قسمت الثانی

و منها ما رواه في البحار عن كتاب جامع الأخبار بإسناده عن زرارة قال: سمعت الصادق عليه السّلام قال: لمّا خرج رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله إلی مكّة في حجّة الوداع فلمّا انصرف منها جاءه جبرئيل في الطريق فقال له: يا رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله إنّ اللّه تعالی يقرئك السلام، و قرأ هذه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ فقال له رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله: يا جبرئيل إنّ النّاس حديثو عهد بالإسلام فأخشی أن يضطربوا و لا يطيعوا، فعرج جبرئيل إلی مكانه، و نزل عليه في يوم (اليوم- ظ) الثاني‏

                       

و كان رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله نازلا بغدير، فقال له: يا محمّد [قال اللّه تعالی:] يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ فقال له: يا جبرئيل أخشی من أصحابي أن يخالفوني فعرج جبرئيل و نزل عليه في اليوم الثالث، و كان رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بموضع يقال له غدير خمّ، و قال له: [يا رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله قال اللّه تعالی:] يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فلمّا سمع رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله هذه المقالة قال للناس: انيخوا ناقتي فو اللّه ما أبرح من هذا المكان حتّی ابلّغ رسالة ربّي، و أمر أن ينصب له منبر من أقتاب الإبل، و صعدها و أخرج معه عليّا عليه السّلام و قام قائما و خطب خطبة بليغة و عظ فيها و زجر، ثمّ قال في آخر كلامه:

يا أيّها الناس أ لست أولی بكم منكم؟ فقالوا: بلی يا رسول اللّه ثمّ قال: قم يا عليّ، فقام عليّ عليه السّلام فأخذ بيده فرفعها حتّی رئي بياض إبطيهما، ثمّ قال: ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله. ثمّ نزل من المنبر، و جاء أصحابه الی أمير المؤمنين عليه السّلام و هنّأوه بالولاية، و أوّل من قال له عمر بن الخطّاب، فقال له: يا عليّ أصبحت مولاي و مولی كلّ مؤمن و مؤمنة، و نزل جبرئيل بهذه الآية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «1».

و دلالة الرواية علی أنّ الآية المباركة اريد منها ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام واضحة، كما أنّ دلالة كلامه صلّی اللّه عليه و آله علی أنّ عليّا عليه السّلام أولی بالمؤمنين من أنفسهم و أنّه متكفّل من اللّه تعالی لأمورهم و امور بلادهم- كما عرفت بيانه في ذيل الأخبار الماضية-. و أمّا سندها فقد وقع بين مؤلّف الكتاب و الصدوق ثلاثة رجال و جعفر بن محمّد الدوريستي منهم ثقة إلّا أنّ رجلين منهم لم يعرف ثقتهم إلّا أن‏

                       

يكتفی في ثقتهما بأنهما لا محالة من مشايخ الإجازة و الحديث و هو كاف في ثبوت بالوثاقة إلّا أنّه محلّ كلام، و باقي رجال السند لا بأس بهم إلّا الحسين بن أبي الخطّاب الّذي لم ينصّ علی وثاقته و إلّا محمّد بن سنان الّذي قد اختلفت كلمات الأعاظم فيه، فراجع.

11- و منها ما رواه في اصول الكافي عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام- في حديث طويل يذكر فيها أوصياء الأنبياء الماضين و وصيّ خاتم النبيّين إلی أن يقول:- فلمّا رجع رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله من حجّة الوداع نزل عليه جبرئيل، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ فنادی الناس فاجتمعوا و أمر بسمرات فقمّ شوكهنّ ثمّ قال صلّی اللّه عليه و آله: أيّها الناس من وليّكم و أولی بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللّه و رسوله، فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه- ثلاث مرّات- فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم و قالوا: ما أنزل اللّه جلّ ذكره هذا علی محمّد صلّی اللّه عليه و آله قطّ، و ما يريد إلّا أن يرفع بضبع ابن عمّه ... الحديث «1».

و دلالة الرواية علی أنّ ولايته عليه السّلام اريدت من الآية و أنّ ولايته عليه السّلام بمعنی أولويته علی المؤمنين منهم بأنفسهم و أنّه من اللّه تعالی متكفّل امورهم واضحة، كما عرفت في ما سبق.

و أمّا سندها فلم ينصّ علی توثيق عبد الحميد بن أبي الديلم بل عن ابن الغضائري أنّه ضعيف، إلّا أنها كما تری من أحاديث اصول الكافي.

12- و منها ما في البحار عن تفسير فرات بن إبراهيم عن جعفر بن أحمد بن يوسف معنعنا عن أبي جعفر عليه السّلام في قوله تعالی: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إلی آخر الآية، فخرج رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله حين أتته عزمة من اللّه في يوم‏

                       

شديد الحرّ، فنودي في الناس فاجتمعوا، و أمر بشجرات فقمّ ما تحتهنّ من الشوك، ثمّ قال: أيّها الناس من وليّكم أولی بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللّه و رسوله، فقال صلّی اللّه عليه و آله:

من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله- ثلاث مرّات- «1».

و دلالة الحديث علی المطلوب تامّة إلّا أنّ في سنده ما تری.

13- و منها ما رواه البحار عن تفسير فرات عن إسحاق بن محمّد بن القاسم ابن صالح بن خالد الهاشمي معنعنا عن حذيفة بن اليمان قال: كنت و اللّه جالسا بين يدي رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و قد نزل بنا غدير خمّ و قد غصّ المجلس بالمهاجرين و الأنصار، فقام رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله علی قدميه و قال: أيّها الناس إنّ للّه أمرني بأمر فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ فقلت لصاحبي جبرئيل: يا خليلي إنّ قريشا قالوا لي كذا و كذا، فانّ [فأتی- خ ل‏] الخبر من ربّي فقال: وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ثمّ نادی أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و أقامه عن يمينه ثمّ قال: أيّها الناس أ لستم تعلمون أنّي أولی بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: اللّهمّ بلی، قال: أيّها الناس من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، فقال رجل من عرض المسجد: يا رسول اللّه ما تأويل هذا؟ فقال: من كنت نبيّه فهذا عليّ عليه السّلام أميره، و قال: اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله ... الحديث 2.

و دلالة الرواية علی جميع المطلوب واضحة، لكنّ سنده كما تری.

و هنا عدد من الأخبار رواها العيّاشي في تفسيره تدلّ علی المطلوب:

14- و منها ما رواه ذيل قوله تعالی: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا عن صفوان الجمّال قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لمّا نزلت هذه الآية بالولاية

                       

أمر رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بالدوحات دوحات غدير خمّ فقمّت، ثمّ نودي الصلاة جامعة، ثمّ قال: أيّها الناس أ لست أولی بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلی، قال: فمن كنت مولاه فعليّ عليه السّلام مولاه، ربّ وال من والاه و عاد من عاداه، ثمّ أمر الناس ببيعته، و بايعه الناس ... الحديث «1».

و دلالة الحديث علی المطلوب كما مرّ بيانها في ما سبق واضحة، و الظاهر أنّ الحديث وارد ذيل آيتنا المبحوث فعلا عنها، و أنّ ذكره ذيل تلك الآية سبق قلم من العيّاشي، و الشاهد عليه أنّ مضمون الحديث هو نفس ما روي في روايات عديدة ذيل آيتنا كما مرّ و سيأتي، لا سيّما و أنّ بقيّة الحديث أيضا قد ذكرت في أخبار آيتنا، فراجع.

15- و منها ما رواه عن حنّان بن سدير عن أبيه عنه أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا نزل جبرئيل علی رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله في حجّة الوداع بإعلان أمر عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إلی آخر الآية، قال:

فمكث النبيّ صلّی اللّه عليه و آله ثلاثا حتّی أتی الجحفة فلم يأخذ بيده فرقا «2» من الناس، فلمّا نزل الجحفة يوم الغدير في مكان يقال له مهيعة فنادی الصّلاة جامعة، فاجتمع الناس، فقال النبيّ صلّی اللّه عليه و آله: من أولی بكم من أنفسكم؟ قال: فجهروا فقالوا: اللّه و رسوله، ثمّ قال لهم الثانية، فقالوا: اللّه و رسوله، ثمّ قال لهم الثالثة، فقالوا: اللّه و رسوله، فأخذ بيد عليّ عليه السّلام فقال: من كنت مولاه فعليّ عليه السّلام مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله، فانّه منّي و أنا منه، و هو منّي بمنزلة هارون من موسی إلّا أنّه لا نبيّ بعدي 3.

و دلالة الحديث علی تمام المطلوب واضحة.

                       

16- و منها ما رواه عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام ابتداء منه:

العجب يا أبا حفص لما لقي عليّ بن أبي طالب!! إنّه كان له عشرة آلاف شاهد لم يقدر علی أخذ حقّه و الرجل يأخذ حقّه بشاهدين، إنّ رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله خرج من المدينة حاجّا و معه خمسة آلاف، و رجع من مكّة و قد شيّعه خمسة آلاف من أهل مكّة، فلمّا انتهی إلی الجحفة نزل جبرئيل بولاية عليّ عليه السّلام، و قد كانت نزلت ولايته بمنی و امتنع رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله من القيام بها لمكان الناس، فقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ممّا كرهت بمنی، فأمر رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله فقمّت السمرات، فقال رجل من الناس: أما و اللّه ليأتينّكم بداهية، فقلت لعمر: من الرجل؟ فقال: الحبشي «1».

و عمر المذكور في ذيل الحديث هو راوي الحديث، و القائل له هو من روی الحديث عنه، يعني فسألت عمر بن يزيد عن ذلك الرجل فأجاب بأنّه الحبشيّ و هو عمر بن الخطاب و إنّما يقال له الحبشيّ- قال في البحار:- لانتسابه إلی الصهّاكة الحبشيّة.

و دلالة الحديث علی أنّ المراد بالآية المباركة ولاية أمير المؤمنين كالصريحة، كما أنه واضح الدلالة علی أنّ ما بلّغه رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله هو أولويّته من الناس بأنفسهم و حقّ تكفّل إدارة امور الامّة، و ذلك أنّ الصادق عليه السّلام أظهر العجب ابتداء من أنّ عليّا عليه السّلام لم يأخذ حقّه مع أنّه كان له عشرة آلاف شاهد، و من المعلوم أنّ هذا الحقّ غير المأخوذ هو ما أخذه و تصدّاه الخلفاء الثلاثة و ما تصدّوه إنّما كان تكفّل امور المسلمين، فينصّ الإمام عليه السّلام أنّ هذا كان حقّا له فلم يقدر علی أخذه مع هؤلاء الشهود الكثيرين.

17- و منها ما عن تفسير القمّي أنّه قدّس سرّه روی مرسلا أنّ هذه الآية نزلت في منصرف‏

                       

رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله من حجّة الوداع- فذكر خطبته صلّی اللّه عليه و آله في هذه الحجّة بمنی و خطبة اخری له بمسجد الخيف، إلی أن قال:- فخرج رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله من مكّة يريد المدينة حتّی نزل منزلا يقال له غدير خمّ، و قد علّم الناس مناسكهم و أو عز إليهم وصيّته إذ نزّل عليه جبرئيل هذه الآية يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فقام رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله فقال: تهديد و وعيد، فحمد اللّه و أثنی عليه ثمّ قال: أيّها الناس هل تعلمون من وليّكم؟ قالوا:

نعم، اللّه و رسوله، قال: أ لستم تعلمون أنّي أولی بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلی، قال: اللّهمّ اشهد، فأعاد ذلك عليهم ثلاثا، في كلّ ذلك يقول مثل قوله الأوّل و يقول الناس كذلك و يقول: اللّهمّ اشهد، ثمّ أخذ بيد أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه فرفعها [فرفعه. خ ل‏] حتّی بدا للناس بياض إبطيهما، ثمّ قال صلّی اللّه عليه و آله: ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله، و أحبّ من أحبّه، ثمّ قال: اللّهمّ اشهد عليهم و أنا من الشاهدين، فاستفهمه عمر من بين أصحابه فقال: يا رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله هذا من اللّه أو من رسوله؟ فقال رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله: نعم من اللّه و من رسوله، إنّه أمير المؤمنين و إمام المتقين و قائد الغرّ المحجّلين ... الحديث، راجعه فإنّ فيه ذكر كيد المنافقين الأربعة عشر و ظهوره «1».

و دلالة هذه المرسلة علی أولوية عليّ عليه السّلام من المؤمنين بأنفسهم و ثبوت حقّ تكفّل امورهم من اللّه تعالی واضحة من جهات عديدة.

ثمّ إنّ خمسة عشرا من هذه الأخبار الماضية كانت دالّة علی تمام المطلوب من إرادة الولاية بمعنی حقّ تكفّل امور المؤمنين لعليّ عليه السّلام من الآية المباركة و أنّها أعلنت بوضوح يوم الغدير. نعم من بينها خبر الفيض بن المختار و رواية الفضيل بن يسار المذكوران تحت الرقم 8 و 9 انّما دلّا علی أنّ المراد ب «ما انزل»

                       

هي الولاية من غير قرينة فيهما علی إرادة حقّ تكفّل الأمر منها. و توجد هنا أخبار متعددة اخری مثلهما لا بأس بذكرها، فنقول:

18- و منها ما في البحار عن كتاب كشف اليقين أنّه روی من كتاب محمّد بن أبي الثلج باسناده قال: قال أبو عبد اللّه جعفر الصادق عليه السّلام: أنزل اللّه عزّ و جلّ علی نبيّه صلّی اللّه عليه و آله بكراع الغميم يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في عليّ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فذكر قيام رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بالولاية بغدير خمّ. قال: و نزل جبرئيل بقول اللّه عزّ و جلّ: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً بعليّ أمير المؤمنين، في هذا اليوم أكمل لكم معاشر المهاجرين و الأنصار دينكم و أتمّ عليكم نعمته و رضي لكم الإسلام دينا، فاسمعوا له و أطيعوا تفوزوا و تغنموا»

.

فالرواية كما تری و إنّ صرّحت بإرادة الولاية بغدير خمّ من الآية المباركة إلّا أنّه ليس فيها قرينة علی إرادة معنی تكفّل امور الامّة بها، إلّا أن يقال بأنّ قوله عليه السّلام في آية الإكمال: «بعليّ أمير المؤمنين» يدلّ علی أنّه عليه السّلام أميرهم و هو إنّما يكون إذا كان إليه أمر إدارة امورهم.

19- و منها ما رواه العيّاشي عن أبي صالح عن ابن عبّاس و جابر بن عبد اللّه قالا: أمر اللّه تعالی نبيّه محمّدا صلّی اللّه عليه و آله أن ينصب عليّا عليه السّلام علما للناس ليخبرهم بولايته فتخوّف رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله أن يقولوا: حامي [خابي، جاءنا خ ل‏] ابن عمّه و أن تطغوا في ذلك عليه، فأوحی اللّه إليه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فقام رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بولايته يوم غدير خمّ «2».

                       

و هي و إن كانت صريحة في إرادة الولاية يوم غدير خمّ من الآية المباركة: إلّا أنّه لا قرينة فيه علی المراد بالولاية، إلّا أن يقال: إنّ تخوّف رسول اللّه من الأخبار بولايته لاحتمال أن يقول الناس خابي أو حامي ابن عمّه أو جاءنا ابن عمّه دليل علی إرادة معنی تكفّل الامور من الولاية، و إلّا فمجرّد كونه عليه السّلام ناصرا لهم أو محبوبا ليس فيه شي‏ء يوجب ذلك، و مثله قوله عليه السّلام «أمر اللّه نبيّه أن ينصب عليّا عليه السّلام علما للناس ليخبرهم بولايته» فإنّ جعله علما عبارة اخری عن ولايته بذلك المعنی.

20- و منها ما رواه العيّاشي عن زياد بن المنذر أبي الجارود صاحب الدمدمة الجارودية قال: كنت عند أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام بالأبطح و هو يحدّث الناس، فقام إليه رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعشی، كان يروي عن الحسن البصري، فقال: يا ابن رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله جعلت فداك إنّ الحسن البصري يحدّثنا حديثا يزعم أنّ هذه الآية نزلت في رجل و لا يخبرنا من الرجل يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ تفسيرها:

أ تخشی الناس؟ فاللّه يعصمك من الناس، فقال أبو جعفر عليه السّلام: ما له؟! لا قضی اللّه دينه- يعني صلاته- أما أن لو شاء أن يخبر به أخبر به، انّ جبرئيل هبط علی رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله فقال له: إنّ ربّك يأمرك ان تدلّ أمّتك علی صلاتهم- إلی أن قال:- ثمّ أتاه فقال: إنّ اللّه تبارك و تعالی يأمرك أن تدلّ أمّتك من وليّهم علی مثل ما دللتهم عليه في صلاتهم و زكاتهم و صيامهم و حجّهم. قال: فقال رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله: ربّ أمّتي حديثو عهد بالجاهلية، فأنزل اللّه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ تفسيرها: أ تخشی الناس فاللّه يعصمك من الناس، فقام رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب فرفعها، فقال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله، و أحبّ من أحبّه و أبغض من أبغضه «1».

                       

فالرواية كما تری صريحة في أنّ آيتنا واردة في ولاية عليّ من اللّه تعالی لكنّها لا قرينة فيها علی المراد بالولاية، إلّا أن يقال: إنّ نفس خشية الرسول الأعظم صلّی اللّه عليه و آله من تبليغها و إباء الحسن البصري من بيان تفسيرها شاهدان علی أنّ الولاية كانت ظاهرة في معنی تكفّل أمر الامّة، فإنّه لعلّه يوجب خشية التبليغ و الإباء، و إلّا فالاحتمالات الاخر ليس فيها جهة توجب ذلك.

و قريب منها بل لعلّهما واحد ما رواه القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمّد المغربي في كتاب شرح الأخبار بهذه العبارة:

أبو الجارود زياد بن المنذر قال: كنت عند أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السّلام و عنده جماعة، فقال أحدهم: يا ابن رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله حدّثنا حسن البصريّ حديثا ابتدأه ثمّ قطعه، فسألناه تمامه فجعل يروغ لنا عن ذلك. قال عليه السّلام: و ما حدّثك به؟ قال:

قال رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله: إنّ اللّه حمّلني رسالة فضاق بها صدري و خفت أن يكذّبني الناس فتواعدني إن لم ابلّغها أن يعذّبني، ثمّ قطع الحديث- يعني الحسن البصريّ- فسألناه تمامه فجعل يروغ لنا عن ذلك و لم يخبرنا به.

فقال أبو جعفر عليه السّلام: ما لحسن؟! قاتل اللّه حسنا، أما و اللّه لو شاء أن يخبركم لأخبركم، لكنّي أنا اخبركم: إنّ اللّه عزّ و جلّ بعث محمّدا صلّی اللّه عليه و آله إلی الناس بشهادة أن لا إله إلّا اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه و إقامة الصلاة فيها بالناس، فأقلّوا و كثّروا؛ فأتاه جبرائيل عليه السّلام قال: يا محمّد علّم الناس صلاتهم و حدودها و مواقيتها و عددها- فذكر عليه السّلام تعليم الرسول للناس الصلاة ثمّ الزكاة ثمّ الصيام ثمّ الحجّ ثمّ الجهاد، ثمّ قال:- ثمّ افترض اللّه عزّ و جلّ الولاية فقال: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ فقال: المسلمون: هذا بعضنا أولياء بعض، فجاءه جبرائيل عليه السّلام فقال: يا محمّد علّم الناس من ولايتهم كما علّمتهم من صلاتهم و زكاتهم و صومهم و حجّهم و جهادهم، فقال رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله:

                       

يا جبرائيل أمّتي حديثة عهد بالجاهلية و أخاف عليهم أن يرتدّوا، فأنزل اللّه عزّ و جلّ: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في عليّ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فلم يجد رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بدّا من أن جمع الناس بغدير خمّ، فقال: أيّها الناس إنّ اللّه عزّ و جلّ بعثني بالرسالة فضقت بها ذرعا، فتواعدني إن لم ابلّغها أن يعذّبني، أ فلستم تعلمون أنّ اللّه عزّ و جلّ مولاي و أنّي مولی المسلمين و وليّهم و أولی بهم من أنفسهم؟ قالوا: بلی، فأخذ بيد عليّ عليه السّلام فأقامه و رفع يده بيده و قال: فمن كنت مولاه فعليّ مولاه، و من كنت وليّه فهذا عليّ وليّه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله، و أدر الحقّ معه حيث دار.

ثمّ قال أبو جعفر عليه السّلام: فوجبت ولاية عليّ عليه السّلام علی كلّ مسلم و مسلمة «1».

فهذه الرواية كما عرفت واضحة الدلالة علی أنّ آيتنا واردة في ولاية عليّ عليه السّلام علی المؤمنين و لقد بيّنه رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و إن قام الحسن البصري مقام كتمانه.

21- و منها ما رواه العيّاشي عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لمّا أنزل اللّه تعالی علی نبيّه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ قال، فأخذ رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بيد عليّ عليه السّلام فقال: يا أيّها الناس إنّه لم يكن نبيّ من الأنبياء ممّن كان قبلي إلّا و قد عمّر ثمّ دعاه اللّه فأجابه، و أوشك ان ادعی فاجيب، و أنا مسئول و أنتم مسئولون، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت و نصحت و أدّيت ما عليك، فجزاك اللّه أفضل ما جزی المرسلين، فقال: اللّهمّ اشهد. ثمّ قال:

يا معشر المسلمين ليبلّغ الشاهد الغائب اوصي من آمن بي و صدّقني بولاية عليّ عليه السّلام ألا إنّ ولاية عليّ ولايتي [و ولايتي ولاية ربّي‏] و لا يدري «2» عهدا عهده‏

                       

إليّ ربّي و أمرني ابلّغكموه. ثمّ قال: هل سمعتم؟- ثلاث مرّات يقولها- فقال قائل:

قد سمعنا يا رسول اللّه «1».

فهذا الحديث دليل علی إرادة ولاية عليّ عليه السّلام من «ما أنزل إليك» المذكور في آيتنا لكنّه لا دليل فيه علی خصوص إرادة المعنی الخاصّ منها.

فتحصّل مما ذكرنا من أخبار الطائفة الاولی: أنّ جميعها دالّة علی إرادة تكفّل الأمر من الولاية النازلة بها آية الغدير، و يبقی من بينها ثلاث روايات لا قرينة فيها أصلا: احداها هذه الرواية من أبي الجارود و اثنتان منها مضتا تحت الرقم 8 و 9.

22- و منها ما رواه العيّاشي عن جابر بن أرقم قال: بينا نحن في مجلس لنا و أخو زيد بن أرقم يحدّثنا إذ أقبل رجل علی فرسه عليه هيأة السفر فسلّم علينا ثمّ وقف فقال: أ فيكم زيد بن أرقم؟ فقال زيد: أنا زيد بن أرقم، فما تريد؟ فقال الرجل: أ تدري من أين جئت؟ قال: لا، قال: من فسطاط مصر لأسألك عن حديث بلغني عنك تذكره عن رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله، فقال له زيد: و ما هو؟ قال: حديث غدير خمّ في ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فقال: يا ابن أخ إنّ قبل غدير خمّ ما احدّثك به- الی أن قال:- فلمّا نزلنا الجحفة راجعين و ضربنا أخبيتنا نزل جبرئيل عليه السّلام بهذه الآية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فبينا نحن كذلك إذ سمعنا رسول اللّه عليه السّلام و هو ينادي:

أيّها الناس أجيبوا داعي اللّه أنا رسول اللّه، فأتيناه مسرعين في شدّة الحرّ فإذا هو واضع بعض ثوبه علی رأسه و بعضه علی قدميه من الحرّ و أمر بقمّ ما تحت الدوح- إلی أن قال:- ثمّ صعد عليها رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله فحمد اللّه و أثنی عليه ثمّ قال: ... أيّها الناس من أولی بكم من أنفسكم؟ قالوا: اللّه و رسوله، قال: اللّهمّ اشهد و أنت يا جبرئيل فاشهد، حتّی قالها ثلاثا، ثمّ أخذ بيد عليّ عليه السّلام فرفعه إليه ثمّ قال: اللّهمّ من‏

                       

كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله، قالها ثلاثا، ثمّ قال: هل سمعتم؟ فقالوا: اللّهمّ بلی، قال:

فأقررتم؟ قالوا: اللّهمّ نعم، ثمّ قال: اللّهمّ اشهد، و أنت يا جبرئيل فاشهد، ثمّ نزل، فانصرفنا إلی رحالنا ... الحديث «1».

و دلالة الحديث علی إرادة الولاية بمعنی تكفّل أمر الامّة من «ما انزل إليك» في آيتنا المبحوث عنها واضحة.

23- و منها ما في البحار عن كنز جامع الفرائد أنّه روی عليّ بن إبراهيم باسناده عن زيد الشحّام قال: دخل قتادة بن دعامة علی أبي جعفر عليه السّلام و سأله عن قوله عزّ و جلّ: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قال عليه السّلام: لمّا أمر اللّه نبيّه أن ينصب أمير المؤمنين عليه السّلام للناس و هو قوله تعالی:

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في عليّ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ أخذ رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بيد عليّ عليه السّلام بغدير خمّ و قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه حثت الأبالسة التراب علی رءوسها، فقال لهم إبليس الأكبر لعنه اللّه: مالكم؟

قالوا: قد عقد هذا الرجل عقدة لا يحلّها إنسيّ إلی يوم القيامة، فقال لهم إبليس:

كلّا، الّذين حوله قد و عدوني فيه عدة و لن يخلفوني فيها، فأنزل اللّه سبحانه هذه الآية: وَ لَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يعني بأمير المؤمنين عليه السّلام «2». و في تفسير البرهان: يعني شيعة أمير المؤمنين عليه السّلام «3».

و مثل هذا الحديث كما تعرف ممّا مرّ يدلّ علی إرادة تكفّل امور الامّة من الولاية المذكورة في الآية المباركة المبلّغة يوم غدير خمّ و إلّا لما كان مجال‏

                       

لاستعظامها عند الأبالسة اللعان.

24- و منها ما رواه البحار عن تفسير فرات معنعنا عن زيد بن أرقم قال: لمّا نزلت هذه الآية في ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السّلام: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ قال: فأخذ رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله يد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام ثمّ رفعها و قال: اللّهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله «1».

و هي تدلّ علی إرادة ولايته عليه السّلام من الآية و تبليغه لها، إلّا أنّه لا قرينة خاصّة فيها علی المراد بالولاية.

25- و منها ما رواه فيه عنه أيضا عن الحسين بن الحكم معنعنا عن عبد اللّه بن عطاء قال: كنت جالسا عند أبي جعفر عليه السّلام قال: اوحي إلی النبيّ صلّی اللّه عليه و آله: قل للناس:

من كنت مولاه فعليّ مولاه، فلم يبلّغ ذلك و خاف الناس فاوحي إليه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ فأخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يوم غدير خمّ و قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه 2.

و هو مثل سابقه إلّا أنّه يمكن جعل خوفه صلّی اللّه عليه و آله من تبليغ الولاية دليلا علی أنّ المراد بها نصبه عليه السّلام علما لإدارة امور الامّة و إلّا ما كان مجال هنا للخوف.

26- و منها ما رواه عنه أيضا عن جعفر بن أحمد معنعنا عن عبد اللّه بن عطاء قال: كنت جالسا عند أبي جعفر عليه السّلام في مسجد الرسول و عبد اللّه بن سلام جالس في صحن المسجد. قال: قلت: جعلت فداك هذا الّذي عنده علم الكتاب؟

قال عليه السّلام: لا، و لكنّه صاحبكم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام نزل فيه: إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا إلی آخر الآية، و نزل فيه: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ‏

                       

إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إلی آخر الآية، فأخذ رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله بيد عليّ بن أبي طالب عليه السّلام يوم غدير خمّ و قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه «1».

و هي في الدلالة نسخة اخری عن رواية زيد بن أرقم الماضية آنفا.

27- و منها ما رواه عنه أيضا عن أبي القاسم الحسني معنعنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا نزلت ولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أقامه رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله فقال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، فقال رجل: لقد فتن بهذا الغلام، فأنزل اللّه تعالی: فَسَتُبْصِرُ وَ يُبْصِرُونَ* بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ 2.

و هي كالسابقة إلّا ان يجعل قول ذاك الرجل دليلا علی ظهور كلامه صلّی اللّه عليه و آله في إرادة إدارة أمر الامّة و إلّا لما كان مجال للتعريض.

28- و منها ما رواه البحار عن كشف الغمّة عن ابن عبّاس قال: لمّا أمر اللّه رسوله أن يقوم بعلي عليه السّلام فيقول له ما قال، فقال صلّی اللّه عليه و آله: يا ربّ إنّ قومي حديثو عهد بالجاهلية، ثمّ مضی بحجّه، فلمّا أقبل راجعا و نزل بغدير خمّ أنزل اللّه عليه يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الآية، فأخذ بعضد عليّ عليه السّلام ثمّ خرج إلی الناس فقال: أيّها النّاس أ لست أولی بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلی يا رسول اللّه، قال:

اللّهمّ من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و أعن من أعانه، و اخذل من خذله، و انصر من نصره، و أحبّ من أحبّه، و أبغض من أبغضه.

قال ابن عبّاس: فوجبت و اللّه في رقاب القوم «3».

و دلالته علی ثبوت منصب الولاية بمعنی تكفّل أمر الامّة و إدارة امور بلادهم و انّها المراد من الآية المباركة واضحة.

                       

29- و منها ما رواه البحار عن السيّد ابن طاوس في الطرائف أنّه قال: روی أبو سعيد مسعود السجستاني و اتّفق عليه مسلم في صحيحه و البخاري و أحمد بن حنبل في مسنده من عدّة طرق بأسانيد متّصلة إلی عبد اللّه بن عبّاس و إلی عائشة قالا: لمّا خرج النبيّ صلّی اللّه عليه و آله إلی حجّة الوداع نزل بالجحفة، فأتاه جبرئيل فأمره أن يقوم بعليّ عليه السّلام، فقال صلّی اللّه عليه و آله: أيّها الناس أ لستم تزعمون أنّي أولی بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلی يا رسول اللّه، قال: فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، و أحبّ من أحبّه و أبغض من أبغضه، و انصر من نصره و أعزّ من أعزّه و أعن من أعانه. قال ابن عبّاس: وجبت و اللّه في أعناق القوم «1».

30- و عن الطرائف أيضا: و روی مسعود السجستاني باسناده إلی عبد اللّه بن عبّاس قال: أراد رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله أن يبلّغ بولاية عليّ عليه السّلام فأنزل اللّه تعالی يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الآية، فلمّا كان يوم غدير خمّ قام فحمد اللّه و أثنی عليه و قال: أ لست [إنّي‏] أولی بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلی يا رسول اللّه، قال: من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه 2.

و دلالة هذين الخبرين أيضا علی تمام المطلوب واضحة فإنّهما بدلان علی أنّ المراد من «ما انزل إليك من ربّك» في الآية المباركة هي الولاية و أنّ المراد بالولاية هي أولويته علی أنفس المؤمنين من أنفسهم و هي عبارة اخری عن أنّ إليه عليه السّلام إدارة امور أنفسهم و بلادهم و أنّ هذه الولاية نازلة من اللّه تعالی و قد بلّغها نبيّ الإسلام كما كان ذلك كلّه لنفس رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله و قد وجبت هذه الولاية في أعناق القوم و غيرهم.

فهذه ثلاثون رواية من الطائفة الاولی ذكرها أصحابنا الأخيار في كتبهم و رووها، و الأخيران منها رويا عن كتب العامّة و طرقهم و إنّما رويناهما لئلّا يخلو جمع رواياتنا عنهما، و إلّا فما رواه العامّة أيضا من أخبار الغدير كثيرة ربّما بلغت‏

                       

حدّ التواتر، و ستأتي الإشارة إلی بعض أسنادها إن شاء اللّه تعالی.

و كيف كان، فهذه الروايات الثلاثون وردت ذيل الآية المباركة و قد عرفت أنّ عدّة معتدة بها منها معتبرة السند و الباقية و إن لم يخل اعتبار سندها عن الكلام بل المنع إلّا أنّ كثرتها توجب الاطمئنان بل القطع بالصدور، فهذه الروايات الكثيرة معتبرة و دلّت بوضوح علی المراد من «ما انزل إليك من ربّك» المذكور في الآية و أنّ المراد بها هي ولاية مولانا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام و قد كانت خمس و عشرون منها واضحة الدلالة علی أنّ المقصود بهذه الولاية منصب تكفّل إدارة امور الامّة الإسلامية و بلادها و لم تكن في خمس اخر منها قرينة خاصّة علی إرادتها لا أنّ هذه الخمس الاخر تدلّ علی خلاف تلك الكثيرة منها بل إنّ ملاحظة جميع هذه الأخبار الكثيرة تهدي بوضوح إلی أنّ المراد من جميعها و من الآية المباركة هي ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام بالمعنی المطلوب المبحوث عنه. و اللّه يهدي من يشاء إلی صراط المستقيم.

هذا تمام الكلام عن الطائفة الاولی من الروايات.

این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)
محتوای بیشتر در این بخش: « قسمت اول قسمت الثالث »

پیام هفته

تحمیل نظر خویش بر آگاهان
قرآن : ... ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ کُونُوا عِباداً لي‏ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... (سوره نحل، آیه 52)ترجمه: هیچ کس (حتی پیامبر) حق ندارد به مردم بگوید به جای خدا مرا عبادت کنید.حدیث: روی الحلبی قلتُ لاَبی عبدالله علیه السلام ما أدنى ما یکون به العبد کافراً ؟ قال: « أن یبتدع به شیئاً فیتولى علیه ویتبرأ ممّن خالفه (معانی الاخبار ، ص 393)ترجمه: ... حلبی روایت می کند که از امام صادق (ع) پرسیدم : کمترین سبب کافر شدن انسان چیست؟ فرمودند : این‌که بدعتی بگذارد و از آن بدعت جانبداری کند و از هر کس با او مخالفت کند روی برگرداند و آنان را متهم و منزوی سازد.

ادامه مطلب

موسسه صراط مبین

نشانی : ایران - قم
صندوق پستی: 1516-37195
تلفن: 5-32906404 25 98+
پست الکترونیکی: این آدرس ایمیل توسط spambots حفاظت می شود. برای دیدن شما نیاز به جاوا اسکریپت دارید