قسمة5

فبالجملة: رواية الورّاق حجّة دالّة علی أنّ كلّ غنيمة هذا الغزو للإمام و لم يقم في مقابلها حجّة علی الخلاف، فاللازم هو الأخذ بها.

السابع عشر ممّا قد يعدّ من الأنفال الأرض الخراب الّتي ليس لها صاحب معلوم:

و لنذكر في ذلك كلمات جمع عن الأصحاب ثمّ نتعرّض لمقتضی الأدلّة، فنقول:

1- قال ابن إدريس في السرائر عند البحث عن أقسام الأرضين و أحكامها:

فأمّا الغامر [يعني في بلاد الإسلام‏] بالغين المعجمة و هو الخراب فعلی ضربين:

                       

غامر لم يجر عليه ملك لمسلم، و غامر جری عليه ملك مسلم، فأمّا الّذي لم يجر عليه ملك مسلم فهو لإمام المسلمين يفعل به ما شاء، و أمّا الّذي جری عليه ملك مسلم فإن كان صاحبه أو وارثه معيّنا فهو أحقّ به و هو في معنی العامر و لا يخرج بخرابه عن ملك صاحبه، و إن لم يكن له صاحب معيّن و لا عقب و لا وارث فهي لإمام المسلمين خاصّة. و أمّا الغامر في بلاد الشرك فعلی ضربين ... و أمّا الّذي جری عليه ملك فإنّه ينظر ... و إن لم يكن له صاحب معيّن و لا وارث فهو للإمام عندنا «1».

فهو قدّس سرّه- مع التصريح بأنّ الغامر الّذي كان مسبوقا بالإحياء لا يخرج عن ملك صاحبه- قد أفتی بأنّه إذا لم يكن له صاحب معيّن و لا وارث و لا عقب فهو للإمام خاصّة، سواء كان مالكه السابق مسلما أو مشركا و قد قال في الثاني قوله: «فهو للإمام عندنا» و قد يستظهر منه دعوی الاتفاق، و لعلّ الصورتين بحكم واحد و لذا حكی عن ظاهره الإجماع علی ما في الجواهر، إلّا أنّ مفاد عبارته أنّها للإمام و لم يقل بأنّها من الأنفال كما هو ظاهر للمتدبّر.

2- و قد يتوهّم الإفتاء بمثله من عبارة الشيخ في إحياء الموات من الخلاف حيث قال: الأرضون العامرة في بلاد الإسلام الّتي لا يعرف لها صاحب معيّن للإمام خاصّة- ثمّ حكی أقوال العامّة، ثمّ قال:- دليلنا إجماع الفرقة علی أن أرض الموات للإمام خاصّة فإنّها من جملة الأنفال و لم يفصّلوا بين ما يكون في دار الإسلام و بين ما يكون في دار الحرب. ثمّ ذكر في المسألة اللاحقة حكم العامر الّتي في بلد الشرك و أنّها أيضا للإمام و قال: دليلنا ما قلناه في المسألة الاولی سواء «2».

فإنّ عبارته مثل عبارة السرائر و ادّعی علی ما أفتی به إجماع الفرقة.

إلّا أنّه توهّم مبناه قراءة العامر بالعين المهملة كما في طبعة مؤسّسة النشر الإسلامي، إلّا أنّ هذه النسخة لا تجتمع مع دعواه الإجماع- في مقام الاستدلال له- علی أنّ أرض الموات للإمام خاصّة فإنّه شاهد غلط النسخة، و إنّ الصحيح هو

                       

الغامر بالغين المعجمة كما في النسخة المطبوعة زمن السيّد العظيم البروجردي قدّس سرّه و بأمره، و عليه فهو متعرّض للأرض الموات و لا مساس له بما نحن فيه.

3- نعم قال المحقّق في احياء الموات من الشرائع: و كلّ أرض جری عليها ملك لمسلم فهي له أو لورثته بعده و إن لم يكن لها مالك معروف معيّن فهي للإمام، و لا يجوز إحياؤها إلّا بإذنه، و لو بادر مبادر فأحياها من دون إذنه لم يملك.

4- و مثله بعينه عبارة العلّامة في تنبيه مذكور في كتاب إحياء الموات من التذكرة، فراجع «1».

فقد حكما بأنّ كلّ أرض لم يكن لها مالك معروف فهي للإمام و عمومها شامل للأرض الحيّ و المحياة و الموات فينطبق علی ما أفتی به السرائر، اللّهمّ إلّا أن يجعل جملة «و لا يجوز إحياؤها إلّا بإذنه» تلو العبارة السابقة شاهدة علی أنّ مرادهما الموات من الأرض الّذي يتصوّر فيه إحياء، كما استفاد كذلك منه صاحب المسالك فأفاد بعد قول المحقّق: «فهي للإمام» فقال: «لكنّ الحكم هنا مقيّد بما لو كانت ميتة، إذ لو كانت حيّة فهي مال مجهول المالك و حكمه خارج عن ملكية الإمام له بالخصوص» «2». هذه وضعية المسألة من حيث أقوال الأصحاب.

و أمّا الأدلّة فأنت تعلم أنّ الأرض المذكورة إذا مات مالكها و لم يكن له وارث فهي داخلة في عنوان ميراث من لا وارث له الّذي قد مرّ أنّه من الأنفال و الإمام، و أمّا إذا كان من ملكها مجهولا، فإن كانت ممّا لا ربّ لها دخلت في حكم هذا العنوان، هذا إذا كانت حية، و أمّا إذا ماتت بعد الإحياء فإن قلنا بأنّ الأرض الّتي يعرض عليها الموات بعد الإحياء فهي بحكم الموات بالأصالة كانت بحكم الموات من الأنفال و ملكا للإمام، و إن قلنا ببقائها علی ملك من أحياها كما اختاره السرائر فلا دليل علی أنّه ملك للإمام بل هي بحكم المال المجهول المالك.

                       

الثامن عشر ممّا عدّ من الأنفال البحار:

فقد عدّها من الأنفال الكليني و المفيد و أبو الصلاح الحلبي:

1- فقد قال الأوّل في اصول الكافي بعد عدّ ما رجع إلی النبيّ و الأئمّة صلوات اللّه عليهم من غير أن يوجف عليه بخيل و لا ركاب من الأنفال و أنّه للّه و الرسول خاصّة قال: فزال عنها اسم الفي‏ء و لزمها اسم الأنفال، و كذلك الآجام و المعادن و البحار و المفاوز فهي للإمام خاصّة «1».

و قال المفيد عند عدّ الأنفال من المقنعة: و الأنفال كلّ أرض فتحت من غير أن يوجف عليها بخيل و لا ركاب ... و الآجام و البحار و المفاوز ...» «2».

و قال أبو الصلاح في الكافي في الأنفال: فرض الأنفال مختصّ بكلّ أرض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب ... و بطون الأودية من كلّ أرض و البحار و الآجام و تركات من لا وارث له من الأموال و غيرها «3».

و لم نجد أحدا ذكرها من الأنفال و لا من أموال وليّ الأمر و لا المسلمين بل لم يتعرّضوا لها أصلا إلی هذه الأزمنة المتأخّرة إلّا صاحب الجواهر فقد نقل ... قول المفيد و أبي الصلاح فيها قائلا: «و لم نقف لهما علی دليل في البحار كما اعترف به غير واحد، اللّهمّ إلّا أن يكونا أخذاه ممّا دلّ من الأخبار علی أنّ الدنيا و ما فيها للإمام و علی أنّ الأنهار الخمسة أو الثمانية للإمام، فذكر الأخبار الأخيرة و زاد عليها الإشارة إلی رواية مسمع بن عبد الملك الآتية إن شاء اللّه تعالی، فراجع «4».

أقول: و لعلّ عدم تعرّض غيرهم من علمائنا لذكرها لأنّ البحار في الأزمنة السالفة لم يكن لها نصيب في الانتفاع بها إلّا مجرّد سير الفلك الخشبي عليها و أحيانا فائدة الغوص بلا وسيلة أو بوسائل و لكنّ في منتهی الدرجة العادية الأوّلية من جوانبها بخلاف زماننا الّذي صارت البحار منبعا عظيما للاستنتاجات‏

                       

الاقتصادية و لحمل امور طبيعية و صناعية عليها بالفلك الصناعية العظيمة و صارت أيضا مقرّا للمهمّات العسكرية و للهجوم بها علی مواضع الأعداء المهمّة و لعلّها ستظهر في الأزمنة الآتية لها منافع و فوائد عظيمة أعظم بمراتب ممّا ظهر إلی زماننا الحاضر، فمع هذه الفوائد لا بدّ من التعرّض لأمرها و حكمها في الشريعة الإسلامية.

و هذا الاحتمال الّذي ذكرناه احتمال قويّ عقلائي لعدم ذكر الأصحاب لها، فليس عدم ذكرهم إعراضا عمّا لعلّه يستفاد منها صحّة نفس مقالة الأعلام الثلاثة أو أمر آخر قريب منها، فلننتظر.

و كيف كان فربما يمكن الاستدلال لقول هؤلاء الأعاظم بعدّة من الأخبار:

1- منها ما رواه الكليني في الكافي و الصدوق في الخصال و من لا يحضره الفقيه بسند صحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إنّ جبرئيل كری برجله خمسة أنهار و لسان الماء يتبعه: الفرات، و دجلة، و نيل مصر، و مهران، و نهر بلخ، فما سقت أو سقي منها فللإمام، و البحر المطيف بالدنيا «1». و زاد عليها في الفقيه: «و هو افسيكون».

فقد ذكر عليه السّلام هذه الأنهار الخمسة العظيمة المعروفة في تلك الأزمنة، و حكم عليها بقوله: «فما سقت أو سقي منها فللإمام». و الفرق بين القسمين أنّ الأوّل ما يشربها الأنهار المذكورة بنفسها و بلا علاج، و الثاني يكون شربه منها بعلاج كالدلو و الدوالي في الأزمنة السابقة و كالوسائل المختلفة الالكترونية الحديثة في أزمنتنا، ثمّ بعد ذلك عطف عليها بقوله: «و البحر المطيف بالدنيا» و واضح لمن راجع الكتب الجغرافيائية أنّ البحر المطيف بالدنيا بحر كبير واحد اتصل جميع أجزائها بأنفسها و يكون المجموع ماء و بحرا عظيما واحدا يحيط بجميع الأراضي الواقعة علی كرة الأرض و تكون مساحته أضعاف الأرض بمراتب، فهذا هو البحر المحيط.

                       

و أمّا ما ذكره في الفقيه تفسيرا له بقوله: «و هو افسيكون» فالظاهر أنّه من الصدوق نفسه و ليس جزء للرواية و لهذا لم يذكره الكليني في الكافي و لا الصدوق نفسه في الخصال مع أنّ الرواية رواية واحدة، و هذا التفسير غير معتمد عليه فإنّ افسيكون علی ما ذكره أهل اللغة معرّب آبسكون و هي كلمة فارسية كانت في الأصل اسم جزيرة في سواحل طبرستان و بينها و بين جرجان كانت أربعة و عشرون فرسخا و قد صارت اليوم تحت الماء، و علی أيّ فسمّي البحر الّذي كانت هذه الجزيرة فيها باسم هذه البلدة و هذا البحر هو «بحر الخزر» الواقع الآن في شمال ايران و ممالك اخری كآذربيجان و تاجيكستان و غيرهما، و هو بحر محدود ليس مطيفا و محيطا بالدنيا كما هو واضح.

فالبحر المطيف بالدنيا هو ذاك البحر العظيم الواحد و إن كان ربما سمّوه كلّ أهل مملكة باسم خاصّ كبحر الهند و البحر الأحمر و الاقيانوس الكبير و الاقيانوس المنجمد الشمالي أو الجنوبي و غيرها، فهذه الأسماء كلّها حاكية عن بحر واحد و إن سمّي كلّ جزء منها باسم خاصّ.

و بعد وضوح معناه فليس «البحر المطيف بالدنيا» عطفا علی الأنهار المذكورة فإنّها كانت خمسة و قد مرّ ذكر جميعها، مضافا إلی أنّ البحر المطيف بالدنيا ليس نهرا أصلا بل الظاهر أنّه أصل هذه الأنهار و الأنهار العظيمة الاخری، بل الظاهر أنّه عطف علی الموصول المبتدأ في قوله «فما سقت أو سقي منها فللإمام» فلا محالة يكون حكم هذا البحر المطيف أيضا أنّه للإمام، فالصحيحة تدلّ بوضوح علی أنّ البحر المطيف بالدنيا للإمام عليه السّلام.

و هذا البحر المطيف و إن لم يشمل البحيرات الواقعة في أكناف الأرض كبحيرة حوض سلطان بقم و بحيرة ارومية و غيرهما ممّا في سائر الممالك إلّا أنّه إذا حكم بأنّ هذا البحر العظيم الّذي هو مبدأ مياه العالم حتّی أنّه مبدأ الأغمام المطيرة فإنّها أبخرة تصعد من ماء هذا البحر العظيم، فإذا ذكر البحر المطيف الّذي‏

                       

هو أصل كلّ ماء علم منه أنّ جميع بحار الأرض و بحيراته للإمام عليه السّلام، هذا تمام الكلام في دلالة الصحيحة.

فالصحيحة تامّة السند و الدلالة علی أنّ البحار كلّها للإمام إلّا أنّه لا إشارة فيها علی أنّ البحار من الأنفال، فالبحار ملك للإمام عليه السّلام و إن لم يكن لنا حجّة من طريق هذه الصحيحة علی أنّها من الأنفال.

2- و مثل هذه الصحيحة بل لعلّه هي ما رواه في المستدرك عن فقه الرضا:

أروي عن العالم عليه السّلام أنّه قال: ركز جبرئيل عليه السّلام برجله حتّی جرت خمسة أنهار و لسان الماء يتبعه: الفرات، و دجلة، و النيل، و نهر مهربان، و نهر بلخ، فما سقت و سقي منها فللإمام و البحر المطيف بالدنيا «1».

فهو كما تری عين الصحيحة إلّا في لفظة «مهربان» فإنّ الموجود في الصحيحة كما عرفت «مهران» و هو الموافق لكتب اللغة. و كيف كان فمدلوله هو مدلول الصحيحة بعينه. فيدلّ علی أنّ البحر المحيط بالدنيا بل البحار و البحيرات كلّها للإمام عليه السّلام.

3- و منها ما رواه الكليني و الشيخ بإسنادهما الصحيح إلی عمر بن يزيد قال:

رأيت مسمعا بالمدينة قد كان حمل إلی أبي عبد اللّه عليه السّلام في تلك السنة مالا فردّه أبو عبد اللّه عليه السّلام، فقلت له: لم ردّ عليك أبو عبد اللّه عليه السّلام المال الّذي حملته إليه؟ قال:

فقال لي: إنّي قلت له حين حملت إليه المال: إنّي كنت ولّيت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم و قد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم و كرهت أن أحبسها عنك و أن أعرض لها و هي حقّك الّذي جعله اللّه تبارك و تعالی في أموالنا، فقال: أو مالنا من الأرض و ما أخرج اللّه منها إلّا الخمس؟! يا أبا سيّار إنّ الأرض كلّها لنا، فما أخرج اللّه منها من شي‏ء فهو لنا، فقلت له: و أنا أحمل إليك المال كلّه؟ فقال: يا أبا سيّار، قد طيّبناه لك و أحللناك منه، فضمّ إليك مالك، و كلّ ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محلّلون حتّی يقوم قائمنا فيجبيهم طسق ما كان في أيديهم و يترك‏

                       

الأرض في أيديهم، و أمّا ما كان في أيدي غيرهم فإنّ كسبهم من الأرض حرام عليهم حتّی يقوم قائمنا فيأخذ الأرض من أيديهم و يخرجهم صغرة ... الحديث «1».

و اللفظ الّذي نقلناه هو من الكافي، و التهذيب نحوه إلی قوله: «يقوم قائمنا» الأوّل، و بعده هكذا: «فيجبيهم طسق ما كان في أيدي سواهم فإنّ كسبهم ... إلی آخره.

بيان دلالته: أنّ مورد البحث و موضوعه في الحديث هو المال الحاصل من اكتساب الغوص، و الغوص لا محالة يحصل من المياه و البحار، فإذا قال الإمام عليه السّلام: «إنّ الأرض كلّها لنا فما أخرج اللّه منها من شي‏ء فهو لنا» فقد دلّ علی أنّ الغوص الحاصل من البحر ممّا أخرجه اللّه من الأرض، فيستفاد منه أنّ الأرض المذكورة شامل لما عليها الماء و أنّ الشي‏ء الخارج من البحار أيضا يكون ممّا أخرج من الأرض. و الحاصل: أنّ كلامه يدلّ علی أنّ المقصود بالأرض معنی شامل للبحار الواقعة فيها.

و عليه فيدلّ قوله المذكور علی أنّ الأرض بالمعنی الشامل للبحار و ما يخرج اللّه منها من شي‏ء فهو للإمام عليه السّلام، و اللام ظاهرة الدلالة علی كون مفاد الضمير مختصّا باختصاص مطلق بمجرورها، و الاختصاص المطلق مساوق للملكية، فلا محالة يكون مفاد الرواية أنّ البحار و ما يخرج اللّه منها ملك طلق للإمام عليه السّلام و هو المطلوب.

فهذه الرواية أيضا تامّة الدلالة علی ما نحن فيه، و أمّا سندها فقد مرّ أنّه إلی عمر بن يزيد صحيح، و مسمع بن عبد الملك أبو سيّار أيضا وثّقه الكشّي و يستفاد وجاهته من كلام النجاشي و العلّامة في الخلاصة، إلّا أنّ عمر بن يزيد مشترك بين عمر بن يزيد بيّاع السابري مولی ثقيف الثقة و عمر بن يزيد بن ذبيان الصيقل الّذي لا دليل علی وثاقته، و لا دليل علی أنّ المذكور هنا هو الأوّل فإنّ ابن محبوب يروي عن الثاني و كلاهما من أصحاب الصادق عليه السّلام و لهذا فلا يثبت اعتبار سندها.

                       

و يمكن أن يمنع دلالة هذه الرواية علی الملكية و ذلك أنّها دلّت علی أنّ الأرض كلّها للإمام و هذا العموم إذا اريد من اللام فيه الاختصاص الملكي لا يمكن القول به فإنّ ضرورة الفقه بل المذهب بل الإسلام قائمة علی أنّ أهل الأرض أيضا مالكون لشي‏ء من الأرض و الشجر و الزرع باشتراء و إحياء وارث و نحوها من أسباب الملك و قد صرّح بهذا المعنی في باب إحياء الموات و غيره في روايات متعدّدة، فإرادة الاختصاص الملكي من كلامه عليه السّلام غير ممكنة، فلا محالة اريد من اللام الاختصاص و السلطة الّتي لوليّ الأمر علی أراضي أو مياه البلاد الّتي تحت ولايته، فمدلول الرواية أنّ الأرض- بمعناها الوسيع- و ما أخرج اللّه منها من الأشجار و النبات و الثمار و الحبوب حتّی مثل ما يخرج من البحار من الأسماك و الغوص فكلّ ذلك واقع تحت اختيار وليّ الأمر يفعل بها ما يكون فيه صلاح الامّة، فالرواية من أدلّة إثبات سعة دائرة ولاية الوالي الإلهي علی جميع الأرض و ما يتعلّق بها.

بل منه تعرف المناقشة في دلالة صحيحة حفص بن البختري و خبر فقه الرضا علی مالكية الإمام للبحار، و ذلك أنّ وجه دلالتهما كما عرفت أنّ البحر المطيف عطف علی الموصول المذكور قبله في قوله عليه السّلام: «فما سقت أو سقي منها فللإمام» و مفاد الموصول شامل لجميع الأشجار و النباتات المستقية بمياه تلك الأنهار العظمية الخمسة، و إرادة الاختصاص الملكي من اللام الجارّة غير ممكنة فإنّها تؤول إلی أن لا يكون أحد من الناس مالكا للأشجار و النباتات و ثمراتها من الثمار و الحبوب و هو خلاف ضرورة الفقه و المذهب، فلا محالة يراد بها الاختصاص الّذي يكون للوالي و الإمام علی الأموال الموجودة في بلاد امّته، و صدر الصحيحة و ذكر حفر الأنهار الكبيرة و إحداثها برجل جبرئيل من باب سرّ هذا الاختيار و سرّ سعة هذه الولاية الإلهية.

و لا يتوهّم أنّ هذا المقال يوجب الخدشة في استفادة ملكية وليّ الأمر

                       

للأنفال، و ذلك أنّ الأنفال قسم خاصّ من الأموال و أدلّتها تستثنيها عن باقي الأموال، و حاصل مفادها أنّ الأنفال ملك للإمام و وليّ الأمر و باقي الأموال يكون ملكا للناس، و نحوه الكلام في أدلّة الخمس فإنّها في مقام تقسيم الغنيمة الّتي يجب فيها الخمس فتدلّ علی أنّ خمسها للمصارف الستّة و أربعة أخماسها لمن اغتنمها، فكما أنّ المغتنم يكون مالكا للباقي فهكذا وليّ الأمر يكون مالكا لماله من الخمس.

فالحاصل: أنّ البحار ممّا يكون تحت دائرة الاختيار الوسيع الّذي للإمام و لا دليل علی أنّها ملكة.

و بهذا تمّ الكلام عمّا قد يعدّ من مصاديق الأنفال. و اللّه الهادي إلی سواء السبيل.

                       

الثاني من الأموال الّتي لوليّ الأمر الخمس‏

و ليس المقصود بالكلام هنا البحث عن أصل وجوب الخمس، و لا عن امور يتعلّق الخمس بها، و لا عن الشرائط و الفروع الاخر، بل إنّما المقصود أنّ الخمس الّذي يجب أداؤه فشطر منه و ربما كان في بعض المواضع شطر آخر منه أيضا للإمام وليّ أمر المسلمين.

 [أقوال الفقهاء في المسألة]

و قبل الورود في ذكر المسائل اللازمة بالبحث عنها لا بدّ من النظر إلی أقوال أصحابنا الكرام ليكون طريقا و عونا إلی المسائل الّتي يبحث عنها، فنقول:

1- قال الشيخ المفيد قدّس سرّه في المقنعة: و الخمس للّه تعالی كما وصف و لرسوله صلّی اللّه عليه و آله كما حكم و لقرابة الرسول كما بيّن و ليتامی آل الرسول كما أنزل و لمساكينهم ببرهان ما شرح و لأبناء سبيلهم بدليل ما أخبر و ليس لغيرهم في الخمس حقّ- إلی أن قال في تقسيم خمس غنائم الحرب:- و إذا غنم المسلمون شيئا من أهل الكفر بالسيف قسّمه الإمام علی خمسة أسهم، فجعل أربعة منها بين من قاتل عليه، و جعل السهم الخامس علی ستّة أسهم: منها ثلاثة له عليه السّلام: سهمان وراثة من الرسول صلّی اللّه عليه و آله، و سهم بحقّه المذكور، و ثلاثة للثلاثة الأصناف من أهله؛ فسهم لأيتامهم، و سهم لمساكينهم، و سهم لأبناء سبيلهم، فيقسّم ذلك بينهم علی قدر كفايتهم في السنة و مؤنتهم، فما فضل عنها أخذه الإمام منهم، و ما نقص منها تمّمه‏

                       

لهم من حقّه، و إنّما كان له أخذ ما فضل لأنّ عليه إتمام ما نقص «1».

فهو قدّس سرّه كما تری قد أفتی بأنّ نصف الخمس للإمام عليه السّلام، و بأنّ الإمام يأخذ كلّ الخمس فيكون نصفه له و يقسّم نصفه الآخر في المصارف الثلاثة، و بأنّ ما فضل عنها أخذه لنفسه و ما نقص منها تمّمه لهم من حقّ نفسه.

2- و قد قال قبله الصدوق في كتاب الهداية: كلّ شي‏ء تبلغ قيمته دينارا فعليه الخمس للّه و رسوله و لذي القربی و اليتامی و المساكين و ابن السبيل، فأمّا الّذي للّه فهو لرسوله، و ما لرسوله فهو له، و ذوي القربی منهم أقرباؤه، و اليتامی يتامی أهل بيته، و المساكين مساكينهم، و ابن السبيل ابن سبيلهم، و أمر ذلك إلی الإمام يفرّقه فيهم كيف شاء عليهم حضر كلّهم أو بعضهم «2».

فهو قدّس سرّه إنّما حكم بأنّ سهم اللّه و الرسول للرسول، و بأنّ ذوي القربی أقرباء رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله، و لم يتعرّض لأنّ ما كان للرسول فهو للإمام، و إنّما ذكر أخيرا أنّ أمر تقسيم الخمس بين الطوائف الثلاث إلی الإمام عليه السّلام. فمفاد العبارة غير واضح من جميع الجهات و ما فيها من أنّ ذوي القربی- في مسألة الخمس- كلّ أقرباء الرسول خلاف فتوی المشهور المدّعی عليها الإجماع.

3- و قال السيّد المرتضی قدّس سرّه في الانتصار- بعد ذكر أنّ الإمامية منفردة بوجوب الخمس في موارد خاصّة-: و جهات قسمته أن يقسّم هذا الخمس علی ستّة أسهم: ثلاثة منها للإمام القائم مقام رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و هو سهم اللّه و سهم الرسول و سهم ذوي القربی، و فيهم من لا يخصّ الإمام بسهم ذي القربی و يجعله لجميع قرابة الرسول من بني هاشم، و أمّا الثلاثة الأسهم الباقية فهي ليتامی آل محمّد من بني هاشم و مساكينهم و أبناء سبيلهم، و لا يتعدّاهم إلی غيرهم ممّن استحقّ هذه الأوصاف ... و خالف سائر الفقهاء في ذلك و قالوا كلّهم أقوالا خارجة عنها،

                       

و الحجّة فيها الإجماع المتكرّر «1».

فقد أفتی نفسه بأنّ نصف الخمس للإمام و نقل عن بعض الإمامية خلافا في أنّ سهم ذي القربی لا يختصّ بالإمام بل هو لجميع قرابة الرسول من بني هاشم، و ادّعی في الذيل إجماع الإمامية علی ما ذكره و نقله.

4- و قال شيخ الطائفة في كتبه المختلفة أقوالا هي كما يلي:

ألف: قال في النهاية- في باب قسمة الغنائم و الأخماس-: و الخمس يأخذه الإمام فيقسّمه ستّة أقسام: فقسم اللّه و قسم الرسول و قسم ذي القربی للإمام خاصّة يصرفه في امور نفسه و ما يلزمه من مؤنة غيره، و سهم ليتامی آل محمّد صلّی اللّه عليه و آله و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم و ليس لغيرهم منه شي‏ء، و علی الإمام أن يقسّم سهامهم فيهم علی قدر كفايتهم و مؤنتهم في السنة علی قدر الاقتصاد، فإن فضل من ذلك شي‏ء كان له خاصّة و إن نقص كان عليه أن يتمّ من خاصّته «2».

فهو قدّس سرّه أفتی هنا أيضا بالمسائل الثلاثة الّتي استفدنا من المقنعة.

ب: و قال في الجمل و العقود: يقسّم الخمس ستّة أقسام: سهم للّه و سهم لرسوله و سهم لذي القربی، فهذه الثلاثة للإمام خاصّة، و سهم ليتامی آل محمّد صلّی اللّه عليه و آله و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم «3».

و هنا تعرّض لفرع واحد هو أنّ نصف الخمس للإمام عليه السّلام، بلا تعرّض للفرعين الآخرين.

ج: و قال في المبسوط: و الخمس إذا أخذه الإمام ينبغي أن يقسّمه ستّة أقسام:

سهم للّه و سهم لرسوله و سهم لذي القربی، فهذه الثلاثة أقسام للإمام القائم مقام النبيّ صلّی اللّه عليه و آله يصرفه فيما شاء من نفقته و نفقة عياله و ما يلزمه من تحمّل الأثقال و مؤمن غيرهم، و سهم ليتامی آل محمّد صلّی اللّه عليه و آله و لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم،

                       

و ليس لغيرهم من سائر الأصناف شي‏ء علی حال، و علی الإمام أن يقسّم هذه السهام بينهم علی قدر كفايتهم و مؤنتهم في السنة علی الاقتصاد ... فإن فضل منه شي‏ء كان له خاصّة، و إن نقص كان عليه أن يتمّم من حصّة خاصّة «1».

و هنا أيضا صرّح بأنّ نصف الخمس للإمام، و أنّه إذا أخذ الخمس يقسّم نصفه الآخر بين الطوائف الثلاث، فما فضل عن قدر كفايتهم كان له، و ما نقص كان عليه أن يتمّمه، إلّا أنّه لم يظهر منه وجوب تسليم الخمس كلّه إلی الإمام.

د: و قال قدّس سرّه في كتاب الفي‏ء و قسمة الغنائم من الخلاف: عندنا أنّ الخمس ينقسم ستّة أقسام: سهم للّه و سهم لرسوله و سهم لذي القربی، فهذه الثلاثة أسهم كانت للنبيّ صلّی اللّه عليه و آله و بعده لمن يقوم مقامه من الأئمّة، و سهم لليتامی و سهم للمساكين و سهم لأبناء السبيل من آل محمّد صلّی اللّه عليه و آله لا يشركهم فيه غيرهم- ثمّ ذكر أقوال العامّة، ثمّ قال:- دليلنا إجماع الفرقة المحقّة و أخبارهم، و أيضا قوله تعالی ... «2».

و قال أيضا: عندنا أنّ سهم ذي القربی للإمام، و عند الشافعي لجميع ذي القربی ... دليلنا: إجماع الفرقة 3.

فهو قدّس سرّه في هذه المسائل قد أفتی بفرع واحد هو أنّ نصف الخمس للإمام و أنّه المراد بذي القربی المذكور في الآية، و ادّعی عليه إجماع الفرقة.

و قال قدّس سرّه في كتاب الزكاة منه: مصرف الخمس من الركاز و المعادن مصرف الفي‏ء، و به قال أبو حنيفة، و قال الشافعي و أكثر أصحابه: مصرفها مصرف الزكاة، و به قال مالك و الليث بن سعد ... دليلنا: عموم الظاهر و الأخبار الواردة في مستحقّ الخمس، و عليه إجماع الطائفة «4».

و قال في كتاب الفي‏ء و قسمة الغنائم منه: الفي‏ء كان لرسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و هو لمن‏

                        

قام مقامه من الأئمّة عليهم السّلام- ثمّ قال بعد ذكر العامّة:- دليلنا إجماع الفرقة. و قال أيضا: حكم الفي‏ء بعد النبيّ صلّی اللّه عليه و آله حكمه في أيّامه في أنّه خاصّ بمن قام مقامه- ثمّ قال بعد ذكر قول الشافعي بالخلاف:- دليلنا: ما قدّمناه من إجماع الفرقة «1».

فإذا ضمّت مسألة كتاب الزكاة إلی هاتين المسألتين كان المستفاد منها أنّ خمس الركاز و المعادن مستثنی من خمس غيرهما و أنّه بجميعه ملك للنبيّ و بعده للإمام كما هو الأمر في الفي‏ء، و سيجي‏ء التعرّض له إن شاء اللّه تعالی.

5- و قال أبو الصلاح الحلبي (المتوفّی 447 ق):- يجب علی كلّ من تعيّن عليه فرض زكاة أو فطرة أو خمس أو أنفال أن يخرج ما وجب عليه من ذلك إلی سلطان الإسلام المنصوب من قبله سبحانه أو إلی من ينصبه لقبض ذلك من شيعته ليضعه مواضعه، فإن تعذّر الأمران فإلی الفقيه المأمون- إلی أن قال:- و يلزم من وجب عليه الخمس إخراجه من ماله و عزل شطره لوليّ الأمر انتظارا للتمكّن من ايصاله إليه ... و اخراج الشطر الآخر إلی مساكين آل عليّ و جعفر و عقيل و العبّاس و أيتامهم و أبناء سبيلهم لكلّ صنف ثلث الشطر «2».

فتراه أفتی في الفقرات الاولی قد أفتی بوجوب تسليم الخمس كلّه إلی وليّ الأمر أو نائبه الخاصّ زمن حضوره و إمكان الإيصال إليهما.

و في الفقرة الثانية الناضرة إلی زمن غيبة وليّ الأمر قد صرّح بأنّ شطرا من الخمس لوليّ الأمر يحفظ له و شطرا آخر منه للسادة يؤدّيه إليهم، و الشطر و إن كان هو الجزء إلّا أنّه لعلّ مراده منه النصف.

6- و قال الديلمي (المتوفّی 448 ق) في كتاب الخمس من المراسم: فأمّا من له الخمس فهم اللّه تعالی و رسوله و قرابة رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و اليتامی منهم و مساكينهم و أبناء سبيلهم خاصّة، فأمّا بيان القسمة فهو أن يقسّمه الإمام عليه السّلام ستّة أسهم: منها ثلاثة له عليه السّلام سهمان وراثة عن رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و سهم حقّه، و ثلاثة أسهم سهم‏

                       

لأيتامهم و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم. و يقسّم علی قدر كفايتهم في السنة، فما فضل أخذه الإمام عليه السّلام، و ما نقص تمّمه من حقّه «1».

7- و قال القاضي ابن البرّاج (المتوفّی 481 ق) في باب ذكر قسمة الخمس من المهذّب بعد ذكر الآية: فعلی هذا يقسّم الخمس ستّة أسهم: ثلاثة منها و هي سهم اللّه تعالی و سهم رسوله صلّی اللّه عليه و آله و سهم ذي القربی للإمام عليه السّلام، و الثلاثة أسهم الباقية يفرّقها الإمام عليه السّلام علی يتامی آل محمّد صلّی اللّه عليه و آله و مساكينهم و أبناء سبيلهم لكلّ صنف منهم سهم، و علی الإمام تسليم (تقسيم- خ ل) ذلك علی قدر كفايتهم و مؤنتهم للسنة علی جهة الاقتصاد، فإن فضل من ذلك شي‏ء كان له، و إن نقص فعليه أن يتمّه ممّا يختصّه «2».

فكلاهما صرّحا بأنّ نصف الخمس للإمام وليّ الأمر عليه السّلام، و حيث إنّهما جعلا تقسيم الخمس علی الطوائف الثلاث من وظائف الإمام كان اللازم منه أنّه يجب علی من عليه الخمس أن يؤدّيه كلّه إليه ليأخذ حقّ نفسه و يقسّم حقّ الطوائف المذكورة إليهم، و قد صرّحا أيضا في الذيل أنّ ما فضل من سهم الطوائف له و ما نقص فعليه أن يتمّه من حقّه.

8- و قال الشيخ علاء الدين أبو الحسن الحلبي في إشارة السبق: و قسمته علی ستّة أسهم: هي سهم اللّه و سهم رسوله و سهم ذي القربی، لا يستحقّها بعد الرسول صلّی اللّه عليه و آله سوی الإمام القائم مقامه، و ثلاثة ليتامی آل محمّد صلّی اللّه عليه و آله و مساكينهم و أبناء سبيلهم ممّن جمع مع فقره و إيمانه صحّة النسب إلی أمير المؤمنين عليه السّلام أو إلی أحد أخويه: جعفر و عقيل أو إلی عمّه العبّاس يعطی كلّ فريق منهم مقدار كفايتهم للسنة علی الاقتصاد «3».

و هو كما تری قد أفتی بأنّ نصف الخمس للإمام عليه السّلام و لم يتعرّض للفرعين الآخرين.

                       

9- و قال ابن حمزة في كتاب الخمس من الوسيلة: و ينقسم (يعني الخمس) ستّة أقسام: سهم للّه تعالی و سهم لرسوله صلّی اللّه عليه و آله و سهم لذي القربی، فهذه الثلاثة للإمام عليه السّلام، و سهم لأيتامهم و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم- إلی أن قال:- و الرابع (يعني من إليه القسمة) يكون إلی الإمام إن كان حاضرا و إلی من وجب عليه الخمس إن كان الإمام غائبا ... «1».

و قد تعرّض رحمه اللّه لأمرين: كون النصف من الخمس للإمام، و وجوب دفع الخمس إليه ليقسّمه في مصارفه إذا كان حاضرا.

10- و قال أبو المكارم ابن زهرة (المتوفّی 585 ق) في فصل الخمس من الغنية: و الخمس يقسّم علی ستّة أسهم: ثلاثة منها للإمام القائم بعد النبيّ صلّی اللّه عليه و آله مقامه، و هو سهم اللّه و سهم رسوله و سهم ذي القربی و هو الإمام، و ثلاثة لليتامی و المساكين و ابن السبيل ممّن ينسب إلی أمير المؤمنين عليه السّلام و جعفر و عقيل و العبّاس رضي اللّه عنهم لكلّ صنف منهم سهم يقسّمه الإمام بينهم علی قدر كفايتهم للسّنة علی الاقتصاد، و لا بدّ بينهم من اعتبار الإيمان أو حكمه، و ذلك بدليل الإجماع الماضي ذكره «2».

و هو قدّس سرّه أيضا كابن حمزة إنّما تعرّض لأنّ نصف الخمس للإمام و لوجب الدفع إليه حتّی يقسّمه بين الأصناف.

11- و قال الكيدري [هو من أعلام القرن السادس‏] في إصباح الشيعة:

و الخمس نصفه للإمام القائم مقام الرسول صلّی اللّه عليه و آله و النصف الآخر يقسّم ثلاثة أقسام:

قسم ليتامی آل محمّد صلّی اللّه عليه و آله و قسم لمساكينهم و قسم لأبناء سبيلهم لا غير، يقسّمه الإمام بينهم علی قدر كفايتهم في السنة علی الاقتصاد ... فإن فضل شي‏ء كان له خاصّة، و إن نقص كان عليه إتمامه من حصّته «3».

و عبارته كما تری دالّة علی الفروع الثلاثة- أعني كون نصف الخمس للإمام-

                       

و وجوب أداء كلّ الخمس إليه، و كون ما فضل من سهم الطوائف الثلاثة له و كون إتمام ما نقص عليه.

12- و قال محمّد بن إدريس في باب قسمة الغنائم و الأخماس و من يستحقّها من السرائر: و الخمس يأخذه الإمام فيقسّمه ستّة أقسام: قسما للّه و قسما لرسوله و قسما لذي القربی، فقسم اللّه و قسم رسوله و قسم ذي القربی للإمام خاصّة يصرفه في امور نفسه و ما يلزمه من مؤنة من يجب عليه نفقته، و سهم ليتامی بني هاشم و سهم لمساكينهم و سهم لأبناء سبيلهم ... و علی الإمام أن يقسّم سهامهم فيهم علی قدر كفايتهم و مؤنتهم في السنة علی الاقتصاد فإن فضل من ذلك شي‏ء كان هو الحافظ له و المتولّي لحفظه عليهم، و لا يجوز أن يتملّك منه شيئا لنفسه لأنّ الحقّ لهم فلا يجوز له أن يأخذ من مالهم شيئا ... و قد يوجد أيضا في سواد الكتب و شواذّ الأخبار: «و إن نقص كان عليه أن يتمّ من خاصّته» و هذا غير صحيح و الكلام عليه ما تقدّم قبله بلا فصل ... و القرآن و الإجماع من أصحابنا دليلان علی استحقاقه عليه السّلام لنصف الخمس ... «1».

فهو كما تری بمقتضی عباراته يفتي بأنّ الخمس يؤدّی إلی الإمام و عليه أن يقسّم سهام الطوائف الثلاث فيهم و بأنّ نصف الخمس بالشرح المذكور في العبارة للإمام عليه السّلام مدّعيا عليه السّلام الإجماع، إلّا أنّه ينكر أشدّ الإنكار أن يكون ما فضل من مهامهم بعد إعطاء مؤنتهم في السنة للإمام و أن يكون عليه اتمام ما نقص من خاصّته، و سيأتي إن شاء اللّه التعرّض لشبهاته عند البحث عن هذه الجهة.

13- و قال المحقّق في كتبه أقوالا هي كما يلي:

ألف: قال في كتاب الخمس من الشرائع: الفصل الثاني في قسمته، و يقسّم ستّة أقسام: ثلاثة للنبيّ صلّی اللّه عليه و آله و هي سهم اللّه و سهم رسوله و سهم ذي القربی و هو الإمام، و بعده للإمام القائم مقامه، و ما كان قبضه النبيّ أو الإمام ينتقل إلی وارثه، و ثلاثة

                       

للأيتام و المساكين و أبناء السبيل، و قيل: بل يقسّم خمسة أقسام، و الأوّل أشهر ...

و هنا مسائل ... الثالثة: يقسّم الإمام علی الطوائف الثلاث قدر الكفاية مقتصدا، فإن فضل كان له، و إن أعوز أتمّ من نصيبه.

و ظاهره الإفتاء بما عدّه الأشهر من أنّ نصف الخمس للإمام وليّ أمر المسلمين، كما أنّ جعل تقسيم الخمس علی الطوائف الثلاث وظيفة للإمام فيه دلالة علی أنّ جميع الخمس يدفع إليه، و قد أفتی في آخر العبارة بأنّ ما فضل للإمام، و إن أعوز أتمّ من نصيبه.

ب- و قال في المختصر النافع: و يقسّم الخمس ستّة أقسام علی الأشهر: ثلاثة للإمام و ثلاثة لليتامی و المساكين و أبناء السبيل ممّن ينتسب إلی عبد المطّلب بالأب ... و يلحق بهذا الباب مسائل ... الثالثة: يصرف الخمس إليه مع وجوده و له ما يفضل عن كفاية الأصناف من نصيبهم، و عليه الاتمام لو أعوز ...

و ظاهره الإفتاء بما جعله الأشهر، فقد أفتی بأنّ نصف الخمس للإمام، و المسألة الثالثة أيضا تدلّ علی إفتائه بالفرعين الآخرين.

ج- و قال في المعتبر: و يقسّم الخمس ستّة أقسام: ثلاثة للنبيّ صلّی اللّه عليه و آله و هي سهم اللّه و سهمه صلّی اللّه عليه و آله و سهم ذوي القربی، و بعده للإمام القائم مقامه، و ثلاثة لليتامی و المساكين و أبناء السبيل منهم «1».

و قال فيه أيضا- في المسألة الخامسة من المسائل الملحقة بباب الخمس-:

يصرف الخمس إليه مع وجوده كما كان يصرف إلی النبيّ صلّی اللّه عليه و آله، و في جواز الانفراد بإخراج ما عدا حصّة الإمام تردّد أقربه الجواز. و أمّا مع عدمه فيجوز الانفراد بإخراج حصّة اليتامی و المساكين و أبناء السبيل، و سيأتي بيان ما يعمل في حصّته عليه السّلام، و علی الإمام أن يفرّقه علی الأصناف قدر حاجتهم، و له ما يفضل عن كفايتهم و عليه أن يتمّ من حصّته ما يعوزهم، كذا ذكره الشيخ في النهاية و المبسوط

                       

و المفيد في المقنعة و جماعة من فضلائنا- إلی أن قال بعد ذكر الدليل عليه و ذكر شبهات المخالف و ردّها:- و الّذي ينبغي العمل به اتّباع ما نقله الأصحاب و أفتی به الفقهاء و لم يعلم من باقي العلماء ردّ ... «1».

فهو قدّس سرّه قد أفتی في المسألة الاولی بأنّ نصف الخمس للإمام، و في المسألة الأخيرة لم يفت بوجوب أداء كلّ الخمس إلی الإمام إلّا أنّه إذا سلّم إليه و قسّمه في الطوائف الثلاث، فإذا فضل عن كفايتهم كان الفاضل له، و إذا أعوز كان الإتمام عليه من حصّة نفسه.

14- و قد تعرّض للفروع المذكورة العلّامة الحلّي قدّس سرّه في كتبه إليك نصّ ما وقفنا عليه:

ألف: قال في الإرشاد: و يقسّم الخمس ستّة أقسام: ثلاثة للإمام عليه السّلام، و ثلاثة لليتامی و المساكين و أبناء السبيل من الهاشميّين المؤمنين، و يجوز التخصيص الواحد به علی كراهية، و يقسّم (الخمس- خ) بقدر الكفاية، فالفاضل للإمام و المعوز عليه «2».

و ظاهره الإفتاء بأنّ نصف الخمس للإمام و بأنّ الفاضل له و المعوز عليه من دون تعرّض لوجوب دفع كلّ الخمس إلی الإمام.

ب: و قال في القواعد: المطلب الثالث في مستحقّه، و هم ستّة: اللّه و رسوله و ذو القربی و هو الإمام، فهذه الثلاثة كانت للنبيّ صلّی اللّه عليه و آله و هي بعده للإمام، و اليتامی و المساكين و أبناء السبيل ... و ينتقل ما قبضه النبيّ أو الإمام بعده إلی وارثه، و للإمام فاضل المقسوم علی الكفاية للطوائف مع الاقتصاد، و عليه المعوز علی رأي «3».

و هو كما تری قاطع هنا بأنّ نصف الخمس للإمام و مردّد في أنّ الفاضل للإمام و المعوز عليه و لم يتعرّض لوجوب دفع الكلّ إلی الإمام.

                       

ج- و قال في المختلف- الفصل الثاني في قسمته-: المشهور أنّ الخمس يقسّم ستّة أقسام: سهم للّه و سهم لرسوله و سهم لذي القربی، و سهم لليتامی و سهم للمساكين و سهم لأبناء السبيل. ذهب إليه الشيخان و السيّد المرتضی و ابن الجنيد و ابن البرّاج و باقي علمائنا. و نقل عن بعضهم أنّه يقسّم خمسة أقسام، و قد اختار قول المشهور «1».

و قال أيضا فيه: المشهور أنّ ذا القربی الإمام خاصّة فهو عليه السّلام يأخذ سهم اللّه و سهم رسوله بالوراثة و سهم ذي القربی بالأصالة، ذهب إليه الشيخان و السيّد المرتضی و أبو الصلاح و سلّار و ابن إدريس، و نقل السيّد المرتضی عن بعض علمائنا أنّ سهم ذي القربی لا يختصّ بالإمام عليه السّلام، بل هو لجميع قرابة رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله من بني هاشم و هو اختيار ابن الجنيد- و قد اختار المشهور- 2.

و قال أيضا فيه: قال الشيخان: النصف الّذي لليتامی و المساكين و أبناء السبيل يفرّقه الإمام بينهم علی قدر كفايتهم في السنة و مؤنتهم، فما فضل عنها أخذه الإمام منهم و ما نقص منهم، تمّمه لهم من حقّه، و إنّما كان له ما فضل لأنّ عليه إتمام ما نقص، و هو مذهب ابن البرّاج و سلّار، و منع ابن إدريس ذلك و قال: لا يجوز له أن يأخذ فاضل نصيبهم و لا يجب عليه إكمال ما نقص لهم- ثمّ تعرّض لأدلّة الطرفين و قال في آخر المقال:- فإذا قول ابن إدريس لا يخلو من قوّة و مخالفة أكثر الأصحاب أيضا مشكل، فنحن في هذه المسألة من المتوقّفين «3».

فهو قدّس سرّه أفتی بأنّ نصف الخمس للإمام و توقّف في كون الفاضل له و الناقص عليه، و الظاهر أنّه غير ناظر إلی وجوب أداء كلّ الخمس إلی الإمام عليه السّلام.

د: و قال في التذكرة: يقسّم الخمس ستّة أقسام: سهم للّه و سهم لرسوله و سهم لذي القربی و سهم لليتامی و سهم للمساكين و سهم لأبناء السبيل عند جمهور علمائنا ... و قال بعض علمائنا: يقسّم خمسة أقسام: سهم لرسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و سهم لذي القربی ... إلی آخره. و به قال الشافعي و أبو حنيفة، لأنّه عليه السّلام قسّم الخمس‏

                        

خمسة أقسام، و ليس بذاك لجواز ترك بعض حقّه «1».

ثمّ قال: سهم اللّه و سهم رسوله للرسول صلّی اللّه عليه و آله يصنع به في حياته ما شاء، و بعده للإمام القائم مقامه، لأنّه حقّ له باعتبار ولايته العامّة ليصرف بعضه في المحاويج فينتقل إلی من ينوبه في ذلك، و للروايات عن أهل البيت عليهم السّلام.

ثمّ قال: المراد بذي القربی الإمام عليه السّلام خاصّة عند علمائنا، لوحدته لفظا فلا يتناول أكثر من الواحد حقيقة، و الأصل عدم المجاز و للرواية ... 2.

و قال أيضا: الأسهم الثلاثة الّتي للإمام يملكها و يصنع ما شاء، و الثلاثة الباقية للأصناف الاخر ... يفرّقها الإمام علی ما يراه من تفضيل و تسوية، و يفرّق بين الحاضرين و لا يتبع الأباعد، و لو فضل عن كفاية الحاضرين جاز حمله إلی بلد آخر ... 3.

فمقتضی المسائل الثلاث الاول أنّ نصف الخمس للإمام عليه السّلام، و ظاهر المسألة الأخيرة بملاحظة عدّ التفريق بين الطوائف الثلاث من وظائف الإمام وجوب أداء كلّ الخمس إليه، إلّا أنّه قدّس سرّه لم يذكر حكم ما إذا فضل عن كفايتهم أو نقص.

و قال قدّس سرّه في مسائل الأنفال: ما يختصّ بالإمام يحرم التصرّف فيه حال ظهوره إلّا بإذنه ... بل يصرف الخمس بأجمعه إليه، فيأخذ عليه السّلام نصفه يفعل به ما يشاء، و يصرف النصف الآخر في الأصناف الثلاثة علی قدر حاجتهم و ضرورتهم، فإن فضل شي‏ء كان الفاضل له، و إن أعوز كان عليه عليه السّلام، لأنّ النظر إليه في قسمة الخمس في الأصناف و تفضيل بعضهم علی بعض بحسب ما يراه من المصلحة و زيادة الحاجة و قلّتها.

و لقول الكاظم عليه السّلام- فذكر مرسل حمّاد بن عيسی، ثمّ قال:- و منع ابن إدريس من ذلك لأنّ الأسهم الثلاثة للأصناف الثلاثة بنصّ القرآن، و هو ممنوع لجواز أن يكون المراد بيان المصرف، و لهذا جاز أن يفضّل بعضهم و أن يحرمه ... «4».

                        

فهو قدّس سرّه قد أفتی هنا بما هو المعروف و ردّ قول ابن إدريس جزما.

ه- و قال في المنتهی- في البحث الثالث في كيفيّة قسمة و بيان معرفته-:

يقسّم الخمس في الأشهر بين الأصحاب ستّة أقسام: سهم للّه، و سهم لرسوله، و سهم لذي القربی، و سهم لليتامی، و سهم للمساكين، و سهم لأبناء السبيل ... و قال بعض أصحابنا: يقسّم خمسة أقسام: سهم اللّه لرسوله و سهم لذي القربی لهم، و الثلاثة الباقية لليتامی و المساكين و ابن السبيل ... لنا قوله تعالی- فذكر آية الخمس- ...».

و قال في بيان المراد بذي القربي: قال الشيخان: المراد بذي القربی الإمام خاصّة، و هو اختيار السيّد المرتضی و أكثر علمائنا. و قال بعض أصحابنا: المراد به قرابة النبيّ صلّی اللّه عليه و آله من ولد هاشم- ثمّ ذكر أقوال العامّة و استدلّ لما أفتی به الأصحاب بافراد ذي القربی في الآية المباركة- «1».

قد بيّنّا أنّ سهم اللّه للرسول عليه السّلام يصنع في حياته ما شاء في غنائم الحرب ...

و غير الحرب من أنواع الفوائد و من الفي‏ء و هو المال المأخوذ بغير إيجاف ... و بعد وفاته يرجع عندنا إلی الإمام القائم مقامه في مصالح المسلمين ... لنا أنّه حقّ له جعله باعتبار ولايته علی المسلمين يصرف بعضه في محاويجهم و بعضه في مصالحهم فينتقل إلی المتولّي بالنصّ من قبله عليه السّلام.

و قال في مصارف السهام الستّة: الأسهم الثلاثة الّتي للإمام يملكها و يصنع به ما شاء في نفقته و نفقة عياله و غير ذلك من المصلحة و منافعه، و الثلاثة أسهم الباقي للأصناف الاخر لا يخصّ القريب منهم دون البعيد ... 2.

ثمّ قال قدّس سرّه في مسائل بحث الأنفال: و يصرف الخمس إليه مع وجوده كما كان ينقل في زمن الرسول صلّی اللّه عليه و آله، فيأخذ له نصفه عليه السّلام يفعل به ما شاء، و النصف الآخر يصرف في الأصناف الثلاثة و علی قدر حاجتهم و ضرورتهم، فإن فضل كان الفاضل له، و إن أعوز كان عليه التمام، ذكره الشيخان و جماعة و منعه ابن إدريس‏

                       

- ثمّ ذكر دليل المشهور ثمّ شبهات ابن إدريس و أجاب عنها، ثمّ قال:- فهذا خلاصة ما يمكن ذكره من الجانبين و عليك بتحقيق الحقّ منهما «1».

فظاهر مسائله المذكورة في بحث قسمة الخمس أنّ نصف الخمس للإمام و أكّده في مسألة بحث الأنفال أيضا، و أمّا هذه المسألة فهي ظاهرة الدلالة علی وجوب أداء كلّ الخمس في جميع موارد وجوبه إلی الإمام عليه السّلام، و أمّا فرع أنّ الفاضل له و المعوز عليه فقد ظهر من كلامه الأخير أنّه فيه من المتوقّفين.

و- و قال في التحرير: يقسّم الخمس ستّة أقسام، فنصفه و هو سهم اللّه و سهم رسوله و سهم ذي القربی للإمام خاصّة و نصفه للثلاثة ... المراد بذي القربی هنا الإمام خاصّة و هو يأخذ سهم ذي القربی بالنصّ و سهم اللّه و سهم رسوله بالوراثة عن الرسول عليه السّلام ... «2».

و في بحث الأنفال منه: يحرم التصرّف فيما يختصّ الإمام حال ظهوره إلّا بإذن منه ... و يصرف إليه الخمس بأجمعه فأخذ نصفه يعمل به ما شاء، و النصف الآخر يضعه في أربابه علی قدر حاجتهم و ضرورتهم، قال الشيخان: فإن فضل كان الفاضل له، و إن أعوز كان عليه، و منعه ابن إدريس، و عندي في ذلك تردّد «3».

فمن جميع كلماته يستفاد أنّه يتفي بأنّ نصف الخمس للإمام عليه السّلام، و بوجوب كلّ الخمس حال ظهوره إليه، هو تردّد في كون الفاضل في النّصف الآخر له و المعوز عليه.

15- و قال الشهيد في الدروس: يستحقّ الخمس الإمام عليه السّلام و اليتامی و المساكين و أبناء السبيل من الهاشميّين بالأب، فهو بينه و بينهم نصفين، و في رواية ربعي: له خمس الخمس و الباقي لهم، و في اخری: له الثلث. و ظاهر ابن الجنيد أنّ سهم اللّه يليه الإمام، و سهم الرسول للأقرب إليه، و سهم ذوي القربی لهم، و صنف الخمس للثلاثة الباقية من المسلمين بعد كفاية اولي القربی و مواليهم المعتقين، و هو

                       

شاذّ ... و مع وجود الإمام يصرف الكلّ إليه، فيعطي الجميع كفايتهم، و الفاضل له و المعوز عليه، و أنكره ابن إدريس «1».

و هو قدّس سرّه كما تری قد أفتی بما عليه المشهور من كون نصف الخمس للإمام، و وجوب دفع الكلّ إليه، و بأنّ الفاضل له و المعوز عليه.

فهذه كلمات خمسة عشر من عظماء الأصحاب أكثرهم من القدماء و اثنان من المتأخّرين، و قد نقلت عباراتهم من كتبهم و عددها يبلغ خمسة و عشرين كتابا، و قد اشتملت مسائل أربعة متعرّضة لما للإمام من الخمس نذكرها بهذا الترتيب:

الاولی: أنّ نصف الخمس للإمام.

الثانية: أنّ الحكم المذكور شامل لخمس جميع ما يتعلّق به الخمس.

الثالثة: أنّ النصف الآخر إذا قسّم علی الطوائف الثلاث، فما فضل عن كفايتهم للإمام، و ما نقص كان عليه تتميمه.

الرابعة: أنّه إذا أخذ الإمام نصيبه ثمّ مات كان تركته من سهم خمسه المأخوذ بين ورثته كسائر الناس.

و قد كان في كلام كثير منهم أنّه يجب إعطاء كلّ الخمس إلی الإمام حتّی يأخذ نصيبه و يفعل بالباقي ما هو الوظيفة الإلهية.

فنحن نبحث عن المسائل الأربعة الأدلّة أوّلا و عن الخامسة استطرادا إن شاء اللّه تعالی، فنقول:

 [هنا مسائل‏]

 [نصف الخمس لوليّ الأمر [الإمام‏]]

المسألة الاولی: في أنّ نصف الخمس للإمام عليه السّلام، و قد أفتی به هؤلاء الأعلام كلّهم سوی الصدوق في الهداية، و قد ادّعی الشيخ عليه في الخلاف إجماع الفرقة، و ابن إدريس في السرائر إجماع أصحابنا، و ابن زهرة في الغنية الإجماع، و السيّد المرتضی ادّعی الإجماع المتكرّر عليه في الانتصار، إلّا أنّه مع ذلك نقل عن بعض علمائنا أنّه يری سهم ذي القربی لجميع قرابة الرسول من بني هاشم. هذا وضع‏

                        

الأقوال إلی زمن المحقّق، و هو قدّس سرّه نسب تقسيم الخمس إلی ستّة أقسام ثلاثة منها للإمام إلی الأشهر في الشرائع و النافع، و عدّ في الشرائع مقابل الأشهر تقسيمه خمسة أقسام. و بعده العلّامة في المختلف نسبه إلی المشهور، و في قباله نقل عن بعض علمائنا أنّ الخمس يقسّم خمسة أقسام، و لعلّ مراده ما فسّره من كلام السيّد من أنّ بعض علمائنا و هو ابن الجنيد يری سهم ذي القربی لقرابة الرسول من بني هاشم، و هو قدّس سرّه في التذكرة نسب التقسيم إلی الستّة بأن يكون ثلاثتها للإمام إلی قول جمهور علمائنا و جعل في قباله ما نسبة إلی بعض علمائنا من التقسيم إلی خمسة أقسام بحذف سهم اللّه تعالی، و مآل قول هذا البعض أنّ خمسين من الخمس للرسول ثمّ للإمام و ثلاثة أخماسه للطوائف الثلاث، و في المنتهی نسبه إلی الأشهر و في قباله نسب إلی بعض أصحابنا التقسيم إلی خمسة أقسام بأن يكون سهم اللّه لرسوله و سهم ذي القربی و ثلاثة أسهم للطوائف الثلاث. و الشهيد في الدروس و إن حكی ورود خبرين بخلاف فتوی القوم إلّا أنّه جعل مقابل هذه الفتوی ما استظهره من كلام ابن الجنيد من أنّ سهم اللّه يليه الإمام و سهم الرسول للأقرب إليه و سهم ذوي القربی لهم و نصف الخمس للثلاثة الباقية.

و أنا أقول: إنّ ظاهر ما حكيناه عن هداية الصدوق أنّ سهم اللّه و سهم رسوله للرسول و باقيه لأقرباء الرسول الطوائف الثلاثة، فكلامه أيضا يرجع إلی أنّ الخمس يقسّم خمسة أقسام بهذه الكيفية، و يحتمل أن يريد تقسيمه ستّة أقسام و أنّ اثنين منها للرسول و أربعة لأقربائه الطوائف الثلاث، فراجع. و علی أيّ حال فهو لم يتعرّض لما يملكه الإمام أصلا.

هذا هو خلاصة ما يستفاد من كلمات هؤلاء الأعلام في هذه المسألة، و العمدة مراجعة الأدلّة الواردة في الباب، فنقول:

انّ قوله تعالی: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبی‏ وَ الْيَتامی‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ الآية «1» قد ذكر موارد ستّة باللام‏

                       

الظاهرة الدلالة علی الاختصاص، فاللّه تعالی المذكور في الصدر لعلّه ذكر تشريفا و لبيان أنّ هذه الوظيفة تكليف الهي و الموارد المذكورة بعده مصارف و موارد إلهية عيّنه اللّه تعالی، و الامور الخمسة بعده و إن اختصّ الخمس بها إلّا أنّه لا دليل علی أنّه اختصاص ملك و لا علی أنّ كلّا منها مساو للآخر من حيث المقدار فلعلّها مصارف شرعية لا بدّ من صرف الخمس فيها بحيث لا يخرج مصرفها عنها و إن اختصّ صرفه بواحد منها أو بأكثر لا علی السواء.

فكما أنّ قوله تعالی: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «1» إنّما يدلّ علی أنّ الصدقات و الزكاة فريضة إلهية لا بدّ و أن تصرف في هذه الموارد بلا دلالة علی كونها ملكا للعناوين الثمانية و لا علی كونها مصارف مساوية النصيب، بل هذه الثمانية مصارف ربما يمكن صرف الجميع صدقة في مورد خاصّ منها فكذلك آية الخمس محتملة لهذا المعنی جدّا. نعم لا يبعد ادّعاء دلالة آية الصدقات علی أنّ العاملين عليها إنّما يعطون منها كراء و أجرا علی عمل جبايتهم فلا مجال لحذفهم بالمرّة و صرف كلّ الصدقة في سائر المصارف إلّا أنّه ليست قرينة في سائر الامور السبعة و لا في آية الخمس أصلا.

و بالجملة: فلا مجال للاستدلال بنفس آية الخمس علی تقسيم مالكية ستّة أو خمسة لاحتمال أن يراد بها مجرّد بيان المصرف. نعم إذا قام رواية أو دليل معتبر آخر علی إرادة التقسيم في الآية فهو دليل متبوع و يكون قرينة علی المراد الجدّي من الآية.

فالكتاب نفسه لا حجّة فيه. و قد يتمسّك بالإجماع المنقول المذكور في كلام من تقدّم، إلّا أنّه لا مجال له، فأوّلا لنقل الخلاف عن بعض علمائنا كما عرفت و لذلك عبّر المحقّق و العلّامة قدّس سرّهما بالأشهر و المشهور و ذكرا خلاف بعض الأصحاب. و ثانيا لأنّ الإجماع محتمل المدرك جدّا بعد ورود أخبار عديدة ربما

                       

تدلّ علی هذه الفتوی و معها فليس في الاجماع حجّة أكثر ممّا في هذه الأخبار بل لا بدّ من مراجعة الروايات.

فأمّا الأخبار فيمكن الاستدلال بها لأنّ نصف الخمس للإمام من طريقين:

الأوّل ضمّ عدّة من الأخبار تدلّ علی أنّ سهم اللّه و الرسول بعده للإمام إلی عدّة اخری تدلّ علی أنّ سهم ذي القربی له.

أمّا العدّة الاولی ففيها خبران:

1- فقد روی في الصحيح أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي عن الرضا عليه السّلام قال: سئل عن قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبی‏ فقيل له: فما كان للّه فلمن هو؟ فقال عليه السّلام: لرسول اللّه، و ما كان لرسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله فهو للإمام ... الحديث «1».

فإنّ الحديث ورد ذيل الآية و بيانا لها، و ظاهره أنّ للّه تعالی سهما من الخمس و لرسوله أيضا سهما و سهم اللّه تعالی لرسوله فلا محالة يكون له سهمان، و قد حكم عليه السّلام بأنّ ما كان للرسول فهو للإمام، فهو يدلّ علی أنّ سهمين من الخمس للإمام عليه السّلام هما سهم اللّه و سهم الرسول، و لعلّه إنّما لم يتعرّض لسهم ذي القربی لوضوح أنّ ذا القربی هو الإمام إلّا أنّه لا دلالة للحديث عليه.

2- و قد روی الوسائل عن الصفّار في بصائر الدرجات عن عمران بن موسی عن موسی بن جعفر عليه السّلام قال: قرأت عليه آية الخمس فقال: ما كان للّه فهو لرسوله، و ما كان لرسوله فهو لنا ... الحديث «2».

و هو في الدلالة مثل صحيح البزنطي إلّا أنّ الكلام في سنده فالسند الأوّل المذكور في الوسائل هو ما رقّمناه فوق و لا يبعد اعتباره بناء علی أنّ عمران بن موسی هو الزيتوني القمّي الثقة علی ما قرّبه صاحب الرواة، فهو يروي عن‏

                       

المعصوم عليه السّلام، فالرواية معتبرة السند، إلّا أنّه قال بعض العلماء المحشّين علی الوسائل بأنّه لم يوجد هذا السند في البصائر، و إنّما الموجود فيه السند الثاني المنقول في الوسائل عنه أيضا، و نصّ عبارة بصائر الدرجات هنا هكذا: «حدّثنا أبو محمّد عن عمران بن موسی عن موسی بن جعفر عن عليّ بن أسباط عن محمّد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام» «1». و في هذا السند الثمالي ثقة، و محمّد بن الفضيل بقرينة رواية عليّ بن أسباط هو محمّد بن القاسم بن الفضيل- علی ما حقّقه الأردبيلي في جامع الرواة في ترجمته- فهو أيضا ثقة، و عليّ بن أسباط و إن كان فطحيّا إلّا أنّه ثقة علی ما في رجال النجاشي، و أمّا موسی بن جعفر فبناء علی أنّه موسی بن جعفر البغدادي فلم يستثنه ابن الوليد من رجال نوادر الحكمة لمحمّد بن أحمد بن يحيی و هو من رواته، فعدم استثنائه مع استثناء جمّ كثير ربما يشهد بكونه محلّ الاعتماد، و قد عرفت اعتبار عمران بن موسی، و بعد هذا كلّه فأبو محمّد المذكور صدر السند الّذي روی عنه الصفّار إن كان عبد اللّه بن محمّد الأسدي الحجّال كان من الثقات و يكون للسند اعتبار ما، و إلّا فإن كان مجهولا لم يثبت اعتبار السند.

ثمّ إنّ «موسی بن جعفر» غير مذكور في البحار حين ما نقل الرواية عن البصائر في باب ما يجب فيه الخمس «2»، فراجع. كما أنّ المذكور في الوسائل:

 «عن عمران بن موسی بن جعفر عن عليّ بن أسباط» و لعلّه فيهما سقط و تغيير.

و مع ذلك كلّه فحديث البزنطي صحيح السند و تامّ الدلالة كما عرفت.

و أمّا العدّة الاخری فهي أخبار متعدّدة:

1- منها صحيحة الريّان بن الصلت قال: حضر الرضا عليه السّلام مجلس المأمون بمرو، و قد اجتمع في مجلسه جماعة من علماء أهل العراق و خراسان، فقال‏

                       

المأمون: أخبروني عن معنی هذه الآية: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فقالت العلماء: أراد اللّه عزّ و جلّ بذلك الامّة كلّها، فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليه السّلام: لا أقول كما قالوا، و لكنّي أقول: أراد اللّه العترة الطاهرة- إلی أن قال:- قالت العلماء: فأخبرنا هل فسّر اللّه عزّ و جلّ الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السّلام: فسّر الاصطفاء في الظاهر سوی الباطن في اثني عشر موضعا و موطنا: فأوّل ذلك إلی أن قال عليه السّلام:- و أمّا الثامنة فقول اللّه عزّ و جلّ:

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبی‏ فقرن سهم ذي القربی مع سهمه و سهم رسوله، فهذا فصل أيضا بين الآل و الامّة، لأنّ اللّه جعلهم في حيّز و جعل الناس في حيّز دون ذلك، و رضي لهم ما رضي لنفسه و اصطفاهم فيه، فبدأ بنفسه ثمّ برسوله ثمّ بذي القربی بكلّ ما كان من الفي‏ء و الغنيمة و غير ذلك ممّا رضيه جلّ و عزّ لنفسه و رضيه لهم، فقال و قوله الحقّ:

وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبی‏ فهذا تأكيد مؤكّد و أثر قائم لهم إلی يوم القيامة في كتاب اللّه الناطق الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، و أمّا قوله: وَ الْيَتامی‏ وَ الْمَساكِينِ فإنّ اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم و لم يكن له فيها نصيب، و كذلك المسكين إذا انقطع مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم و لا يحلّ له أخذه، و سهم ذي القربی إلی يوم القيامة قائم لهم للغنيّ و الفقير منهم، لأنّه لا أحد أغنی من اللّه عزّ و جلّ و لا من رسوله صلّی اللّه عليه و آله فجعل لنفسه معهما سهما و لرسوله سهما، فما رضيه لنفسه و لرسوله رضيه لهم، و كذلك الفي‏ء ما رضيه منه لنفسه و لنبيّه رضيه لذي القربی كما أجراهم في الغنيمة فبدأ بنفسه جلّ جلاله ثمّ برسوله ثمّ بهم و قرن سهمهم بسهم اللّه و سهم رسوله ... الحديث «1».

                       

و هذه الصحيحة قد رواها الوسائل عن أمالي الصدوق باختصار أكثر و نحن نقلنا المتن عن الأمالي نفسه لأن يتضح المراد منها أكثر فأكثر، و بيان دلالتها أنّه عليه السّلام قد فسّر أوّل الأمر الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا الواقع في كلامه المجيد بالعترة الطاهرة الّتي لا ريب في انطباقها علی خصوص الأئمّة المعصومين عليهم السّلام، و لا محالة لا ينطبق في كلّ زمان إلّا علی خصوص الإمام المعصوم في هذا الزمان و لا مجال لاحتمال دخول أقرباء الرسول غير المعصومين فيه، و بعد كلمات وقعت بينه و بين المأمون سأله علماء المجلس عن تفسير الاصطفاء و أنّه هل فسّر اللّه تعالی الاصطفاء في الكتاب ليعلم من تفسيره تعالی خصوصيات هؤلاء المصطفين؟ فأجابهم عليه السّلام بأنّ الاصطفاء قد فسّر في باطن القرآن كثيرا، و أمّا موارد تفسيره في ظاهر القرآن أيضا فهي اثنا عشر موردا فعدّ هذه الموارد إلی أن بلغت الثامنة منها آية الخمس، فأوضح عليه السّلام هذا المورد بأنّ اللّه تعالی قرن في هذه الآية سهم ذي القربی مع سهمه و سهم رسوله و رضي للعترة ما رضي لنفسه و اصطفاهم، فبدأ بنفسه ثمّ برسوله ثمّ بذي القربی، فجعل لنفسه مع الرسول و ذي القربی سهما و لرسوله سهما فما رضيه لنفسه و رسوله رضيه لهم.

فهذا الايضاح كما تری تكرار نفس عباراته الشريفة، و حيث قد ذكر بالصراحة في توضيح المراد بالآية أنّ للّه تعالی سهما و لرسوله سهما و لذي القربی أيضا سهما ثالثا ثمّ بعدهم قد ذكر سهم اليتامی و المساكين فيعلم منه أنّ الخمس ينقسم ستّة سهام ثلاثة منها للّه و لرسوله و لذي القربی، و بعد وضوح أنّ المراد بذي القربی هو الإمام المعصوم عليه السّلام فلا ريب في أنّ الآية المباركة تدلّ علی أنّ لذي القربی سهما يخصّه، و إذا انضمّ هذا الصحيح الدالّ علی أنّ الخمس ينقسم ستّة أسهام إلی مثل صحيح البزنطي المذكور قبله الدالّ علی أنّ سهم اللّه و سهم رسوله أيضا للإمام المعصوم عليه السّلام كانت النتيجة الواضحة أنّ للإمام المعصوم ثلاثة سهام من الستّة و هي نصف الخمس.

                       

و هذه الرواية صحيحة السند صريحة الدلالة علی أنّ المراد بذي القربی المذكور في الآية هو العترة الطاهرة، و نحوها خبر محمّد بن مسلم و صحيح سليم الآتيان تلوها، و قد عرفت دعوی الإجماع علی أنّ المراد منه هو الإمام في كلمات غير واحد من العلماء الّذي مرّت كلماتهم.

2- و منها ما رواه الكليني عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عزّ و جلّ: وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبی‏ قال عليه السّلام: هم قرابة رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و الخمس للّه و الرسول و لنا «1».

و ليس في السند من كان فيه كلام إلّا معلّی بن محمّد البصري فقد قال فيه النجاشي: «مضطرب الحديث و المذهب و كتبه قريبة». و عن ابن الغضائري فيه:

 «نعرف حديثه و ننكره يروي عن الضعفاء و يجوز أن يخرج شاهدا» و قد قال الشيخ و النجاشي فيه: «له كتاب». فتری أنّه لم يضعّف صريحا و لعلّ اضطراب حديثه لمكان أنّه كان يروي عن الضعفاء. و بالجملة: كونه ذا كتاب في الحديث و سلامته حتّی من ردّ الغضائري فيه دلالة ما علی كونه محلّ اعتماد.

و أمّا دلالته فهي قريبة ممّا ذكرناها في صحيحة الريّان، فإنّ ظاهره أنّه بصدد توضيح المراد من الفقرة المذكورة من الآية، و قوله عليه السّلام «الخمس للّه و للرسول و لنا» إثبات سهم من الخمس لهم عليهم السّلام و هم الأئمّة المعصومون في عرض إثباته للّه و الرسول، و قوله قبله: «هم قرابة رسول اللّه» ليس فيه دلالة علی تعميم ذي الحقّ إلی جميع أقربائه حتّی ينافي الظهور المزبور فإنّه بصدد نفي هذا الحقّ عن سائر الناس كما يقول به العامّة، فيكون ظهور الذيل بلا معارض.

3- و منها ما رواه الكليني في روضة الكافي بسند صحيح عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين عليه السّلام ... ثمّ أقبل بوجهه و حوله ناس من أهل بيته و خاصّته و شيعته فقال: قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله‏

                       

متعمّدين لخلافه ناقضين لعهده مغيّرين لسنّته، و لو حملت الناس علی تركها و حوّلتها إلی مواضعها و إلی ما كانت في عهد رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله لتفرّق عنّي جندي حتّی أبقی وحدي أو قليل من شيعتي الّذين عرفوا فضلي و فرض إمامتي من كتاب اللّه عزّ و جلّ و سنّة رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله، أ رأيتم ...- فذكر فرض ردّ امور كثيرة إلی مواضعها و رتّب عليه قوله:- إذا لتفرّقوا عنّي، ثمّ ذكر أمره بعدم إتيان النوافل في شهر رمضان بالجماعة و امتناع الناس عن امتثاله إلی أن قال: و اعطيت من ذلك سهم ذي القربی الّذي قال اللّه عزّ و جلّ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلی‏ عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَی الْجَمْعانِ فنحن و اللّه عنی بذي القربی الّذي قرننا اللّه بنفسه و برسوله صلّی اللّه عليه و آله فقال تعالی: ما أَفاءَ اللَّهُ عَلی‏ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُری‏ فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبی‏ وَ الْيَتامی‏ وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فينا خاصّة ...

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)
محتوای بیشتر در این بخش: « قسمة4 قسمة6 »

پیام هفته

تحمیل نظر خویش بر آگاهان
قرآن : ... ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ کُونُوا عِباداً لي‏ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... (سوره نحل، آیه 52)ترجمه: هیچ کس (حتی پیامبر) حق ندارد به مردم بگوید به جای خدا مرا عبادت کنید.حدیث: روی الحلبی قلتُ لاَبی عبدالله علیه السلام ما أدنى ما یکون به العبد کافراً ؟ قال: « أن یبتدع به شیئاً فیتولى علیه ویتبرأ ممّن خالفه (معانی الاخبار ، ص 393)ترجمه: ... حلبی روایت می کند که از امام صادق (ع) پرسیدم : کمترین سبب کافر شدن انسان چیست؟ فرمودند : این‌که بدعتی بگذارد و از آن بدعت جانبداری کند و از هر کس با او مخالفت کند روی برگرداند و آنان را متهم و منزوی سازد.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید