌ تقنيني‌ّ، فهل‌ تكون‌ عضوية‌ النساء في‌ مجلس‌ كهذا جائزة‌ أو لا؟ وما ينبغي‌ قوله‌ هو عدم‌جواز عضويتهنّ وإن‌ كان‌ المجلس‌ بهذه‌ الصورة‌. إذ بناء علی‌ هذا الفرض‌ فالمانع‌ من‌ دخول‌ المرأة‌ في‌ مجلس‌ الشوري‌ هو الاخبار التي‌ تدلّ علی‌: أَنَّ المَرْأَةَ لاَتُسْتَشَارُ. ( فالمرأة‌ لا تستشار في‌ الاُمور السياسيّة‌ والولايتيّة‌ خصوصاً في‌ أوساط‌ الرجال‌ ).

 وهذا فيما لو لم‌ نقل‌ بإطلاق‌ الآية‌ المباركة‌: الرِّجَالُ قَوَّ ' مُونَ عَلَیالنِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَهُ بَعْضَهُمْ علی‌' بَعْضٍ[13]،أوقوله‌ تعإلی‌: وَلِلرِّجَالِ علیهِنَّ دَرَجَةٌ، [14]و أمثال‌ هذه‌ الموارد، وإلاّ لكانت‌ هاتان‌ الآيتان‌ مانعتين‌ أيضاً من‌ هذا المعني‌ ( أي‌ عضوية‌ النساء في‌ مجلس‌ الشوري‌ ).

 وعلی‌ كلّ حال‌، فتأسيس‌ مجلس‌ كهذا يكون‌ مركزاً للإدارة‌ والقرار، ومحوراً لصدور الاحكام‌ والقوانين‌، إذا لم‌ يبتنِ عَلَیما ذَكَرْناهُ مِنْ مُفادِ الفَلْسَفَةِ الإسْلاميَّةِ وَالرُّوحِ الإسْلامِيّة‌، فسوف‌ يكون‌ خلاف‌ ولاية‌ الإمام‌ الفقيه‌، هذا مع‌ أنَّ البيعة‌ والكفيل‌ أولي‌ من‌ تسميتهم‌ بالوكيل‌. وهذه‌ أعلی‌ مراتب‌ الرئاسة‌ وأقصي‌ درجات‌ القيمومة‌. ويكون‌ مخالفاً لقول‌ الله‌ عزّ وجلّ: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَیالنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ اللَهُ بَعْضَهُمْ علی‌' بَعْضٍ.

 الرجوع الي الفهرس

دلالة‌: فَالصَّـ'لِحَـ'تُ قَـ'نِتَـ'تٌ حَـ'فِظَـ'تٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَهُ

 وإن‌ قال‌ قائل‌: إنَّ مدلول‌ الآية‌ ينحصر في‌ البيوت‌ والمنازل‌ وقيمومة‌ الرجال‌ علی‌ النساء في‌ مجال‌ الزواج‌. الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَیالنِّساءِ في‌ البُيوتِ؛ أي‌ في‌ دائرَةِ الزَّواجِ في‌ مُحيطِ المُعاشَرَةِ النِّكاحيَّةِ، وَإقامَةِ الشُّؤونِ البَيْتيَّة‌.

 نقول‌ جواباً علی‌ ذلك‌: للآية‌ إطلاق‌، و الرِّجَالُ قَوَّ ' مُونَ عَلَیالنِّسَآءِ لاينحصر في‌: قَوَّامُونَ عَلَیالنِّساءِ في‌ البُيوتِ، أو قَوّامُونَ عَلَیالنِّساءِ المُتَزَوِّجات‌؛ بل‌ إنَّ جنس‌ الرجل‌ ـعلی‌ نحو الإطلاق‌ والعموم‌ـ قوّام‌ علی‌ جنس‌ المرأة‌. وليس‌ في‌ هذه‌ الآية‌ تقييد راجع‌ إلی‌ البيوت‌ أو قيمومة‌ الرجال‌ علی‌ خصوص‌ نسائهم‌، وإلاّ لقال‌: الرِّجالُ قَوَّامونَ عَلَینِسائِهِمْ.

 ولا ينافي‌ الإطلاق‌ ذيل‌ الآية‌: فَالصَّـ'لِحَـ'تُ قَـ'نِتَـ'تٌ حَـ'فِظَـ'تٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَهُ. ( ومعني‌ النساء الصالحات‌ في‌ الآية‌ المستمرّات‌ في‌ طاعة‌ أزواجهنّ، الحافظات‌ لعرضهنّ وناموس‌ وأموال‌ وشؤون‌ أزواجهنّ في‌ غيابهم‌، طبقاً لصيانة‌ وحفظ‌ الله‌ )، فذيل‌ الآية‌ خاصّ بأمر العائلة‌.

 وعلی‌ هذا، فيبقي‌ إطلاق‌ الآية‌ في‌ محلّه‌، وهو من‌ الفروع‌ المتشعّبة‌ عن‌ ذلك‌ الامر الكلّي‌ّ، وذلك‌ الإطلاق‌، واختصاصه‌ بمورد الزواج‌ لايكون‌ مقيّداً لإطلاق‌ صدر الآية‌، ولا مخصّصاً لعمومه‌.

 ولو سَلَّمْنا قولكم‌ من‌: اختصاص‌ هذه‌ الآية‌ بدائرة‌ الزواج‌، فنقول‌: كيف‌ يجعلها قيّمة‌ علی‌ جميع‌ بيوت‌ ومنازل‌ الاُمّة‌ (وَهي‌َ الدَّوْلَةُ الإسْلاَميَّة‌) بعد أن‌ سحب‌ قيمومتها ومديريّتها واختيارها في‌ بيتها ( عشّها الصغير ) علی‌ الرغم‌ من‌ كونها قيمومة‌ جزئيّة‌ وليست‌بالمؤثّرة‌؟! أفليست‌ قيمومة‌ الحكومة‌ ـوالتي‌ تساوي‌ الإدارة‌ العامّة‌ـ أعظم‌ من‌ قيمومة‌ البيوت‌؟!

 هل‌ من‌ المعقول‌ أن‌ يقول‌ الله‌: ليس‌ بإمكان‌ المرأة‌ أن‌ تكون‌ قيّمة‌ علی‌ بيتها، لكنّها في‌ نفس‌ الوقت‌ تستطيع‌ أن‌ تكون‌ قيّمة‌ لجميع‌ رجال‌ ونساء الاُمّة‌؟!

 هل‌ يمكن‌ لمسلم‌ أن‌ يتفوّه‌ أو يتصوّر أنَّ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ قد جعل‌ المرأة‌ قيّمة‌ علی‌ ملايين‌ النفوس‌ ( سواء الذكور أم‌ الإناث‌ ) لكنّه‌ لم‌يجعلها قيّمة‌ لزوجها؟! بل‌ لم‌ يجعلها في‌ درجة‌ زوجها أيضاً، لا لَهُ وَلاعلیه‌، وقال‌: يجب‌ أن‌ تكون‌ المرأة‌ أدني‌ من‌ الرجل‌، ويكون‌ الرجل‌ صاحب‌ قيمومة‌ علیها.

 ثمّ نلاحظ‌ أ نَّه‌ قد جعل‌ كمال‌ المرأة‌ في‌ هذا، فقال‌: فَالصَّـ'لِحَـ'تُ قَـ'نِتَـ'تٌ حَـ'فِظَـ'تٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَهُ.

 وقال‌ تعإلی‌ في‌ آية‌ أُخري‌: وَقَرْنَ فِي‌ بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَـ'هِلِيَّةِ الاْولَي‌'. [15]

 فهل‌ من‌ الممكن‌ أن‌ نجمع‌ بين‌ هذين‌ المطلبين‌ ونقول‌: إنَّ الله‌ تبارك‌ وتعإلی‌ يقول‌: علی‌ النساء أن‌ يقرن‌ في‌ بيوتهنّ، ومن‌ جهة‌ أُخري‌ لاإشكال‌ في‌ حضور النساء في‌ مجالس‌ الرجال‌، ورفع‌ أصواتهنّ، وأدائهنّ للخطب‌، والمحاضرات‌، وقيامهنّ بالمنازعات‌ والمخاصمات‌ والمجادلات‌ والمحاججات‌؟!

 فهذه‌ الاُمور ضروريّة‌ لمن‌ يتصدّي‌ للاُمور العامّة‌، خصوصاً إذا كان‌ الامر ممّا يحتاج‌ إلی‌ بحث‌ وحوار، وكذا هو شأن‌ مجلس‌ الشوري‌ علی‌ ما نري‌.

 ولو قال‌ شخص‌: إنَّ آية‌: وَقَرْنَ فِي‌ بُيُوتِكُنَّ مختصّة‌ بنساء النبي‌ّ صلّي‌الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌.

 لقلنا جواباً علی‌ ذلك‌: ما هو وجه‌ الاختصاص‌ لنساء النبي‌ّ عن‌ سائر النساء، بعد أن‌ كان‌ ملاك‌ الفساد مشتركاً؟

 هل‌ يستطيع‌ شخص‌ أن‌ يتفوّه‌ بقول‌: اختصاص‌ أمر عدم‌التبرّج‌ والتزيّن‌ والحضور في‌ مجالس‌ الرجال‌ بنساء النبي‌ّ، لكنّه‌ غيروارد في‌ حقّ سائر النساء؟! ولا إشكال‌ في‌: التَّبَرُّج‌ علی‌ غرار تَبَرُّجِ الجاهِليَّةِ الاُولي‌؟!

 وكذلك‌ الفقرات‌ الموجودة‌ قبل‌ هذه‌ الآية‌، مثل‌:: فَلاَتَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ...؛ فنقول‌: إنَّ هذا الامر مختصّ بنساء النبي‌ّ، فلو تكلّمنّ بصوت‌ ناعم‌ ولطيف‌ مع‌ الرجل‌ الاجنبي‌ّ، ففيه‌ إشكال‌؛ بينما لا إشكال‌ في‌ ذلك‌ لسائر النساء والبنات‌! فمن‌ المشكل‌ لزوجة‌ النبي‌ّ أن‌ تتكلّم‌ بكلام‌ ناعم‌ وهادي‌ لئلاّ يطمع‌ الذي‌ في‌ قلبه‌ مرض‌ بالنظر إلیها بنيّة‌ السوء، لكن‌ لاإشكال‌ في‌ ذلك‌ بالنسبة‌ للنساء الاُخريات‌!

 أي‌ نقول‌: إنَّ الله‌ تعإلی‌ قد أراد حفظ‌ نساء النبي‌ّ فقط‌، أمّا لو وقعت‌ سائر نساء الاُمّة‌ في‌ الهوي‌ والهوس‌ فلا إشكال‌ في‌ ذلك‌؟!

 هل‌ يستطيع‌ أحد القول‌ بأن‌: فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي‌ فِي‌ قَلْبِهِ مَرَضٌ [16] مختصّ بنساء النبي‌ّ؟!

 وإضافة‌ إلی‌ ذلك‌، فإنَّ نساء النبي‌ّ لسن‌ أضعف‌ من‌ سائر النساء في‌ العقل‌ والدراية‌ لكي‌ يكون‌ حكم‌ الاستقرار في‌ البيت‌ والقرار فيه‌ وعدم‌الخروج‌ مختصّاً بهنّ، وليست‌ سائر النساء أقوي‌ منهنّ لكي‌ يكون‌ الحكم‌ بعدم‌القرار والتصدّي‌ والخروج‌ مختصّاً بهنّ.

 ما عدا ذلك‌ كلّه‌، فنحن‌ نري‌ أنَّ القرار في‌ البيوت‌ والجلوس‌ في‌ المنازل‌ والقيام‌ بشؤونها لا يختصّ بنساء النبي‌ّ، فنري‌ شمول‌ التكإلیف‌ لكافّة‌ النساء ـنساء النبي‌ّ وغيرهنّـ في‌ موارد عديدة‌ مثل‌ الجهاد والجمعة‌ والجماعات‌ والحضور عند القبر مع‌ الجنازة‌ وغير ذلك‌. وليس‌ من‌ تخصيص‌ لنساء النبي‌ّ في‌ ذلك‌ دون‌ غيرهنّ.

 الرجوع الي الفهرس

اعتراض‌ عامّة‌ المسلمين‌ علی‌ عائشة‌ في‌ خروجها بادّعاء الصلح‌

 ولم‌نسمع في‌ زمان‌ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیه‌ وآله‌ وسلّم‌ والخلفاء من‌ صدور ولو أمر واحد يحضّ فيه‌ النساء للخروج‌ أو التصدّي‌ للحكومة‌ والرئاسة‌.

 أمّا ذلك‌ المورد الوحيد الذي‌ خرجت‌ فيه‌ عائشة‌ علی‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌، فقد تعرّضت‌ فيه‌ للذمّ واللوم‌ من‌ قبل‌ الكثيرين‌، وكذا الحال‌ في‌ الازمنة‌ التي‌ تلت‌ ذلك‌ الزمان‌، ولم‌ يتعرّضوا لها بسبب‌ حربها مع‌ علی‌ّ علیه‌ السلام‌ فحسب‌، بل‌ لكونها امرأة‌ وليس‌ من‌ وظيفة‌ المرأة‌ الخروج‌ من‌ البيت‌، وليس‌ ثمّة‌ من‌ داعٍ لخروجها.

 وأرسل‌ إلیها أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ في‌ تلك‌ الاثناء قصّاصة‌ يقول‌ فيها: إنَّ النبي‌ّ لم‌ يأمرك‌ بالخروج‌ من‌ بيتك‌، فلِمَ تركت‌ قول‌ الله‌ ورسوله‌ جانباً وجئت‌ لتجعلی‌ نفسك‌ في‌ معرض‌ الرجال‌؟ فلم‌ تجبه‌ عائشة‌ بشي‌ء.

 وعندما انتهت‌ معركة‌ الجمل‌ جاء أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ خلف‌ هودج‌ عائشة‌ وضرب‌ بقضيبه‌ علی‌ خيمتها قائلاً: يا حميراء! رسولُالله‌ أمَرَكِ بهذا؟ ألَم‌ يأمرك‌ أن‌ تقرّي‌ في‌ بيتكِ؟ فعلی‌ أي‌ّ أساس‌ قمت‌ بهذا التبرّج‌ والتبرّز والظهور؟ والله‌ إنَّ ذنب‌ أُولئك‌ الذين‌ أخرجوك‌ للطلب‌ بدم‌ عثمان‌ هو أكبر من‌ ذنب‌ قاتلي‌ عثمان‌، حيث‌ طرحوا الآية‌ القرآنيّة‌ جانباً، وأخرجوا المرأة‌ من‌ بيتها وحملوها علی‌ الجمل‌، وخالفوا القرآن‌ لاجل‌ الرئاسة‌ والحكم‌! ولم‌ تستطع‌ عائشة‌ مع‌ جميع‌ بلاغتها وبراعتها أن‌ تجيب‌ أميرالمؤمنين‌ علیه‌ السلام‌ بشي‌ء.

 وأشكل‌ الجميع‌ علی‌ عائشة‌؛ فعبد الله‌ بن‌ عمر قد أشكل‌ علیها، وأُمّ سلمة‌ أرسلت‌ إلیها رسالة‌ اعتراضيّة‌، وزيد بن‌ صوحان‌ ومالك‌ الاشتر اعترضا علیها مطالبين‌ إيّاها بالحجّة‌ الشرعيّة‌ التي‌ دعتها للخروج‌ من‌ المنزل‌، وهل‌ جعل‌ الله‌ إصلاح‌ ذات‌ البين‌ بيد النساء؟! وكان‌ علیها أن‌ تقوم‌ بتكإلیفها، فكانت‌ معرضاً للّوم‌ والذمّ بشكل‌ متواصل‌ إلی‌ آخر عمرها.

 عندما تُسَلَّم‌ الرئاسة‌ إلی‌ النساء ـوقد رأينا نموذجاً من‌ ذلك‌ في‌ الإسلام‌ـ يترتّب‌ علی‌ ذلك‌ مفاسد، من‌ قبيل‌ أن‌ يُقتل‌ اثنا عشر ألف‌ شخص‌، إلی‌ غير ذلك‌ من‌ المفاسد التي‌ حلّت‌ بالإسلام‌ والمسلمين‌ بعد ذلك‌، إذ لا تزال‌ آثار حرب‌ الجمل‌ باقية‌ إلی‌ إلیوم‌.

 وعلی‌ كلّ تقدير، وكما ذكرنا في‌ « رسالة‌ بديعة‌ » فالشواهد دالّة‌ علی‌ عدم‌جواز عضويّة‌ النساء في‌ مجلس‌ الشوري‌. [17]

 الرجوع الي الفهرس

كون‌ مجلس‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور رجالاً لا يدفع‌ إشكال‌ عضويّة‌ النساء...

 لقد بحثت‌ في‌ أحد الايّام‌ هذا الموضوع‌ مع‌ أحد السادة‌ ( المدافعين‌ عن‌ حضور المرأة‌ في‌ مجلس‌ الشوري‌ )، فأراد بيان‌ لحاظ‌ توجيه‌ رأيه‌، وبعد عجزه‌ عن‌ إيراد مجوّز عقلي‌ّ وشرعي‌ّ مُطلق‌، مال‌ إلی‌ التشكيك‌ في‌ صغري‌ المسألة‌، فقال‌: لا يتجاوز عدد المشاركات‌ في‌ المجلس‌ الواحدة‌ أو الاثنتين‌، والغلبة‌ والاكثريّة‌ للرجال‌، فما الإشكال‌ في‌ هذه‌ الصورة‌؟!

 فقلت‌: أوّلاً: في‌ هذه‌ الايّام‌ هناك‌ أكثر من‌ اثنتين‌ أو ثلاث‌ من‌ النساء في‌ المجلس‌، لكن‌ لو أراد الشعب‌ أن‌ ينتخب‌ جميع‌ نوّابه‌ من‌ النساء، فأي‌ّ قانون‌ يستطيع‌ منعه‌ من‌ ذلك‌؟! فقانون‌ السماح‌ لهنّ بالعضويّة‌ غيرصحيح‌ من‌ أساسه‌.

 ثانياً: إنَّ النتيجة‌ تتبع‌ أخسّ المقدّمتين‌، فيكفي‌ في‌ سقوط‌ قرارات‌ المجلس‌ عن‌ الحجّيّة‌ أن‌ تكون‌ فيه‌ واحدة‌ أو اثنتان‌ من‌ النساء حتّي‌ لو كان‌ جميع‌ أعضائه‌ من‌ الرجال‌.

 فلا مجوّز لاساس‌ ورود هذا العنوان‌ ( المرأة‌ ) في‌ مجلس‌ الرجال‌ مع‌ هذه‌ الخصوصيّات‌، حتّي‌ مع‌ وجود امرأة‌ واحدة‌ جالسة‌ في‌ إحدي‌ زوايا المجلس‌ وليس‌ لها من‌ إبداء أي‌ّ رأي‌، لانَّ مجرّد وجودها بين‌ هؤلاء الرجال‌ يعدّها عضوة‌ في‌ المجلس‌ ولها الاثر في‌ رسميّة‌ المجلس‌ أو عدم‌رسميّته‌، وهو ما يصدر من‌ هذا المجلس‌.

 وما عدا ما تقدّم‌، أفليست‌ الولاية‌ تختصّ بالرجال‌؟! فبأي‌ّ دليل‌ شرعي‌ّ تقوم‌ بهذا العمل‌ في‌ هذا المجلس‌، مع‌ كونه‌ مجلساً ولائيّاً أو مجلس‌ رئاسة‌ عامّة‌، والذي‌ قد عُيِّن‌ بصفته‌ عجلة‌ من‌ عجلات‌ آلة‌ الرئاسة‌ العامّة‌ الكبري‌، والآيات‌ القرآنيّة‌ الصريحة‌ والاخبار والسيرة‌ المستمرّة‌ بين‌ المسلمين‌ من‌ زمان‌ النبي‌ّ إلی‌ إلیوم‌ دالّة‌ علی‌ عدم‌إدخال‌ أيّاً من‌ الخلفاء والحكّام‌ والسلاطين‌ الإسلاميّين‌ المرأة‌ في‌ مجالس‌ مشورتهم‌؟!

 فأجاب‌ هنا قائلاً: إنَّ هذا المجلس‌ وإن‌ كان‌ مجلس‌ تقنين‌ والنساء أيضاً يشاركن‌ فيه‌، لكنّ الرأي‌ النهائي‌ّ بِيَدِ شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور، وجميع‌ أعضاء هذه‌ الشوري‌ من‌ الرجال‌؛ فالحكم‌ في‌ الواقع‌ يتمّ بيد الرجال‌، لاذلك‌ المجلس‌ الذي‌ يصدر الحكم‌ مع‌ المشاورة‌. فذلك‌ الحكم‌ وذلك‌ القانون‌ الذي‌ يصدر عنه‌ بما أنَّ تثبيته‌ وتمشيته‌ في‌ الخارج‌ منوط‌ بتصويت‌ شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور فالجانب‌ القانوني‌ّ للحكم‌ إذَن‌ يأتي‌ من‌ قبل‌ شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور، فشوري‌ المحافظة‌ هي‌ التي‌ تقرّ القانون‌ وإلاّ فلا. وعلیه‌، فالمجلس‌ هو مجلس‌ الرجال‌، ولادخل‌ للنساء في‌ الاُمور الولائيّة‌.

 فقلت‌ له‌: إنَّك‌ تخطأ! وذلك‌:

 أوّلاً: ليس‌ جميع‌ أعضاء شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور مجتهدين‌، بل‌ هو مركّب‌ من‌ ستّة‌ فقهاء وستّة‌ علماء حقوق‌.

 ثانياً: ليست‌ وظيفة‌ شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور جعل‌ القانون‌ والحكم‌، فالحكم‌ يصدر من‌ قبل‌ المجلس‌، ووظيفة‌ شوري‌ المحافظة‌ السيطرة‌ علی‌ الحكم‌ لا جعله‌.

 وهناك‌ فرق‌ بين‌ الحاكم‌ وبين‌ الذي‌ ينظر في‌ حكم‌ الحاكم‌ ليري‌ هل‌ هو مطابق‌ للإسلام‌ أو لا؟ فالحكم‌ هو عمل‌ أعضاء المجلس‌ الذين‌ يقومون‌ بالبحث‌ ووضع‌ القانون‌ وإصدار الحكم‌، وليست‌ هناك‌ أيّة‌ دخالة‌ لشوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور في‌ ذلك‌ الحكم‌، ولا يمكنهم‌ الزيادة‌ والنقصان‌ في‌ الحكم‌ الذي‌ يصدره‌ أُولئك‌ ولو بصفة‌ عضو واحد، فيقولون‌ مثلاً إنَّ الاكثريّة‌ كانت‌ هناك‌ ثلاثمائة‌ شخص‌ ونحن‌ الآن‌ هنا سبعة‌ أشخاص‌، فتصبح‌ ثلاثمائة‌ وسبعة‌ أشخاص‌. كلاّ فحتّي‌ لو كانوا يحسبون‌ ثلاثمائة‌ وشخص‌ واحد أيضاً؛ فليس‌ لهم‌ من‌ حكم‌ أصلاً، وشغل‌ أعضاء شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور السيطرة‌ وقياس‌ الحكم‌ الصادر من‌ المجلس‌ من‌ حيث‌ مطابقته‌ لحكم‌ الإسلام‌، فليس‌ لعملهم‌ أيّة‌ علاقة‌ بأصل‌ الحكم‌.

 لو أردتم‌ السفر بالطائرة‌ إلی‌ مشهد، فلابدّ من‌ توفّر جملة‌ شروط‌ لازمة‌ لهذا السفر، كوجود الطائرة‌، والوقود، والطيّار، والمال‌ المطلوب‌، وبذل‌ الجهد اللازم‌، والحصول‌ علی‌ تذكرة‌ السفر، وما إلی‌ ذلك‌.

 لكن‌ عندما تريدون‌ الصعود إلی‌ الطائرة‌، فإنَّ هناك‌ شخصاً واحداً يأخذ تذاكركم‌، ويتأكّد من‌ مدي‌ صحّتها، وهو مسؤول‌ السيطرة‌. فليس‌ذلك‌ الشخص‌ هو الذي‌ منحكم‌ الحركة‌، إذ كانت‌ الحركة‌ وبقيّة‌ الشروط‌ سلسلة‌ من‌ المقدّمات‌ المنجزة‌، وما دور مسؤول‌ السيطرة‌ إلاّ التأكّد من‌ كون‌ صاحب‌ التذكرة‌ هو أنت‌ أو لا.

 فعمل‌ شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور هو السيطرة‌ ومطابقة‌ الحكم‌، أي‌ ملاحظة‌ كون‌ القانون‌ الذي‌ صوّبه‌ المجلس‌ مطابقاً للشرع‌ أو لا؟

 وكمثال‌ علی‌ ذلك‌: لو كان‌ هناك‌ قانون‌ يطابق‌ الشرع‌ فهل‌ يتمكّن‌ أعضاء شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور من‌ القول‌: ـ فيما لو كان‌ هذا الحكم‌ مخالفاً للمصلحة‌ في‌ نظرهم‌ الشخصي‌ّـ لا نقرّ هذا القانون‌؟ لايستطيعون‌ ذلك‌، لماذا ترفضون‌ هذا القانون‌ مادام‌ إسلاميّاً؟! فسيكونون‌ مدانين‌ فيما لو رفضوا.

 فوظيفتهم‌ هي‌ مجرّد ملاحظة‌ الحكم‌ ومطابقته‌، ليس‌ أكثر من‌ ذلك‌، وليس‌بإمكانهم‌ القول‌: « حَكَمْتُ » أو « مَا حَكَمْتُ ».

 وعلی‌ هذا، فليس‌ أعضاء شوري‌ المحافظة‌ علی‌ الدستور في‌ سلسلة‌ الآمريّة‌ والحاكميّة‌؛ فالحاكم‌ والآمر هم‌ أعضاء مجلس‌ الشوري‌ بما هم‌ أعضاء ( نساء كانوا أم‌ رجالاً ).

 كان‌ هذا إجمال‌ المسألة‌ حول‌ ولاية‌ الفقيه‌، فالذكوريّة‌ من‌ شروطها. وعلی‌ أساس‌ هذا المطلب‌، فلا يحقّ للمرأة‌ أن‌ تتصدّي‌ لجميع‌ المراكز التي‌ فيها شائبة‌ ولاية‌، مثل‌ رئاسة‌ الوزراء، والوزارة‌، ورئاسة‌ الدوائر، والبلديّات‌، ومركز الحاكم‌ المدني‌ّ، وإدارة‌ القري‌ والمحلاّت‌، ولكلّ مركز فيه‌ جانب‌ ولائي‌ّ.

 كانت‌ هذه‌ المباحث‌ حول‌ مسألة‌ جواز ولاية‌ المرأة‌. أمّا الجوانب‌ الاُخري‌ كالاستشارة‌ وغيرها فموضوعها مستقلّ ويستحقّ البحث‌. وفي‌ الحقيقة‌ لو تمسّكنا بمسألتنا المقتنة‌ والمحكمة‌ هذه‌، فسوف‌ تتجلّي‌ في‌ الدنيا متانة‌ الإسلام‌ وأحكامه‌، وقدرته‌ القياديّة‌ لجميع‌ الناس‌ إلی‌ الحقّ.

 وليس‌ ثمّة‌ من‌ مبرّر للتنازل‌ عن‌ حقّانيّة‌ القرآن‌ وتلك‌ الثوابت‌ الحقّة‌ والمسلّمة‌ في‌ القرآن‌، تحت‌ عنوان‌ مواكبة‌ قافلة‌ العصر! فالتخلّي‌ عن‌ الثوابت‌ المسلّمة‌ هو عين‌ التخلّف‌.

 الرجوع الي الفهرس

من‌ شروط‌ ولاية‌ الفقيه‌: العقل‌ والبلوغ‌

 من‌ شروط‌ الولي‌ّ الفقيه‌ ( الفقيه‌ الحاكم‌ ) هو لزوم‌ كونه‌ بالغاً وعاقلاً.

 والبلوغ‌ من‌ الشروط‌ الشرعيّة‌ للتكليف‌ لا العقليّة‌، أمّا العلم‌ والقدرة‌ عقلاً فهما شرطان‌ عامّان‌ للتكليف‌. فلا يمكن‌ أن‌ يتعلّق‌ حكم‌ بشخص‌ إلاّ أن‌ يكون‌ ذلك‌ الشخص‌ قادراً علی‌ إتيانه‌ وعالماً به‌ في‌ نفس‌ الوقت‌. وعلی‌ هذا، فلايتعلّق‌ أي‌ّ حكم‌ إلاّ بالقادر والعالم‌؛ أمّا البلوغ‌ والعقل‌ فقد اشترطهما الشرع‌ في‌ التكليف‌.

 ولإثبات‌ شرطيّة‌ البلوغ‌ والرشد إضافة‌ إلی‌ العقل‌ في‌ ولاية‌ الفقيه‌، فلابدّ من‌ التمسّك‌ بآيتين‌ من‌ القرآن‌ الكريم‌، ناهيك‌ عن‌ سائر الادلّة‌.

 فبالنسبة‌ إلی‌ البلوغ‌، يقول‌ تعإلی‌: وَابْتَلُوا إلیتَـ'مَي‌' حَتَّي‌'´ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ ءَانَسْتُم‌ مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُو´ا إلَیهِمْ أَمْوَ ' لَهُمْ.[18]

 فالمراد أ نَّه‌ يُمتحن‌ الايتام‌ الذين‌ لم‌ يصلوا إلی‌ سنّ البلوغ‌ بواسطة‌ إعطائهم‌ المال‌ ليقوموا بالبيع‌ والشراء، ليري‌ قدرتهم‌ وسيطرتهم‌ علی‌ إنجاز المعاملات‌ والبيع‌ والشراء، ومدي‌ اطّلاعهم‌ علی‌ مصالحهم‌ ومفاسدهم‌، ونسبة‌ إمكان‌ وقوعهم‌ تحت‌ نفوذ الناس‌ المغرضين‌ والاستغلإلیين‌ والمحتإلین‌، وتضرّرهم‌ في‌ معاملاتهم‌ وعدم‌ ذلك‌. حتّي‌ إذا ما وصلوا إلی‌ سنّ البلوغ‌ ( أي‌ حين‌ ظهور ذلك‌ الاستعداد المزاجي‌ّ في‌ وجودهم‌ ) وبلوغهم‌ الاحتلام‌ فَادْفَعُو´ا إلَیهِمْ أَمْوَ ' لَهُمْ؛ ليخرجوا بذلك‌ من‌ قيمومتكم‌، ويصبحوا مختارين‌ في‌ أعمالهم‌.

 وبناء علی‌ هذا، فمن‌ القطعي‌ّ وجوب‌ كون‌ الفقيه‌ الحاكم‌ ـالذي‌ تكون‌ جميع‌ أموال‌ المسلمين‌ تحت‌ تصرّفه‌ـ بالغاً ورشيداً قطعاً، ليتمكّن‌ من‌ إمساك‌ زمام‌ أُمور الناس‌ والتصرّف‌ بالاموال‌ العامّة‌.

 وأمّا اشتراط‌ العقل‌ وعدم‌ السفاهة‌، فتدلّ علیه‌ الآية‌ المباركة‌: وَلاَتُؤْتُوا السُّفَهَآءَ أَمْوَ ' لَكُمُ الَّتِي‌ جَعَلَ اللَهُ لَكُمْ قِيَـ'مًا.[19]

 أوّلاً: تقول‌ الآية‌: المال‌، قيام‌ الناس‌؛ فمن‌ لا مال‌ له‌ لاقيام‌ له‌. ومَن‌ لايملك‌ في‌ بلده‌ زراعة‌ واقتصاداً واكتفاءً ذاتيّاً، فليس‌ قائماً علی‌ رجليه‌، وعموده‌ الفقري‌ّ مكسور. فالمال‌ وإن‌ كان‌ أمراً دنيويّاً، لكنّ حياة‌ الإنسان‌ الدنيويّة‌ مرتبطة‌ به‌، ولا ينبغي‌ للمسلم‌ أن‌ يعطي‌ حقّ التصرّف‌ في‌ ماله‌ للسفيه‌ وغير المتديّن‌ وغير الملتزم‌، ليُتَصَرَّف‌ في‌ ماله‌ في‌ الاُمور غيرالمشروعة‌. فيجب‌ أن‌ يكون‌ ولي‌ّ مال‌ الإنسان‌ شخصاً مدبّراً وعاقلاً كالولي‌ّ الفقيه‌.

 ثانياً: تقول‌ الآية‌ المباركة‌: لا تعطوا حقّ التصرّف‌ في‌ أموالكم‌ للسفهاء، لانَّ فيها قوامكم‌ وقيامكم‌ وثبات‌ كيانكم‌، أي‌ علیكم‌ أن‌ تعطوها لغيرالسفيه‌؛ فالولي‌ّ الفقيه‌ يجب‌ أن‌ يكون‌ عاقلاً وراشداً، أي‌ ذو بصيرة‌ ثاقبة‌. وقادراً علی‌ التوصّل‌ بفكره‌ للتصرّف‌ في‌ الاموال‌ بأحسن‌ وجه‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ  وَآلِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

 

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

همکاری با نفوذیان خائن و اختلاس‌گران بی دین
قرآن : لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ کامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (سوره نحل، آیه 52)ترجمه: تا روز قیامت بار گناهان خود را تمام بردارند ، و [ نیز ] بخشی از بار گناهان کسانی را که ندانسته آنان را گمراه می کنند. آگاه باشید ، چه بد باری را می کشند.حدیث: و ایما داع دعی الی ضلالة فاتبع علیه، فان علیه مثل اوزار من اتبعه، من غیر ان ینقص من اوزارهم شیئا!: (مجمع‌البیان، ج6، ص 365)ترجمه: ... و هر کس دعوت به ضلالت کند و از او پیروی کنند همانند کیفر پیروانش را خواهد داشت، بی آنکه از کیفر آنها کاسته شود.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید