الدرس‌ الثاني‌

الدرس‌ الثاني‌:

تفسير آية‌: أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي‌ الامْرِ مِنكُمْ

 

بِسْـمِ اللَهِ الـرَّحْمَنِ الـرَّحِيمِ

 

و صلَّي‌ اللهُ علي‌ محمد و ءاله‌ الطَّاهرين‌

و لعنة‌ اللَه‌ علي‌ أعدائهم‌ أجمعين‌ من‌ الآن‌ إلي‌ قيام‌ يوم‌ الدين‌

و لا حول‌ و لا قوة‌ الا باللَه‌ العلي‌ العظيم‌

 

 يدور البحث‌ حول‌ مسألة‌ الولاية‌، و قد بحثنا في‌ الدرس‌ الماضي‌ حول‌ معناها اللغوي‌ بالمقدار الكافي‌.

 من‌ المعاني‌ القريبة‌ إلي‌ الاصل‌ و المنشأ اللغوي‌ للولاية‌ ـ اي‌ المعني‌ الساري‌ في‌ جميع‌ مصاديقها ـ التصرف‌ في‌ الامور و الحجاية‌ و الحفظ‌ و الادارة‌ و تكميل‌ وترميم‌ نقاط‌ الضعف‌ الموجودة‌ في‌ الاشخاص‌ المولي‌ عليهم‌، تلك‌ النقاط‌ التي‌ تجبر بواسطة‌ ولاية‌ الوالي‌ سواء كان‌ ذلك‌ المُوَلَّي‌ عليه‌ امرأةً أم‌ رجلا، صغيرا أو كبيرا، حاضرا أو غائبا. أو الولاية‌ في‌ المجتمع‌ حيث‌ فضل‌ الي‌ كمالها في‌ ظل‌ ولاية‌ الوالي‌ تلك‌ النقاط‌ من‌ العلاقات‌ الاجتماعية‌ التي‌ يحتاج‌ الناس‌ إلي‌ تكميلها و ترميمها كما انّ الامارة‌ و الحكومة‌ عليهم‌ من‌ شُعَب‌ الولاية‌.

 و الولاية‌ أمر عظيم‌ للغاية‌، له‌ درجة‌ عالية‌ من‌ الاحمية‌ و الجلالة‌ و العظمة‌، إذ الولاية‌ حكومة‌ علي‌ النفوسُ الاموال‌ و الاعراض‌ و النواميس‌ و سائر شؤون‌ الناس‌، و الواليك‌ يتصرف‌ في‌ شؤون‌ الناس‌ كما يريد، و في‌ الواقع‌ فأن‌ الولاية‌ تقود العامة‌ بانجاه‌ مصالحها و نتيجتها الاستغلال‌ لجميع‌ المواهب‌ الإلهية‌، و فعليّة‌ الاستدادات‌ الكامنة‌، و المكنونة‌ في‌ نفوس‌ الناس‌، و المذخوره‌ في‌ طبائعهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

  يصل‌ الخلائق‌ نتيجة‌ ولاية‌ الإمام‌ المعصوم‌ إلي‌ أقصي‌ درجة‌ كمال‌ الإنسانيّة‌

و بواسطة‌ ولاية‌ الوالي‌ تصل‌ جميع‌ الاستعدادات‌ و القابليات‌ إلي‌ مرحلة‌ الظهور و البروز. و يستفيد الناس‌ من‌ غاية‌ درجة‌ فعلينها و كمالها. أي‌ أن‌ قياده‌ و زعامة‌ و امامة‌ شخص‌ الوالي‌ هي‌ السبب‌ في‌ حركة‌ المجتمع‌ في‌ الصراط‌ المستقيم‌.

 و بناء علي‌ هذا فلو أُوكل‌ الي‌.هله‌ منصب‌ الولاية‌ و الحكومة‌ و التجاهي‌ من‌ لوازم‌ نفس‌ الولاية‌، و وقع‌ في‌ محله‌، لتنّعم‌ الناس‌ في‌ الدنيا و الآخرة‌، و لساروا باتجاه‌ كما لهم‌ الحقيقي‌، و لاُمضوا أيامهم‌ في‌ هذه‌ الدنيا بأفضل‌ حياه‌ و أهني‌ء و أرغده‌ و لتمتّعوا بالمواهب‌ الالهية‌ علي‌ أكمل‌ وجه‌ و أفضله‌، و لعاشوا أمحارهم‌ حتي‌ النهاية‌ دون‌ أي‌ اضطراب‌ أوقلق‌. مع‌ الوصول‌ إلي‌ غاية‌ الدرجات‌ المقدّره‌ لهم‌ في‌ سيرهم‌ الكمالي‌، و مع‌ ضمان‌ نيلهم‌ في‌النهاية‌ لاعلي‌ درجة‌ في‌ السير الكحالي‌ قدرها الله‌ تعالي‌ لعباد. و لتلذّذوا في‌ الآخري‌ أرضِا بثمرات‌ مساعيهم‌ في‌ الدنيا. قال‌ رسول‌ الله‌ صلي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌: الدُّنْيَا مَزْرِعَةُ الآخِرَةِ[1]،  و الدنيا مَتْجَرَهُ الآخِرَةَ (أو مِتْجَرَة‌ الآخرِة‌)».

 فالدنيا آلات‌ و معدات‌ قد أُتيحت‌ للانسان‌ لاجل‌ وصوله‌ إلي‌ الآخرة‌، و عليه‌ فانّ الناس‌ سيصلون‌ الي‌ الآخرة‌ الحسنة‌ المرضية‌ و يتنعمّون‌ ب «مَا تشْيَهِيهِ الاْنْفُسُ وَ تَلَذُّ الاْعْيُنُ» [2] في‌ ظَلّ ولاية‌ الوليّ الصالح‌ فضلاً عن‌ إفادتهم‌ من‌ كمالاتهم‌ في‌ الدنيا علي‌ خير نحو. و يجب‌ أن‌ يُعلم‌ أنه‌ قد قال‌ في‌ القرآن‌ أيضاً:وَ لَدَيْنَا مَزِيد[3]ٌ. امّا اذا لم‌ تقع‌ تلك‌ الولاية‌ في‌ محلها، و سُلِّمت‌ للغير و أنيطت‌ له‌، فإنّ جميع‌ النفوس‌ سوف‌ تضييع‌ و تتلف‌ مع‌ ما تنطوي‌ عليه‌ من‌ استعدادات‌. فالحق‌ سوف‌ ان‌ يصل‌ إلي‌ صاحبه‌ و الحياه‌ و المعيشة‌ ستصبح‌ معيشة‌ البهائم‌ و الحيوانات‌، و بحسب‌ مبني‌ الوهم‌ و الشهوه‌ و الغضب‌ فسوف‌ يخال‌ كلُّ انسان‌ حياته‌ في‌ موت‌ الآخرين‌ و صحنه‌ في‌ سقمهم‌ و مرضهم‌، و غناه‌ في‌ فقرهم‌، و شأنه‌ و وجاهته‌ في‌ إذلال‌ و تحقير و تسافل‌ أبناء جنسه‌. و يتحوّل‌ المجتمع‌ بذلك‌ إلي‌ بركة‌ للسباع‌، و تجمّع‌ للحويانات‌ المقدّسة‌، و الكلاب‌ المتوحشة‌، و البهائم‌ السافلة‌، حيث‌ ينين‌ كل‌ شخص‌.ساس‌ حياته‌ علي‌ حبّ ذاته‌، و استجلاب‌ المنفعه‌ لنفسه‌، و العمل‌ ضد المجتمع‌ بأفضي‌ ما يمتلكه‌ من‌ طاقة‌.

 و لذا فقد جعل‌ القرءان‌ المجيد الولاية‌ علي‌ كاهل‌ الرجال‌ الالهيين‌ المتحقّقين‌ بالحق‌، و الهادين‌ إلي‌ الحق‌. و لقد دعا القرءان‌ الناس‌ الي‌ اتّباع‌ هؤلإ الاشخاص‌ الالهيين‌ فحسب‌ و هم‌ المعصومون‌ عليهم‌ السلام‌ فقد، الذين‌ خرجوا من‌ هوي‌ النفس‌ الاماره‌ بالسوء، و من‌ الزلل‌ و الاخطاء، و تحرّروا من‌ الانانية‌ و الغرور و الدعوة‌ للنفس‌ و طلب‌ الجاه‌ ـ و لو في‌ الزوايا و النفاط‌ المستورة‌ من‌ القلب‌ ـ و صاروا مطهَّرين‌ متزَّهين‌ بكل‌ ماللكلمة‌ من‌ معني‌.

 فهؤلا، هم‌ الذين‌ يستطيعون‌ تحريك‌ الناس‌ الي‌ ذلك‌ النبع‌ المعين‌ لماء الحياه‌ الخالدها و إيصالهم‌ إلي‌ كمالهم‌ دونما أدني‌ لوث‌ أو دنس‌. و هذه‌ المسأمة‌ غاية‌ في‌ العلوِّ و السمو.

 و ليس‌ في‌ القرءان‌ المجيد غاية‌ تجعل‌ النبي‌ و الرسول‌ وليّاً علي‌ الناس‌ بعنوان‌ كونه‌ نبيَّاً أو رسولا (خلافا للفظالامام‌ و الخليفة‌ الذي‌ يساوق‌ نفس‌ الائم‌´ و القادة‌ المعصومين‌ حيث‌ ان‌ لدينا ءايات‌ دالّة‌ عصمة‌ أولئك‌ الولاه‌)، و ذلك‌ أن‌ منصب‌ النبوه‌ و عنوان‌ الرسالة‌، لايساوق‌ عنوان‌ الولاية‌ و امتلاك‌ التصرف‌ و تولّي‌ أزمّة‌ لامور و القيادة‌.

 فالنبوه‌ حالة‌ شخصية‌ توجد في‌ بعض‌ الاشخاص‌، فينالون‌ بواسطتها الاتّصال‌ بعالم‌ الغيب‌ فيرسل‌ الله‌ تعالي‌ لهم‌ الوحي‌، و يدركون‌ بعض‌ الامور المتعلقة‌ بالعالم‌ العلوي‌. فهذا هو معني‌ النبوة‌ فما لنبي‌ هو ذلك‌ المنجد و المنبي‌ء، سواءً.كان‌ مالك‌ لوظيفة‌ قياده‌ الناس‌ و تولي‌ زمامهم‌ أو لم‌ يكن‌. امّا الامام‌ فليس‌ كذلك‌، لان‌ الامام‌ هو الشخص‌ الذي‌ له‌ الامامه‌ و القيده‌ و الولاية‌، و يأمر دينهه‌، و يتسلّم‌ زمام‌ المجتمع‌، و يسوق‌ الناس‌ نحو كمالهم‌.

 الرجوع الي الفهرس

وَجَعَلْنَـ'هُمْ أَنءِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ـ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَنءِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا 35

 و ليس‌ هناك‌ في‌ القرءآن‌ المجيد آية‌ فتدل‌ علي‌ أن‌ جميع‌ الانبياء، كانوا أئمّة‌، و قد صُرّح‌ في‌! بعض‌ الآيات‌ بإمامة‌ بعضهم‌. كآية‌: وَ جَعَلْنَـ'هُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا[4]،  و ذلك‌ بعد ذكر إبراهيم‌ و لوط‌ و اسحق‌ و يعقوب‌ عليهم‌ السّلام‌. و كآية‌: وَ جَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا[5]،

  بعد ذكر موسي‌ (ع‌)، و أثناقد اخترنا من‌ بني‌ اسرائيل‌ أئمّة‌.

 و لم‌ يكن‌ امتلاك‌ الرسول‌ الاكرم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و ءاله‌ و سلّم‌ لمقام‌ الولاية‌ بسبب‌ نفس‌ نبوته‌، و انّما بسبب‌ امتلاكه‌ لمقام‌ الامامة‌، أي‌ أن‌ رسول‌ الله‌ كان‌ إماما و نبيّاً معاً، مثله‌ مثل‌ ابراهيم‌ عليه‌ السلام‌ الذي‌ يقول‌ القرءان‌ فيه‌: و إذْ ابْتَلَي‌' إبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَـ'تٍ فَأَتْمَهُنَّ قَالَ إِنِّي‌ جَـ'عِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً.[6]

 فبعد أن‌ كان‌ ابراهيم‌ عليه‌ السلام‌ نبيّاً يوحي‌ الله‌ اليه‌، فقد قال‌ تعالي‌ في‌ القرءان‌: لقد ابتلينا ابراهيم‌ بامتحانات‌ و اختبرناه‌ بكلمات‌ فنجج‌ في‌ ذلك‌ الامتحان‌ و الاختيار و أتمّ تلكم‌ الكلمات‌، لذا فقد جعلناه‌ إثر تلك‌ الابتلإات‌ و نجاحه‌ فيها إماماً في‌ الارض‌. فابراهيم‌ عليه‌ السلام‌ إذن‌ كان‌ يمتلك‌ النبوه‌ كماكان‌ يمتلك‌ الإماة‌. و رسول‌ الله‌ هو الآخر كان‌ نبيّاً و إماما معاً، خلافاً م‌ئمتنا الذين‌ لم‌ تكن‌ لديهم‌ نبوي‌، و إنّما لهم‌ الامامة‌ فحسب‌.

 و وفقا للشواهد والروايات‌ ذات‌ الصدور القطعي‌ التي‌ في‌ أيدينا، فإن‌ الامام‌ اميرالمؤمنين‌ هو الافضل‌ من‌ بين‌ الائمّة‌ الاثني‌ عشره‌ بينما رسول‌ الله‌ أفضل‌ من‌ أميرالمومنين‌.

 و الخلاصة‌ فإن‌ مقام‌ الامامة‌ هذا الذي‌ نريد دراسة‌ ولايته‌ حالياً هو بعنوان‌ الامامة‌، أعمم‌ ان‌ من‌ يكون‌ صاحبه‌ نبيّاً أو لايكون‌. فنحن‌ نبحث‌ عن‌ الولاية‌ التي‌ يمتلكها الامام‌، و نريد أن‌ نستفيد من‌ القرآن‌ المجيد عن‌ نوع‌ الولاية‌ التي‌ للامام‌، و ما الذي‌ يترتّب‌ عليها ؟ و من‌ هو ذلك‌ الامام‌ الذي‌ يمتلك‌ هذه‌ الولاية‌ ؟ و ما معني‌ كون‌ العصمة‌ من‌ شروطها ؟

 فهذا البحث‌ اذن‌ يدور فقط‌ حول‌ عنوان‌ الامام‌، أينما وُجد ذلك‌ العنوان‌، سواء اجتمع‌ مع‌ النبوة‌ كما هي‌ الحال‌ في‌ النبيّ ابراهيم‌ عليه‌ السلام‌، أم‌ لم‌ يجتمع‌ كما هو الامر بالنسبة‌ للائمّة‌ المعصومين‌ ـ صلوات‌ الله‌ عليهم‌ أجمعين‌ ـ اذين‌ كانوا أئمّة‌ لكنهم‌ لم‌ يكونوا انبياء.

 الرجوع الي الفهرس

 إطاعة‌ الله‌ اتّباع‌ القرآن‌ وإطاعة‌ الرسول‌ العمل‌ بالسنّة‌ وإطاعة‌ أُولي‌ الامر هي‌...

واحدي‌ الآيات‌ القرآنية‌ التي‌ نذل‌ علي‌ ولاية‌ و إمارة‌ و حكومة‌ الائمّة‌ عليهم‌ السلام‌ هذه‌ الآية‌:

 يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُواْ اللَهَ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ أُولِي‌ الامْرِ مِنكُمْ فَإنْ تَنَـ'زَعْتُمْ فِي‌ شَي‌ءٍ فَرُدُّوهُ إِلي‌ اللَهَ وَ الرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤمِنُونَ بِاللَهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ ذَلِكَ خَيْرُ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً.[7]

 أي‌ انكم‌ لو سرتم‌ في‌ هذا الطريق‌ فإن‌ عاقبتكم‌ ستكون‌ خير عاقبة‌، ستتمتّعون‌ و تفيدون‌ في‌ المجال‌ الاجتماعي‌ من‌ جميع‌ المواهب‌، و ستصلون‌ من‌ ناحية‌ سيركم‌ الكمالي‌ إلي‌ حيث‌ يجب‌ أن‌ تصلوا !

 و سنستدل‌ بهذه‌ الآية‌ علي‌ ولاية‌ المعصوم‌، و نستفيد منها أن‌ أولي‌ الامر يجب‌ أن‌ يكونوا معصومين‌ حتما. و هذه‌ الآية‌ من‌ الآيات‌ القرءانية‌ الواضحد و البارزة‌ في‌ القرءان‌ التي‌ تعتبر «أولي‌ الامر» محصورين‌ في‌ الائحة‌ الاطهار عليهم‌ السلام‌، كما تعد المعصومين‌ من‌ واجبي‌ الطاعد بعنوان‌ الولاية‌.

 و تقريب‌ الاستدلال‌ بهذا النحو. بأن‌ نقول‌: انّ إطاعة‌ الله‌ في‌ الآية‌ الشريفة‌: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُواْ اللَهَ. هي‌ اشباع‌ الاحكام‌ الإلهية‌ المبينّة‌ في‌ القرءآن‌ الكريم‌ نَزَلَ بِهِ الرُّوحَ الاَمِينُ * عَلَی‌' قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ[8]. فإطاعة‌ الله‌ تعني‌ اطاعة‌ كتاب‌ الله‌ و ءاياته‌. فحيث‌ كان‌ الكلام‌ عن‌ إطاعة‌ الله‌ فالمقصود هو اطاعة‌ الآيات‌ النازلة‌ علي‌ النبي‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و ءاله‌ و سلّم‌ في‌ القرءان‌ الكريم‌. هذا بالنسبة‌ لاطاعة‌ الله‌.

 و من‌ المعلوم‌ بالطبع‌ أنّ القرءان‌ المجيد لم‌ يتطرّق‌ الي‌ تفاصيل‌ الامور و جزئياتها، و انما هو نتعرّض‌ للامور الكليّة‌ و الاحكام‌ العامة‌، كمثل‌ وجوب‌ الصلاة‌ و الزكاة‌ و الحج‌ و الجهاد و غير ذلك‌، لكن‌ لم‌ يبين‌ خصوصياتها.

 و تنقسم‌ إطاعة‌ الرسول‌ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولُ إلي‌ قسمين‌:

 القسم‌ الاوّل‌: الإطاعة‌ في‌ الاحكام‌ الجزئية‌ التي‌ بَيَّنها النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و ءاله‌ و سلّم‌ الاجل‌ تعيين‌ حدود الاحكام‌ الكلية‌ و قيودها و شروطها، و هذا يرجع‌ إلي‌ ناحية‌ التشريع‌. أي‌ أن‌ رسول‌ الله‌ قد قام‌ بتشريع‌ الحدود و القيود أحكام‌ كتاب‌ الله‌ الكلية‌. فالقرءان‌ يقول‌ متلحول‌ الصلاة‌: وَ أَقِيمُواْ الصَّلَـ'وةَ وَ لاَتَكُونُواْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[9].

 أما كيفية‌ أداء الصلاة‌، و كون‌ الواجب‌ منها سبع‌ عشرة‌ ركعة‌، و أنّ صلاة‌ الظهر أربع‌ ركعات‌، و أنه‌ يجب‌ الإتيان‌ بها بلباس‌ طاهر، و في‌ مكان‌ مباح‌، و مع‌ استقبال‌ القبلة‌، و أنه‌ لايجوز للرجال‌ فيها لبس‌ الذهب‌ و الحرير، فهي‌ خصوصيّات‌ لم‌ تُبَيَّن‌ في‌ القرءان‌ المجيد.

 و كذلك‌ وردت‌ مسائل‌ كثير، في‌ باب‌ الصلاة‌ يقول‌ الامام‌ الصادق‌ عليه‌ السّلام‌ في‌ احدي‌ الروايات‌ أن‌ للصلاة‌ أربعة‌ آلاف‌ مسألة‌، ألفان‌ في‌ الواجبات‌ و ألفاف‌ في‌ المستحبات‌ و السنن‌، و هي‌ أمور غير موجوده‌ في‌ القرءان‌. و انما الوارد في‌ القرءان‌ هو: أَقِيمُواْ الصَّلَـ'وة‌ و حسب‌. و اما كيفيتها فتشخيصها بيد النبي‌. و لذا فقد قام‌ النبيّ صلّي‌ الله‌ عليه‌ و ءاله‌ و سلّم‌ فصلي‌ تم‌ قال‌: صَلُّوا كما رَأيَتُمُونِي‌ أُصَلِّي‌ فتشريع‌ هذه‌ الجزئيات‌ و الحدود و القيود و الشروط‌ و الموانع‌ و المعدات‌ بيد النبي‌. و هذا هو معني‌ نشريع‌ الشريعة‌، فالقرآن‌ مشرِّعٌ علي‌ نحو الحكم‌ الكلي‌ بينما النبي‌ يقوم‌ بذلك‌ بالنبسة‌ للجزئيات‌ و الخصوصيات‌ و المشخّصات‌.

 و لقد ورد في‌ القرءان‌ هذا المقدار أن‌: أتوا الزكاة‌ و مقدارها و متعلقاتها، فلم‌ تبين‌ في‌ القرءآن‌. و انما قام‌ بذلك‌ النبي‌.

 كما ورد في‌ القرءان‌ الكريم‌: وَ لِلهِ عَلَی‌ النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً[10].

 حيث‌ ان‌ قصد بيت‌ الله‌ و الذهاب‌ اليه‌ للمستطيع‌ من‌ الناس‌ كان‌ من‌ الامور التي‌ فرضها الله‌ عليهم‌ و جعلها كفريضة‌ واجبة‌. أمّا كيفية‌ الحجّ، و كيفيّة‌ العمر و الطواف‌ بيت‌ الله‌ (سبعة‌ شواط‌)، و جميع‌ الخصوصيات‌ و الجزئيّات‌ الواردة‌ في‌ كتاب‌ الحج‌ مع‌ كثرة‌ تشعباتها و مسائلها، فهي‌ غير موجوده‌ في‌ القرءان‌ المجيد. و إنما قام‌ رسول‌ الله‌ بتعيينها و تحديدها و الامر بها كلها.

 و قد أدّي‌ بنفسه‌ الحجّ في‌ السنة‌ العاشره‌ للهجره‌ و خاطب‌ الناس‌ قائلاً: إنظروا كيف‌ أقوم‌ بالحج‌ فاعملوا مثل‌ عملي[11]‌.  و كانوا يرجعون‌ اليه‌ في‌ كل‌ مورد كان‌ يستبعون‌ فيه‌، أو يحتاجون‌ فيه‌ إلي‌ سؤال‌، فيجيبهم‌. كما قام‌ بتعيين‌ المواقيت‌، لكي‌ يقوم‌ الحجاج‌ بالإحرام‌ منها. و بيِّن‌ أن‌ المراد بالقاطنين‌ علي‌ مسافة‌ عن‌ البيت‌ الحرام‌: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِري‌ الْمَسْجِد الْحَرَامِ. الذين‌ يبعدون‌ عن‌ بيت‌ الله‌ بأكثر من‌ ستة‌ عشر فرسخا. و هكذا الامر في‌ سائر مسائل‌ الحجّ العديده‌ التي‌ لم‌ نبيِّن‌ ورت‌ في‌ القرءان‌، النبي‌ احرم‌ إذ انّ الححّ انّما ذُكر في‌ القرءان‌ بالإسم‌ فقط‌. و هكذا الامر في‌ مسائل‌ الامر بالمعروف‌ و النهي‌ عن‌ المنكر، و مسائل‌ الجهاد، مع‌ جميع‌ خصوصياتها و جزئياتها التي‌ بيَّن‌ فيها ـ من‌ خلال‌ حضوره‌ بنفسه‌ في‌ ساحة‌ الحرب‌ ـ كيفية‌ التعامل‌ مع‌ المشركين‌ و اليهود و النصاري‌ أو المرتدين‌ و أموالهم‌، فبيان‌ و توضيح‌ جميع‌ هذه‌ الخصوصيات‌ راجع‌ إلي‌ تشريع‌ رسول‌ الله‌.

 و هذا هو معني‌ إطاعة‌ رسول‌ الله‌. فرسول‌ الله‌ ـ إذن‌ ـ هو شرِّع‌ و مقيِّد و محدِّد و معيِّن‌ و مشخِّص‌ للحدود و الثغور. و تشخّصات‌ الاحكام‌ الكلية‌ الوارده‌ في‌ القرءان‌ المجيد. القسم‌ الثاني‌: الإطاعة‌ لرسول‌ الله‌ في‌ الاحكام‌ الوِلايتية‌ بلحاظ‌ ولايته‌ و امامته‌ علي‌ الناس‌، كنصبه‌ لشخصٍ ما أميرا للجيش‌ كإعطائه‌ الراية‌ لزيد، أو وضع‌ شخص‌ ءاخر في‌ قلب‌ الجيش‌، و أمثال‌ ذلك‌. فالنّبي‌ واجب‌ الاطاعة‌ في‌ جميع‌ هذه‌ الخصوصيات‌، و يجب‌ علينا الالتزام‌ بطاعته‌ حتي‌ في‌ هذه‌ الامور، و لايجوز لنا مخالفته‌. و هذا النحو من‌ اطاعته‌ ليس‌ إطاعته‌ في‌ التشريع‌، إذ أن‌ الاحكام‌ الولايتة‌ ليس‌ ضمن‌ دائرة‌ التشريع‌، و انما هذه‌ الاوامر و النواهي‌ قد صدرت‌ بلحاظ‌ ولاية‌ رسول‌ الله‌ صلي‌ الله‌ عليه‌ و ءاله‌ و سلّم‌ و امامته‌ للناس‌، و اطاعتها واجبة‌.

 بنائ عليه‌ فاننا نلاحظ‌ أن‌ لإطاعة‌ رسول‌ الله‌ جانبين‌: الاول‌ في‌ نفس‌ الاحكام‌ الجزئية‌، و الآخر في‌الامور الولايتية‌. و هذان‌ الجانبان‌ كلاهما غير اطاعة‌ الله‌ التي‌ هي‌ عبارة‌ عن‌ إطاعة‌ الاحكام‌ الكلية‌ الواردة‌ في‌ القرءان‌. لذا فقد كُرَّر لفظ‌ «أَطِيُعواْ» في‌ هذه‌ الآية‌ حيث‌ قال‌ تعالي‌: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُواْ اللَهَ  وَ أَطِيعُواْ الرَّسُّولَ إذ أن‌ اطاعة‌ الله‌ غير إطاعة‌ الرسول‌. فإطاعة‌ الله‌ اطاعة‌ الكتاب‌ اي‌ القرءان‌، امّا اطاعة‌ الرسول‌ في‌ الاحكام‌ الجزئية‌ و الامور الولايتية‌. لذا ورد لفظ‌ «أَطِيعُواْ» متعلقاً بنفس‌ الرسول‌ أيضاً، ففصل‌ إطاعة‌ الرسول‌ عن‌ إطاعة‌ الله‌.

 ثم‌ قال‌ تعالي‌: «وَ أُولِي‌ الاَمْرِ مِنكُمْ».

 و يتضح‌ من‌ هذا البيان‌ بشكل‌ جيد أن‌ التشريع‌ مختص‌ برسول‌ الله‌، أمّا أولو الامر فلايحق‌ لهم‌ التشريع‌ مطلقاً. و يعني‌ لتشريع‌ بيان‌ الخصوصيات‌ و جعل‌ الاحكام‌ الجزئية‌، و هذا انما كان‌ يرجع‌ لشخص‌ رسول‌ الله‌، امّا أولو ألامر فهم‌ المبيِّنون‌ لتشريع‌ رسول‌ الله‌ ذاك‌، فهم‌ لايشرعون‌.

 لقد وصل‌ الشرع‌ بواسطة‌ رسول‌ الله‌ إلي‌ الناس‌، لا بواسطة‌ أولي‌ الامر. و قد تحت‌ الشريعة‌ بواسطة‌ تشريع‌ رسول‌ الله‌ و نزلت‌ ءاية‌ الْيَوْمَ اَكْمِلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَیكُمْ نِعْمَتِي‌ وَ رَضِيتُ لَكُمْ الإسْلـ'مَ دِيناً[12].

 و توضيح‌ هذا الامر ـ من‌ لزوم‌ إطاعة‌ اُولي‌ الامر ـ هو أن‌ إطاعة‌ أولي‌ الامر إنما تتحقق‌ في‌ جهة‌ واحدة‌ فقط‌ و هي‌ اطاعتهم‌ في‌ الامور الولايتية‌ بحسب‌ كونهم‌ و الين‌ للناس‌. و ذلك‌ أن‌ الاطاعة‌ في‌ الامور التشريعة‌ كما بينَّنا مختصة‌ برسول‌ الله‌. و عليه‌ فانّ الاطاعة‌ لاولي‌ الامر ستكون‌ محصورة‌ في‌ محمال‌ الاحكام‌ الولايتية‌. و بما أن‌ أولي‌ الامر مشتركون‌ مع‌ رسول‌ الله‌ في‌ هذه‌ الجهة‌ ـ اي‌ الاطاعة‌ في‌ الامور الولايتية‌ ـ فان‌ لفظ‌ «أطيعوا» لم‌ يتكرّر هنا فلم‌ يقل‌ تعالي‌: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُواْ اللَهَ  وَ أَطِيعُواْ الرَّسُّولَ  وَ أُولِي‌ الامْرِ مِنكُمْ. و ذلك‌ لان‌ اطاعة‌ الامر متّخذة‌ مع‌ اطاعة‌ الرسول‌ من‌ هذه‌ الجهة‌. و الاية‌ الشرفة‌ توجب‌ اطاعة‌ الله‌ و الرسول‌ و أولي‌ الامر بسياق‌ واحد منهج‌ واحد و لحاظ‌ واحد. و علي‌ ذلك‌ فان‌ تحقّق‌ مقام‌ العصمة‌ في‌ أولي‌ الامر ضروري‌ و إلاّ فلا معه‌ لا طاعتهم‌ علي‌ نحو الاطلاق‌.

 الرجوع الي الفهرس

يستفاد من‌ الآية‌ عصمة‌ القرآن‌ والرسول‌ وأُولي‌ الامر

 أَطِيعُواْ اللَهِ، يعني‌ أنّه‌ يجب‌ عليكم‌ أن‌ تطيعوا القرءان‌ لماذا ؟ لان‌ القرءان‌ مصون

 القرءان‌ ليس‌ كلام‌ البشر، و ليس‌ كلام‌ هويً و هوس‌، و لانتيجة‌ أفكار أحد. بل‌ هو كتاب‌ حق‌ و فصل‌، و ليس‌ بكتاب‌ هزل‌. و القرءان‌ مصون‌، أي‌ أن‌ القرءان‌ هو الكتاب‌ الوحيد الذي‌ نزل‌ علي‌ القلب‌ المبارك‌ للنبي‌ بعين‌ عباراته‌ دون‌ تغيير «فاء» أو «واو». و لقد نزل‌ الانجيل‌ و التوراة‌ بالمعني‌، و عباراتهما هي‌ عبارات‌ نفس‌ موسي‌ و عيسي‌ عليهما السلام‌. امّا القرءان‌ فليس‌ كذلك‌، و انما عبارته‌ نفس‌ الوحي‌، و لايوجد في‌ العالم‌ كتاب‌ كالقرءان‌ ألفاظه‌ و هي‌، و هذا هو منتهي‌ المصونية‌.

 و انّما يجب‌ علي‌ اانسان‌ اطاعة‌ المصون‌، لانّه‌ حقّ. المصون‌ يعني‌ الحق‌ و المتحقق‌ بالحق‌ في‌ مقابل‌ الباطل‌ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلَّـ'لُ فَأَنَّي‌'تُصْرَفُونَ.[13]

  فالقرءان‌ اذن‌ كتاب‌ حق‌، و علي‌ الانسان‌ أن‌ يتَّبعه‌. و عليه‌ فالقرءان‌ معصوم‌ و مصون‌. ثم‌ انّه‌ تعالي‌ يقول‌: وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ. لماذا ؟ لان‌ الرسول‌ معصوم‌ لا يرتكب‌ الخطأو الذنب‌. و في‌ هذه‌ الحال‌ فلا تناقض‌ هناك‌ في‌ اطاعة‌ و اطاعة‌ الرسول‌، و الا فلو لا كان‌ الرسول‌ يخطي‌ء أحياناً و يقول‌ شيئاً بخلاف‌ القرءان‌. فالامر يسي‌ كذلك‌ بالطبع‌.

 فهو إذن‌ حين‌ يقول‌: أَطِيعُواْ اللَهَ  وَ أَطِيعُواْ الرَّسُّولَ، فانّ معناه‌ أن‌ اطاعة‌ رسول‌ الله‌ لجهة‌ المصونية‌ و المحفوظية‌ في‌ صف‌ إطاعد الله‌ ـ التي‌! هي‌ إطاعة‌ ءايات‌ القرءان‌ ـ و أن‌ هاتين‌ الاطاعتين‌ في‌ مساق‌ واحد. و انّ رسول‌ الله‌ معصوم‌ هو الآخر، و انّ و هاتين‌ الطاعتين‌ لستنا اطاعتين‌ متضادتين‌.

 امّا بالنسبة‌ لاولي‌ الامر فانئ المطلب‌ بهذا النحو أيضاً. اي‌ بنفس‌ النحو الذي‌ يقول‌ فيه‌: أطيعوا الله‌ و أطيعوا الرَّسول‌. فانّه‌ يقول‌ أيضاً: أطيعوا أولي‌ الامر، فأولوا الامر ايضاً معصومون‌، و أوامرهم‌ ليست‌ خلاف‌ أوامر الكتاب‌ و ليست‌ خلاف‌ ءايات‌ الله‌، و لا خلاف‌ إطاعة‌ رسول‌ الله‌، سواء من‌ ناحية‌ التشريع‌ أو من‌ ناحية‌ خصوصيات‌ الاوامر الولايتية‌ الصادره‌ عنهم‌.

 و عليه‌ فانّ هذه‌ الآية‌ تدل‌ اجمالاً علي‌ أن‌ أولي‌ الامر يجب‌ أن‌ يكونوا معصومين‌ حتماً، و قد امرنا الله‌ تعالي‌ بسياق‌ واحد بوجوب‌ طاعتهم‌، و أنهم‌ واجبي‌ الطاعة‌.

 الرجوع الي الفهرس

 مورد النزاع‌ في‌ «تنـ'زَعْتُم‌» لا يمكن‌ أن‌ يشمل‌ النزاع‌ مع‌ أُولي‌ الامر في‌ أمر الولاية‌

ثم‌ يقول‌ تعالي‌ بعد ذلك‌ فَإنْ تَنَـ'زَعْتُمْ فِي‌ شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَی‌ اللَهِ وَالرَّسُولِ و بما أن‌ الخطاب‌ خطابٌ للمؤمنين‌: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُواْ اللَهَ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ أُولِي‌ الامْرِ مِنكُمْ. فاذا تنازعتم‌ أو تخاصمتم‌ في‌ اموركم‌ الشخصية‌ و الحياتية‌ فأرجعوا فصل‌ خصومتكم‌ إلي‌ الله‌ و رسوله‌، و اجعلو امر جعلكم‌ في‌ حل‌ المشكلة‌ الله‌ و رسولَه‌ فَلِمَ لَمْ يقل‌: فَإنْ تَنَـ'زَعْتُمْ فِي‌ شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَی‌ اللَهِ وَالرَّسُولِ ؟

 ذلك‌ لانه‌ قد بُيِّن‌ أن‌ أولي‌ الامر ليس‌ لهم‌ شأنيّة‌ التشريع‌، و إنما وظيفتهم‌ اصدار الاوامر الولايتة‌ فحسب‌. والله‌ تعالي‌ يريد القول‌ هنا انّكم‌ إذا تنازعتم‌ فانّ مرجعكم‌ تلك‌ الاحكام‌ الكلية‌ الموجوده‌ في‌ الكتاب‌، أو الجزئية‌ التي‌ بينّها رسول‌ الله‌، و أولوالامر ايضاً تابعون‌ لرسول‌ الله‌ في‌ الاحكام‌ الجزئية‌، و لا استقلال‌ لهم‌ من‌ أنفسهم‌. فالمرجع‌ في‌ رفع‌ الخصومة‌ اذن‌ (في‌ ناحية‌ توضيح‌ المسألة‌ و بيانها و حلّها) يجب‌ ان‌ يكون‌ كتاب‌ الله‌ في‌ الاحكام‌ الكلية‌، و سنّة‌ رسول‌ الله‌ في‌ المصاديق‌ و الاحكام‌ الجزئية‌. و هو أمر بيّن‌ و جلّي‌ أنّكم‌ إذا اختلفتم‌ أيها المؤمنون‌ ـ الخاطبون‌ من‌ قبلي‌ ـ فمرجعكم‌ هو الله‌ و رسوله‌. و لذا لم‌ يرد لفظ‌ «أولي‌ الامر» هنا لهذا السبب‌. و نستفيد من‌ هنا عدم‌ صحة‌ ما ذُكِر في‌ بعض‌ تفاسير أهل‌ السنة‌ و تفاسير بعض‌ من‌ حذل‌ حذوهم‌ حيث‌ قالوا: انّ السبب‌ في‌ أنه‌ تعالي‌ لم‌ يقل‌ هنا: فَرُدُّوهُ إلَی‌ اللَهِ وَالرَّسُولِ وَ أُولِي‌ الامْر هو انه‌: فَإنْ تَنَـ'زَعْتُمْ اي‌ تنازعتم‌ مع‌ نفس‌ أولي‌ الامر في‌ أصل‌ مسألة‌ الولاية‌. كما لو قال‌ أولوالامر مثلا: نحن‌ اصحاب‌ الولاية‌ و كان‌ رأيكم‌ بخلاف‌ ذلك‌. ففي‌ هذه‌ الصورة‌ يكون‌ مرجعكم‌ كتاب‌ الله‌ و رسوله‌. ذلك‌ أن‌ أولي‌ الامر أنفسهم‌ أحد أطراف‌ النزاع‌، و لم‌ يبقي‌ ثمة‌ معني‌ هنا لان‌ نقول‌ ارجعوا إلي‌ اولي‌ الامر و لذا فانّه‌ تعالي‌ لم‌ يقل‌ هنا «والي‌ اولي‌ الامر منكم‌».

 و هذا الكلام‌ خاطي‌، جدا و باطل‌، و ذلك‌ لانه‌ عند ما يوجب‌ الله‌ تعالي‌ في‌ صدر الاية‌ اطاعة‌ أولي‌ الامر علي‌ نحو الاطلاق‌، فلا معني‌ لان‌ يقول‌ بعد ذلك‌: اذا تنازعتم‌ مع‌ اوليك‌ الامر في‌ اصل‌ مسألة‌ الولاية‌ فارجعوا الي‌ الله‌ و رسوله‌ ! فيجعل‌ ااعة‌ اولي‌ الامر من‌ جهة‌ واجبة‌ علي‌ الناس‌ بينما يقول‌ من‌ جهة‌ اخري‌: اذا تنازعتم‌ معهم‌ فارجعوا الي‌ الله‌ و الرسول‌ !

 كان‌ يقول‌ الله‌ تعالي‌: أطيعوا الرسول‌ لكن‌ اذا تنازعتم‌ معه‌ فافعلوا الشي‌ء الفلاني‌. او يقول‌: اطيعوا القرآن‌ «اطيعوا الله‌» لكنّكم‌ إذا وجدتم في‌ بعض‌ الموارد استكالا معني‌ القرآن‌ فارجعوا إلي‌ التوراة‌ مثلا ! فهذا الكلام‌ خطأ.

 و هكذا عند ما يقول‌ الله‌ تعالي‌: أَطِيعُواْ اللَهَ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ أُولِي‌ الامْرِ مِنكُمْ. فيوجب‌ علينا اطاعة‌ اولي‌ الامر ثم‌ يقول‌: اذا تنازعتم‌ مع‌ اولي‌ الامر فافعلوا كذا، فانّ هذا التفريع‌ سيكون‌ خطأً و لا معني‌ له‌.

 الرجوع الي الفهرس

علّة‌ عدم‌ الإرجاع‌ إلي‌ أُولي‌ الامر في‌ التنازع‌ هي‌ عدم‌ كونهم‌ مشرّعين‌

 فليست‌ علة‌ عدم‌ ذكر أولي‌ الامر ـ إذن‌ ـ ما توهمّه‌ اولئك‌، و انما ما ذكرناه‌ من‌ أن‌ أولي‌ الامر لاشأن‌ لهم‌ بتشريع‌ الاحكام‌.

 لقد كان‌ دور الامام‌ الصادق‌ و الامام‌ الباقر و الرضا و صاحب‌ الزمان‌ عليهم‌ السلام‌ بأجمعهم‌ بيان‌ الاحكام‌، فَهل‌ عترتم‌ لحدا لان‌ علي‌ مسألة‌ قام‌ فيها الامام‌ الصادق‌ عليه‌ السلام‌ بجعل‌ تشريع‌ ما ؟! فهل‌ قال‌ في‌ موضع‌ ما: صلّوا الطهر ثلاث‌ ركعات‌ ؟! او قال‌ في‌ موضع‌ آخر، ءامركم‌ بإسِتان‌ المحرّم‌ الفلاني‌ ؟! أو يترك‌ الحلال‌ الفلاني‌ ؟! أو هو قال‌ اني‌ أشرع‌ من‌ الآن‌ فصاعدا أن‌ لا صلاح‌ في‌ لزوم‌ أن‌ يصلي‌ الناس‌ الصبح‌ قبل‌ أن‌ تطلع‌ الشمس‌، فلو صلوها الي‌ ما بعد الطلوع‌ نبصف‌ ساعة‌ مثلا فلا اشكال‌. و أمتاك‌ ذلك‌. من‌ الواضح‌ أن‌ هذا لم‌ يحصل‌ فجميعهم‌ عليهم‌ السلام‌ يقولون‌ نحن‌ انما نقوم‌ ببيان‌ تشريع‌ رسول‌ الله‌ صلي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلم‌، و بتوضيح‌ الحدود و القيود التي‌ حدودها رسول‌ الله‌ لخصوصيات‌ الاحكام‌. فالمشرع‌ اذن‌ هو الله‌ و رسوله‌، و علي‌ الانسان‌ أن‌ يرجع‌ في‌ موارد النزاع‌ التي‌ تواجهه‌ إلي‌ كتاب‌ الله‌ و رسوله‌، لكي‌ يتعرف‌ إلي‌ و ظيفته‌ من‌ تلك‌ المصادره‌.

 فهذا هو السبب‌ ـ إذن‌ ـ في‌ عدم‌ ذكر أولي‌ الامر هنا، لا ما ذكروه‌ من‌ ذلك‌ التوّهم‌ الباطل‌. أمّا الآن‌ و قد اتضحت‌ هذه‌ المسألة‌ فلو أشكل‌ و قيل‌: انه‌ لاشك‌ في‌ ان‌ رسول‌ الله‌ صلي‌ الله‌ عليه‌ و آله‌ و سلّم‌ كان‌ مرسل‌ أستخاصا في‌ حياته‌ ولاة‌ إلي‌ الاطلاق‌ و النواحي‌ كالطائي‌ و الين‌... و كو... و امتالها، فكان‌ برأسّهم‌ علي‌ الناس‌ فكانوا يأمرون‌ و ينهون‌، و يعلّموه‌ الناس‌ القرآن‌. أو أنّه‌ كان‌ يرسل‌ البعض‌ في‌ الحروب‌ بضعد ولي‌ أو والي‌، فيكون‌ قائداً و أميرا يقاتل‌ الناس‌ بين‌ يديه‌، و يكون‌ أمره‌ واجب‌ الاطاعة‌، مع‌ أن‌ هؤلإ الولاة‌ و الامرا و لم‌ يكونوا معصومين‌.

 أو أن‌ اميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ كان‌ ينصّب‌ ولاهً من‌ قبله‌ فيرسلهم‌ إلي‌ البلاد المختلفة‌، و كانوا واحبي‌الطاعة‌ أيضاً. فالولي‌ أو الوالي‌ الذي‌ كان‌ يُرسل‌ من‌ قبل‌ أميرالمؤمنين‌ الي‌ مدينة‌ البصرة‌ مثلا يجب‌ علي‌ الناس‌ أن‌ يطيعوه‌ مع‌ أندليس‌ معصوما، و مع‌ انّه‌ كان‌ يخطي‌ و احيانا. لكن‌ بما أن‌ أصل‌ جعل‌ و نصيب‌ هذا الوالي‌ مشتمل‌ علي‌ مصالح‌ كثيرة‌، فلو صدر منه‌ خطأ ما في‌ بعضي‌ الاحيان‌، أو اشتنبه‌ في‌ بعض‌ ما يأمر به‌ أو ينهي‌ عنه‌، فإن‌ هذا الخطأ يُتدارن‌ بما في‌ جعله‌ من‌ مصلحة‌. و هذا ما يسمي‌ ب «المصلحة‌ المتداركة‌». أي‌ أننا نوافق‌ علي‌ أن‌ الولاة‌ يخطأون‌ في‌ بعض‌ الاحيان‌، لكن‌ خطأهم‌ قليل‌ إلي‌ درجة‌ أنه‌ يُتدارك‌ بمصلحة‌ أصل‌ تعيينهم‌. و اساس‌ الامر أن‌ أصيل‌ تعيينهم‌ يجب‌ أن‌ يحصل‌، و إذا دار الامر بين‌ الا يرسل‌ أميرالمؤمنين‌ والياً الي‌ البصره‌ فتبقي‌ البصره‌ بلا والٍ، أو أن‌ يرسل‌ والياً قد تصدر منه‌ بعض‌ الاشتباهات‌، فمن‌ المؤكد أن‌ إرسال‌ ذلك‌ الوالي‌ الذي‌ يُخطي‌ء في‌ بعض‌ الامور افضل‌ من‌ عدم‌ ارساله‌ والياً أساساً و من‌ تركه‌ الناس‌ دون‌ والٍ و مدبر.

 فما الاشكال‌ اذن‌ فيما لو قلنا بهذا أيضاً في‌ ءاية‌: «أولي‌ الامر» فنقول‌ أن‌ الله‌ تعالي‌ يقول‌ في‌ الآية‌  أَطِيعُواْ اللَهَ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ أُولِي‌ الامْرِ مِنكُمْ.أنه‌ أطيعوا أولي‌ أمركم‌ (كمثل‌ الافراد الذين‌ يرسلهم‌ رسول‌ الله‌ أو أميرالمؤمنين‌ عليهما السّلام‌ بصفة‌ قادة‌ في‌ الحرب‌ أو ولاة‌ علي‌ المدن‌) فهؤلإ أيضاً واجبي‌ الطاعة‌ ذلك‌ أنّ المصلحة‌ التي‌ يتضمنها أصل‌ تعيينهم‌ كبيرة‌ إلي‌ درجة‌ تغلب‌ مفسدة‌ الاخطاء التي‌ قد تصدر منهم‌. فما الاشكال‌ لو قلنا أن‌ أولي‌ الامر ليسوا معصومين‌، و إنما هم‌ نفس‌ أولئك‌ الولاة‌ و الذين‌ يسمعون‌ في‌ العرف‌ و العادة‌ بأولي‌ الامر !

 و الجواب‌ هو أن‌ هذا التصوّر في‌ حدّ نفسه‌ و في‌ مقام‌ الثبوت‌ و الفرض‌ لااشكال‌ فيه‌ (بان‌ يقوم‌ النبي‌ بعمل‌ كهذا، فينصب‌ شخصاً غير معصوم‌ لاأجل‌ تلك‌ المصلحة‌، و يكون‌ ذلك‌ الشخص‌ بالطبع‌ الافضل‌ سئة‌ بالمسئة‌ بالنسبة‌ إلي‌ بقية‌ الاشخاص‌، لكنه‌ ليس‌ معصوما و يصدر منه‌ الخطأ) لكن‌ كلامنا ليس‌ في‌ مقام‌ التصور و الإمكان‌ و الثبوت‌ و انما هو في‌ ظهور الآية‌. فالآية‌ لها ظهور في‌ أن‌ عليكم‌ اتباع‌ أولي‌ الامر، و أنهم‌ معصومون‌. و ذلك‌ لان‌ الآية‌ الشريفة‌ توجب‌ اطاعة‌ الله‌ و رسوله‌ و أولي‌ الامر بسبك‌ واحد و سياق‌ واحد. و كما أنّ العصمة‌ موجودة‌ حتماً في‌ اطاعة‌ الله‌ و الرسول‌ فقد أوجبت‌ أطاعة‌ أولي‌ الامر أيضاً علي‌ هذا الاساس‌، و الآية‌ ظاهرة‌ في‌ ذلك‌.

 فالآية‌ اذن‌ تقول‌: يجب‌ اطاعة‌ أولي‌ الامر لانهم‌ معصومون‌، و بحثنا الآن‌ في‌ ظهور الآية‌ و مفادها، أما و امكان‌ إطلاق‌ عنوان‌ أولي‌ الامر في‌ نفسه‌ و بحسب‌ المعني‌ اللغوي‌ علي‌ غير المعصوم‌ أيضاً فهو محفوظ‌ في‌ محله‌.

 و ما يتّصل‌ ببحثنا هو الظهور الذي‌ نريد استفادته‌ من‌ الآية‌، و الآية‌ أيضاً ظاهرة‌ في‌ هذا المعني‌، لاشكّ في‌ ذلك‌ و لاريب‌.

 و قد اعترف‌ الفخر الرازي‌ أيضاً لهذا في‌ تفسيره‌، و إن‌ كان‌ لايري‌ عصمة أولي‌ الامر[14]  لكنه‌ يقوه‌: «مَهما يكن‌ من‌ أمر فإن‌ أولي‌ الامر يجب‌ أن‌ يكونوا معصومين‌.» و من‌ ثم‌ لكي‌ يحفظ‌ العصمة‌ في‌ أولي‌ الامر يقول‌: يجب‌ أن‌ يجتمع‌ اشخاص‌ من‌ أه‌ الحل‌ و العقد مع‌ بعضهم‌، و عندها يجعل‌ الله‌ العصمة‌ لاجتماع‌ هؤلإ الاشخاص‌ الذين‌ ينتجبون‌ «ولي‌ أمر» لشؤونهم‌، فتجعل‌ هذه‌ المشورة‌ التي‌ بين‌ أهل‌ الحل‌ و العقد معصوما. اذن‌ هذا الرأي‌ الناتج‌ عن‌ المشورة‌ يمتلك‌ العصمة‌. و أراد ترتيب‌ الامر بهذا النحو مع‌ أن‌ نفس‌ هذا الكلام‌ فيه‌ اشكالات‌. و كلامنا حاليا في‌ هذه‌ الجهة‌ فقط‌، و هي‌ اعتراف‌ الفخر الرازي‌ ـ و هو من‌ مخالفينا ـ بأنّ أولي‌ الامر مهما كانوا يجب‌ أن‌ يكونوا معصومين‌.

 و عليه‌ فلا مفرَّ من‌ اللالتزام‌ بأن‌ أولي‌ الامر أشخاص‌ معصومون‌ عن‌ الخطأ و الذنب‌. و جيمع‌ المسلمين‌ مجمعون‌ علي‌ أن‌ أحداً لم‌ يدَّع‌ العصمة‌ الولايتية‌ في‌ هذه‌ الآية‌ في‌ حقّ أحد إلاّ ما تدَّعبيه‌ الشيعة‌ في‌ حق‌ أئمّتهم‌ الاثني‌ عشر صولات‌ الله‌ و سلامه‌ عليهم‌ اجمعين‌ و عليه‌ فالاية‌ طبعاً تنطبق‌ عليه‌ فحسب‌.

 الرجوع الي الفهرس

عهد أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لمالك‌ الاشتر مبينٌ لتفسيرنا

و الشاهد علي‌ هذا المطلب‌ هو العهد الذي‌ كتبه‌ اميرالمؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لمالك‌ الاشتر حين‌ ولاّه‌ علي‌ مصر حيث‌ يقول‌ فيه‌: وَ أَرْدُودْ إلَی‌ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ مَا يُضْلِعُكَ مِنَ الْخُطْوبِ وَ يَشْتَبِهُ عَلَیكَ مِنَ الاْموُر فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَي‌ لِقَوْمَ أَحَبَّبَ إرشَادَهُمْ: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُواْ اللَهَ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ أُولِي‌ الامْرِ مِنكُمْ فَإنْ تَنَـ'زَعْتُمْ فِي‌ شَي‌ءٍ فَرُدُّوهُ إِلي‌ اللَهَ وَ الرَّسُولِ فَالرَّدُّ إلَی‌ اللَّهِ: الاْخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَ الرَّدُّ إلَی‌ الرَّسُولِ: الاْخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمَفِّرقَةِ. [15]

 ما يضلعك‌ من‌ الخطوب‌ أي‌ تلك‌ المشكلات‌ التي‌ تصيب‌ جنبك‌ و ضلعك‌، و تصيبك‌ من‌ أطراف‌ و جوانبك‌، و عليك‌ ان‌ تردّ تلك‌ الامور الهامة‌ الي‌ الله‌ و رسوله‌، و أن‌ تردّ تلك‌ الامور التي‌ تشتبه‌ عليك‌ الي‌ الله‌ و رسوله‌، لان‌ الله‌ تعالي‌ قال‌ لاولئك‌ الذين‌ أحبّ ارشادهم‌ و هدايتهم‌: يَـ'أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُو´ا أَطِيعُواْ اللَهَ وَ أَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَ أُولِي‌ الامْرِ مِنكُمْ فَإنْ تَنَـ'زَعْتُمْ فِي‌ شَي‌ءٍ فَرُدُّوهُ إِلي‌ اللَهَ وَ الرَّسُولِ فما الذي‌ يعنيه‌ الردّ الي‌ الله‌ ؟

 هو الاْخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابرهِ، فهذا هو الرّد الي‌ الله‌، وَ الرَّدُّ إلَی‌ الرَّسُولِ: الاْخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُفَّرَقَةِ.

 سنته‌ الجامعة‌ اي‌ التي‌ تجمع‌ جميع‌ المصالح‌ و جيمع‌ الاشخاص‌، كل‌ القلوب‌ و كل‌ المحاسن‌ و ليست‌ مفرقة‌، و لاسبّبة‌ للفرقة‌ و الانفصام‌.

 كان‌ هذا بحثنا حول‌ هذه‌ الآية‌ المباركة‌، و التي‌ كانت‌ أول‌ ءاية‌ من‌ القرءان‌ تدل‌ علي‌ عصمة‌ الائمّة‌ و وجوب‌ ااعة‌ الامام‌ المعصوم‌ بقيد لونه‌ معصوما. و نأمل‌ بهذا التوضيح‌ الذي‌ تمنا به‌ ألاّيبقي‌ و لا يكون‌ هناك‌ محل‌ للاشكال‌ و الشبهات‌ و ليس‌ هناك‌ من‌ إشكال‌ ان‌ شاءالله‌ تعالي‌.

 و لذا نري‌ أن‌ كبار علماء الاسلام‌ من‌ الزمان‌ الاولي‌ إلي‌ الآن‌ امثال‌ الشيخ‌ المفيد، الحراس‌ الولائين‌ من‌ المتكلمين‌ من‌ أمثال‌ الخواجه‌ نصيرالدين‌ الطوسي‌، والعلاّمة‌ الحيل‌، و كبار مفسّري‌ الشيعد قد أخذوا هذه‌ الآية‌ علي‌ أنها من‌ الآيات‌ الدالّة‌ علي‌ عصمة‌ الائمة‌ عليهم‌ السّلام‌ و ولايتهم‌.

 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی‌ مُحَمَّدٍ وَ ءَالِ مُحَمَّد

 الرجوع الي الفهرس

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

پیام هفته

تحمیل نظر خویش بر آگاهان
قرآن : ... ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ کُونُوا عِباداً لي‏ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... (سوره نحل، آیه 52)ترجمه: هیچ کس (حتی پیامبر) حق ندارد به مردم بگوید به جای خدا مرا عبادت کنید.حدیث: روی الحلبی قلتُ لاَبی عبدالله علیه السلام ما أدنى ما یکون به العبد کافراً ؟ قال: « أن یبتدع به شیئاً فیتولى علیه ویتبرأ ممّن خالفه (معانی الاخبار ، ص 393)ترجمه: ... حلبی روایت می کند که از امام صادق (ع) پرسیدم : کمترین سبب کافر شدن انسان چیست؟ فرمودند : این‌که بدعتی بگذارد و از آن بدعت جانبداری کند و از هر کس با او مخالفت کند روی برگرداند و آنان را متهم و منزوی سازد.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید