الدرس‌ الثالث‌

الدرس‌ الثالث‌:

 الآيات‌ الدالّة‌ علي‌ ولاية‌ الإمام‌ المعصوم‌

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

و صلَّي‌ اللهُ علي‌ محمد و ءاله‌ الطَّاهرين‌

 

و لعنة‌ اللَه‌ علي‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلي‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

و لا حول‌ و لا قوّة‌ ألاّ باللَه‌ العليّ العظيم‌

 

 اَفَمَنْ يَهْدِي‌´ إلَی‌ الْحَقِّ أَحَقُّ أَن‌ يُتَّبَعَ أَمَّن‌ لاَّ يَهِدِّي‌´ إلاَّ أَن‌ يُهْدَي‌' فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ. [16]

 هذه‌ ءاية‌ أُخري‌ من‌ الآيات‌ الدالّة‌ علي‌ وجوب‌ طاعة‌ الإمام‌ المعصوم‌، و أنّ مَن‌ يستطيع‌ أوّلاً و بالذات‌ أن‌ يحكم‌ بين‌ الناس‌ و يكون‌ واجب‌ الإطاعد و الممتلك‌ لمقام‌ العصمة‌، فانّ علمه‌ علم‌ حضوريّ و الهيّ، و قلبه‌ متئصل‌ بالحقّ تعالي‌، لا أن‌ تكون‌ علومه‌ علوماً اكتسابية‌.

 و شاهدنا في‌ هذه‌ الآية‌ المباركة‌ الاستدلال‌ علي‌ ولاية‌ الإمام‌ لا ولاية‌ الفقيه‌.

 و تقريب‌ الاستدلال‌ بهذا النحو: إنّ احتجاج‌ آيت‌ القرءان‌ هنا مبنيّ علي‌ لزوم‌ اتّباع‌ الحقّ. فعلي‌ الانسان‌ أن‌ يتّبع‌ الحقّ الذي‌ هو عين‌ الواقعيّة‌ و الاصالة‌ و الحقيقة‌، في‌ مقابل‌ الباطل‌ الفاقد للاصالة‌ و الواقعية‌، و المبتني‌ علي‌ أساس‌ الاعتبارات‌ و الاوهام‌ و الامور السرابيّة‌ و الوهميّة‌ و الخياليّة‌. الحقّ هو صلب‌ الواقع‌. و العلوم‌ الحضورية‌ للائمّة‌ عليهم‌ السّلام‌ هي‌ عين‌ الحقّ، لانّ الباطل‌ ليس‌ له‌ طريق‌ إليها، خلافاً للعلوم‌ التي‌ يكتسبها الإنسان‌ من‌ الخارج‌ و المشوية‌ بالباطل‌ و المتحملة‌ للخطأ و الاشتباه‌.

 و لذا يقول‌ الله‌ تعالي‌ في‌ هذه‌ الآية‌ المباركة‌: إنّ الإنسان‌ يجب‌ أن‌ يتّبع‌ من‌ كان‌ قلبه‌ متّصلاً بالحقّ و الحقيقة‌، لاتدخل‌ فيه‌ أيّه‌ شائبة‌ من‌ البطلان‌ و الآراء الشخصيّة‌ و الاهواء النفسانية‌. و خلاصة‌ الامر مَنْ لايميل‌ قلبُه‌ الي‌ الباطل‌ بأي‌ وجه‌ من‌ الوجوه‌.

 فبناء الاستدلال‌ في‌ هذه‌ الآيات‌ المباركة‌ الواردة‌ في‌ هذه‌ السورة‌ الشريفة‌ علي‌ هذا الاساس‌: أي‌ الاستدلال‌ علي‌ لزوم‌ اتّباع‌ الحقّ لانّ الله‌ تعالي‌ يقول‌:قُلِ اللَهُ يَهْدِي‌ لِلْحَقِّ.

 فبعد أن‌ أخذ الله‌ تعالي‌ بواسطة‌ الاستفهام‌ الإنكساري‌ إقراراً بالمعني‌ من‌ المشركين‌، قبل‌ هذه‌ الجملة‌: قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُم‌ مَنْ يَهْدِي‌ إلي‌ الْحَقِّبأنّ الشركاء الذين‌ جعلوهم‌ للّه‌ تعالي‌ لايستطيعون‌ هداية‌ الإنسان‌ الي‌ الحقّ، أحباب‌ بلافصل‌: قُلِ اللَهُ يَهْدِي‌ لِلْحَقِّ. و من‌ البديهي‌ أنّ المقام‌ يستلزم‌ الإجابة‌ الفوريّة‌ علي‌ هذا السؤال‌ و لاينتظر جواب‌ المخاطب‌، لذا فقد أجاب‌ فوراً بهذا الشكل‌ فقال‌: قُلِ اللَهُ يَهْدِي‌ لِلْحَقِّ ثمّ قالَ: أَفَمَنْ يَهْدِي‌ إلَی‌ الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّن‌ لاَّ يَهِدِّي‌´ إلاَّ أَن‌ يُهْدَي‌.

 و نلاحظ‌ هنا أنّه‌ علي‌ أساس‌ مبني‌ لزوم‌ متابعة‌ الحقّ هذا، فقد جعل‌ الله‌ تعالي‌ معادلة‌ بين‌ قوله‌: أَفَمَنْ يَهْدِي‌´ إلَی‌ الْحَقِّ و قوله‌: مَّنْ لاَيَهِدِّي‌ إِلاَّ أَن‌ يُهْدَي‌. و الاستفهام‌ يجب‌ أن‌ يكون‌ له‌ طرفان‌ ـ لان‌ الاستفهام‌ يتردّد دوماً بين‌ النفي‌ و الإثبات‌ ـ و أحد طرفي‌ الاستفهام‌ هنا: أَفَمَنْ يَهْدِي‌ إلَی‌ الْحَقِّ و طرفه‌ الآخر أَمَّن‌ لاَّ يَهِدِّي‌ إلاَّ أَن‌ يُهْدَي‌. و نحن‌ نعلم‌ أن‌ «يَهْدِّي‌» من‌ باب‌ الافتعال‌، و أصلها يَهتدي‌، لانّه‌ يجوز قلب‌ «التّاء» و «إلاَّ» و ادغامها بالدال‌ الاخري‌ و كسر «الهاء» للمناسبة‌، فتصبح‌ يَهْتَدِي‌: يَهْدِّي‌، فلا يهدِّي‌ إذن‌ تعني‌ لايهتدي‌، و نري‌ في‌ هذه‌ الصورة‌ أنّ طرفي‌ المعادلة‌ هذين‌ لايستقبحان‌ في‌ هذا للاستفهام‌، ذلك‌ لانّ المعادلة‌ الصحيحة‌ يجب‌ أن‌ تكون‌ بين‌ النفي‌ و الإثبات‌، فنقول‌ مثلاً: هل‌ جاء زيد أم‌ لم‌ يأت‌ ؟ و هو استفهام‌ بين‌ النفي‌ و الإثبات‌. لكن‌ هل‌ يمكن‌ القول‌ يا تري‌: هل‌ جاء زيد أم‌ أن‌ غرفته‌ مُظلمة‌ ؟ كلاّ بالطبع‌ فهذا استفهام‌ غير صحيح‌، فظلمة‌ غرفة‌ زيد لايمكن‌ أن‌ تكون‌ عِدلاً لمجي‌ء زيد. و علينا أن‌ نقول‌ إذن‌: هل‌ جاء زيد أم‌ لم‌ يأت‌ ؟ أو نقول‌ مثلاً: هل‌ ذكرت‌ هذا الامر لعمر و أم‌ لم‌ تذكره‌ ؟ بحيث‌ يدور لإسفتهام‌ دوماً بين‌ النفي‌ و الإثبات‌.

 الرجوع الي الفهرس

الآية‌ الشّريفة‌: أَفَمَن‌ يَهْدِي‌´ إلَی‌ الْحَقِّ أَحَقُّ أَن‌ يُتَّبَعَ أَمَّن‌ لاَّ يَهِدِّي‌´ إِلاَّ أَن‌ يُهْدَي‌'

 لو كانت‌ هذه‌ الآية‌ هنا: أَفَمَنْ يَهْدِي‌ إلَی‌ الْحَقِّ أَحَقُّ أَن‌ يُتَّبَعَ أَمَّن‌ لاَّ يَهِدِّي‌. يَهْدِي‌ أوْ لاَ يَهْدِي‌' فكان‌ نفياً و إثباتاً، فلا إشكال‌ في‌ الامر. لكن‌ المعادلة‌ في‌ هذه‌ الآية‌ بنحو آخر، فهي‌ تقول‌: هل‌ الذي‌ يهدي‌ الي‌ الحقّ أحقّ أن‌ يتَّبعه‌ الإنسان‌ (هَدَي‌ يَهْدِي‌ فعل‌ متعدّي‌) أم‌ ذلك‌ الذي‌ لا يهتدي‌ إلاّ أن‌ يهدي‌ ؟! و الذي‌ لايهتدي‌ ليس‌ عِدلاً لمن‌ يُهدي‌.

 و علينا القول‌ هنا: إنّ هذه‌ المعادلة‌ أنّما تصحّ فيما لو كان‌ في‌ لكلّ طرف‌ جملة‌ مقدَّرة‌، كما لو سألتكم‌: هل‌ جاء زيد أم‌ أن‌ غرفته‌ مظلمه‌ ؟ و ظلمة‌ غرفة‌ زيد ليس‌ عِدلاً لمجيئة‌ في‌الاستفهام‌، لكن‌ حيث‌ إنّا علمنا بالملازمة‌ الخارجيّة‌ أنّ زيداً كلمّا جاء أضاء غرفته‌، و حين‌ لايكون‌ قد ألتي‌ فان‌ غرفته‌ ستكون‌ مظلمة‌، فعندئذٍ و بدلاً من‌ أن‌ نذكر جزئي‌ كلتا الملازمين‌ فانّنا نذكر إحداها في‌ طرف‌ و الآخر في‌ الطرف‌ الآخر و نحذف‌ من‌ ] كلا [ طرفي‌ المعادلة‌ جزءاً.

 أي‌ بدلاً من‌ أن‌ نقول‌: هل‌ جاء زيد و غرفته‌ مضاءة‌ أم‌ لم‌ يأت‌ و غرفته‌ مظلمة‌ ؟ فانّنا نقول‌: هل‌ جاء زيد أم‌ أن‌ غرفته‌ مظلمة‌ ؟ و هناك‌ الكثير من‌ الاستعمالات‌ بهذا النحو.

 و الآية‌ محلّ البحث‌ من‌ هذا القبيل‌ أيضاً و السبب‌ في‌ ذلك‌ هو أن‌ لاَ يَهِدِّي‌ (لاَ يَهتَدِي‌) إلاّ أن‌ يُهْدَي‌ لا يمكنها أن‌ تكون‌ عِدلا ل أَفَمَنْ يَهْدِي‌ لتكون‌ عِدلاً لهذه‌ المعادلة‌ إلاّ بتقدير جملتين‌: إحداها في‌ جانب‌ الإثبات‌ و الاُخري‌ في‌ جانب‌ النفي‌.

 فتأني‌ المعادلة‌ إذن‌ بهذه‌ الصورة‌: أَفَمَنْ يَهْدِي‌ إلَی‌ الْحَقِّ وَ يَهْتَدِي‌ بِنَفْسِهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّن‌ لايَهْدِي‌ إلَي‌ الْحَقِّ وَ لاَ يَهْتَدِي‌ إلاَّ أَنْ يُهْدَي‌.

 بما انّ في‌ الطرف‌ الآخر للمعادلة‌: أَمَّنْ لاَ يَهْدِّي‌ إِلاَّ أَنْ يُهْدَي‌' أي‌ من‌ لايهتدي‌ إلاّ أن‌ يقوم‌ غيرُه‌ من‌ الناس‌ بهدايته‌ أي‌ أنْ هدايته‌ غيريّة‌، ففي‌ هذا الطرف‌ من‌ المعادلة‌ يكون‌ مَن‌ يَهْتَدِي‌ بِنَفْسِه‌ أي‌ من‌ تكون‌ هدايته‌ ذاتية‌ دونما تعلّم‌ أو تعليم‌ أو هداية‌ من‌ الآخرين‌.

 فالآية‌ إذن‌ تريد أن‌ تقول‌: إنّ مَن‌ يَهدي‌ يجب‌ أن‌ تكون‌ هدايته‌ ذاتية‌ ولايكون‌ ممّن‌ يُهْدَي‌ بالغير و يَهْتَدي‌ بالتعليم‌ و التدريس‌، و انّما يَهْتَدِي‌ بنفسه‌، و هذا هو العلم‌ الحضوري‌. فالذين‌ يمتلكون‌ العلم‌ الحضوري‌ قد اهتدوا بأنفسهم‌ بالهداية‌ الإلهية‌.

 و علي‌ هذا فانّنا نجعل‌ جملة‌: أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ مثل‌ لسان‌ الميزان‌ و نقول‌ انّ في‌ هذا الطرف‌ من‌ المعادلة‌ أَفَمَن‌ يَهْدِي‌ إلَي‌ الْحَقِّ وَ يَهْتَدِي‌ بِدُونَ أَنْ يُهْدَي‌ أي‌ من‌ لانكون‌ هدايته‌ بالغير، و انّما من‌ اهتدي‌ بنفسه‌ بهداية‌ ذاتيّة‌، فهذا أَحَقُّ أَن‌ يُتَّبَعَ.

 بينما نقول‌ انّ في‌ ذاك‌ الطرف‌ من‌ المعادلة‌ أَمَّن‌ لاَيَهْدِي‌ إلَی‌ الْحَقِّ وَ لاَ يَهِدِّي‌ إلاّ أَن‌ يُهْدَي‌ أي‌ مَن‌ كانت‌ هدايته‌ بالغيره‌.

 و نتيجة‌ هذه‌ المعادلة‌ هي‌: إنّ كلّ مَن‌ كانت‌ هدايته‌ غيريّة‌ لايمكن‌ أن‌ يهدي‌ إلي‌ الحقّ، فالذي‌ يهدي‌ إلي‌ الحقّ يجب‌ أن‌ تكون‌ هدايته‌ ذاتيّ´ و نفسيّة‌، و الذي‌ يهدي‌ إلي‌ الحقّ هو من‌ تكون‌ هدايته‌ ذاتية‌ و إلهيّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 أَفَمَن‌ يَهْدِي‌´ إلَی‌ الْحَقِّ ويَهْتَدِي‌ بِنَفْسِهِ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّن‌ لايَهْدِي‌ إلَي‌...

و هذا هو معني‌ العلم‌ الحضوري‌ الذي‌ له‌ الفعليّة‌ و الذي‌ يكون‌ علماً فعليّاً للشخص‌ الذي‌ يحصل‌ عليه‌ و يُعطاه‌، فيصونه‌ الله‌ تعالي‌ بواسطه‌ هذا العلم‌ الحضوري‌ مَن‌ جميع‌ الزلاّات‌ و الخطايا: و ظهور الآية‌ في‌ هذا المعني‌ ـ بعد هذا البيان‌ الدقيق‌ ـ واضح‌ و بيّن‌ جدّاً. و عند ما تكلمّت‌ فيما مضي‌ مع‌ أحد علماء مشهد حول‌ هذه‌ الآية‌ قال‌: ما هذا الذي‌ تقوله‌ أيّها السيّد ! إذ معني‌ الآية‌ ظاهر، و هو أنّه‌ هل‌ من‌ الافضل‌ اتّباع‌ الذي‌ يهدي‌ الي‌ الحقِّ أم‌ الذي‌ لايهدي‌ ؟ فكيف‌ تستفيدون‌ العصمة‌ من‌ هذا ؟!

 فقلت‌ له‌: نعم‌ لو كان‌ الشقّ الآخر من‌ الآية‌: أَمَّن‌ لايَهْدِي‌ و كانت‌ الآية‌ بهذا النحو: أَفَمَنْ يَهْدِي إلَی‌ الْحَقِّ أَحَقُّ أَن‌ يُتَّبَعَ أَمَّن‌ لاَّ يَهْدِي‌ و كان‌ هناك‌ نفي‌ و إثبات‌ لكان‌ كلامكم‌ تامّاً. ولكن‌ للقرءان‌ في‌ كلماته‌ و عباراته‌ في‌ كلّ «واو» و «فاء» معني‌، و قد حصل‌ مكان‌ لاَ يَهْدِي‌،  لاَ يَهِدِّي‌ ولكي‌ يبيّن‌ أنّ: «يَهِدِّي‌» ليست‌ هداية‌ ذاتيّة‌،... بعبارة‌ إِلاَّ أَن‌ يُهْدَي‌.

 و هذا القرءان‌ قَول‌ فصل‌ وَ مَا هُوَ بِالْهَزْلِ [17]  فكيف‌ نستيطع‌ أن‌ نأخذ يَهِدِّي‌ الواردة‌ هنا علي‌ أنّ يَهْدِي‌ من‌ دون‌ دليل‌ ؟! فنجعل‌ الفعل‌ اللازم‌ متعدّياً، و نضع‌ المعني‌ و المراد الخاصّ بنا في‌ قالب‌ القرءان‌ ؟! فهذا ليس‌ بالامر الصحيح‌.

 و يُفهم‌ ممّا بيناه‌ و شرحناه‌ أنّ هذه‌ الآية‌ أنّما وردت‌ فقط‌ في‌ عصمة‌ الإمام‌ (الإمام‌ المعصوم‌ القائم‌ بالامور و الذي‌ يجب‌ أن‌ يقضي‌ و يحكم‌ بين‌ الناس‌).

 و من‌ هنا يتضح‌ انّ استدلال‌ بعض‌ الاعلام‌ بهذه‌ الآية‌ علي‌ ولاية‌ الفقيه‌ ـ كما سعمت‌ ذلك‌ بنفسي‌ أحد الايّام‌ التي‌ كانت‌ تُقام‌ فيها صلآ الجمعة‌ في‌ مقبرة‌ جنّة‌ الزهراء و كنت‌ حاضراً [18] ـ استدلال‌ غير صحيح‌.

 الرجوع الي الفهرس

اتّحاد مفاد الآية‌ مع‌ آية‌: وَجَعَلْنَـ'هُمْ أَنءِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا

 و هذه‌ الآية‌ من‌ حيث‌ المجموع‌ بمثابة‌ قول‌ الله‌ تعالي وَجَعَلْنَـهُمْ يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَا إلَیهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَ إِقَامَ الصَّلَـ'وةِ وَ إِيتَآءَ الزَّكَـ'وةِ وَ كَانُوا لَنَا عَـ'بِدِينَ. [19] يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا: أي‌ أنّ أمرنا بأيديهم‌ فنحن‌ نمسك‌ برباط‌ قلوبهم‌ من‌ عالم‌ الامر المختصّ بنا وَ مَآ أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ[20].

 فيدعون‌ الناس‌ بأمرنا الي‌ الصراط‌ المستقيم‌. الامر يعني‌ نفس‌ المشبئة‌ الحقيقة‌ الإلهية‌ التي‌ لاخطأ فيها.

 و علاوة‌ علي‌ هذا فانّه‌ في‌ جملة‌ وَ أَوْحَيْنَا إلَیهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ لم‌ يقل‌: وَ أوحينا إليهم‌ أن‌ افعلوا الخيرات‌، أي‌ ءاتوا بالاعمال‌ الحسنة‌ أو أقيموا الصلاة‌، و انّما أوحينا إليهم‌ نفس‌ فعل‌ الخيرات‌، أوحينا إليهم‌ الصلاة‌، و أوحينا إليهم‌ الزكاة‌. يعني‌ أنّ وجودهم‌ مصداق‌ للصلاة‌ و الزكاة‌.

 و هذه‌ الآية‌ بعد ذكر ابراهيم‌ عليه‌ السلام‌ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً [21]. و قولهم‌ حَرِّقُوهُ وَانْصُرُو´ا آلِهَتِكُمْ إِن‌ كُنتُمْ فَـ'عِلِينَ[22].. و بعد ذكر لوط‌ و إسحاق‌ و يعقوب‌ عليهم‌ السّلام‌ الذين‌ وهبهم‌ الله‌ لإبراهيم‌ بصفة‌ نافلة‌. لقد وردت‌ هذه‌ الآية‌ بعد ذلك‌ و قالت‌ وَ جَعَلْنَـ'هُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا. و بناءً عليه‌ فانّ ضمير «هُمْ» يرجع‌ الي‌ هؤلإ الانبياء المذكورين‌.

 و هذه‌ الهداية‌ للامر هي‌ نفس‌ العلم‌ الحضوري‌، كما انّ الشخص‌ الذي‌ يهديه‌ الله‌ من‌ عالم‌ الامر لايعود بحاجة‌ الي‌ العلوم‌ الاكتسابية‌ و الاهواء و الآراء و النيّات‌ و أباطيل‌ الناس‌ اليت‌ لم‌ يتميّز فيها الحقّ من‌ الباطل‌، و يم‌ يصر فيها العلم‌ علماً صِرفاً و خالصاً. فهؤلإ يُهدون‌ من‌ هذا العالم‌ لعالم‌ الامر الذي‌ هو أمر الله‌، و لاتوجد هناك‌ أية‌ شائبة‌ بطلان‌ و زَلَلٍ و اشتباه‌.

 و هي‌ كذلك‌ بمثابة‌ الآية‌ الاُخري‌ من‌ القرآن‌ التي‌ تقول‌: وَ جَعَلْنَـ'هُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرو´ا وَ كَانُوا بِأَيَـ'تِنَا يُوقِنُونَ[23].

 و هذه‌ الآية‌ جاءت‌ بعد ذكر موسي‌' عليه السّلام‌ في‌ قوله‌ تعالي‌: وَ لَقَدْ أَتَيْنَا مُوسَي‌' الْكِتَـ'بِ فَلاَ تَكُن‌ فِي‌ مِرْيَةٍ مِّن‌ لِّقَآئِهِ وَ جَعَلْنَـ'هُ هُديً لِّبَنِّي‌´ إسْرَآءِيلَ[24].

 و نباءً عليه‌ فانّ ضمير جمع‌ الغائب‌ في‌ قوله‌ تعالي‌: وَ جَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يرجع‌ إلي‌ بني‌ اسرائيل‌. أي‌ أنّ الله‌ قد جعل‌ بعض‌ أنبياء بني‌ اسرائيل‌ أئمّة‌، و فوّض‌ إليهم‌ من‌ بين‌ الانبياء سمة‌ الولاية‌ و الإمارة‌ هذه‌. و هي‌ ءاية‌ أخري‌ من‌ ءايات‌ القرآن‌ الدالّة‌ علي‌ العصمة‌ و لزوم‌ متابعة‌ الإمام‌. حيث‌ يجب‌ أن‌ يكون‌ الإمام‌ ممتلكاً للمصونية‌ من‌ الباطل‌ و الآراء الشخصيّة‌ و الاهواء. و يجب‌ أن‌ يكون‌ علمه‌ حضورياً و متحقّقاً بالحقّ بشكل‌ حتمي‌.

 الرجوع الي الفهرس

 آية‌: يَـ'دَاوُ و دُ إِنَّا جَعَلْنَـ'كَ خَلِيفَةً فِي‌ الاْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ

و من‌ الآيات‌ الاخري‌ التي‌ تدلّ علي‌ ولاية‌ المعصوم‌ قوله‌ تعالي‌: يَـ'دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَـ'كَ خَلِيفَةً فِي‌ الاْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَ لاَ تَتَّبِعِ الْهَوَي‌' فَيُضِلَّكَ عَن‌ سَبِيلَ اللَهِ[25].

 و هو خطاب‌ من‌ الله‌ تعالي‌ الي‌ داود علي‌ نبيّنا و آله‌ و عليه‌ السّلام‌.

 خَلِيفَة‌ اللَه‌: هُوَ الَّذِي‌ تَجْتَمِعُ فِيهِ الصِّفَاتُ الْعَبُودِيّةِ بِتَمَامِهَا الْمُحَاذِيَةُ لِلصِّفَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ لِذَاتِهِ جَلَّ شَأنُهُ بِتَمَامِهَا، وَ لاَ تَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِالْعِصْمَةِ (عَبْدِي‌ أَطِعْنِي‌ حَتَّي‌ أَجْعَلَكَ مِثْلِي‌، أَوْ مَثَلَي‌) و هذه‌ الخلافة‌ بهذه‌ الخصوصية‌ التي‌ بُيّنت‌ بنحو الاطلاق‌ و التي‌ لم‌ تكن‌ خلافة‌ من‌ جهة‌ دون‌ جهة‌ لاتتحقّق‌ إلاّ بالعصمة‌. أي‌ أن‌ ذلك‌ الشخص‌ الذي‌ له‌ العصمة‌ بكلّ ما للكمة‌ من‌ معني‌' هو الذي‌ يكون‌ خليفة‌ الله‌ بكلّ ما للكمة‌ من‌ معني‌. و إلاّ كان‌ خليفة‌ الله‌ في‌ جهة‌ دون‌ جهة‌؛ أي‌ كان‌ فيه‌ نقصان‌ من‌ جهة‌ و مزية‌ من‌ جهة‌ أُخري‌، و نباءً عليه‌ فالعصمة‌ من‌ لوازم‌ و ءاثار هذه‌ الخلافة‌.

 و تقريب‌ الاستدلال‌ بهذه‌ الآية‌ الشريفة‌ هو أن‌ نقول‌: إنّ الله‌ تعالي‌ قد فرّع‌ هنا جواز الحكم‌ بين‌ الناس‌ علي‌ كون‌ داود خليفة‌ الله‌ في‌ الارض‌ إِنَّا جَعَلْنَـ'كَ خَلِيفَةً فِي‌ الاْرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ. فعلي‌ علي‌ أيّ شي‌ء تفرّع‌ الحكم‌ بين‌ الناس‌ ؟ علي‌ كونه‌ خليفة‌ الله‌.

 فاذا ما اعترض‌ أحد أوّلاً بأنّ الآية‌ الشريفة‌ جعلت‌ وجوب‌ الحكم‌ متفرعاً علي‌ الخلافة‌، و عليه‌ فان‌ تكون‌ نافية‌ للجواز عن‌ غير النبيّ أو الوصيّ.

 و ثانياً: بأنّ الحكم‌ بالحقّ بين‌ الناس‌ هو الذي‌ فرِّع‌ علي‌ الخلافة‌، لا أصل‌ الحكم‌، و عليه‌ فانّ التفريع‌ في‌ الآية‌ سيرجع‌ الي‌ قيد الحكم‌، الذي‌ هو (بالحقّ)، فالآية‌ الشريفة‌ إذن‌ لاتكون‌ متعلّقة‌ ببحث‌ «إثبات‌ ولاية‌ و حكومة‌ المعصوم‌».

 فيجب‌ أن‌ نقول‌ جواباً علي‌ كلا الإشكالين‌ كما قال‌ المرحوم‌ الحاجّ الشيخ‌ محمد حسن‌ الآشتياني‌ في‌ كتاب‌ القضاء أنّه‌ أوّلاً: إنّ الامر إذا وقع‌ في‌ مقام‌ توهّم‌ الخطر فانّه‌ يفيد الجواز، لاالوجوب‌. و ثانياً: إنّ ظهور الآية‌ في‌ تفريع‌ الحكم‌ بالحقّ، بنحو القيد و المقيّد جميعاً، علي‌ الخلافة‌ الإلهية‌ بلا اشكال‌.

 و من‌ الآيات‌ الاُخري‌ التي‌ يمكن‌ الاستدلال‌ بها علي‌ لزوم‌ اتّباع‌ الإمام‌ المعصوم‌ هي‌ الآية‌ المباركة‌ التي‌ يقول‌ الله‌ تعالي‌ فيها لرسوله‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌:

 إِنَّآ أَنزَلْنَا إلَیكَ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَآ أَر'يكَ اللَهُ وَ لاَ تَكُن‌ لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً[26].  بل‌ لتكون‌ مدافعاً عن‌ المؤمنين‌ ضد الخائنين‌.

 و الاستدلال‌ بهذه‌ الآية‌ متوقّف‌ أيضاً علي‌ لزوم‌ انحصار التبعيّة‌ للحق‌، و عدم‌ وجود فصل‌ بين‌ الحقّ والباطل‌. حيث‌ جاء في‌ القرءان‌ الكريم‌: فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلَـ'لِ فَأَنَّي‌' تُصْرَفُونَ[27].. فليس‌ ثمّة‌ فاصل‌ بين‌ الحقّ و الباطل‌. فإذا عدلتم‌ عن‌ الحقّ وقعتم‌ في‌ شراك‌ الباطل‌. و لايمكن‌ أن‌ يجد الإنسان‌ مكاناً يكون‌ برزخاً بين‌ الحقّ و الباطل‌. فا7ذا كان‌ ثمّة‌ أمر متحقّق‌ بالحقّ و كان‌ واقعيّاً صرِفاً فذلك‌ هو الحقّ، و إلاّ فهو باطل‌.  و لا وجود لبرزخ‌ بين‌ الحقّ و الباطل‌.

 و الآية‌ هنا تقول‌: لقد أنزلنا إليك‌ القرءان‌ بالحقّ. يعني‌ عين‌ الحقّ و الحقيقة‌ و صلب‌ الواقع‌ و الاصالة‌، بحيث‌ لاتكون‌ فيه‌ شائبة‌ من‌ الآراء الشيطانيّة‌ و الافكار النفسانيّة‌ و الآراء الشخصيّ´ و المطالب‌ التي‌ لاتنطبق‌ علي‌ الواقع‌. و إنّما أنزلنا عليك‌ من‌ أخبار الماضين‌ و القوانين‌ و المعارف‌ ما هو صلب‌ الواقع‌ و حاقّ الحقيقة‌ 7 لكي‌ تحكم‌ بين‌ الناس‌ بما أراك‌ الله‌.

 فتلك‌ الرؤية‌ التي‌ أعطاكها الله‌ تعالي‌ إذن‌ رؤية‌ معطاة‌ علي‌ أساس‌ هذا الحقّ و اساس‌ حقيقة‌ نزول‌ القرآن‌ هذه‌. و رؤيتك‌ تلك‌ علم‌ حضوري‌ و وجداني‌، لانّنا انّما أنزلنا عليك‌ القرءان‌ لتحكم‌ بِمَا أَرَئـ'كَ اللَهُ امّا إذا لم‌ يكن‌ نازلاً بالحقّ لم‌ تكن‌ لايتك‌ رؤية‌ إلهية‌، و لكانت‌ رؤية‌ شخصيّة‌ و مشوبة‌ بالباطل‌.

 و عليه‌ فانّنا عندما أنزلنا القرءان‌ بالحقّ فلاجل‌ أن‌ تكون‌ نظرتك‌ و فكرتك‌ حقاً متّصلاً بالغيب‌ و الاصالة‌ و الحقيقة‌ (و هذا معني‌ العلم‌ الحضوري‌ و الوجداني‌)، لكي‌ تحكم‌ بين‌ الناس‌ بِمَا أَرئ'ك‌ اللَهُ. و هذا متفرّع‌ علي‌ نزول‌ القرءان‌ بالحقّ. فنزول‌ القرءان‌ بالحقْ علي‌ قلب‌ النبّي‌ ـ و هو الواعي‌ للوحي‌ الإلهي‌، و المتلقّي‌ للاسرار اللاهويتة‌ و الجبروتية‌ و الملكوتية‌ للّه‌ ـ علّة‌ لكي‌ يترتّب‌ عليه‌ معلوله‌. و معلوله‌ هو الحكم‌ بين‌ الناس‌ بما أراه‌ اللّه‌ و هو الحقّ. فنحن‌ أنزلنا القرءان‌ لكي‌ تحكم‌ بين‌ الناس‌ بما أراك‌ اللّه‌ الذي‌ هو الحقّ.

 الرجوع الي الفهرس

آية‌: فَلاَوَرَبِّكَ لاَيُؤمِنُونَ حَتَّي‌' يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ

 و من‌ الآيات‌ القرءانيّة‌ الاخري‌ هذه‌ الآية‌: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَ'حِدَةً فَبَعَثَ اللَهُ النَّبِيِـنَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنذِرِينَ وَ أَنزَلَ مَعَهُمَ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ[28].

 في‌ هذه‌ الآية‌ أيضاً كان‌ الحكم‌ بين‌ الناس‌ في‌ المسائل‌ المختلف‌ فيها متفرّعاً علي‌ نزول‌ الكتب‌ علي‌ الانبياء بالحقّ. و يُستفاد هنا أيضاً بنفس‌ التقريب‌ الذي‌ بيّناه‌ في‌ الآية‌ السابقة‌. أنّ الحكم‌ بين‌ الناس‌ يجب‌ أن‌ يكون‌ مترتّباً بالحقّ. و هو نزول‌ الكتاب‌ بالحقّ علي‌ الانبياء.

 و من‌ الآيات‌ الاُخري‌ هذه‌ الآية‌: وَ أَنزَلْنَآ إلَیكَ الْكِتَـ'بَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقَاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَـ'بِ [29] وَ مُهَيْمِناً عَلَیهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ اللَهُ وَ لاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ الْحَقِّ. [30]

 فهول‌ لم‌ يقل‌: لاتتبع‌ أقوالهم‌ و لا كلامهم‌ و لا حتّي‌ فكرهم‌، و ذلك‌ لانّ لها أصالة‌ و واقعية‌، لذا لم‌ يذكر أيّاً من‌ هذه‌ التعبيرات‌، و انّما قال‌ وَ لاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ و الاهواء تعني‌ الافكار الخالية‌ و الجوفاء بلا محتوي‌.

 و قد أستعمل‌ هذا اللفظ‌ في‌ كثير من‌ آيات‌ القرءان‌ المجيد، أي‌ أنّ أفكارهم‌ باطل‌ و أهواء و هواء. لقد أنزلنا القرءان‌ عليك‌ بالحقّ لكي‌ تحكم‌ بينهم‌ بما أنزل‌ الله‌، حيث‌ أنّ ذلك‌ الحكم‌ بالحقّ. و بالطبع‌ فانّ هذا الحقّ قد صاد متحقّقاً، وَ لاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ثمّ يقول‌ بُعَيْد هذا الكلام‌: وَ أَنِ احْكُمْ بَيْنَهُم‌ بِمَا أَنزَلَ اللَهُ وَ لاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتَنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَآ أَنزَلَ اللَهُ إلَیكَ. [31]

 فاحذر أن‌ تتأثر ولو شيئاً قليلاً بآرائهم‌ الشخصيّة‌ و خيالاتهم‌، لانّ تلك‌ الاهواء باطلة‌ و شيطانيّة‌ لا أصالة‌ لها، و أنّ ما أنزله‌ الله‌ إليك‌ هو عين‌ الحقّ و الحقيقة‌.

 و تقريب‌ الاستدلال‌ بهذه‌ الآية‌ الكريمة‌ أيضاً علي‌ وجوب‌ اتّباع‌ المعصوم‌ كما سبق‌، و ذلك‌ لان‌ الحكم‌ بما أنزل‌ اللّه‌ قد فُرِّع‌ علي‌ نزول‌ الكتاب‌ بالحقّ، أي‌ أنّه‌ ما أنّا انزلنا الكتاب‌ عليك‌ بالحقّ، لذا فانّك‌ أنت‌ الذي‌ يجب‌ أن‌ تحكم‌ بين‌ الناس‌، امّا مَنْ لم‌ يتحقّق‌ بالحقّ، فليس‌ له‌ حقّ الحكم‌ بين‌ الناس‌.

 و من‌ آيات‌ القرءآن‌ المباركة‌ الاخري‌ هذه‌ الآية‌: فَلاَ وَ رَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّي‌' يُحَكِّمُونَفِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي‌ أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْ وَ يُسَلِّمُوا تَسْلِيماً. [32]

 فلا يكون‌ هناك‌ حرج‌ و لاضيق‌ في‌ صدر مَن‌ يُحكم‌ عليه‌، إذ أنّه‌ من‌ الطبيعي‌! أن‌ يكون‌ الحكم‌ لشخص‌ علي‌ شخص‌، وَ يُسلّموا تسليماً بَطلّ ما للكلمة‌ من‌ معني‌، كان‌ يكون‌ الحكم‌ للشخص‌ علي‌ حدّ سواء، كان‌ الحقّ له‌ أو عليه‌.

 و هذا هو الإيمان‌، و في‌ تلك‌ الحال‌ فانهم‌ سيكونون‌ قد ءامنوا، و الامر كذلك‌ أيضاً في‌ الواقع‌. و ذلك‌ لان‌ قلب‌ النبيّ و وجوده‌ عين‌ الحقّ و عين‌ الواقع‌، أفيمكن‌ أن‌ يحكم‌ بالباطل‌ ؟! انّ مثله‌ في‌ ذلك‌ مثل‌ الله‌، فهل‌ ممكن‌ أن‌ يحكم‌ الله‌ بالباطل‌. مع‌ اطّلاعيه‌ علي‌ جميع‌ العلوم‌ و الوقائع‌ ؟! و عليه‌ فانّ وجود الموجودات‌ هو العلم‌ الحضوري‌ للّه‌، و العلم‌ الفعلي‌ الحضوري‌ للّه‌ هو نفس‌ الموجودات‌.

 لقد أراد النبيّ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ أن‌ يُقسّم‌ خُمس‌ غنائم‌ حُنين‌ فأعطي‌ سهماً أكبر بقليل‌ لبعض‌ المسلمين‌ حديثي‌ العهد بالإسلام‌، فجاءه‌ أحد أصحابه‌ و قال‌ له‌: يا رسول‌ الله‌ اعدِل‌ ! فأجابه‌ النبيّ: وَيْحَكَ ! إِنْ لَمْ أَعْدِل‌ فَمَنْ يَعْدِلٌ ؟!

 و حصل‌ في‌ إحدي‌ تلك‌ التقسيمات‌ أيضاً أنْ قيل‌ أنّ محمّداً صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ لم‌ يعدل‌ في‌ التقسيم‌ من‌ فسمع‌ ابن‌ مسعود بهذا الامر فقال‌: والله‌ لا أبرح‌ حتي‌ أذهب‌ الي‌ النبيّ و أنقل‌ له‌. ما قاله‌ ذلك‌ الشخص‌ في‌ حقّه‌. فجاء الي‌ النبيّ و نقل‌ له‌ ذلك‌. فانزعج‌ النبيّ و صار في‌ منتهي‌ الغضب‌ و التأثّر، و قال‌ ما مضمونه‌. ماذا أفعل‌ يا ربّ ؟! و الله‌ لقد تحمّل‌ أحي‌ موسي‌ من‌ أنواع‌ الاذي‌ هذا و صبَر علي‌ كلام‌ قومه‌، فإن‌ أنا لم‌ أعدل‌ فمن‌ الذي‌ يعدل‌ ؟!

 لقد كان‌ هذا الشخص‌ يحبِّ أن‌ يحكم‌ النبي‌ لصالحه‌ و يعطيه‌ مائة‌ ناقة‌ أو ألف‌ ناقة‌ من‌ هذه‌ الغنائم‌، لكن‌ النبيّ! لم‌ يعطه‌ ذلك‌، و قسّم‌ الغنائم‌ وفق‌ المصلحة‌ التي‌ يراها (و بالطبع‌ فم‌ يكن‌ تصرفه‌ ذلك‌ في‌ المقدار الذي‌ كان‌ يجب‌ تقسيمه‌. بين‌ الجميع‌ بالسواسية‌، بل‌ في‌ ذلك‌ المقدار من‌ الخمس‌ من‌ الغنائم‌ الذي‌ للنبيّ أن‌ يتصرّف‌ فيه‌ و حيث‌ لا ينال‌ الناس‌ ذلك‌ فانّهم‌ ينزعجون‌.

 بيد إنّ هؤلإ لايؤمنون‌، و لا يصلون‌ الي‌ حقيقة‌ الإيحان‌ إلاّ حين‌ يأتون‌ في‌ جميع‌ مُرافعاتهم‌ و مشاجراتهم‌ إليك‌ أنت‌ لا الي‌ غيرك‌ فيحكّموك‌ بينهم‌، و حين‌ تحكم‌ بينهم‌ يرجعون‌ من‌ عندك‌ بمنتهي‌ طمأنينة‌ القلب‌ و سكون‌ الخاطر دون‌ أي‌ قلق‌ أو دغدغة‌ في‌ صدورهم‌، فعندها سيكونون‌ مؤمنين‌.

 لقد جعل‌ الله‌ تبارك‌ و تعالي‌ هنا نفس‌ النبيّ مركز الحكم‌ بنحو يتوجّب‌ معه‌ علي‌ جميع‌ الناس‌ أن‌ يلتفوّا حوله‌ و يطوفوا به‌، و ان‌ يجعلوه‌ محوراً لحلّ مشاجراتهم‌ و مخاصماتهم‌، و أن‌ لايكون‌ ثمّة‌ إحجام‌ عنه‌ أبداً. فالنبيّ المعصوم‌ ـ إذن‌ ـ هو مركز الحكم‌، و يجب‌ علي‌ الناس‌ اتّباعه‌، و هذا هو معني‌ الولاية‌، أي‌ وجوب‌ إطاعة‌ الناس‌ للاوامر و النواهي‌ و الاحكام‌ التي‌ يصدرها النبيّ، سواءً في‌ المخاصمات‌ و المشاجرات‌ أو في‌ الامور الاخري‌ التي‌ يصدر الاوامر الولايتية‌ بين‌ الناس‌ فيها.

 إن‌ قضاء و حكم‌ النبي‌ّ منشعب‌ من‌ نورانيّته‌ النفسانيّة‌ ـ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ ـ حيث‌ انّ نور الله‌ قد تجلّي‌ فيها، فصارت‌ متخلّفة‌ بأسماء و صفات‌ الله‌ سبحانه‌ و تعالي‌ و متحقّقة‌ بالعلوم‌ الكليّة‌. لقد تجاوز قلب‌ النبيّ الجزئية‌ و ارتبط‌ بالكليّة‌، و تحقّق‌ بالعلوم‌ الكليّة‌.

 الرجوع الي الفهرس

آية‌: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن‌ رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإذْنِ اللَهِ

 و الآية‌ السابقة‌ لهذه‌ الآية‌ هي‌: وَ مَا أَرْسَلْنَا مِن‌ رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإذْنِ اللَهِ (حيث‌ يستفاد من‌ هذه‌ الآية‌ أيضاً وجوب‌ الإطاعة‌، إذ أن‌ لكلّ نبيّ ولاية‌، و علي‌ الناس‌ أن‌ يتّبعوه‌ و يطيعوه‌) وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَاسْتَغْفِرُو´ا اللَهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَهَ تَوَّاباً رَّحِيماً. [33] أي‌ أنّ الله‌ سيعفو عنهم‌.

 ولكن‌ ما العمل‌ ؟ فانّ الناس‌ لايتصاعون‌ و لايخضعون‌ و لايُسلّموا تسليما. فهم‌ لايرجعون‌ الي‌ النبيّ أصلاً، فكيف‌ يجعلونه‌ حكماً دون‌ أن‌ يحسّوا في‌ قلوبهم‌ بأي‌ حرج‌.

 الرجوع الي الفهرس

نتيجة‌ اتباع‌ الولاية‌ هي‌ المعية‌ معها

 و يقول‌ تعالي‌ بعد هذه‌ الآية‌: وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَیهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن‌ دِيـ'رِكُم‌ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ. [34]

 مع‌ أنّه‌ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُؤعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً * وَ إِذَا لاَّتَيْنَـ'هُمْ مِّن‌ لَّدُنَّآ أَجْراً عَظِيماً * وَ لَهَدَيْنَ'هُمْ صِرَ'طاً مُّسْتَقِيماً. [35]

 ثمّ يقول‌: وَ مَن‌ يُطِعِ اللَهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَهُ عَلَیهِمْ مِّن‌ النَّبِيـّنَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّـ'لِحِينَ وَ حَسُنَ أُلَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَهِ وَ كَفَي‌' بِاللَهِ عَلِيماً. [36]

 حيث‌ أنّ الذين‌ يتبعون‌ النبيّ يصلون‌ بسبب‌ ولايتهم‌ للنبيّ، الي‌ حيث‌ يكونون‌ في‌ حالة‌ معيّة‌ معه‌، و هذا بنفسه‌ ولاية‌، لذا يمكن‌ استفادة‌ الولاية‌ من‌ هذه‌ الآية‌، كما يمكن‌ استفادة‌ وجوب‌ اتّباع‌ هؤلاّ الاشخاص‌ الذين‌ يكونون‌ في‌ حالة‌ من‌ المعيّة‌ مع‌ النبيّ.

 و مفاد هذه‌ الآية‌ هو نفس‌ مفاد الآية‌ التي‌ نقرأها كلّ يوم‌ في‌ الصلاة‌: اِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيم‌ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَیهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلِيْهِمْ وَ لاَ الضَّالِينَ. [37]

 و هنا يقول‌ تعالي‌ أيضاً وَ لَهَديْنَـ'هُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً، و أنّهم‌ يصيرون‌ مع‌ النبيّين‌ و الصدّيقين‌ و الشهداء و الصالحين‌. و خلاصة‌ الامر أنّهم‌ يتّحدون‌ معهم‌ فيدخلون‌ بأجمعهم‌ في‌ معدن‌ الولاية‌ الإلهيّة‌ حيث‌ لا انقطاع‌ هناك‌ و لا تميّز و هُنَالِكَ الْوَلَيـ'ةُ لِلَهِ الْحَقِّ

 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ وَ ءَالِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

      

ارجاعات

________________________________________

[1]  ـ «مجموعة‌ ورّام‌»، طباعة‌ الآخوندي‌ ص‌  191، باب‌ ما يُحمد من‌ الجاه‌. و قد وردت‌ في‌ «شرح‌ الغرور و الدرر» للآمدي‌ طباعة‌ جامعة‌ طهران‌ ج‌  1  ص‌  120  بهذا اللفظ‌: «الدُّنْيَا مَعْبَرَةُ الآخِرَة‌»

[2] ـ من‌ الآية‌  71، من‌ السورة‌  43 : الزخرف‌

[3] ـ الآية‌  3، من‌ السورة‌  50 . ق‌.  لَهُمْ مَا يَشَأؤونَ وَ لَدَيْنَا مَزِيد

 [4] ـ صدر الآية‌  73، من‌ السورة‌  21 : الانبياء

[5] ـ صدر الآية‌  24   7  من‌ السورة‌  32 : السجدة‌

[6] ـ صدر الآية‌  124، من‌ السورة‌  2 : البقرة‌ 

[7] ـ الآية‌  59، من‌ السورة‌  4 : النّساء

[8] ـ الآية‌  193  و  194، من‌ السورة‌  26: الشعراء

[9] ـ الآية‌  31، من‌ السورة‌  30 : الرّوم‌

[10] ـ من‌ الآية‌ 97  من‌ السورة‌  3 : ءال‌ عمران‌

[11] ـ كلام‌ الرسول‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و ءاله‌ و سلّم‌ بالمضمون‌ لا بالنّص‌

[12] ـ من‌ الآية‌  3، من‌ السورة‌  5 : المائدة‌

[13] ـ ذيل‌ الآية‌  32، من‌ السورة‌  10: يونس‌

[14] ـ تفسير الفخر الرازي‌ ذيل‌ ءاية‌ اولي‌ الامر: الآية‌  59، من‌ السورة‌  4 : النّساء

[15] ـ نهج‌ البلاغة‌ باب‌ الرسائل‌، الرسالة‌  53، و بطبعة‌ مصر مع‌ تعليقة‌ الشيخ‌ محمد عبده‌ ج‌  2، ص‌  93  و  94

[16]  ـ ذيل‌ الآية‌  35، من‌ السورة‌  10 : يونس‌

[17] ـ الآية‌  14، من‌ السورة‌  84 : الطارق‌

[18] ـ مقبرة‌ عامّة‌ قرب‌ مدينة‌ طهران‌ تسمي‌ (بهشت‌ زهراء) في‌ فترة‌ يقيمت‌ فيها صلاة‌ الجحمة‌ (المترجم‌)

[19] ـ الآية‌  73، من‌ السورة‌  21 : الانبياء

[20] ـ الآية‌  50، من‌ السورة‌  54 : القمر.

[21] ـ صدر الآية‌  58، من‌ السورة‌  21 : الانبياء

[22] ـ جزء من‌ الآية‌  68، من‌ السورة‌  21 : الانبياء

[23] ـ الآية‌  24، من‌ السورة‌  32 : السجدة‌

[24] ـ الآية‌  23، من‌ السورة‌  32 : السجدة‌

[25] ـ صدر الآية‌  26، من‌ السورة‌  38 : ص‌

[26] ـ الآية‌  105، من‌ السورة‌  4 : النّساء

[27] ـ ذيل‌ الآية‌  32، من‌ السورة‌  10 : يونس‌

[28] ـ صدر الآية‌  213، من‌ السورة‌  2 : البقرة‌

[29] ـ أي‌ التوراة‌ و الإنجيل‌ و غيرهما

[30] ـ صدر الآية‌  48، من‌ السورة‌  5 : المائدة‌

[31] ـ صدر الآية‌  49، من‌ السورة‌  5 : المآئدة‌

[32] ـ الآية‌  65، من‌ السورة‌  4 : النّساء

[33] ـ الآية‌  14، من‌ السورة‌  4 : النّساء

[34] ـ صدر الآية‌  66، من‌ السورة‌  4 : النّساء

[35] ـ الآية‌  66  و  67، من‌ السورة‌  4 : النّساء

[36] ـ الآية‌  69  و  70، من‌ السورة‌  4 : النّساء

[37] ـ الآية‌  6  و  7، من‌ السورة‌  1 : الفاتحة‌

 الرجوع الي الفهرس

تتمة النص

                                 

.

التعريف و الدليل

كلية الحقوق، محفوظة و متعلقة بموسسة ترجمة و نشر دورة علوم و معارف الاسلام

این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

کتاب ولایه الفقیه فی حکومه الاسلام/ المجلد الاول/ القسم الثالث: دلیل ولایة الامام، الائمة و تعلیم کیفیة الاجتهاد، الائمة م...

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

مصرف کردن بدون تولید
آیه شریفه : وَ لَنُذيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى‏ دُونَ الْعَذابِ الْأَکْبَرِ ... (سوره مبارکه سجده ، آیه 21)ترجمه : و ما به جز عذاب بزرگتر (در قیامت) از عذاب این دنیا نیز به آنان می چشانیم ...روایت : قال أبي جعفر ( ع ): ... و لله عز و جل عباد ملاعين مناكير ، لا يعيشون و لا يعيش الناس في أكنافهم و هم في عباده بمنزله الجراد لا يقعون على شيء إلا أتوا عليه .  (اصول کافی ، ج 8 ، ص 248 )ترجمه : امام باقر(ع) مي‌فرمايد: ... و خداوند بدگانی نفرین شده و ناهنجار دارد که مردم از تلاش آنان بهره مند نمی شوند و ایشان در میان مردم مانند ملخ هستند که به هر جیز برسند آن را می خورند و نابود می کنند.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید