الدرس‌ الثالث‌ عشر

الدرس‌ الثالث‌ عشر:

 حديث‌ كميل‌ أقوی‌ دليل‌ علی ولاية‌ الفقيه‌

 

أعُوذُ بِاللَهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ

 

بِسْـمِ اللَهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِـيـمِ

وصلَّي‌ اللَهُ عَلَی سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ

ولَعْنَةُ اللَهِ عَلَی أعْدَائهِمْ أجْمَعِينَ مِنَ الآنَ إلَی قِيامِ يَوْمِ الدِّينِ

ولاَ حَولَ ولاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللَهِ العَلِي‌ِّ العَظِيمِ

 

 كان‌ بحثنا يدور حول‌ حديث‌ كميل‌ بن‌ زياد الذي‌ نقله‌ الخاصّة‌ والعامّة‌. قال‌ كميل‌: أخذ بيدي‌ أمير المؤمنين‌ علی ‌ّ بن‌ أبي‌ طالب‌ علیه السلام‌ فأخرجني‌ إلی الجبّان‌، فلمّا أصحر تنفّس‌ الصعداء ثمّ قال‌: يَاكُمَيْلُ! إنَّ هَذِهِ القُلُوبَ أَوْعِيَةٌ فَخَيْرُهَا أَوْعَاهَا؛ فَاحْفَظْ عَنِّي‌ مَا أَقُولُ لَكَ!

 ويدور كلام‌ الإمام علیه السلام‌ في‌ جميع‌ مسائل‌ هذه‌ الفقرات‌ التي‌ بيّنها لكميل‌ حول‌ العلم‌ والعالِم‌. وبيّن‌ له‌ ما للعلم‌ من‌ أهمّيّة‌ ودرجة‌ وكمال‌.

 وكان‌ كميل‌ رجلاً عظيماً، وإذا لم‌ نتمكّن‌ من‌ عدِّه‌ من‌ أصحاب‌ الدرجة‌ الاُولي‌ لامير المؤمنين‌ علیه السلام‌ أمثال‌: ميثَم‌ التَّمَّار و حُجْربن‌ عَدي‌ّ و رُشَيْد الهَجَري‌ّ و حبيب‌ بن‌ مظاهر، فينبغي‌ ـ علي‌ الاقل ّـ أن‌ نعدّه‌ من‌ خواصّه‌ وكبار شيعته‌ علیه السلام‌. وهذه‌ المطالب‌ التي‌ ذكرها له‌ أميرالمؤمنين‌ علیه السلام‌ جواباً عن‌ سؤاله‌: ما الحقيقة‌؟ ـ وهو حديث‌ معروف‌ـ تدلّ علی شخصيّته‌ وعظمته‌.

 يقول‌ علیه السلام‌: إنَّ هذه‌ القلوب‌ أوعية‌، وأفضلها وخيرها القلب‌ الذي‌ تكون‌ سعته‌ أكبر؛ وإنَّما تكون‌ سعة‌ القلب‌ بالعلم‌؛ ثمَّ يبيّن‌ في‌ هذا المجال‌ بعض‌ الاُمور إلی أن‌ يقول‌: أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَهِ فِي‌ أَرْضِهِ. فهؤلاء هم‌ الحجج‌ الإلهيّة‌ والعلماء الربّانيّون‌ وخلفاء الله‌ علی الارض‌ وأصحاب‌ الولاية‌، حيث‌ يحصر أمير المؤمنين‌ علیه السلام‌ الخلافة‌ فيهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

جميع‌ الناس‌ علی ثلاث‌ طوائف‌

 أي‌ أنـّه‌ يريد أن‌ يقول‌: إنَّ الخلافة‌ الإلهيّة‌ علی الارض‌ إنَّما هي‌ بالعلم‌ فقط‌، وكلّما كانت‌ سعة‌ القلب‌ للعلم‌ أكبر، فحظّه‌ من‌ الولاية‌ أوفر؛ وتكون‌ الولاية‌ الكلّيّة‌ الإلهيّة‌ لصاحب‌ العلم‌ المطلق‌. وإذا تجاوزنا ذلك‌ فإنَّ الاشخاص‌ الآخرين‌ يتمتّعون‌ بدرجات‌ الولاية‌ بحسب‌ درجات‌ قلوبهم‌ وإدراكهم‌ وعلومهم‌. وكلّ مَن‌ يصل‌ إلی العلوم‌ الواقعيّة‌ والحقيقيّة‌ الإلهيّة‌، فإنَّه‌ ينال‌ من‌ مقام‌ الخلافة‌ والولاية‌ بمقدار ما له‌ من‌ تلك‌ العلوم‌.ثمّ قسّم‌ الإمام علیه السلام‌ الناس‌ إلی ثلاث‌ طوائف‌، فقال‌: النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: فَعَالِمٌ رَبَّانِي‌ٌّ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَی سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ.

 فـ النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: أي‌ أنَّ جميع‌ الناس‌ بلا استثناء لا يعدون‌ ثلاث‌ طوائف‌، إمَّا عالم‌ ربّاني‌ّ؛ أو متعلّم‌ علی سبيل‌ نجاة‌؛ أو غُثاء بلا شخصيّة‌ ولاأصالة‌، ينتشرون‌ كما ينتشر البعوض‌ والذباب‌ في‌ الفضاء، وينعقون‌ مع‌ كلّ ناعق‌، ويميلون‌ مع‌ كلّ هبّة‌ ريح‌.

 ومن‌ خلال‌ قوله‌ علیه السلام‌: النَّاسُ ثَلاَثَةٌ يُعلَم‌ أنـّه‌ من‌ ضمن‌ التقسيم‌، لانـّه‌ علیه السلام‌ واحد من‌ الناس‌.

 ثمّ يتابع‌ الإمام علیه‌ السلام‌ قوله‌ إلی أن‌ يصل‌ إلی قوله‌: العُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِي‌َ الدَّهْرُ؛ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي‌ القُلُوبِ مَوْجُودَةٌ. ومن‌ المسلّم‌ به‌ أنَّ قوله‌ العُلَمَاءُ بَاقُونَ مَابَقِي‌َ الدَّهْرُ يشمل‌ نفسه‌ علیه السلام‌ أيضاً، لانَّ الإمام لا يريد استثناء نفسه‌ من‌ هذا المعني‌.

 ثمّ يقول‌ علیه السلام‌: هَا! إنَّ هَا هُنَا لَعِلْماً جَمَّاً لَوْ أَصَبْتُ لَهُ حَمَلَةً! بيد أنـّي‌ ـوللاسف‌ الشديد ـ لا أجد مَن‌ أُعلّمه‌ علمي‌ وأُحمّله‌ إيّاه‌، لانَّ هؤلاء العلماء الموجودين‌ بين‌ الناس‌ حاليّاً لا يتجاوزون‌ هذه‌ الاصناف‌ الاربعة‌، وجميعهم‌ لا يصلح‌ لما أُريد، وذلك‌ لانـّهم‌:

 إمَّا علماءٌ من‌ ذوي‌ الفهم‌ والإدراك‌ الجيّدين‌، ممّن‌ لا تنطلي‌ علی هم‌ الخدع‌، لكنّهم‌ لا يملكون‌ ثباتاً واستقراراً من‌ حيث‌ الإيمان‌ ليمكنني‌ الركون‌ إليهم‌، فهم‌ أُناس‌ قد جعلوا الدين‌ آلة‌ للدنيا، واستظهروا بعلومهم‌ وبنعم‌الله‌ وتجرّأوا علی أوليائه‌، ويستعلون‌ علی عباده‌.

 أو أنـّهم‌ من‌ المنقادين‌ والمطيعين‌ والمأمونين‌، لكنّهم‌ يفتقدون‌ قوّة‌ الفكر ومن‌ الممكن‌ أن‌ ينخدعوا ببساطة‌، لانـّهم‌ بسطاء وممكن‌ أن‌ ينحرفوا بقليل‌ من‌ الشكّ، فهم‌ لا يصلحون‌، لانـّهم‌ لا يمتلكون‌ القابليّة‌ والسعة‌ لتحمّل‌ العلم‌.

 أو علماءٌ لا همَّ لهم‌ إلاّ اللذّة‌ والشهوة‌، ممّن‌ أرْخَوا العنان‌ للذّاتهم‌ النفسيّة‌ وشهواتهم‌، وغرقوا في‌ أنحاء اللذّة‌ والشهوة‌، سواء المادّيّة‌ أم‌ الاعتباريّة‌ أو حبّ الجاه‌ والرئاسة‌. وممّن‌ يعشقون‌ الاسم‌ والمظاهر والمقام‌ والمرتبة‌ والجاه‌ وأمثال‌ ذلك‌.

 أو من‌ المخدوعين‌ بجمع‌ الاموال‌ الدنيويّة‌، والمأخوذين‌ بالتقاط‌ وخزن‌ الحطام‌. ومن‌ هنا فإنَّ هاتين‌ الطائفتين‌ لا تستطيعان‌ أن‌ تكونا من‌ حرّاس‌ الدين‌ المبين‌ أو حماة‌ الشريعة‌. فما أشبه‌ هؤلاء بالانعام‌! ومع‌ هذا الوضع‌ وهذه‌ الحال‌ فإنَّ العلم‌ يموت‌ بموت‌ العلماء الذين‌ يحملونه‌.

 فلا تصلح‌ أيّة‌ واحدة‌ من‌ هذه‌ الطوائف‌ الاربع‌ لحمل‌ العلم‌، ولذلك‌ جاء في‌ رواية‌ النهي‌ عن‌ تعليم‌ الحكمة‌ لغير أهلها، لانَّ من‌ يعلِّم‌ الحكمة‌ لغير أهلها كمن‌ يعلّق‌ الجواهر في‌ عنق‌ الخنزير. فلا تعلِّموا الحكمة‌ لغير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

أفراد قليلون‌، قائم‌ للّه‌ بالحجّة‌، إمّا ظاهر مشهور أو خائف‌ مغمور

 ثمّ يقول‌ علیه السلام‌: اللَهُمَّ بَلَي‌! لاَ تَخْلُو الاْرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ؛ إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَبَيِّنَاتُهُ؛ وَكَمْ ذَا، وَأَيْنَ أُولَئِكَ؟!

 أجل‌؛ هناك‌ طائفة‌ قليلة‌ جدّاً أُولئك‌ المتعلّمون‌ علی سبيل‌ نجاة‌، وهم‌ الذين‌ سيصلون‌ إلی مقام‌ العلماء الربّانيّين‌، ويصبحون‌ من‌ الكاملين‌ علی وجه‌ الارض‌ ممّن‌ يمكنني‌ تحميلهم‌ علمي‌. ولكن‌ أين‌ يجدهم‌ الإنسان‌ ياتري‌! إذ من‌ المؤسف‌ إنّهم‌ نادرون‌.

 ولقد شغل‌ هؤلاء العلماء من‌ هذه‌ الطوائف‌ الاربع‌ كلّ مكان‌، وصاروا يمثّلون‌ السواد الاعظم‌، فأين‌ سيجد الإنسان‌ أُولئك‌ الافراد النادرين‌؟ والله‌ تعالي‌ لا يدع‌ الارض‌ دون‌ حجّة‌!

 فهناك‌ أشخاص‌ يقومون‌ بالحقّ من‌ أجل‌ إنقاذ عباد الله‌، وذلك‌ من‌ خلال‌ الاعتماد علی أنفسهم‌ وعلومهم‌ وأصالتهم‌، لكنّهم‌ قليلون‌ جدّاً كَمْ ذَا، وَأَيْنَ أُولَئِكَ؟

 إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً؛ فلقد كان‌ لدينا طوال‌ زمان‌ الغيبة‌ من‌ هؤلاء الاعلام‌ المشهورين‌ من‌ أمثال‌ الشيخ‌ المُفيد، السيّد المُرتَضي‌، العلاّمة‌ الحِلّي‌ّ، ابن‌ فَهْد الحلّي‌ّ، السيّد ابن‌ طاووس‌، السيّد بحر العلوم‌ والملاّ حسين‌قلي‌ الهمداني‌ّ رضوان‌ الله‌ علی هم‌، الذين‌ قاموا بالحقّ، ودعوا الناس‌ إلی شريعة‌ الحقّ وقادوهم‌ إلی الحقّ.

 أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً: من‌ أمثال‌ ميثم‌ التمّار، حُجْر بن‌ عَدي‌ّ، رُشَيْد الهَجَريّ، سعيد بن‌ جُبَيْر، حبيب‌ بن‌ مظاهر، الشهيد الاوّل‌، الشهيد الثاني‌، القاضي‌ نور الله‌ الشوشتري‌ّ وأمثالهم‌، الذين‌ كانوا حججاً إلهيّة‌ حقّاً، وحماة‌ للدين‌ والمذهب‌، وحفظة‌ للشريعة‌، ولكن‌ أين‌ هم‌؟ وكم‌ هم‌؟ قد تمرّ عدّة‌ قرون‌ دون‌ أن‌ يجد الإنسان‌ أكثر من‌ شخصين‌ أو ثلاثة‌ من‌ أمثالهم‌، ولذا يقول‌ علیه السلام‌: كم‌ هم‌ قليلون‌؟

 أُولَئِكَ وَاللَهِ الاْقَلُّونَ عَدَداً، وَ الاْعْظَمُونَ قَدْراً: يحفظ‌ الله‌ حججه‌ وبيّناته‌ بواسطة‌ هؤلاء إلی أن‌ يُودِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ. أي‌: أشباههم‌ من‌ حيث‌ القابليّة‌ والاستعداد وسعة‌ القلوب‌.

 وعليهم‌ أن‌ يحمّلوهم‌ الحجج‌ الإلهيّة‌، ويعلّموهم‌ هذه‌ الاسرار الإلهيّة‌ وَيَزْرَعُوهَا فِي‌ قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، لانـّهم‌ أُناس‌ هَجَمَ بِهِمُ العِلْمُ عَلَی حَقِيقَةِ البَصِيرَةِ.

 هجم‌ بهم‌ العلم‌ من‌ جميع‌ النواحي‌ وأحاط‌ بهم‌ فغاصوا في‌ بحاره‌ وليس‌ذلك‌ علم‌ اعتباري‌ّ وتخيّلي‌ّ وظنّي‌ّ، بل‌ هو حقيقة‌ البصيرة‌ والإدراك‌ والعلم‌.

 فهؤلاء قد تمكّنوا من‌ حقيقة‌ معدن‌ العلم‌ ومنبعه‌، وباشروا لروح‌ اليقين‌، فكلّ ما استصعبه‌ أهل‌ الترف‌ واللذّة‌ والدلال‌ في‌ هذا العالم‌، فهو عندهم‌ سهل‌ يسير. وكلّ ما يهابه‌ الجاهلون‌، فإنّهم‌ يأنسون‌ به‌. يعاشرون‌ الناس‌ بأبدانهم‌، ولكنَّ أرواحهم‌ معلّقة‌ بالمحلّ الاعلي‌ أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَهِ فِي‌ أَرْضِهِ. وَالدُّعَاةُ إلَی دِينِهِ. آهِ، آهِ! شَوْقاً إلَی رُؤْيَتِهِمْ.

 تحرك‌ ميثم‌ التمّار من‌ الكوفة‌ قاصداً الحجّ، ولمّا وصل‌ المدينة‌ رغب‌ في‌ زيارة‌ الشهداء علیهم السلام‌ لكنَّ الإمام لم‌ يكن‌ في‌ المدينة‌، فأتي‌ إلی أُمِّ سَلِمَة‌؛ فاستقبلته‌ استقبالاً حسناً، ثمّ سألته‌ عن‌ اسمه‌؛ فقال‌: أنا ميثم‌. فقالت‌ له‌: يا ميثمُ! كان‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌ يذكرك‌ بخير في‌ الليالي‌ المظلمة‌. هذا مع‌ أنَّ النبي‌ّ صلّي‌ الله‌ علیهوآله‌ وسلّم‌ لم‌ يكن‌ قد رأي‌ ميثماً.

 فلا يتعجّب‌ الإنسان‌ من‌ قول‌ أمير المؤمنين‌ علیه السلام‌: آهِ، آهِ! شَوْقاً إلَی رُؤْيَتِهِمْ!، لانَّ النبي‌ّ مشتاق‌ إلی رؤيتهم‌ أيضاً. وكلّ من‌ كان‌ وليّاً للَّه‌ فهو في‌ عين‌ ولاية‌ الله‌، وله‌ هناك‌ معيّة‌ معهم‌، كما كان‌ لسلمان‌ معيّة‌ مع‌ أهل‌ البيت‌.

 إنَّ جملة‌: اللَهُمَّ بَلَي‌ لاَ تَخْلُو الاْرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً مطلقة‌، لانَّ لفظ‌ الإمام المختصّ بأئمّة‌ الشيعة‌ غيرموجود في‌ هذه‌ العبارة‌ ( إذ لا يجوز في‌ مدرسة‌ الشيعة‌ أن‌ يُطلق‌ لفظ‌ الإمام علی غير المعصوم‌، ولذا يقال‌ لهم‌ «الإماميّة‌»، حيث‌ إنَّ الشيعة‌ منسوبون‌ إلی الإمام المعصوم‌ لا الإمام بمعني‌ القائد، وإلاّ فكلّ طائفة‌ وفرقة‌ إماميّة‌، لانَّ لها قائد. ومن‌ المسلّم‌ بين‌ علماء الشيعة‌ وحتّي‌ بين‌ علماء أهل‌ السنّة‌ أنَّ من‌ خصائص‌ الشيعة‌ عدم‌ استعمالهم‌ لفظ‌ « الإمام » لغير الإمام المعصوم‌. بينما يطلق‌هذا المصطلح‌ بين‌ أهل‌ السنّة‌ والعامّة‌ علی كلّ زعيم‌ وحاكم‌ وشخص‌ كبير).

 لا يوجود في‌ هذه‌ الرواية‌ لفظ‌ « الإمام » حتّي‌ نقول‌ إنَّ لها انصرافاً أو اختصاصاً بالإمام المعصوم‌، وإنَّما الإمام علیه السلام‌ يقول‌ بشكل‌ عامّ: إنَّ الارض‌ لا تخلو من‌ أشخاص‌ ممتلكين‌ لليقين‌ والعلم‌، متمكّنين‌ عن‌ العلم‌ في‌ عينه‌، وهم‌ من‌ الحجج‌ الإلهيّة‌. نعم‌؛ إمَّا مشهورون‌ والناس‌ تعرفهم‌؛ وإمَّا مغمورون‌ في‌ الحبس‌ والسجن‌، وإن‌ لم‌ يكونوا في‌ النفس‌ والسجن‌ والنفي‌، فلامن‌ مطّلع‌ علی أحوالهم‌ وعلومهم‌، لانَّ ظروفهم‌ لا تسمح‌ لهم‌ إفشاء علومهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

دلالة‌ حديث‌ كميل‌ علی ولاية‌ الفقيه‌ في‌: القضاء و الإفتاء والحكومة‌

 فالرواية‌ بإطلاقها تدلّ علی أنَّ الاشخاص‌ المالكين‌ هكذا صفات‌ وخصوصيّات‌ ـالتي‌ بيّنها الإمام لكميل‌ـ فهم‌: خُلَفَاءُ اللَهِ فِي‌ أَرْضِهِ وأصحاب‌ الولاية‌.

 ويكمننا أن‌ نستفيد من‌ هذا الاءطلاق‌ الولايةَ في‌ المقامات‌ الثلاثة‌: في‌  الإفتاء والقضاء والحكومة‌، لانَّ أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَهِ فِي‌ أَرْضِهِ لها إطلاق‌ وفيها حصر. وبشكل‌ عامّ فقد جعل‌ الإمام الخلافة‌ هنا مقرونة‌ بالعلم‌ فتجري‌ الولاية‌ في‌ جميع‌ شؤونها في‌ أُولئك‌ الذين‌ في‌ شريعة‌ العلم‌ وحقيقة‌ الولاية‌، وترشح‌ منهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

إشكال‌ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ في‌ حصره‌ مفاد الحديث‌ بالإمام المعصوم‌

 يقول‌ العلاّمة‌ المجلسي‌ّ في‌ « بحار الانوار »: وَلَمَّا كانَتْ سِلْسِلَةُ العِلْمِ وَالعِرْفانِ لا تَنْقَطِعُ بِالكُلِّيَّةِ مادامَ نَوْعُ الإنسان، بَلْ لابُدَّ مِنْ إمامٍ حافِظٍ لِلدِّينِ في‌ كُلِّ زَمانٍ، اسْتَدْرَكَ أميرُ المُؤْمِنينَ عَلَیهِ  السَّلامُ كَلامَهُ هَذا بِقَوْلِهِ: اللَهُمَّ بَلَي‌! ـ وَفي‌ «النَّهْجِ» ـ: «لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَجِهِ؛ إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً.» ـ وَفي‌ «تُحَفِ العُقولِ» ـ: «مِنْ قَائِمٍ بِحُجَّتِهِ إمَّا ظَاهِراً مَكْشُوفاً أَوْ خَائِفاً مُفْرَداً، لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَبَيِّنَاتُهُ وَرُوَاةُ كِتَابِهِ».

 وَالإمامُ الظَّاهِرُ المَشْهورُ، كَأَميرِ المُؤْمِنينَ صَلَواتُ اللَهِ عَلَیهِ ؛ والخائِفُ المَغْمورُ، كَالقائِمِ في‌ زَمانِنا، وَكَباقي‌ الاَئِمَّةِ المَسْتورينَ لِلخَوْفِ وَالتَّقِيَّةِ. وَيُحْتَمَلُ أنْ يَكونَ باقي‌ الاَئِمَّةِ عَلَیهِمُ السَّلامُ داخِلينَ في‌ الظَّاهِرِ المَشْهورِ. ] لانَّ بإمكان‌ كلّ إمام‌ ( سواء كان‌ في‌ السجن‌ أم‌ في‌ التقيّة‌ ) أن‌ يلتقي‌ بالناس‌، وعليه‌ فـ «الخائف‌ المغمور» يختصّ بالقائم‌ علیه السلام‌ [.

 إلی أن‌ يقول‌: وَعَلَی الثانِي‌، يَكونُ الحافِظونَ وَالمودِعونَ، الاَئِمَّةَ علیهم السلام؛ وَعَلَی الاَوَّلِ، يُحْتَمَلُ أنْ يَكونَ المُرادُ شيعَتَهُمُ الحافِظينَ لاِدْيانِهِمْ في‌ غَيْبَتِهِمْ.[1]

 فإذا اختصّ « الظاهر المشهور » بأمير المؤمنين‌ علیه السلام‌ و « الخائف‌ المغمور » ببقيّة‌ الائمّة‌ علیهم السلام‌، فسيكون‌ أمر حفظ‌ الدين‌ عند غيابهم‌ علی أيدي‌ شيعتهم‌ الذين‌ كانوا يتولّون‌ تدبير حوائج‌ الناس‌ من‌ قِبَلهم‌.

 وإذا كان‌ « الظاهر المشهور » يشمل‌ جميع‌ الائمّة‌ علیهم السلام‌ في‌ قبال‌ إمام‌ الزمان‌، فعندها يكون‌ الائمّة‌ علیهم السلام‌ هم‌ حماة‌ الدين‌ وحفظته‌، لاشيعتهم‌.

 ففي عبارة‌المرحوم المجلسي‌ّ:وَالإمام ُالظَّاهِرُالمَشْهورُكَأَميرِالمُؤْمِنين‌ احتمالان‌:

 الاحتمال‌ الاوّل‌: أن‌ يكون‌ قد ذكر أمير المؤمنين‌ علیه السلام‌ من‌ باب‌ المثال‌، كما كان‌ يمكنه‌ أن‌ يقول‌: بهذا النحو أيضاً: مثل‌ أميرالمؤمنين‌ صلوات‌ الله‌ علیهوبحر العلوم‌ والسيّد ابن‌ طاووس‌ وأمثالهم‌. وأن‌ يقول‌ أيضاً: وَالخائِفُ المَغْمورُ كَالْقائِم‌، من‌ باب‌ المثال‌، حيث‌ إنَّه‌ لاكلام‌ في‌ هذه‌ الصورة‌.

 الاحتمال‌ الثاني‌: من‌ باب‌ الاختصاص‌، فيريد أن‌ يقول‌ إنَّ الإمام المشهور مختصّ بأمير المؤمنين‌ علیه السلام‌، والخائف‌ المغمور مختصّ بالقائم‌ علیه السلام‌. وهذا الكلام‌ محلّ إشكال‌. نعم‌؛ لا كلام‌ في‌ أنَّ الإمام الظاهر المشهور مختصّ بأمير المؤمنين‌ علیه السلام‌، ولكنَّ الكلام‌ في‌ عدم‌احتواء الرواية‌ علی لفظ‌ « الإمام »، حيث‌ يقول‌ علیه السلام‌: اللَهُمَّ بَلَي‌ لاَتَخْلُو الاَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ. فقد جاء في‌ الرواية‌ لفظ‌ «قَائِمٍ لِلَّهِ» وفيه‌ إطلاق‌ يشمل‌ الائمّة‌ وبقيّة‌ العلماء العاملين‌ الذين‌ هم‌ علماء ربّانيّون‌. ولايوجد أي‌ّ دليل‌ علی اختصاص‌ هذه‌ الرواية‌ بالائمّة‌ المعصومين‌ علیهم السلام‌.

 أقُول‌: إنَّ لزوم‌ بقاء العلم‌ والعرفان‌ في‌ نوع‌ الإنسان‌، ولزوم‌ إمام‌ حافظ‌ للدين‌ في‌ كلّ زمان‌ ممّا لا إشكالَ فيه‌، إنَّما الكلام‌ في‌ أنَّ محطّ سياق‌ هذا الخبر هل‌ هو للدلالة‌ علی لزوم‌ إمام‌ بالخصوص‌ في‌ كلّ زمان‌، وهل‌ أراد الإمام علیه السلام‌ إيصال‌ هذا المعني‌؟

 أو أراد أن‌ يُفهم‌ علی لزوم‌ طائفة‌ من‌ العلماء الربّانيّين‌ في‌ كلّ زمان‌ ومِنْهُمْ: ـ بَلْ وَعَلَی فَوْقِهِمُ ـ الإمامُ في‌ كُلِّ حينٍ؟ فما الذي‌ تدلّ علیه رواية‌ السيّد الرضي‌ّ والآخرين‌ عن‌ كميل‌؟

 الرجوع الي الفهرس

القرائن‌ الدالّة‌ في‌ الرواية‌ علی عدم‌ الحصر، وإطلاقها لكلّ عالم‌ ربّاني‌ّ

 لا كلام‌ في‌ وجوب‌ وجود إمام‌ معصوم‌ في‌ كلّ زمان‌؛ ولكن‌، هل‌ هذا الخبر ناظر لخصوص‌ الإمام المعصوم‌ أم‌ أنَّ له‌ إطلاق‌؟

 وكلامنا هنا، أنَّ لفظ‌ «إمام‌» وما شابَهَهُ غير موجود ـ في‌ الرواية‌ـ فلااختصاص‌ للإمام‌ المعصوم‌ هنا. وَإنَّما فيهِ: لاَ تَخْلُو الاَرْضُ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ؛ إمَّا ظَاهِراً مَشْهُوراً، أَوْ خَائِفاً مَغْمُوراً؛ وهذه‌ عناوين‌ كلّيّة‌ تنطبق‌ في‌ كلّ برهة‌ وزمان‌ علی جمع‌ من‌ العلماء الربّانيّين‌ الحافظين‌ للبيّنات‌ والحجج‌ الإلهيّة‌، والمودعون‌ للعلوم‌ والاسرار الإلهيّة‌ للنظراء، والزارعون‌ للحقائق‌ والمعارف‌ الإلهيّة‌ في‌ قلوب‌ الاشباه‌. فهي‌ عناوين‌ عامّة‌، وباقية‌ علی عموميّتها. ومعلوم‌ أنَّ الإمام أعلي‌ مصداق‌ لانطباق‌ هذه‌ العناوين‌، لاأنـّها مختصّة‌ به‌.

 وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ، هو: كلام‌ الإمام في‌ تقسيم‌ الناس‌ علی اختلاف‌ أصنافهم‌ وطبقاتهم‌ إلی ثلاث‌ طوائف‌. فقد قسّم‌ الإمام جميع‌ أصناف‌ الناس‌ عَلَی اخْتِلافِ أصْنافِهِمْ وَطَبَقاتِهِمْ إلَی ثَلاَثِ طَوائِف‌: عَالِمٌ رَبَّانِي‌ٌّ، مُتَعَلِّمٌ عَلَی سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَهَمَجٌ رَعَاعٌ. وما فصّله‌ في‌ ذيل‌ هذه‌ الجملة‌ إنَّما هو تفسير وشرح‌ لها. الإمام علیه السلام‌ نفسه‌ داخل‌ في‌ هذا التقسيم‌. وبناء علیهفالإمام علیه السلام‌ من‌ العلماء الربّانيّين‌. وهذا دليل‌ علی أنَّ القَائِم‌ لِلَّهِ بِحُجَّةٍ، المشهور منه‌ والمغمور ليس‌ خارجاً عن‌ هذا التقسيم‌، وإذا قيل‌ بأنَّ العالم‌ الربّاني‌ّ منحصر بالإمام المعصوم‌؛ فنجيب‌: أنَّ هذا الامر ليس‌صحيحاً لالغة‌ ولا اعتباراً.

 أمّا من‌ ناحية‌ اللغة‌: فلا دليل‌ علی أنَّ العالم‌ الربّاني‌ّ منحصر بالإمام المعصوم‌. وقد نقل‌ المجلسي‌ّ كلام‌ بعض‌ أئمّة‌ اللغة‌ والادب‌ في‌ هذا المجال‌؛ يقول‌: الرَّبّانِي‌ُّ: مَنْسوبٌ إلَی الرَّبِّ، بِزِيادَةِ الاَلِفِ وَالنُّونِ عَلَی خِلافِ القِياسِ، كَالرَّقَبَانِي‌ّ.

 وقالَ الجَوْهَري‌ُّ: الرَّبَّانِي‌ّ: المُتَأَلِّهُ العَارِفُ بِاللَهِ تَعَالَي‌. وَكَذا قالَ الفَيْرُوزْآبَادِي‌ُّ.

 وقالَ في‌ «الكَشَّافِ»: الرَّبَّانِي‌ُّ: هُوَ شَديدُ التَّمَسُّكِ بِدينِ اللَهِ تَعالَي‌ وَطاعَتِهِ.

 وقالَ في‌ «مَجْمَعِ البَيَانِ»: هُوَ الَّذي‌ يَرُبُّ أمْرَ النَّاسِ بِتَدْبيرِهِ وَإصْلاحِهِ إيَّاهُ.

 ربّاني‌ّ، منسوب‌ إلی الربّ و «الياء» المشدّدة‌ في‌ آخره‌ ياء النسبة‌. يعني‌ يجب‌ أن‌ نقول‌: رَبِّي‌ّ؛ غاية‌ الامر قد أُضيفت‌ هنا ألف‌ ونون‌ بين‌ «ربّ» وبين‌ «ياء» النسبة‌، مثل‌: رَقَبَة‌، حيث‌ كان‌ يجب‌ أن‌ نقول‌: رَقَبِي‌ّ؛ ولكن‌ يقال‌: رَقَباني‌ّ.

 قال‌ الجوهري‌ّ والفيروزآبادي‌ّ: إنَّ « الربّاني‌ّ هو المتألّه‌ العارف‌ بالله‌ تعالي‌. وقال‌ الزمخشري‌ّ في‌ « الكشّاف‌ »: الربّاني‌ّ: هو شديد التمسّك‌ بدين‌ الله‌ تعالي‌ وطاعته‌ »، يعني‌ الإلهي‌ّ. فـ العالم‌ الربّاني‌ّ: هو ذلك‌ العالم‌ الذي‌ علاقته‌ وشغله‌ مع‌ الله‌. فيسمّي‌ صاحب‌ العلاقة‌ الشديدة‌ بالله‌ ربّ العالمين‌ عالم‌ ربّاني‌ّ، ونحن‌ نطلق‌ علیهاصطلاحاً: الإلهي‌ّ.

 وقال‌ في‌ « مجمع‌ البيان‌ »: الربّاني‌ّ: هو الذي‌ يربّ أمر الناس‌ (الربّ من‌ مادّة‌ التربيّة‌، ويسمّي‌ الله‌ الربّ، لانـّه‌ يَرُبُّ النَّاسَ) فـ الربّاني‌ّ، هو ذلك‌ العالم‌ الذي‌ يعالج‌ مشاكل‌ الناس‌، ويدعوهم‌ إلی كمالهم‌، ويربّيهم‌.

 وهذه‌ المعاني‌ لا تنحصر بالإمام المعصوم‌ لكي‌ نقول‌: إنَّ العالم‌ الربّاني‌ّ هو الإمام المعصوم‌ فقط‌. نعم‌؛ الإمام علیه السلام‌ ربّاني‌ّ و عالم‌ ربّاني‌ّ وهو في‌ الدرجة‌ العليا من‌ ذلك‌، لكنَّ كلامنا في‌ الانحصار، واللغة‌ لاتحصر الربّاني‌ّ في‌ الإمام المعصوم‌.

 وأمّا من‌ ناحية‌ الاعتبار: هل‌ لا نتملك‌ عالماً ربّانيّاً غيرالائمّة‌ المعصومين‌ علیهم السلام‌؟ ألم‌ يكن‌ السيّد ابن‌ طاووس‌ أو بحر العلوم‌ رضوان‌الله‌ علیهما علماء ربّانيّين‌، بل‌ كانا متعلّمين‌؟! هل‌ يمكننا القول‌: لم‌يأت‌ في‌ الإسلام‌ عالم‌ ربّاني‌ّ واحد منذ زمان‌ المعصومين‌ حتّي‌ يومنا الحاضر، وإنَّ سائر الناس‌ هَمَجٌ رَعَاع‌ وكان‌ جميعهم‌ متعلّمين‌؟! كما وصفهم‌ الإمام في‌ ذلك‌! فهل‌ لا يصل‌ أُولئك‌ الاشخاص‌ المعدودين‌ من‌ العلماء الربّانيّين‌ الذين‌ قال‌ عنهم‌ علیه السلام‌ كَمْ ذَا وأَيْنَ أُولَئِكَ؟ وعلي‌ قلّتهم‌ ـففي‌ كلّ زمان‌ يصل‌ شخص‌ أو اثنان‌ أو ثلاثة‌ في‌ ناحية‌ من‌ نواحي‌ العالَم‌ الإسلامي‌ّـ إلی مقام‌ الكمال‌، واجتياز مرحلة‌ التعلّم‌ والوصول‌ إلی شريعة‌ الولاية‌؟

 ينقل‌ صاحب‌ « روضات‌ الجنّات‌ » عن‌ أبي‌ علی ‌ّ صاحب‌ « منتهي‌ المقال‌ » الذي‌ كان‌ معاصراً للمرحوم‌ السيّد بحر العلوم‌، أنـّه‌ كتب‌ حول‌ السيّد ما يلي‌: « السيّد السند، والركن‌ المعتمد، مولانا السيّد مهدي‌بن‌ السيّد مرتضي‌بن‌ السيّد محمّد الحسني‌ّ الحسيني‌ّ الطباطبائي‌ّ النجفي‌ّ أطال‌ الله‌ بقاءه‌ وأدام‌ الله‌ علوّه‌ ونعماءه‌، الإمام الذي‌ لم‌ تسمح‌ بمثله‌ الايّام‌، والهمام‌ الذي‌ عقمت‌ عن‌ إنتاج‌ شكله‌ الاعوام‌، سيّد العلماء الاعلام‌، ومولي‌ فضلاء الإسلام‌، علاّمة‌ دهره‌ وزمانه‌، ووحيد عصره‌ وأوانه‌.

 إن‌ تكلّم‌ في‌ المعقول‌، قلت‌ هذا الشيخ‌ الرئيس‌ فَمَن‌ بقراط‌ وإفلاطون‌ وأرسطاطاليس‌؟! وإن‌ باحث‌ في‌ المنقول‌، قلت‌ هذا علاّمة‌ المحقّق‌ بفنون‌ الفروع‌ والاُصول‌. لم‌ يناظر في‌ فنّ الكلام‌ أحداً إلاّ قلت‌ هذا والله‌ علم‌ الهدي‌. وإذا فسّر الكتاب‌ المجيد وأصغيت‌ إليه‌ ذهلت‌ وخلت‌ كأنـّه‌ الذي‌ أنزله‌ الله‌ علیه! ( أتدرون‌ ماذا يقول‌؟ يقول‌ عند تفسير القرآن‌ تنسي‌ أنَّ هذا القرآن‌ قد نزل‌ علی النبي‌ّ، ويحسب‌ أنَّ القرآن‌ قد نزل‌ علیه هو... ) وداره‌ الميمونة‌ الآن‌ محطّ رحال‌ العلماء، ومفزع‌ الجهابذة‌ والفضلاء. وهو بعد الاُستاذ ( العلاّمة‌ الوحيد البهبهاني‌ّ ) دام‌ عُلاهما، إمام‌ أئمّة‌ العراق‌، وسيّد الفضلاء علی الإطلاق‌، إليه‌ يفزع‌ علماؤها، ومنه‌ يأخذ عظماؤها، وهو كعبتها التي‌ تطوي‌ إليه‌ المراحل‌، وبحرها الموّاج‌ الذي‌ لا يوجد له‌ ساحل‌، مع‌ كرامات‌ باهرة‌، ومآثر وآيات‌ ظاهرة‌ ». [2]

 يذكر هذه‌ الاُمور أبو علی الذي‌ كان‌ معاصراً لبحر العلوم‌ في‌ « منتهي‌ المقال‌ »، وذلك‌ بحسب‌ نقل‌ صاحب‌ « الروضات‌ » عنه‌. فهل‌ هناك‌ مجال‌ للقول‌ بأنَّ هذا الرجل‌ لم‌ يصل‌ بعد إلی مرحلة‌ الكمال‌؟ فلاي‌ّ شي‌ء قد جاء الإسلام‌ إذن‌؟! هل‌ من‌ الصحيح‌ أن‌ نقول‌ إنَّ الإسلام‌ جاء لكي‌ يربّي‌ مَن‌ كان‌ هَمَجٌ رَعَاعٌ؟! أو أن‌ نقول‌ إنَّ جميع‌ الاشخاص‌ مُتَعَلِّمٌ عَلَی سَبِيلِ نَجَاةٍ ويجب‌ أن‌ يبقوا ناقصين‌ حتّي‌ الموت‌؟!

 لنا اعتراض‌ هنا علی العلاّمة‌ المجلسي‌ّ رحمة‌ الله‌ علیهرحمة‌ واسعة‌، مع‌ أنـّه‌ جدّنا، حيث‌ لا ينبغي‌ للإنسان‌ التجاوز في‌ التعبير عمّا خطّه‌ الائمّة‌ علیهم السلام‌ من‌ نهج‌. فإذا أردتم‌ أن‌ تبالغوا في‌ مسألة‌ ما، وكان‌ في‌ تلك‌ المبالغة‌ هدم‌ لبعض‌ أعمدة‌ الدين‌، فمن‌ المقطوع‌ به‌ أنَّ أمير المؤمنين‌ والائمّة‌ علیهم السلام‌ سوف‌ لن‌ يؤيّدونه‌.

 صحيح‌ أنَّ الإمام علی رأس‌ جميع‌ الموجودات‌، وهذا محفوظ‌ في‌ محلّه‌، لكنَّ الكلام‌ في‌: ما الذي‌ تريد هذه‌ الرواية‌ بيانه‌؟ ولماذا تسقطون‌ إطلاق‌ هذه‌ الرواية‌ وتقيّدونها؟

 لقد بيّنتُ أنـّه‌ يحتمل‌ في‌ كلامه‌ أن‌ يكون‌ قوله‌: «كَأَميرِالمُؤْمِنين‌» أو «كَالقائِمِ في‌ زَمانِنا» علی سبيل‌ التشبيه‌، مع‌ كونه‌ احتمالاً بعيداً. وقوّة‌ الاحتمال‌ الآخر ( كونه‌ من‌ باب‌ الاختصاص‌ لا التمثيل‌ ) أكبر، فكلام‌ المرحوم‌ المجلسي‌ّ إذَن‌ ليس‌ تامّاً، وللرواية‌ إطلاق‌ في‌ أنَّ العلماء بالله‌ وبأمر الله‌ في‌ كلّ زمان‌ ومكان‌، الواجدين‌ لهذه‌ الخصوصيّات‌ لهم‌ مقام‌ الخلافة‌ الإلهيّة‌ والولاية‌.

 الرجوع الي الفهرس

معني‌: يُوْدِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَيَزْرَعُوهَا فِي‌ قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ، عامّ

 ومن‌ المعلوم‌ أنـّه‌ يوجد عدولاً من‌ الفقهاء والطاهرين‌ في‌ كلّ زمان‌، يؤيّدون‌ الدين‌ المبين‌ ويشيدون‌ النهج‌ القويم‌ وينحّون‌ عنه‌ تحريف‌ الغالين‌ وبدع‌ الضالّين‌، وينطبق‌ علی هم‌ الرَّبَّاني‌ّ في‌ كلّ من‌ هذه‌ المعاني‌، حيث‌ إنَّهم‌ بتعلّق‌ قلوبهم‌ بالاسرار الإلهيّة‌ صاروا متألّهين‌، والمتمسّكين‌ بدين‌ الله‌ ومُربّي‌ الناس‌ بِتَدبيرِهِمْ وَإصْلاحِهِمْ إيّاهُمْ.

 علی أنـّه‌ صرّح‌ في‌ هذا الخبر الشريف‌ بأن‌: يَحْفَظُ اللَهُ بِهِمْ حُجَجَهُ وَبَيِّنَاتِهِ حَتَّي‌ يُوْدِعُوهَا نُظَرَاءَهُمْ وَيَزْرَعُوهَا فِي‌ قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ.

 فهل‌ يودع‌ الإمام تلك‌ الاسرار الإلهيّة‌ في‌ قلوب‌ أشخاص‌ مثله‌؟ كلاّ؛ وإنَّما الحجج‌ الإلهيّة‌ والعلماء الربّانيّين‌ يضعون‌ هذه‌ الاسرار الإلهيّة‌ في‌ قلوب‌ أمثالهم‌ ويزرعونها في‌ أفئدة‌ نظرائهم‌ وأشباههم‌. فلا نظير للإمام‌ ولاشبيه‌ من‌ الاُمَّة‌ حتّي‌ يصبح‌ إيداع‌ وزرع‌ تلك‌ الحجج‌ والبيّنات‌ في‌ قلوب‌ النظير والشبيه‌. فيتّضح‌: أنَّ المراد من‌ النظراء والاشباه‌ جماعة‌ من‌ العلماء الربّانيّين‌ العاملين‌، تدارسوا وتعلّموا وتتلمذوا في‌ مكتب‌ العلماء الربّانيّين‌ تحت‌ رعايتهم‌ وحفظهم‌ وكلاءتهم‌ في‌ كلتا مرحلتي‌ العلم‌ والعمل‌ حتّي‌ صعدوا من‌ سلّم‌ العلم‌ والمعرفة‌ إلی أقصي‌ مدارجة‌ وَبَلَغوا مِنْ مَدارِجِ اليَقينِ وَالتَّفْويضِ وَالتَّسْليمِ أعْلَي‌ مَعارِجِه‌، وبلغوا من‌ منازل‌ فصاروا مثل‌ المودعين‌ والزارعين‌، علماء ربّانيّين‌، وقد صاروا مثل‌ أساتذتهم‌ وعلمائهم‌ الذين‌ درّسوهم‌ ورّبوهم‌ فأوصلوهم‌ إلی المعارف‌ الإلهيّة‌ وإلي‌ مقام‌ الولاية‌.

 بينما الإمام المعصوم‌ ليس‌ له‌ شبيه‌ ولا نظير. ومقام‌ الإمام المعصوم‌ أعلي‌ من‌ هؤلاء وأجلّ. فالمقصود من‌ العلماء الربّانيّين‌ المذكورين‌ في‌ هذه‌ الرواية‌ هم‌ أُولئك‌ العلماء الذين‌ جلسوا علی مسند التعليم‌ وأخذوا بأيديهم‌ أزمّة‌ الهداية‌ وقادوا الناس‌ إلی مصالحهم‌، باعتبارهم‌ المتولّون‌ لزمام‌ المصلحة‌ الواقعيّة‌ للناس‌ والحافظون‌ لبنيان‌ بيّنات‌ الله‌ وحججه‌ علی الارض‌. وَهَكَذا كُلُّ خَلَفٍ عَنْ سَلَف‌.

 ويؤيّده‌ أيضاً، ما ورد في‌ « تحف‌ العقول‌ »: لِئَلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ اللَهِ وَبَيِّنَاتُهُ وَرُوَاةُ كِتَابِهِ. فمن‌ هم‌ رُواةُ الكِتاب‌؟ وهل‌ يمكن‌ القول‌ إنَّهم‌ نفس‌ الائمّة‌؟ نعم‌؛ يمكن‌ القول‌ في‌ حُجَجُ اللَهِ وَبَيِّنَاتُهُ: إنَّ الدرجة‌ العليا في‌ ذلك‌ هي‌ للاءمام‌، لكنّه‌ ليس‌ راوٍ للكتاب‌، وكما هو معلوم‌: أنَّ رُواةُ الكتاب‌ هم‌ العلماء العاملون‌ الذين‌ قد تربّوا علی أيدي‌ الربّانيّين‌ ـ في‌ كلّ زمان‌ ومكان‌ـ. فهم‌ رواة‌ كتاب‌ الله‌ وسنّة‌ رسوله‌.

 وهذه‌ الرواية‌ صريحة‌ في‌ ولاية‌ العلماء الفقهاء. أي‌ أنـّه‌ يجب‌ أن‌ يكونوا علماء وفي‌ أرقي‌ مدارج‌ الفقه‌، حيث‌ إنَّ الإمام علیه السلام‌ قد حصر الولاية‌ فيهم‌ بِقَوْلِهِ: أُولَئِكَ أُمَنَاءُ اللَهِ فِي‌ خَلْقِهِ، وَخُلَفَاؤُهُ فِي‌ أَرْضِهِ، وَسُرُجُهُ فِي‌ بِلاَدِهِ، وَالدُّعَاةُ إلَی دِينِهِ.

 فعناوين‌: الاُمَناء، الخُلَفاء، السُّرُج‌، الدُعَاة‌ تستلزم‌ الولاية‌ والخلافة‌ الإلهيّة‌ في‌ جميع‌ الشؤون‌ العباديّة‌ والاجتماعيّة‌ والسياسيّة‌ من‌  الإفتاء والقضاء والحكومة‌، بِمَراحِلِها وأنْواعِها.

 وَلَعَمْري‌! ولعمري‌! إنَّ هذه‌ الرواية‌ العالية‌ الغالية‌ ( التي‌ نصّ المجلسي‌ّ في‌ شرحها بأنـّها كَثيرَةُ الجَدْوَي‌ للطالبين‌ ومن‌ الاجدر أن‌ يقوم‌ طلاّب‌ العلم‌ كلّ يوم‌ بمطالعتها والنظر إليها بنظر الاعتبار واليقين‌ ) مِنْ أدَلِّ الرَّواياتِ الوارِدَةِ عَلَی وِلايَةِ الفَقيهِ العَادِلِ الجَامِعِ لِلشَّرائِط‌. ولاأدري‌ لاي‌ّ جهة‌ لم‌ يُشر إليها الاعلام‌ ولم‌ يأخذوا بها في‌ باب‌ القضاء والحكومة‌ كدليل‌ من‌ أدلّة‌ ولاية‌ الفقيه‌. ولم‌ يستند إليها الشيخ‌ الانصاري‌ّ في‌ « المكاسب‌ » والنراقي‌ّ في‌ « المستند » و « عوائد الايّام‌ » ولم‌ يذكروها من‌ جملة‌ أدلّة‌ الولاية‌ مع‌ أنـّها مِنْ أدَلِّها وَأصْرَحِها وَأقْواها سَنَداً وَمَتْناً.

 الرجوع الي الفهرس

مَن‌ لا يتّصف‌ بمفاد هذا الحديث‌ من‌ العلماء، غاصب‌ لمقام‌ الولاية‌

 ولو أشكل‌ البعض‌ بخصوص‌ ما جاء في‌ هذه‌ الرواية‌ لمكان‌ بعض‌ الخواصّ والآثار المذكورة‌ فيها، مثل‌ قوله‌ علیه السلام‌: هَجَمَ بِهِمُ العِلْمُ عَلَی حَقِيقَةِ البَصِيرَةِ وَبَاشَرُوا رُوحَ اليَقِينِ. أو قوله‌: وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالمَحَلِّ الاَعْلَي‌. فهذه‌ المعاني‌ عالية‌ جدّاً وفي‌ ذروة‌ الرقي‌ّ والسموّ، لكنّها لا تتناسب‌ مع‌ الاشخاص‌ الذين‌ هم‌ من‌ أهل‌ التعليم‌ والتعلّم‌ والتدريس‌ والمباحثة‌. فينبغي‌ حملها علی جماعة‌ من‌ أهل‌ اليقين‌ الذين‌ ساروا في‌ طريق‌ السير والسلوك‌ والرياضات‌ الشرعيّة‌ وتهذيب‌ النفس‌ والعرفان‌ والاسرار الإلهيّة‌، لانطباق‌ هذه‌ الصفات‌ علی هم‌.

 ونجيب‌ علی ذلك‌ بـ: أنَّ هذا التوجيه‌ ليس‌ صحيحاً علی الإطلاق‌، لانَّ الإمام علیه السلام‌ في‌ هذه‌ الرواية‌ قد حصر خلافة‌ الله‌ علی الارض‌ والدعوة‌ إلی دينه‌ بهؤلاء الاشخاص‌، ويقول‌: من‌ يتمكّن‌ من‌ الدعوة‌، ويتأهّل‌ لخلافة‌ الله‌ علی أرضه‌، هو من‌ تجسّدت‌ فيه‌ الصفات‌، لاغير؛ بينما أخرج‌ الطوائف‌ الاربع‌ من‌ ذلك‌. فلا يمكننا أن‌ نحمل‌ هذه‌ الرواية‌ علی الاشخاص‌ الخارجين‌ عن‌ مجال‌ التدريس‌ والتعلّم‌ والمنشغلين‌ بالاعمال‌ الشخصيّة‌ والسير والسلوك‌. ولا مناص‌ من‌ أن‌ يكون‌ الداعي‌ الربّاني‌ّ وخليفة‌الله‌ هم‌ العلماء والفقهاء العاملين‌ بالتعليم‌ والتعلّم‌ والدرس‌ والتدريس‌، وذوي‌ العقل‌ الوافي‌ والكافي‌، وأهل‌ الخبرة‌ والبصيرة‌ في‌ السياسة‌ وإدارة‌ أُمور الناس‌ وأوضاع‌ الزمان‌، بالإضافة‌ لاتّصافهم‌ بما ذكر الإمام علیه السلام‌ من‌ صفات‌؛ وَإلاَّ لاَ يَكونُ خَليفَةَ اللَهِ. ففاقد هذه‌ الصفات‌ لايكون‌ خليفة‌ الله‌ وداعياً، بل‌ يكون‌ غاصباً لهذا المنصب‌ العظيم‌، ومطروداً من‌ زمرة‌ عباد الله‌ الصالحين‌، ومن‌ جملة‌ الاولياء المقرّبين‌.

 الفقيه‌ المنصوب‌ من‌ قبل‌ الإمام، وصاحب‌ الولاية‌ الكلّيّة‌، والقائم‌ بالاُمور، والحاكم‌ علی النفوس‌ والاموال‌ والاعراض‌، والمربّي‌ للبشر نيابة‌ عن‌ الإمام لابدّ من‌ أن‌ يكون‌ واجداً لهذه‌ الصفات‌ بالضرورة‌ والقطع‌.

 وقد وردت‌ أخبار كثيرة‌ مستفيضة‌ ومتواترة‌ حول‌ اقتران‌ العلم‌ والعمل‌، والقدر المؤيّد من‌ علم‌ الإنسان‌ ما يكون‌ به‌ عاملاً، وما سوي‌ ذلك‌ خيال‌. وقد ورد نهي‌ أكيد عن‌ تصدّي‌ غير العالم‌ الربّاني‌ّ الخارج‌ عن‌ إطاعة‌ هواه‌ والمطيع‌ لامر مولاه‌ للاُمور العامّة‌، من‌ القضاء والحكومة‌ والمرجعيّة‌. ولدينا روايات‌ كثيرة‌ جدّاً ناظرة‌ إلی هذا المعني‌، فلابدّ للذين‌ يتصدّون‌ لاُمور الناس‌ من‌ أن‌ يكونوا أُمناء الله‌ في‌ مرحلتي‌ العلم‌ والعمل‌، وعلي‌ درجة‌ عالية‌ من‌ التقوي‌، ومن‌ أصحاب‌ الاسرار والحجج‌ الإلهيّة‌، وهم‌ والحال‌ هذه‌ ممّن‌ يصدق‌ علی هم‌ قوله‌ علیه السلام‌: هَجَمَ بِهِمُ العِلْمُ عَلَی حَقِيقَةِ البَصِيرَةِ، وقوله‌: وَصَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالمَلاَءِ الاَعْلَي‌ أو بِالمَحَلِّ الاَعْلَي‌.

 اللَهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّد

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)
محتوای بیشتر در این بخش: « فهرست الدرس‌ الرابع‌ عشر »

پیام هفته

تحمیل نظر خویش بر آگاهان
قرآن : ... ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ کُونُوا عِباداً لي‏ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... (سوره نحل، آیه 52)ترجمه: هیچ کس (حتی پیامبر) حق ندارد به مردم بگوید به جای خدا مرا عبادت کنید.حدیث: روی الحلبی قلتُ لاَبی عبدالله علیه السلام ما أدنى ما یکون به العبد کافراً ؟ قال: « أن یبتدع به شیئاً فیتولى علیه ویتبرأ ممّن خالفه (معانی الاخبار ، ص 393)ترجمه: ... حلبی روایت می کند که از امام صادق (ع) پرسیدم : کمترین سبب کافر شدن انسان چیست؟ فرمودند : این‌که بدعتی بگذارد و از آن بدعت جانبداری کند و از هر کس با او مخالفت کند روی برگرداند و آنان را متهم و منزوی سازد.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید