الدرس‌ الرابع‌ عشر

الدرس‌ الرابع‌ عشر:

 حول‌: مَجَارِي‌ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ، و: اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

 

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاقُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِي‌ِّ العَظِيمِ

 

 خطبة‌ سيّد الشهداء أو أمير المؤمنين‌ علیهما السلام‌

 من‌ الادلّة‌ الصريحة‌ علی ولاية‌ الفقيه‌، الرواية‌ التي‌ ينقلها الشيخ‌ الثقة‌ أبو محمّد، الحسن‌ بن‌ علی ‌ّ بن‌ الحسين‌ بن‌ شُعبة‌ الحَرَّانِي‌ّ، في‌ «تحف‌العقول‌» في‌ باب‌ الروايات‌ المنقولة‌ عن‌ الإمام‌ التقي‌ّ السِّبط‌ الشهيد أبي‌ عبدالله‌ الحسين‌ بن‌ علی ‌ّ علیهما السلام‌، ضمن‌ خطبته‌ علیه السلام‌ في‌ الامر بالمعروف‌ والنهي‌ عن‌ المنكر، حيث‌ يقول‌:

 اعْتَبِروُا أَيُّـهَا النَّاسُ بِمَا وَعَظَ اللَهُ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ مِنْ سُوءِ ثَنَائِهِ عَلَی الاَحْبَارِ!

 ثمّ استمرّ علیه السلام‌ في‌ كلامه‌ إلی أن‌ يقول‌: وَأَنْتُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ مُصِيبَةً لِمَا غَلَبْتُمْ عَلَیهِ  مِنْ مَنَازِلِ العُلَمَاءِ لَوْ كُنْتُمْ تَسَعُونَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَجَارِي‌َ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ عَلَی أَيْدِي‌ العُلَماءِ بِاللَهِ، الاُمَناءِ عَلَی حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ.[3]

 وورد في‌ « تحف‌ العقول‌ » أيضاً أنَّ هذه‌ الخطبة‌ مرويّة‌ عن‌ أميرالمؤمنين‌ علیه السلام‌ كذلك‌.

 أَنْتُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ مُصِيبَةً لِمَا غَلَبْتُمْ عَلَیهِ  مِنْ مَنَازِلِ العُلَماءِ.

 غَلَبَ الرَّجُلَ، وَغَلَبَ عَلَیهِ ؛ يعني‌: قَهَرَهُ وَاعْتَزَّ بِهِ. اعْتَزَّ عَلَی فُلانٍ: أَي‌ْ تَعَظَّمَ عَلَیهِ  وَغَلَبَهُ.

 لِمَا غَلَبْتُمْ عَلَیهِ : أي‌ أنـّكم‌ جعلتم‌ منازل‌ العلماء ودرجاتهم‌ ومقاماتهم‌ في‌ مكان‌ أدني‌، وترفّعتم‌ وتعظّمتم‌ علی هم‌. وهذا الطامّة‌ الكبري‌ لكم‌! فبتعظيمكم‌ أنفسـكم‌ وتفضيل‌ منزلتكم‌ في‌ مقابل‌ عظمـة‌ العلماء ومنزلتهم‌ قد ملكتم‌ أعظم‌ مصيبة‌!

 ولو كانت‌ لكم‌ القدرة‌ علی الإحاطة‌ بهذا الامر واستيعابه‌ وفهمه‌، لعلمتم‌ أنَّ محلّ ومجري‌ الاحكام‌ بيد العلماء بالله‌ الاُمناء علی حلاله‌ وحرامه‌.

 والمراد هنا من‌ مَجَارِي‌َ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ، هو مجاري‌ الاُمور والاحكام‌ الاجتماعيّة‌، الراجعة‌ إلی سياسة‌ المدن‌، وتربية‌ الاشخاص‌ وحفظهم‌ من‌ المفاسد والعدوّ، وإيصالهم‌ إلی السعادة‌ الكاملة‌، وإخراج‌ قابليّاتهم‌ إلی مرحلة‌ الفعليّة‌، وتحريرهم‌ من‌ أسر العوز والفقر والمرض‌ والهلاك‌ والجهل‌، ومن‌ الرحيل‌ من‌ هذه‌ الدنيا قبل‌ أوان‌ النضج‌ وقبل‌ وصول‌ قابليّاتهم‌ وقواهم‌ إلی مرحلة‌ الفعليّة‌.

 مصيبتكم‌ عظيمة‌ جدّاً، بسبب‌ هذا الترفّع‌ والتكبّر الذي‌ جعلتموه‌ في‌ أنفسكم‌ مقابل‌ منزلة‌ وقدر وقيمة‌ العلماء، فإنَّ مجاري‌ الاُمور والاحكام‌ بيد العلماء.

 وتوضيح‌ الامر: قسّم‌ العلماء الحكمة‌ إلی قسمين‌: الحكمة‌ النظريّة‌ والحكمة‌ العمليّة‌.

 الحكمة‌ النظريّة‌: هي‌ ما يلزم‌ لاجل‌ كمال‌ النفس‌ الإنسانيّة‌ من‌ ناحية‌ السير في‌ المعارف‌ وتكميل‌ القوي‌ العاقلة‌ للإنسان‌.

 الحكمة‌ العمليّة‌: ترجع‌ إلی الاعمال‌ التي‌ يقوم‌ بها الإنسان‌ لاجل‌ كماله‌، وهي‌ مقدّمة‌ لاكتمال‌ العقل‌.

 ويقسّمون‌ الحكمة‌ العمليّة‌ أيضاً إلی ثلاثة‌ أقسام‌:

 الاوّل‌: علم‌ تهذيب‌ النفس‌، الذي‌ يرتبط‌ بالاخلاق‌؛ الثاني‌: سياسة‌ المُدُن‌؛ الثالث‌: تدبير المنزل‌.

 وسياسة‌ المدن‌ ـ القسم‌ الثاني‌ من‌ الحكمة‌ العمليّة‌ـ تنقسم‌ إلی قسمين‌:

 الاوّل‌: حفظ‌ العلاقات‌ الداخليّة‌ للناس‌، وإيصال‌ ما يحتاجونه‌ إليهم‌، وإقامة‌ العدالة‌ الكاملة‌ بينهم‌، وإعطاء كلّ ذي‌ حقّ حقّه‌ علی النحو الاتمّ والاكمل‌ بشكل‌ لا يكون‌ هناك‌ أي‌ّ حيف‌ وتمييز في‌ المجتمع‌، ولايكون‌ ثمّة‌ تفضيل‌ لشخص‌ علی آخر من‌ غير سبب‌. وتلبية‌ الحاجات‌ الضروريّة‌ لكلّ أفراد المجتمع‌. وبعبارة‌ أُخري‌: تأمين‌ حاجات‌ المجتمع‌، وكلّ مجتمع‌ حسب‌ حاجاته‌.

 الثاني‌: دفع‌ العدوّ الخارجي‌ّ، حيث‌ ينبغي‌ لافراد كلّ مجتمع‌ ـللحفاظ‌ علی ثبات‌ وديمومة‌ مجتمعهم‌ـ أن‌ يكونوا مجهّزين‌ بالاجهزة‌ الدفاعيّة‌ التي‌ تمكّنهم‌ من‌ دفع‌ العدوّ الخارجي‌ّ وحماية‌ كيانهم‌. ولو كانت‌ ثقافة‌ المجتمع‌ رفيعة‌ جدّاً، ووضعه‌ المالي‌ مستقرّاً ولا يمتلك‌ القوّة‌ الدفاعيّة‌ ولايتمكّن‌ من‌ حفظ‌ كيانه‌ أمام‌ تجاوز العدوّ أيَّاً ما كان‌، فلا شكّ من‌ انهيار مجتمع‌ كهذا وزواله‌.

 ولذا، نري‌ أنَّ كلّ المجتمعات‌ ـالتي‌ اطّلعنا علی ها إلی الآن‌ في‌ التأريخ‌ـ يالإضافة‌ إلی سعيها من‌ أجل‌ حفظ‌ قواها الداخليّة‌ وتأمين‌ السعادة‌ الداخليّة‌ تعمل‌ علی امتلاك‌ قوّة‌ دفاعيّة‌ أيضاً لمواجهة‌ العدوّ الخارجي‌ّ، لتتمكّن‌ بواسطتها من‌ إبعاد العدوّ بأي‌ّ شكل‌ كان‌ ـ سواء من‌ الناحية‌ السياسيّة‌ أم‌ للحدّ من‌ نفوذه‌ في‌ منطقتها ومجتمعها ـ ولمنعه‌ من‌ التحرّك‌ وردعه‌، حتّي‌ أنَّ جهود بعض‌ المجتمعات‌ المبذولة‌ للدفاع‌ والتخلّص‌ من‌ أضرار العدوّ الخارجي‌ّ تفوق‌ ما تبذله‌ لحفظ‌ الداخل‌، وترصد لذلك‌ الميزانيّات‌، وإن‌ كانت‌ علی حساب‌ ميزانيّاتها الداخليّة‌.

 وكان‌ اهتمام‌ كبار العلماء الدائم‌ بهذا القسم‌ من‌ الحكمة‌ الإلهيّة‌ في‌ كلا الموردين‌، سواء مورد جلب‌ المنافع‌ الذي‌ يرجع‌ إلی داخل‌ المجتمع‌ والمحيط‌، أم‌ جانب‌ دفع‌ مضارّ العدوّ الخارجي‌ّ لكي‌ لا يتعرّض‌ المجتمع‌ إلی الضرر، ولو علی نحو الاحتمال‌.

 والدفاع‌ عن‌ الحدود من‌ العدوّ من‌ المسائل‌ المهمّة‌ جدّاً، وعُرِفَ بعنوان‌ حفظ‌ بيضة‌ الإسلام‌، ولحفظ‌ بيضة‌ الإسلام‌ أهمّيّة‌ كبري‌. وحفظ‌ بيضة‌ الإسلام‌، يعني‌: حفظ‌ المجتمع‌ الإسلامي‌ّ، وحكومته‌، وسياسته‌، والمحافظة‌ علی إسلاميّة‌ المجمتع‌ من‌ شرور الاعداء؛ وهو أوجب‌ من‌ كلّ شي‌ء، وألزم‌ وأهمّ. ويعبّر عن‌ ذلك‌ في‌ المجتمعات‌ غير الإسلاميّة‌ بالوطنيّة‌.

 وأشارت‌ العبارة‌ الشريفة‌ إلی أنَّ المراد من‌: مَجَارِي‌َ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ، هو حفظ‌ بيضة‌ الإسلام‌ بتلك‌ الاُمور والاحكام‌ من‌ شرّ العدوّ. وسيبقي‌ الإسلام‌ قويّاً إذا ما جعلت‌ جميع‌ هذه‌ الاحكام‌ والاُمور بيد العلماء بالله‌ والاُمناء علی حلاله‌ وحرامه‌. وإلاّ، فإذا كُسرت‌ بيضة‌ الإسلام‌ فيعني‌ زوال‌ وحدة‌ المسلمين‌، ومحو دينهم‌ ـ بعد أن‌ يصاب‌ بالضربات‌ ـ من‌ صفحة‌ الوجود.

 الرجوع الي الفهرس

قول‌ الشهيد الثاني‌ في‌ العلماء بالله‌ وبأمر الله‌

 ولتوضيح‌ هذه‌ الرواية‌ الشريفة‌، نورد كلاماً للشهيد الثاني‌ قاله‌ في‌ «منية‌ المريد » ومن‌ ثمّ نقوم‌ بشرحه‌.

 يقول‌ رحمه‌ الله‌ ـبالطبع‌ لم‌ يكن‌ ذلك‌ بمناسبة‌ شرح‌ هذه‌ الرواية‌، وإنّما في‌ مطلب‌ مستقلّ تعرّض‌ له‌ـ: إنَّ العلوم‌ كلّها ترجع‌ إلی أمرين‌: الاوّل‌: علم‌ معاملة‌، الثاني‌: علم‌ معرفة‌. ( وربّما كان‌ مراده‌ من‌ علم‌ المعاملة‌ وعلم‌ المعرفة‌ الحكمة‌ العمليّة‌ والحكمة‌ النظريّة‌ ).

 فَعِلْمُ المُعامَلَةِ هُوَ مَعْرِفَةُ الحَلالِ وَالحَرامِ وَنَظائِرِهِما مِنَ الاَحْكامِ، وَمَعْرِفَةُ أخْلاقِ النَّفْسِ المَذْمومَةِ وَالمَحْمودَةِ وَكَيْفيَّةِ عِلاجِها وَالفِرارِ مِنْهَا.

 وَعِلْمُ المَعْرِفَةِ مِثلُ العِلْمِ بِاللَهِ تَعالَي‌ وَصِفاتِهِ وَأسْمائِه‌.

 وما عداهما من‌ العلوم‌ إمَّا آلات‌ لهذه‌ العلوم‌ أو يراد بها عمل‌ من‌ الاعمال‌ في‌ الجملة‌، كما لا يخفي‌ علی من‌ تتبّعها. وظاهر أنَّ علوم‌ المعاملة‌ لاتُراد إلاّ للعمل‌.

 علم‌ المعاملة‌ هو العلم‌ الذي‌ يكون‌ لاجل‌ العمل‌، فعلم‌ الحلال‌ والحرام‌ وعلم‌ الاخلاق‌ لها فائدة‌ عمليّة‌، وإذا كان‌ الإنسان‌ حائزاً لهذه‌ العلوم‌ ولكن‌ لايعمل‌ بها فليس‌ هناك‌ أي‌ّ فائدة‌. ثمّ يقول‌:

 وحينئذٍ فنقول‌: المُحكِم‌ للعلوم‌ الشرعيّة‌ ونحوها إذا أهمل‌ تفقّد جوارحه‌ وحفظها عن‌ المعاصي‌، وإلزامها الطاعات‌، وترقّيها من‌ الفرائض‌ إلی النوافل‌، ومن‌ الواجبات‌ إلی السنن‌ اتّكالاً عَلَی اتِّصَافِهِ بِالعِلْمِ، وأنـّه‌ في‌ نفسه‌ هو المقصود، مَغْرورٌ في‌ نَفْسِهِ، مَخْدوعٌ عَنْ دينِهِ، تُلْبَسُ عَلَیهِ  عاقِبَةُ عَمَلِهِ. ( أي‌: أنَّ هذا الشخص‌ مريض‌ ومغرور بنحو غير قابل‌ للعلاج‌ ).

 ثمّ بعد أن‌ يشبّه‌ الشهيد الثاني‌ هذا العالم‌ المغرور بشخص‌ مريض‌ يورد شرحاً نافعاً للغاية‌ تتمّة‌ للمطلب‌. [4]

 الرجوع الي الفهرس

مفاد: مَجَارِي‌ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ؛ و: الامين‌ في‌ الحلال‌ والحرام‌

 وبناءً علی كلام‌ هذا العظيم‌ أقول‌: العلماء علی ثلاثة‌ أقسام‌:

 الاوّل‌: عالِمٌ بِاللَهِ؛ وَهُوَ الَّذي‌ تَشَرَّفَ بِلِقائِهِ تَعالَي‌ وَأدْرَكَ تَوْحيدَهُ الذَّاتي‌َّ وَالصِّفاتي‌َّ وَالاَفْعالي‌ّ.

 الثاني‌: عالِمٌ بِأَمْرِ اللَهِ؛ وَهُوَ الَّذي‌ تَعَلَّمَ مِنَ العُلومِ الرَّسْمِيَّةِ التَّفْكيرِيَّةِ قَدْراً يَعْلَمُ بِهِ الاَحْكامَ الجُزْئِيَّةَ في‌ العِباداتِ وَالمُعامَلاتِ وَالسِّياساتِ وَغَيْرِها.

 الثالث‌: عالِمٌ بِاللَهِ وَبِأَمْرِ اللَهِ.

 وهو العالم‌ الذي‌ تجلّي‌ في‌ قلبه‌ أنوار الملكوت‌، فخرج‌ عن‌ حبّ الدنيا في‌ حضيض‌ الناسوت‌ وانشرح‌ صدره‌ للإسلام‌، واتّسع‌ قلبه‌ للقبول‌ وتلقّي‌ النفحات‌ السبحانيّة‌ من‌ عالم‌ الجبروت‌، وصار من‌ أهل‌ التوحيد، ودخل‌ في‌ ذروة‌ اللاهوت‌.

 هذا العالم‌، الذي‌ هو عالم‌ بالله‌ وَعَرَفَ رَبَّهُ بِرَبِّه‌؛ وَعَرَفَ الخَلْقَ بِرَبِّه‌؛ فصار فانياً في‌ ذات‌ الله‌ تعالي‌، وباقياً ببقائه‌، فسار في‌ الخلق‌ بالحقّ، وتمّ له‌ الاسفار الاربعة‌، وَهُوَ العالِمُ بِاللَهِ وَبِأَمْرِاللَه‌.

 وهو الذي‌ أشار إليه‌ سيّد الشهداء حين‌ قال‌: بِأَنَّ مَجَارِي‌َ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ عَلَی أَيْدِي‌ العُلَمَاءِ بِاللَهِ، الاُمَنَاءِ عَلَی حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ.

 الرجوع الي الفهرس

في‌ ولاية‌ الفقيه‌، يجب‌ الجمع‌ بين‌ علمي‌ الظاهر والباطن‌

 العلماء بالله‌ والاُمناء علی حلاله‌ وحرامه‌، يعني‌ الاشخاص‌ الحفظة‌ الذين‌ أكملوا أسفارهم‌ من‌ ناحية‌ عالم‌ البقاء، ونالوا العلم‌ بالاحكام‌ والسياسات‌، وحازوا مقام‌ الوحدة‌ في‌ الكثرة‌ و الكثرة‌ في‌ الوحدة‌ في‌ مرحلتي‌ العلم‌ بالله‌ والعلم‌ بأمر الله‌. وبناءً علی هذا، فالعلماء بالله‌ والعلماء بأمرالله‌ هم‌ أُولئك‌ الذين‌ اختصّوا بمزيد لطف‌ من‌ الله‌ بإدخاله‌ إيّاهم‌ في‌ حرم‌ قدسه‌، وإشرابهم‌ من‌ مصافي‌ زلال‌ علمه‌، وإفهامهم‌ العلوم‌ الاصطلاحيّة‌ بنور إلهي‌ منه‌ بِنورٍ إلَهي‌ٍّ عَنْ تَحْقيقٍ وَشُهود.

 فهم‌ لم‌ يتعلّموا العلوم‌ التفكيريّة‌ والرسميّة‌ عن‌ طريق‌ المطالعة‌ والحفظ‌ والتعلّم‌ والإلقاء فحسب‌، وإنّما تعلّموا تلك‌ العلوم‌ التفكيريّة‌ والرسميّة‌ عن‌ تحقيق‌ وشهود. يقول‌ الله‌ تعالي‌ في‌ القرآن‌ المجيد: أَفَمَن‌ شَرَحَ اللَهُ صَدْرَهُ و لِلإسْلَـ'مِ فَهُوَ عَلَی ‌' نُورٍ مِّن‌ رَّبِّهِ.[5]

 يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَهَ وَءَامِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن‌ رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل‌ لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.[6]

 وشاهدنا هنا هو ذلك‌ النور الذي‌ يعطيه‌ الله‌ للإنسان‌ ويتحرّك‌ الإنسان‌ بواسطته‌.

 يَـ'´أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا إِن‌ تَتَّقُوا اللَهَ يَجْعَل‌ لَّكُمْ فُرْقَانًا.[7]

 أي‌: يعطيكم‌ ملكة‌ وحالة‌ وإدراكاً حتّي‌ تلقائيّاً تشخصون‌ بالفرقان‌ أي‌ّ حقّ وباطل‌ مباشرة‌، فلا يلتبس‌ الحقّ بالباطل‌ علی كم‌ ولاتشتبهون‌، ولاتسقطون‌ في‌ الشبهات‌، فيكون‌ الحقّ واضحاً لكم‌ كالشمس‌ الساطعة‌، والباطل‌ كذلك‌ كاللجّة‌ المظلمة‌ والمكان‌ المظلم‌، ولا يختلط‌ الاثنان‌ ولايلتبسان‌ علی كم‌ أبداً.

 فهذا الفرقان‌، فرقانٌ يفصل‌ بين‌ الحقّ والباطل‌. ويمنّ الله‌ علی كم‌ به‌ إذا اتّقيتم‌! فهو من‌ لوازم‌ التقوي‌.

 فالعلماء بالله‌ وبأمر الله‌ هم‌ وحدهم‌ المأمونون‌ علی حلال‌الله‌ وحرامه‌، وهم‌ الذين‌ يقول‌ عنهم‌ الإمام‌ علیه السلام‌ هنا:

 مَجَارِي‌ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ عَلَی أَيْدِي‌ العُلَمَاءِ بِاللَهِ، الاُمَنَاءِ عَلَی حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ. لا كلّ من‌ يدرس‌ أيّاماً قلائل‌ وحفظ‌ صفحات‌ من‌ الكتب‌ بلادراية‌ ورعاية‌ ولا توحيد ولا معرفة‌، ثمّ يجلس‌ علی كرسي‌ّ التدريس‌ ويفتي‌ عوامّ الناس‌ العميان‌ ويخاطبهم‌ بما ظبطه‌ وقرّره‌ في‌ ذهنه‌، لايدري‌ هو ما يقول‌، وأُولئك‌ المساكين‌ الذين‌ يتعلّمون‌ منه‌ لا يفهمون‌ إلی أين‌ ينتهي‌ بهم‌ آخر الامر فضلَّ وأضلَّ عن‌ سواء السبيل‌! ] قال‌ تعالي‌: [ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن‌ سَوَآءَ السَّبِيلِ.[8]

 «ضَلُّوا وَأَضَلُّوا» أي‌ أنـّهم‌ بأنفسهم‌ ضالّون‌، كما أنـّهم‌ يضلّون‌ كلّ من‌ تبعهم‌، فليس‌ هؤلإ هم‌ الذين‌ قال‌ عنهم‌ الإمام‌ علیه السلام‌: مَجَارِي‌ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ عَلَی أَيْدِي‌ العُلَمَاءَ باللَهِ. وإنّما هم‌ ليسوا بفقهاء، بل‌ متسمّون‌ بالفقه‌، إذ سمّوا أنفسهم‌ فقهاء وجلسوا علی مسند الحكم‌ وغايتهم‌ القصوي‌ هي‌ هذه‌ الدنيا، ومقصدهم‌ الاقصي‌ هو هذا التدريس‌ والرئاسة‌ والحكومة‌، والصعود علی رقاب‌ الناس‌، ونشر أسمائهم‌ وصيتهم‌ بين‌ الناس‌، فها هنا غاية‌ ما يهدفون‌ إليه‌.

 فَأَعْرِضْ عَن‌ مَّن‌ تَوَلَّي‌' عَن‌ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَو'ةَ الدُّنْيَا * ذَ ' لِكَ مَبْلَغُهُم‌ مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن‌ ضَلَّ عَن‌ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَي‌'.[9]

 يا لها من‌ آية‌! تقول‌: إنَّ غايتهم‌ ومبلغهم‌ من‌ الإدراك‌ والفهم‌ منحصر بالحياة‌ ولا يتجاوزها، فهم‌ لا يتجاوزون‌ الشهوات‌ وحبّ الجاه‌ وحبّ الرئاسة‌. و مَبْلَغ‌؛ أي‌: إلی هنا ينتهي‌ محلّ بلوغ‌ فكرهم‌، فلايستطيعون‌ تجاوز هذا المحلّ، وإنَّ ربّك‌ أعلم‌ بمن‌ ضَلَّ وانحرف‌ عن‌ سبيله‌ وبمن‌ اهتدي‌ وسلك‌ سبيله‌، أي‌ أنَّ هؤلاء أشخاص‌ ضالّون‌، وقد تاهوا عن‌ الطريق‌.

 الرجوع الي الفهرس

كلام‌ الاُستاذ، آية‌ الله‌ الشيخ‌حسين‌الحلّي‌ّ،حول‌الحديث‌المذكور

قالَ شَيْخُنا الاُسْتاذُ المُحَقِّقُ المُدَقِّقُ، العَلاَّمَةُ الفَهَّامَةُ، الشَّيْخُ حُسَيْنُ الحِلِّي‌ُّ، تَغَمَّدَهُ اللَهُ بِرَحْمَتِهِ في‌ مَجْلِسِ الدَّرْسِ عِنْدَ بَحْثِهِ عَنْ وِلايَةِ الفَقيه‌: قالَ بَعْضُ العُلَماء: المراد بالعلماء بالله‌ في‌ هذه‌ الرواية‌: قوم‌ من‌ أهل‌ المعرفة‌ رفضوا الدنيا عن‌ قلوبهم‌ وأمنوا من‌ وساوس‌ الشيطان‌ والنفس‌ الامّارة‌، بإخلاصهم‌ للَّه‌ عزَّ وجلَّ وتفويضهم‌ الامر إليه‌. كَما قالَ مَوْلاَنَا وَإمامُنا أميرُ المُؤْمِنينَ سَلامُ اللَهِ عَلَیهِ  في‌ خُطْبَتِهِ: وَمَا بَرِحَ لِلَّهِ عَزَّتْ آلاَؤُهُ فِي‌ البُرْهَةِ بَعْدَ البُرْهَةِ وَفِي‌ أَزْمَانِ الفَتَرَاتِ عِبَادٌ نَاجَاهُمْ فِي‌ فِكْرِهِمْ وَكَلَّمَهُمْ فِي‌ ذَاتِ عُقُولِهِمْ فَاسْتَصْبَحُوا بِنُورِ يَقَظَةٍ فِي‌ الاَسْمَاعِ وَالاَبْصَارِ وَالاَفْئِدَةِ...[10]

 وهي‌ خطبة‌ طويلة‌ جدّاً وعجيبة‌، وقد أوردها المرحوم‌ الشيخ‌ تغمّده‌ الله‌ برحمته‌ في‌ الدرس‌ من‌ أوّلها إلی آخرها، ثمّ قال‌: فَهَؤُلاءِ هُمُ العُلَمَاءُ بِاللَهِ حَقَّاً.

 ثمّ قال‌: هذا المقام‌ منزل‌ رفيع‌ وشأن‌ جليل‌: لا تَصِلُ أيْدِينا إلَيْه‌. نَعوذُ بِاللَهِ مِنْ شُرورِ أنْفُسِنا وَنَتَمَسَّكُ بِلُطْفِهِ وَكَرَمِه‌.

 كان‌ أُستاذنا آية‌ الله‌ الشيخ‌ حسين‌ الحلّي‌ّ رجلاً عظيماً من‌ النادرين‌، وقد انفرد وتفرّد في‌ العلم‌ والتقوي‌ والزهد والإعراض‌ عن‌ الرئاسات‌ الدنيويّة‌، وكان‌ رجلاً محقّقاً يحتاج‌ جميع‌ العلماء إلی علمه‌ وفهمه‌ ودرايته‌، وكلّما سئل‌ عن‌ مسألة‌ ـ سواء في‌ وقت‌ الدرس‌ أم‌ خارجه‌، كأن‌ يُسأل‌ مثلاً عن‌ فتواه‌ ورأيه‌ في‌ بعض‌ المسائل‌ـ ينظر إلی السائل‌ ويقول‌: ما لي‌ ـ وأنا أحمق‌ـ والفتوي‌؟! إنَّ شغلنا ليس‌ أكثر من‌ مطالعة‌ الكتب‌، والحصول‌ علی بعض‌ المطالب‌، ثمّ نبحث‌ ذلك‌ مع‌ الزملاء!

 وكان‌ هذا الرجل‌ الكبير وصاحب‌ الشخصيّة‌ العظيمة‌، والذي‌ يعتبر ـ علي‌ التحقيق‌ـ أفضل‌ من‌ الحاجّ السيّد محسن‌ الحكيم‌ في‌ دقّة‌ النظر وسعة‌ الاطّلاع‌ والتبحّر في‌ الفقه‌ والاُصول‌، حتّي‌ أنَّ نفس‌ السيّد محسن‌ كان‌ يعترف‌ بهذا، وكان‌ في‌ أثناء التدريس‌ ( وبعض‌ دروسه‌ موجودة‌ عندي‌ بتقرير منّي‌ ) يأتي‌ بعض‌ عبارات‌ الحاجّ السيّد محسن‌ الحكيم‌ رحمة‌الله‌ علیه( بالطبع‌ بصيغة‌ قالَ بَعْضٌ أو قال‌ بَعْضُ مُعاصِرينا من‌ غير أن‌ يذكر « مستمسك‌ العروة‌ ») ويؤيّد حقّ المطلب‌ من‌ خلال‌ تحليله‌ لكلامه‌ وردّه‌ بشكل‌ جيّد جدّاً.

 ولكنّه‌ في‌ نفس‌ الوقت‌ كان‌ يحضر في‌ بعض‌ مجالس‌ آية‌ الله‌ الحاجّ السيّد محسن‌ الحكيم‌، وإذا ما جاء أحد ما من‌ بغداد ( كممثّل‌ أو وزير أو محافظ‌ ) وطلب‌ من‌ المرحوم‌ السيّد الحكيم‌ إذناً بالحضور أو كان‌ له‌ سؤال‌ أو استفتاء، فكان‌ الشيخ‌ الحلّي‌ّ يذهب‌ ويجلس‌ في‌ ذلك‌ المجلس‌، ويستمع‌ إلی كلامه‌، ويحلّ مسألته‌، ويجيب‌ علی ها كأي‌ّ شخص‌ عادي‌ّ جدّاً.

 وهذه‌ عبارته‌ التي‌ قالها في‌ أحد دروسه‌ قبل‌ أن‌ يصبح‌ المرحوم‌ السيّد أبوالحسن‌ الإصفهاني‌ّ مرجعاً ورئيساً، كنّا قد اتّفقنا مع‌ أصدقائنا علی أن‌ لانسمح‌ بصيرورته‌ مرجعاً، لانـّه‌ لا يليق‌ للقيادة‌ الإسلاميّة‌. ولكن‌، بعد أن‌ أصبح‌ السيّد أبو الحسن‌ رئيساً جمعتُ كلّ الاصدقاء وطلبت‌ منهم‌ التوقّف‌ عن‌ إثارة‌ الامر، لانَّ مخالفة‌ السيّد أبي‌ الحسن‌ اليوم‌ هي‌ معارضة‌ لجعفربن‌ محمّد علیهما السلام‌. وقد كان‌ ملتزماً بهذا الامر عمليّاً، وهذا يعني‌ أنـّه‌ رحمة‌الله‌ علیهكان‌ يملك‌ قلباً متواضعاً بالنسبة‌ لكلّ شخص‌ ينال‌ موقعاً ورئاسة‌ ويصبح‌ شخصاً بارزاً في‌ الإسلام‌، وكان‌ يخدمه‌ عمليّاً أيضاً، ولكن‌ قبل‌ أن‌ يصير ذلك‌ الشخص‌ رئيساً لم‌ يكن‌ الامر بهذا النحو، ولقد كان‌ والد الشيخ‌ حسين‌ يُقيم‌ صلاة‌ الجماعة‌ في‌ الصحن‌ المطهّر لاميرالمؤمنين‌ علیه السلام‌ في‌ النجف‌ الاشرف‌، وبعد وفاته‌ انتقلت‌ إقامة‌ الجماعة‌ إليه‌ رحمة‌الله‌ علی ه‌، لكنّه‌ قدّم‌ أُستاذه‌ المرحوم‌ آية‌ الله‌ النائيني‌ّ، وبعد المرحوم‌ النائيني‌ّ ومع‌ أنـّه‌ كان‌ أفضل‌ تلامذته‌، لكنّه‌ لم‌ يقبل‌ بإقامة‌ الصلاة‌ مكانه‌، فقام‌ بذلك‌ آية‌الله‌ الحاجّ السيّد محسن‌ الحكيم‌، وأبي‌ الشيخ‌ حسين‌ الحلّي‌ّ القيام‌ بهذا العمل‌، وكان‌ يقول‌ مراراً: إنَّ شغلي‌ هو التدريس‌ فقط‌، فأنا طالب‌ علم‌. فلم‌يفتي‌، ولم‌ ينشر رسالة‌ عمليّة‌، ولم‌ يتصدّ لإمامة‌ الجماعة‌. وأمّا في‌ مجال‌ الدرس‌ والتحقيقات‌ فكان‌ له‌ الباع‌ الطويل‌ في‌ ذلك‌. ومهما قلتم‌ فهو قليل‌ في‌ حقّه‌.

 لقد كان‌ يمتلك‌ مقدار صندوق‌ كامل‌ من‌ التقريرات‌ والتحقيقات‌ والكتب‌ المستقلّة‌ في‌ الفقه‌ والاُصول‌.

 لقد تحدّث‌ حول‌ الاجتهاد والدقّة‌ التي‌ تمتّع‌ بها كبار العلماء ( وإلي‌ أي‌ّ حدّ كانوا يجتنبون‌ عن‌ الفتوي‌، ولا يجعلون‌ أنفسهم‌ في‌ معرض‌  الإفتاء، وكم‌ كانوا يخافون‌ من‌ الله‌ العلي‌ّ الاعلي‌، ومع‌ كونهم‌ مجتهدين‌، إلاّ أنـّهم‌ يمتنعون‌ عن‌ الفتوي‌، وهذا من‌ متطلّبات‌ شدّة‌ تقواهم‌ ) فقال‌:

 إنَّ بعض‌ الاحتياطات‌ الموجودة‌ في‌ الرسالة‌ العمليّة‌ بنحو الاَحوَطِ الوجوبي‌ّ هي‌ في‌ الاساس‌ أحوط‌ استحبابي‌ّ؛ ولكن‌ بما أنَّ ذلك‌ المجتهد ] صاحب‌ الرسالة‌ [ يريد الامتناع‌ عن‌ إظهار الفتوي‌ ولا يريد تحمّل‌ مسؤوليّة‌ عمل‌ الناس‌، فلذا يبيّن‌ المسألة‌ بنحو الاحوط‌ الوجوبي‌ّ لكي‌ يرجع‌ الناس‌ إلی شخص‌ آخر، ويُخرِج‌ نفسه‌ بهذا عن‌ تحمّل‌ المسؤوليّة‌.

 ثمّ قال‌ أُستاذنا المرحوم‌ النائيني‌ّ قدّس‌ الله‌ نفسه‌ في‌ إحدي‌ المرّات‌ علی منبر التدريس‌: يا أيُّها الطُّلاّب‌! لقد جاء المرحوم‌ الحاجّ المُلاّ علی الكَني‌ّ إلی طهران‌ ( وهو صاحب‌ كتاب‌ « القضاء » النفيس‌، وكان‌ معاصراً للشيخ‌ الانصاري‌ّ، ومن‌ أعلام‌ الطلاّب‌، وربّما كان‌ قريناً للشيخ‌ الانصاري‌ّ، وكان‌ العالم‌ والمجتهد الاوّل‌ في‌ طهران‌. ومَن‌ أراد الاطّلاع‌ علی علميّته‌ فليلاحظ‌ كتابه‌ « القضاء »، فهو كتاب‌ معروف‌ )، وكان‌ جميع‌ علماء طهران‌ خاضعين‌ ومسلّمين‌ له‌، ومذعنين‌ بأعلميّته‌. فجاؤوا إليه‌ وطلبوا منه‌ أن‌ يتصدّي‌ لاُمور الناس‌، لكي‌ يرجع‌ إليه‌ الناس‌ في‌ أمر القضاء والمرافعات‌ ويبدي‌ نظره‌ ويقوم‌ بفصل‌ الخصومات‌.

 قال‌ الاُستاذ: فأجاب‌ المرحوم‌ الحاجّ علی الكني‌ّ قائلاً: إنّي‌ لاأقوم‌ بهذا العمل‌، لانـّي‌ أشكّ في‌ اجتهادي‌. إلی أن‌ أتاه‌ خمسون‌ شخصاً من‌ مجتهدي‌ طهران‌ والنواحي‌ الاُخري‌ ـممّن‌ يراهم‌ مجتهدين‌ـ وشهدوا باجتهاده‌، فعندها قبل‌ هذا الاقتراح‌.

 أمّا أنتم‌ أيّها الجالسون‌ والحاضرون‌ في‌ مجلس‌ الدرس‌، فلو جاءكم‌ خمسون‌ شخصاً من‌ المجتهدين‌ وشهدوا بأنـّكم‌ لستم‌ مجتهدين‌، فلن‌تقبلوا ذلك‌، وتدّعون‌ الاجتهاد رغم‌ ذلك‌.

 يجب‌ الالتفات‌ إلی مدي‌ أهمّيّة‌ المسألة‌. فهذا الرجل‌ قد نظر في‌ جميع‌ هذه‌ المسائل‌ ببصيرة‌، ولا أتمكّن‌ ـحقّاًـ القول‌ بأنَّ الشيخ‌ حسين‌ الحلّي‌ّ كان‌ أقلّ من‌ هذه‌ الناحية‌ العلميّة‌ من‌ العلاّمة‌ الحلّي‌ّ. لقد كان‌ هذا الرجل‌ دقيقاً إلی درجة‌ أنـّه‌ عندما كنّا ندرس‌ عنده‌ كتاب‌ الطهارة‌ ( لقد درست‌ عنده‌ عدا الاُصول‌ دورة‌ مكاسب‌ وقدراً من‌ كتاب‌ الطهارة‌، وكتبتُ تقريراته‌ ) جاء برواية‌ من‌ باب‌ ديات‌ « مفتاح‌ الكرامة‌ » كشاهد علی المطلب‌، وما يلفت‌ النظر هو: ما هي‌ المناسبة‌ بين‌ باب‌ ديات‌ « مفتاح‌ الكرامة‌ » وباب‌ الطهارة‌؟

 لقد كان‌ عالماً متضلّعاً، خبيراً ومنظّماً، وقام‌ بمطالعة‌ جميع‌ الكتب‌، سواء كتب‌ العامّة‌ أم‌ كتب‌ الشيعة‌، وكان‌ يفهرس‌ مطالبة‌ لنفسه‌ بعد مطالعته‌ لكلّ كتاب‌، فكان‌ له‌ مثلاً فهرس‌ لجميع‌ كتاب‌ « تاريخ‌ بغداد »، وقد خصّص‌ جزءاً من‌ مكتبته‌ ـوالتي‌ لم‌ تكن‌ كتبها كثيرة‌ جدّاًـ لفهارس‌ تلك‌ الكتب‌ التي‌ قد طالعها، وقد ضبط‌ في‌ تلك‌ الفهارس‌ نتيجة‌ تلك‌ الكتب‌، مهما كانت‌ سواء لصالح‌ الشيعة‌ أو ضدّهم‌. وإذا رجع‌ الإنسان‌ إلی هذه‌ الفهارس‌ يعرف‌ الموضع‌ الذي‌ يؤيّد الشيعة‌ من‌ هذا الكتاب‌ والموضع‌ الذي‌ يهاجمهم‌، لكي‌ يستعين‌ به‌ عند الحاجة‌ شفاهة‌ أو كتابة‌ علی تقدير تأليف‌ كتاب‌ في‌ الكلام‌ مبني‌ّ علی الاعتقادات‌ الرصينة‌ والمتينة‌ عند الشيعة‌.

 ومن‌ هنا يقول‌: فَهَؤُلاءِ، هُمُ العُلَماءُ بِاللَهِ حَقَّاً؛ وَهَذَا المَقامُ مَنْزِلٌ رَفيعٌ وَشَأْنٌ جَليلٌ لا تَصِلُ أيْدينا إلَيهِ. أنـّي‌ لنا الوصول‌ إليه‌؟!

 ونصّ عبارته‌: نَعوذُ بِاللَهِ مِنْ شُرورِ أنْفُسِنا وَنَتَمَسَّكُ بِلُطْفِهِ وَكَرَمِه‌.

 ثُمَّ قالَ: احْتَمَلَ بَعْضُ العُلَماءِ أنْ يَكونَ المُرادُ مِنَ العُلَماءِ بِاللَهِ في‌ قَوْلِهِ عَلَیهِ  السَّلامُ: «مَجَارِي‌ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ عَلَی أَيْدِي‌ العُلَمَاءِ بِاللَهِ» العارِفينَ بِهِ بِقَرينَةِ إضافَتِهِمْ إلَيهِ سُبْحانَهُ؛ وَالمُرادُ مِنَ المَجاري‌، مَجارِي‌ الاُمورِ التَكْوِينِيَّة‌.

 ولم‌ يناقش‌ القسم‌ الاوّل‌ ( من‌ أنَّ المقصود من‌ العلماء بالله‌ هم‌ العارفون‌ بالله‌ ) لكنّه‌ قال‌ حول‌ المطلب‌ الثاني‌ ( من‌ أنَّ المراد من‌ مجاري‌ الاُمور هو مجاري‌ الاُمور التكوينيّة‌ ): يُبَعِّدُهُ ما وَرَدَ في‌ ذَيْلِهِ: «الاُمَنَاءِ عَلَی حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ». إذ ظاهر هذه‌ الجملة‌ هم‌ العلماء الذين‌ يحفظون‌ أُمور الناس‌ في‌ مقام‌ التشريع‌.[11]

 فيا لها من‌ رواية‌! ودلالتها أيضاً جيّدة‌ جدّاً. وحيث‌ يقول‌ الإمام‌ علیه السلام‌: «أَنْتُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ مُصِيبَةً لِمَا غَلَبْتُمْ عَلَیهِ  مِنْ مَنَازِلِ العُلَمَاءِ لَوْ كُنْتُمْ تَسَعُونَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَجَارِي‌ الاُمُورِ وَالاَحْكَامِ عَلَی أَيْدِي‌ العُلَمَاءِ بِاللَهِ، الاُمَنَاءِ عَلَی حَلاَلِهِ وَحَرَامِهِ.»

 أي‌: دعوا أُموركم‌ وسلّموا إدارتها إلی العلماء بالله‌ والاُمناء علی حلاله‌ وحرامه‌، لقد ترفّعتم‌ وتعظّمتم‌ وعصيتم‌ حقّهم‌ بتكبّر وأجلستموهم‌ زوايا البيوت‌.

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

      

ارجاعات

[1] ـ «بحار الانوار» ج‌ 1، ص‌ 61 طبعة‌ الكمباني‌؛ وفي‌ طبعة‌ الآخوندي‌ الحروفيّة‌، ج‌ 1، ص‌ 193، الحديث‌ 7.

[2] ـ «روضات‌ الجنّات‌» ج‌ 2، ص‌ 38، الطبعة‌ الحجريّة‌، وفي‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌: ج‌ 7، ص‌ 203.

[3] ـ «تُحف‌ العقول‌» ص‌ 237، طبعة‌ مكتبة‌ الصدوق‌.

[4] ـ «منية‌ المريد» ص‌ 16 و 17 من‌ الطبعة‌ الحجريّة‌، و ص‌ 150 و 151 من‌ الطبعة‌ الحروفيّة‌ من‌ منشورات‌ دفتر تبليغات‌.

[5] ـ صدر الآية‌ 22، من‌ السورة‌ 39: الزمر.

[6] ـ الآية‌ 28، من‌ السورة‌ 57: الحديد.

[7] ـ صدر الآية‌ 29، من‌ السورة‌ 8: الانفال‌.

[8] ـ ذيل‌ الآية‌ 77، من‌ السورة‌ 5: المائدة‌.

[9] ـ الآيتان‌ 29 و 30، من‌ السورة‌ 53: النجم‌.

[10] ـ «نهج‌ البلاغة‌» ج‌ 1، ص‌ 446 إلي‌ 448، الخطبة‌ 22 الطبعة‌ المصريّة‌ بتعليقة‌ الشيخ‌ محمّد عبده‌.

[11] ـ «الرسالة‌ البديعة‌» ص‌ 101 إلي‌ 105، الطبعة‌ الاُولي‌، الروايات‌ الدالّة‌ علي‌ ï ïولاية‌الفقيه‌، الرواية‌ الخامسة‌.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب ولاية الفقيه/ المجلد الثالث/ القسم الثاني: البحث حول دلیل ولایة الفقیه

موقع علوم و معارف الإسلام الحاوي علي مجموعة تاليفات سماحة العلامة آية الله الحاج السيد محمد حسين الحسيني الطهراني قدس‌سره

 

 

 

      

الصفحة السابقة

بحث‌ حول‌ حديث‌: اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌

 ومن‌ الروايات‌ التي‌ تدلّ علی ولاية‌ الفقيه‌: الرواية‌ التي‌ ذكرها الصدوق‌ في‌ « معاني‌ الاخبار »، قال‌:

 حَدَّثَنا أبي‌ ـ رَحِمَهُ اللَه‌ ـ قالَ: حَدَّثَنا علی ‌ُّ بْنُ إبراهيمَ بْنِ هاشِمٍ عَنْ أبيهِ، عَنْ الحُسَيْنِ بْنِ يَزيدَ النَّوفِلي‌ِّ، عَنْ علی ‌ِّ بْنِ داوُدَ اليَعْقوبي‌ِّ، عَنْ عيسَي‌بْنِ عَبْدِاللَهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ علی ‌ِّ بْنِ أبي‌ طالِبٍ، عَنْ أبيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلَی ‌ِّ ] بْنِ أبي‌ طالِبٍ [ عَلَیهِ السَّلامُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَهِ صَلَّي‌اللَهُ عَلَیهِ وَآلِهِ ] وَسَلَّمَ [: اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌؛ اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌؛ اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌!

 قِيلَ لَهُ: يا رَسُولَ اللَه‌! وَمَنْ خُلَفَاوُكَ؟

 قَالَ: الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي‌ يَرْوُونَ حَدِيثِي‌ وَسُنَّتِي‌.[1]

 وقد نقل‌ الشيخ‌ الحرّ العامِلي‌ّ [2] هذه‌ الرواية‌ عن‌ الصدوق‌ في‌ « عيون‌ الاخبار ».

 وبحثنا في‌ هذه‌ الرواية‌ من‌ جهتين‌: السند والدلالة‌.

 أمّا من‌ ناحية‌ السند: ففي‌ سلسلة‌ سند هذه‌ الرواية‌ علی ‌ّ بن‌ إبراهيم‌ وأبوه‌ إبراهيم‌ بن‌ هاشم‌، وإبراهيم‌ حسنٌ كالصَّحيح‌ وعلي‌ّ بن‌ إبراهيم‌ صحيحٌ. وكلاهما من‌ أجلّ الرواة‌ وأقدمهم‌، وهما مشهوران‌ ومعروفان‌ بالجلال‌ والمتانة‌.

 و الحسين‌ بن‌ يزيد النَّوفِلي‌ّ أيضاً من‌ الاعلام‌، وقد عدّه‌ الشيخ‌ الطوسي‌ّ في‌ كتابه‌ « الرجال‌ » من‌ أصحاب‌ الإمام‌ الرضا علیه السلام‌. كما ذكره‌ في‌ « الفهرست‌ » وَقالَ: لَهُ كتابٌ.

 وكذلك‌ ذكره‌ النجاشي‌ّ في‌ كتابه‌ « الرجال‌ »، وقال‌: «حسين‌ بن‌ يزيد النَّوْفلِي‌ّ: كانَ شاعِراً أديباً وَسَكَنَ الرَّي‌َّ وَماتَ بِهَا وَلَهُ كِتابُ التَّقِيَّة‌». وهو من‌ الاُصول‌ الاربعمائة‌ « وهي‌ الاربعمائة‌ كتاب‌ التي‌ كانت‌ للشيعة‌، ومن‌ ثمّ تحوّلت‌ إلی الكتب‌ الاربعة‌ ».

 وأمّا علی ‌ُّ بنُ داوُد اليعقوبي‌ّ، رَجُلٌ مَعْروفٌ عِنْدَ الاَصْحَابِ.

 وعيسَي‌ بن‌ عبدِ الله‌ بن‌ محمّد بن‌ عُمَر بن‌ أمير المؤمنين‌ علیه السلام‌، الذي‌ هو راوي‌ هذه‌ الرواية‌، فقد عدّه‌ الشيخ‌ في‌ « الرجال‌ » من‌ أصحاب‌ الصادق‌ علیه السلام‌، كما ذكره‌ في‌ « الفهرست‌ » أيضاً، كما قال‌ النجاشي‌ّ عنه‌ في‌ « الرجال‌ »: لَهُ كتابٌ يَرْويهِ جَمَاعةٌ.

 هذا فيما يتعلّق‌ بسند الرواية‌ حيث‌ إنَّه‌ بحسب‌ الظاهر سند جيّد، حَسَنٌ كَالصَّحيح‌، ومعتبر وقابل‌ للاعتماد.

 وأمّا دلالة‌ هذا الخبر: فإنَّ الإمام‌ علیه السلام‌ ينسب‌ الخلافة‌ إلی الفقهاء الذين‌ يروون‌ حديث‌ رسول‌ الله‌ وسنّته‌. وقد كرّر رسول‌الله‌ صلّي‌الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌: «اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌» ثلاثاً، لاجل‌ التأكيد، ثمَّ سُئل‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌: مَنْ خُلَفَاؤُكَ؟! فقال‌: هم‌ الذين‌ يأتون‌ من‌ بعدي‌ يَرْوُونَ حَدِيثِي‌ وَسُنَّتِي‌. فالفقهاء والرواة‌ وسنّة‌ رسول‌ الله‌ هم‌ خلفائه‌.

 بناء علی هذا، يمكن‌ الاستدلال‌ بهذه‌ الرواية‌ علی: نَصْبِهِمْ لِلْوِلايَةِ والقَضاءِ وَ الإفتاء. لماذا؟ لانَّ ظهور الخلافة‌ في‌ قِيامُ الفَقيهِ مَقامَ النَّبِي‌ّ. فالخلافة‌ تدلّ بنحو الإطلاق‌ علی أنَّ ذلك‌ الشخص‌ الخليفة‌ قائم‌ مقام‌ المنوب‌ عنه‌. فالعنوان‌ عنوان‌ نيابة‌ وخلافة‌، والرسول‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌ يقول‌: خُلَفَائِي‌. إذن‌، فجميع‌ المزايا والخواصّ التي‌ كانت‌ ثابتة‌ للنبي‌ّ ثابتة‌ لهؤلاء الفقهاء، إلاَّ ما خَرَجَ بِالدَّليل‌.

 وما خرج‌ بالدليل‌ هو خصائص‌ الإمامة‌، فما يتعلّق‌ بخصوص‌ الإمامة‌ لايكون‌ لاي‌ّ من‌ الفقهاء الشيعة‌. وأمّا بقيّة‌ الاُمور غير خصائص‌ الإمامة‌ فيمكن‌ أن‌ نثبتها للفقهاء من‌ إطلاق‌ هذه‌ الرواية‌، ومن‌ هذه‌ الاُمور الولاية‌ و القضاء و  الإفتاء. فنستطيع‌ إثبات‌ الحكومة‌ لهم‌ في‌ الاُمور الولايتيّة‌ والاجتماعيّة‌ للناس‌، كما نستطيع‌ إثبات‌ القضاء وفصل‌ الخصومة‌، وكذلك‌  الإفتاء وبيان‌ الاحكام‌ لعامّة‌ الناس‌.

 ووفقاً لما ذكرناه‌ حول‌ حديث‌ كميل‌، فهذه‌ الرواية‌ لا تختصّ بالائمّة‌ وإنَّما اللَهُمَّ ارْحَمْ خُلَفَائِي‌، بإطلاق‌ الدلالة‌ اللفظيّة‌ واعتبار القوانين‌ المقاميّة‌ تشمل‌ جميع‌ العلماء الربّانيّين‌ العارفين‌ بالله‌ والعالمين‌ بأمر الله‌، وليس‌ثمّة‌ قرينة‌ علی اختصاص‌ ذلك‌ بالائمّة‌ علیهم السلام‌، وإنَّما هي‌ باقية‌ علی العموم‌. وخليفة‌ رسول‌ الله‌ الذي‌ يمتلك‌ عنوان‌ الخلافة‌ هو مَن‌ يكون‌ راوياً لحديثه‌ وسنّته‌ وأحواله‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌، فهذا الشخص‌ هو خليفة‌ رسول‌الله‌، وهؤلاء هم‌ نفس‌ الاشخاص‌ الذين‌ قال‌ الرسول‌ عنهم‌: «يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي‌، يَرْوُونَ حَدِيثِي‌ وَسُنَّتِي‌». فهذه‌ العبارات‌ لها إطلاق‌ ولاتختصّ بالائمّة‌، ولذا فهذه‌ الرواية‌ من‌ الروايات‌ التي‌ تمثّل‌ شاهداً علی ولاية‌ وحكومة‌ الفقيه‌ وقضائه‌ وافتائه‌. ويمكن‌ الاستدلال‌ بها علی ذلك‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

همکاری با نفوذیان خائن و اختلاس‌گران بی دین
قرآن : لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ کامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (سوره نحل، آیه 52)ترجمه: تا روز قیامت بار گناهان خود را تمام بردارند ، و [ نیز ] بخشی از بار گناهان کسانی را که ندانسته آنان را گمراه می کنند. آگاه باشید ، چه بد باری را می کشند.حدیث: و ایما داع دعی الی ضلالة فاتبع علیه، فان علیه مثل اوزار من اتبعه، من غیر ان ینقص من اوزارهم شیئا!: (مجمع‌البیان، ج6، ص 365)ترجمه: ... و هر کس دعوت به ضلالت کند و از او پیروی کنند همانند کیفر پیروانش را خواهد داشت، بی آنکه از کیفر آنها کاسته شود.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید